2. فوائد من كتاب أسعـد امـرأة في العـالـم
حكمــــــة
قد تكون سائراً في طريقك فتقبل عليك سيارة تنهب الأرض نهباً وتشعر كأنها موشكة على تحطيم بدنك وإتلاف حياتك، فلا ترى بدّاً من التماس النجاة وسرعة الهرب... إن الله يريد إشعار عباده تعرضهم لمثل هذه المعاطف والحتوف إذا هم صدفوا عنه، ويوصيهم أن يلتمسوا النجاة – على عجل – عنده وحده: " فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ " وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ " وهي عودة تتطلب أن يجدد الإنسان نفسه، وأن يعيد تنظيم حياته، وأن يستأنف مع ربه علاقة أفضل، وعملاً أكمل، وعهداً يترجمه بهذا الدعاء: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوءُ لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).
حكمــــــة
اللؤلؤة السادسة: النساء نجوم السماء وكواكب الظلماء: المرأة المسلمة الصالحة هي التي تحسن معاشرة زوجها وتطيعه بعد طاعة ربها، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه المرأة، وجعلها المرأة المثالية التي ينبغي على الرجل أن يظفر بها، فعندما سُئل صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير؟ قال: (التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا ماله بما يكره).
حكمــــــة
لما نزل قول الله تعالى: " وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ " انطلق عمر، واتبعه ثوبان رضي الله عنهما، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، إنه قد كبر على أصحابك هذه الآية ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء: المرأة الصالحة ؛ التي إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته). وقد قرن رسول الله دخول المرأة الجنة برضا زوجها، فعن أم سلمة رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة). فكوني تلك المرأة تسعدي.
حكمــــــة
اللؤلؤة السابعة: الموت ولا الحرام: في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما – في النفر الثلاثة الذين باتوا في الغار، فانحدرت صخرة من الجبل فسدّت عليهم الغار، فتوسلوا إلى الله تعالى أن ينجيهم فذكروا صالح أعمالهم، يقول الثاني منهم: (اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إليّ – وفي رواية – كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، فأردتها على نفسها، فامتنعت مني حتى ألمّت بها سنة من السنين، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تُخلّي بيني وبين نفسها، ففعلت، حتى إذا قدرت عليها – وفي رواية – فلما قعدت بين رجليها قالت: اتق الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه...)، فهذه الفتات كانت تقية ولم تمكنه من نفسها ابتداءً، فلما ضعفت لفقرها اضطرت إلى ما طلب، وذكّرته بالله تعالى وتقواه، وهزت فيه المشاعر الإيمانية وأن عليه – إن أرادها – أن يتزوجها حلالاً ولا يقع عليها زنا، فارعوى وتاب إلى الله تعالى، وكان ذلك سبباً في انفراج شيء من الصخرة يوم سدت باب الغار.
حكمــــــة
اللؤلؤة الثامنة: آيات وإشراقاتٌ: قال تعالى: " سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ". قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ". قال تعالى: " وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ". قال تعالى: " وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ ". قال تعالى: " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ". قال تعالى عن نداء ذي النون: " لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ". هذا هو القرآن يناديكِ أن تسعدي وتطمئني، وأن تثقي بربك، وأن ينشرح صدرك لوعد الله الحق، فالله لم يخلق الخلق ليعذبهم، إنما ليمحِّصهم ويهذِّبهم ويؤدبهم، والله أرحم بالإنسان من أمة وأبيه، فاطلبي الرحمة والأنس والرضا من الله – جل في علاه -، وذلك بذكره وشكره وتلاوة كتابه، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم.
حكمــــــة
اللؤلؤة التاسعة: معرفةُ الرحمنِ تُذهب الأحزان: الله... أجود الأجودين وأكرم الأكرمين، أعطى عبده قبل أن يسأله فوق ما يؤمله، يشكر القليل من العمل ويُنميه، ويغفر الكثير من الزلل ويمحوه، يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن، لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه كثرة المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين، بل يحب الملحين في الدعاء، ويحب أن يُسأل، ويغضب إذا لم يُسأل، يستحي من عبده حيث لا يستحي العبد منه، ويستره حيث لا يستر نفسه، ويرحمه حيث لا يرحم نفسه، وكيف لا تحب القلوب من لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يذهب بالسيئات إلا هو، ولا يجيب الدعوات، ويقيل العثرات، ويغفر الخطيئات، ويستر العورات، ويكشف الكربات، ويغيث اللهفات، وينيل الهبات سواه؟
حكمــــــة
اللؤلؤة العاشرة: اليوم المبارك: جربي إذا صليتِ الفجرَ أن تجلسي جلسةً خاشعة، وتستقبلي القبلة دقائق أو ربع ساعة، وتكثري من الذكر والدعاء، اسألي الله يوماً جميلاً، يوماً طيِّباً مباركاً فيه، يوماً سعيداً، يوماً فيه نجاحٌ وصلاحٌ وفلاح، يوماً بلا نكباتٍ ولا أزماتٍ ولا مشكلات، يوماً رزقه رغد، وخيرُه وافر، وستُره عميم، يوماً لا كدر فيه ولا همَّ ولا غمَّ، فمن عند الله يُسأل السرور، ومن عنده يُسأل الرزق، ويُطلب باستعدادك لهذا اليوم الطيِّب المبارك النافع. ومما يوصى به إذا كنت تزاولين العمل، أو كنتِ جالسةً أن تسمعي شيئاً من كتاب الله، من شريطٍ مسجَّلٍ، أو من مذياعٍ من قارئٍ مخبتٍ خاشع، جميلِ الصوت، يُسمعكِ آياتِ الله عز وجل في كتابه، فتنصتين لها، وتخشعين عند سماعها، فتغسل ما في قلبكِ من كدرٍ وشكٍّ وشُبَه، وتعودين أحسن حالاً وبالاً، وأشرح صدراً من ذي قبل.
حكمــــــة
الدرة الأولي: المرأةُ الرشيدةُ هي الحياة السعيدة: يجب على المرأة أن تحسن استقبال زوجها.. حين يعود إليها، فلا تضيق إذا وجدته ضائقاً أو متعباً، بل العكس تهرع إليه وتلبي طلباته مهما كانت، دون أن تسأله عن سبب ضيقه أو تعبه فور عودته إلى بيته، فإذا ما استقر وخلع ثيابه التي يخرج بها ولبس ثياب البيت، فقد يبادر هو إلى الإفضاء لها بسبب كدره وإذا لم يبادر هو بإخبارها فلا بأس من أن تسأله ولكن بلهجة تشعره فيها بانشغالها عليه وقلقها بشأن حاله التي عاد عليها. وإذا وجدت الزوجة أن في إمكانها أن تساعد زوجها في حل المشكلة التي سببت له الضيق فلتبادر إلى ذلك، فإنها إن فعلت ستخفف كثيراً عن زوجها... سيشعر الزوج بعد هذا أن في بيته جوهرة ثمينة، بل أثمن من جواهر الدنيا جميعها...
حكمــــــة
الدرة الثانية: اعمري هذا اليوم فقط: يقول أحد السعداء: (اليوم الجميل هو الذي نملك فيه دنيانا ولا تملكنا فيه، وهو اليوم الذي نقود فيه شهواتنا ولذاتنا ولا ننقاد لها صاغرين أو طائعين. ومن هذه الأيام ما أذكره ولا أنساه: فكل يوم ظفرت فيه بنفسي وخرجتُ فيه من محنة الشك فيما أستطيع وما أستطيع فهو يوم جميل بالغ الجمال. جميل ذلك اليوم الذي ترددت فيه بين ثناء الناس وبين عمل لا يثني عليه أحد ولا يعلمه أحد، فألقيت بالثناء عن ظهر يدي، وارتضيت العمل الذي أذكره ما حييت ولم يسمع به إنسان. جميل ذلك اليوم الذي كاد يحشو جيوبي بالماء ويفرغ ضميري من الكرامة، فآثرت فيه فراغ اليدين على فراغ الضمير. هذه الأيام جميلة، وأجمل ما فيها أن نصيبي منها جدُّ قليل، إلا أن يكون النصيب عرفاني باقتدار نفسي على ما عملت، فهو إذن كثير بحمد الله...)
حكمــــــة
الدَّرة الثالثة: اتركي الشعور بأنكِ مضطهدة: إنها صفة رائعة تساعد على دحر القلق وعلى النجاح في الحياة بشكل عام، وعلى الاحتفاظ بالصداقات والسعادة مع العائلة، لأن صاحب الأفق الواسع يفهم طبائع الناس، ويقدر المتغيرات، ويضع موضع الآخرين، ويقدر الظروف ما خفي منها وما بان. وبالنسبة لموضوع القلق بالذات فإنَّ صاحب الأفق الواسع يتفهم الأمور، ويعلم حين يصاب بمشكلة، أو لا يتحقق له ما يريد، أن هذه طبيعة الحياة وأنه " ما عليها مستريح " وأن الإنسان قد يكره أمراً ويكون فيه الخير، وقد يفرح بأمر فيكون فيه الشر، وأن الخير فيما اختاره الله عز وجل.
حكمــــــة
صاحب الأفق الواسع يحس أنه جزء من هذا الكون الواسع، وأن له نصيبه من الآلام والأحزان ومن السعادة أيضاً، فلا يفاجأ ولا ينفجع، وهو فوق هذا وذاك لا يحسن بعقدة الاضطهاد التي يحس بها صاحب الأفق الضيق، الذي يظن أن هذا الشر أو تلك المشكلة قد أصابته وحده، أو أن الناس يضطهدونه، أو أن حظه سيئ دائماً، صاحب الأفق الواسع لا يحس بشيء من هذه المشاعر، وإنما هو يدرك طبيعة الحياة، ويعلم أنه جزء منها، فيرضى بها بعد أن يبذل جهده كله في سبيل تحقيق الأفضل.
حكمــــــة
الدَّرة الرابعة: ما ألذَّ النجاح بعد المشقة: يقول أحد الناجحين: وُلدتُ فقيراً ولازمتني الفاقة مذ كنت في المهد، ولقد ذقت مرارة سؤال أمي قطعة من الخبز في حين أنه ليس لديها شيء تعطيه ولا كسرة من الخبز الجاف، وتركت البيت في العاشرة من عمري، واستُخدمت في الحادية عشرة، وكنت أدرس شهراً في كل سنة، وبعد إحدى عشرة سنة من العمل الشاق كان لديّ زوج ثيران وستة خراف أكسبتني أربعةً وثمانين دولاراً، ولم أنفق في عمري فلساً واحداً على ملذاتي، بل كنت أوفر كل درهم أحصِّله من يوم نشأت إلى أن بلغت الحادية والعشرين من العمر.. وقد ذقتُ طعم التعب المضني حقاً، وعرفتُ السفر أميالاً عديدة لسؤال إخواني من الشر كي يسمحوا لي بعملٍ أعيش منه، وقد ذهبت في الشهر الأول بعد بلوغي الواحدة والعشرين إلى الغابات سائقاً عربةً تجرها الثيران لأقطّع حطباً، وكنت أنهض كل يوم قبل الفجر وأظل مُكِبّاً على عملي الصعب إلى ما بعد الغسق لأقبض ستة دولاراتٍ في نهاية الشهر، فكان كل واحد من تلك الدولارات الستة يظهر لي كأنه البدر في جنح الدجى!ّ..
حكمــــــة
الدَّرة الخامسة: سوف تتأقلمين مع وضعكِ: أعرف رجلاً قُطعت قدمه في جراحة أجريت له، فذهبت إليه لأواسيه، وكان عاقلاً عالماً، وعزمت أن أقول له: إن الأمة لا تنتظر منك أن تكون عدّاءً ماهراً، ولا مصارعاً غالباً، إنما تنتظر منك الرأي السديد والفكر النيّر، وقد بقي هذا عندك ولله الحمد. وعندما عُدته قال لي: الحمد لله، لقد صحبتني رجلي هذه عشرات السنين صحبة حسنة، وفي سلامة الدين ما يُرضي الفؤاد.
حكمــــــة
يقول أحد الحكماء: إن طمأنينة الذهن لا تتأتى إلا مع التسليم بأسوأ الفروض، ومرجع ذلك – من الناحية النفسية – أن التسليم يحرر النشاط من قيوده.... ثم قال: ومع ذلك فإن الألوف المؤلفة من الناس قد يحطمون حياتهم في سورة غضب لأنهم يرفضون التسليم بالواقع المر، ويرفضون إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبدلاً من أن يحاولوا بناء آمالهم من جديد يخوضون معركة مريرة مع الماضي، وينساقون مع القلق الذي لا طائل تحته. إنًَّ التحسر على الماضي الفاشل، والبكاء المجهد على ما وقع فيه من آلام وهزائم هو – في نظر الإسلام – بعض مظاهر الكفر بالله والسخط على قدره.
حكمــــــة
الدَّرة السادسة: وصايا سديدةٌ من أمِّ رشيدة: ناك وصية جامعة من خير الوصايا المأثورة عن نساء العرب، وهي وصية أمامة بنت الحارث لابنتها أم إياس بنت عوف ليلة زفافها، ومما أوصتها به قولها: (أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجتِ، وخلَّفتِ العيشَّ الذي فيه درجت، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنتِ أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال. أما الأولى والثانية، فالخضوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة. وأما الثالثة والرابعة، فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح ! الوصية الخامسة والسادسة، فالتفقد لوقت نومه وطعامه، فإنَّ تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم ومغضبة!..
حكمــــــة
وأما السابعة والثامنة، فالاحتراس بماله والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير. وأما التاسعة والعاشرة، فلا تعصي له أمراً، ولا تُفشي له سراً، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره، ثم إياك والفرح بين يديه إن كان حزيناً، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً !).
حكمــــــة
الدَّرة السابعة: جادتْ بنفسها فأرضتْ ربها: هل سمعت عن المرأة الجهنية التي زلَّت فوقعت في الزنا، ثم ذكرت الله فتابت وأنابت، وجاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تريد أن يرجمها فيطهرها؟! لقد جاءته حبلى من الزنا، فقالت: يا رسول الله إني أصبتُ حدّاً فأقمه عليّ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وليَّها فقال: أحسن إليها، فإذا وَضعَت فأتني، ففعل، فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، فشُدَّت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرُجمت، ثم صلَّى عليها، فقال له عمر: تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت؟!، قال: لقد تابت توبةً، لو قُسِّمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل؟. إنها دفعة إيمانية قوية دفعتها إلى التطهر، واختيار الآجلة على العاجلة، ولو لم تكن ذات إيمان قوي ما آثرت الموت رجماً.
حكمــــــة
الدَّرة الثامنة: حفظتْ الله فحفظها: حُكي أن امرأة حسنة الوجه كثيرة المال تأخرت في دارها هي ووصيفاتها وجواريها عن الهروب حين الوقعة بالإسكندرية، فدخلت الإفرنج إليها بأيديهم السيوف المسلولة، فقال لها أحدهم: أين المال؟ فقالت – وهي فزعة -: المال في هذا الصناديق التي هي داخل هذا البيت، فقال أحدهم لها: لا تخافي، فأنتِ تكونين عندي، وفي مالي وخيري ترتعين، ففهمت عنه أنه أحبها ويريدها لنفسه، فمالت إليه، وقالت لك بكلام خفي: أريد أن أدخل بيت الخلاء، ورقَّقت له القول. ففهم عنها أنها أرادته، وأشار إليها أن تمضي لقضاء حاجتها، فمضت واشتغلوا بنهب الصناديق، فخرجت المرأة من باب دارها، ودخلت مخزناً غلساً مملوءاً تبناً بزقاق دارها، فحفرت في التبن حفرة واندفنت بها، فطلبتها الإفرنج بعد نهبهم لدارها فلم يجدوها، فاشتغلوا بحمل النهب، ومضوا، فسلمتْ المرأة من الأسر بحيلتها تلك، وكذلك وصيفاتها وجواريها سلمْنَ من الأسْر بصعودهنَّ سطح الدار. فقالت المرأة عند ذلك سلامة الدين والعرض خير من المال الذي لم يدخر عند ذوي المروءات إلا لغرض مثل هذا، لأن الفقر خير من الأسر والافتتانِ بتغيير الدين بالقهر.
حكمــــــة
الدَّرة التاسعة: ماءُ التوبةِ أطهرُ ماءٍ: الله.... يحب التوابين، ويحب المتطهرين، بل يفرح بتوبة عبده إليه أعظم من فرحة إنسان كان بأرض فلاة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فانفلتت منه، فأيس منها، فجلس إلى جذع شجرة ينتظر الموت، فأخذته إغفاءة ثم أفاق، فإذا بها واقفة عند رأسه، وعليها طعامه وشرابه، فقام إليها، وأمسك بزمامها ثم صاح من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك !.. فسبحانه ما أعظمه وأرحمه، يفرح بتوبة عبده ليفوز بجنانه، ويحظى برضوان، وهو – جل وعلا – ينادي عباده المؤمنين بقوله: " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ".
حكمــــــة
التوبة غسل القلب بماء الدموع وحرقة الندم، فهي حرقة في الفؤاد، ولوعة في النفس، وانكسارٌ في الخاطر، ودمعة في العين، إنها مبدأ طريق السالكين، ورأس مال الفائزين، وأول أقدام المريدين، ومفتاح استقامة المائلين، التائب يضرع ويتضرّع، ويهتف ويبكي ؛ إذا هدأ العباد لم يهدأ فؤاده، وإن سكن الخلق لم يسكن خوفه، وإذا استراحت الخليقة لم يفتر حنين قلبه، وقام بين يدي ربه بقلبه المحزون، وفؤاده المغموم منكساً رأسه، ومقشعراً جلده، إذا تذكر عظيم ذنوبه وكثير خطئه، هاجت عليه أحزانه، واشتعلت حرقات فؤاده، وأسبل دمعه ؛ فأنفاسه متوهّجة، وزفراته بحرق فؤاده متصلة، قد ضمر نفسه للسباق غداً، وتخفف من الدنيا لسرعة الممر على جسر جهنم.
حكمــــــة
الدَّرة العاشرة: الفدائية الأولى: كانت تعيش في أعظم قصر في زمانها، تحت يديها الكثير من الجواري والعبيد، حياتها مرفهة متنعمة. إنها آسية بنت مزاحم زوج فرعون – رضي الله عنها -، امرأة وحيدة ضعيفة جسدياً، آمنة مطمئنة في قصرها، أشرق نور الإيمان في قلبها، فتحدت الواقع الجاهلي الذي يرأسه زوجها. لقد كانت نظرتها نظرة متعدية، تعدت القصر، والفرش الوثير، والحياة الرغيدة، تعدت الجواري، والعبيد، والخدم ؛ لذلك كانت تستحق أن يذكرها رب العالمين في كتابه المكنون، ويضعها مثالاً للذين آمنوا وذلك عندما قال تعالى " وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ". قال العلماء عند تفسير هذه الآية الكريمة: لقد اختارت آسية الجار قبل الدار. واستحقت أيضاً أن يضعها الرسول صلى الله عليه وسلم مع النساء اللاتي كمُلن، وذلك عندما قال: (كمُل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وأن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام).
حكمــــــة
الزبرجدة الأولى: وكَّلي ربَّكِ ونامي: إلى من نامت قريرة العين برضا الله وقدره، متوسدةً عاصفةً هوجاء، تتخطفها الأسنة وتنالها الرماح، ما عرف الحزن إلى قلبها مدخلاً، وما استقرت الدمعة في عينها زمناً، إلى من فقدت الأبناء والأحباب والآباء والأصحاب، إلى كل مؤمن مهموم، وكل مبتلى مغموم: عظَّم الله أجرك.. ورفع درجتك.. وجبر كسرك، قال الله تعالى: " وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ". قال علي رضي الله عنه: (الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد)، فأبشري بثوابٍ أخروي في نزل الفردوس وجوار الواحد الأحد في جنات عدن ومقعد صدق، جزاء ما قدمت وبذلت وأعطيت، وهنيئاً لك هذا الإيمان والصبر والاحتساب، وسوف تعلمين أنك الرابحة على كل حال: " وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ "
حكمــــــة
الزبرجدة الثانية: العمى عمى القلب: كان رجل كفيف يعيش سعيداً مع زوجة محبة مخلصة، وابنٍ بار، وصديقٍ وفيّ، وكان الشيء الوحيد الذي ينغص عليه سعادته هو الظلام الذي يعيش فيه، كان يتمنى أن يرى النور ليرى سعادته بعينيه. هبط البلدة التي يقطنها هذا الكفيف طبيبٌ نحرير، فذهب إليه يطلب دواءً يعيد له بصره، فأعطاه الطبيب قطرةً وأوصاه أن يستعملها بانتظام، وقال له: إنك بذلك قد ترى النور فجأة وفي أي لحظة. واستمر الأعمى في استخدام القطرة على يأس من المحيطين به، ولكنه بعد استخدامها عدة أيام رأى النور فجأة وهو جالس في حديقة بيته، فجُنَّ من الفرح والسرور وهرول إلى داخل البيت ليخبر زوجته الحبيبة فرآها في غرفته تخونه مع صديقه، فلم يصدق ما رأى، وذهب إلى الغرفة الأخرى فوجد ابنه يفتح خزانته ويسرق بعض ما فيها. عاد الأعمى أدراجه وهو يصرخ: هذا ليس طبيباً، هذا ساحر ملعون، وأخذ مسماراً ففقأ عينيه ! وعاد مذعوراً إلى سعادته التي ألفها.
حكمــــــة
الزبرجدة الثالثة: لا تقيمي محكمة الانتقام فتكوني أول ضحية !: بعض الناس سمح لايهمه أن يتقاضى حقه كله، وهو يتغاضى عن كثير من الأمور ويتغابى أحياناً، وفي مجمل الأمر فإن نفسه سمحة سهلة، وهو لا يدقق كثيراً، ولا يفتش فيما خلف العبارات، ولا يتعب نفسه بهذه الأمور. وبعضهم الآخر لا يعرف السماحة ولا يتغاضى عن حقوقه بمقدار ذرة، وهو في جهاد مع الناس ومع المواقف المختلفة للاستقصاء والحصول على حقه – وربما غير حقه – وهو قلما يرضى. ومن الطبيعي أن الإنسان السمح أقرب إلى رضا النفس وهدوء البال والبعد عن القلق، كما أنه أقرب إلى قلوب الناس وأجدر بحبهم، وأبواب النجاح تفتح أمامه أكثر من ذلك الذي يعتبر نفسه في حرب دائمة مع عباد الله، وفوق ذلك يحلل الكلمات والمواقف ويبحث فيها عن المقاصد الخبيثة، فيجلب القلق لنفسه من كل سبيل، ويكرهه الناس ويتحاشونه ويوصدون أمامه أبواب النجاح، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً وإلا كان أبعد الناس عنه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم م: (رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى).
حكمــــــة
الزبرجدة الرابعة: الامتياز في الإنجاز: يقول أحد الأثرياء: لا يتملكني أي شعور خاص لأنني أغنى رجل في العالم، وأعيش حياةً عادية في شقة متواضعة مع زوجتي، ولا أشرب ولا أدخن ولا أعشق حياة المليارديرات الذين تملأ صورهم الصحف، بيخوتهم الفاخرة، وقصورهم في الأرياف، وحياتهم الصاخبة، وزيجاتهم من فتيات جميلات، وهي الزيجات التي تنتهي عادة بطلاق يدفعون مقابله ملايين الدولارات. أعشق العمل وأسعد به وغالباً ما آخذ عدائي معي لأتناوله في مقر عملي ولا تملأ ذاكرتي الغبطة والسعادة إذا تصورت ما أملكه من مليارات، ولكن تملؤها السعادة حين أتذكر أنني قد ساعدت في تحويل مدينتي الأم (طوكيو) بشوارعها المتواضعة إلى عاصمةٍ هي محط أنظار العالم بالمجمعات العقارية الحديثة التي أنجزتها.. باختصار: سعادتي في الإنجاز.
حكمــــــة
الزبرجدة الخامسة: عالم الكفر يعاني الشقاء: ألقى الدكتور (هارولدسين هابين) الطبيب بمستشفى (مايو) رسالةً في الجمعية الأمريكية للأطباء والجراحين العاملين في المؤسسات الصناعية قال فيها: إنه درس حالات 176 رجلاً من رجال الأعمال، أعمارهم متجانسة في نحو الرابعة والأربعين، فاتضح له أن أكثر من ثلث هؤلاء يعانون واحداً من ثلاثة أمراض تنشأ كلها عن توتر الأعصاب، وهي: اضطراب القلب، وقرحة المعدة، وضغط الدم، ذلك ولما يبلغ أحدهم الخامسة والأربعين بعد !، هل يعد ناجحاً ذاك الذي يشتري نجاحه بقرحة في معدته، واضطراب في قلبه؟ وماذا يفيده المرض إذا كسب العالم أجمع وخسر صحته؟!، لو أن أحداً ملك الدنيا كلها ما استطاع أن ينام إلا على سرير واحد، وما وسعه أن يأكل أكثر من ثلاث وجبات في اليوم، فما الفرق بينه وبين العامل الذي يحفر الأرض؟! لعل العامل أشد استغراقاً في النوم وأوسع استمتاعاً بطعامه من رجل الأعمال ذي الجاه والسطوة.
حكمــــــة
الزبرجدة السادسة: من أخلاق شريكة الحياة: المرأة المؤمنة الصالحة لا ترهق زوجها بكثرة طلباتها، فهي تقنع بما قسمه الله لها،وقدوتها في ذلك آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يروي عروة عن خالته عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: (والله يا ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهله في شهرين، وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، قلت: يا خالة، فما كان يعيِّشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار، وكانت لهم منايح، فكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ألبانها فسقيناه).
حكمــــــة
الزبرجدة السابعة: ارضيْ باختيار الله لكِ: ما أروع ما قالته السيدة هاجر رضي الله عنها زوج إبراهيم وأم إسماعيل عليهما السلام حين تبعت زوجها – بعد أن وضعها وابنها في وادٍ غير ذي زرع ومضى -، تكرر على مسامعه: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: (إذاً لا يضيعنا) !. نعم، إن الله لا يضيع عباده الصالحين، ألم يعوض الله سبحانه وتعالى الرجل وزوجته في سورة الكهف؟: " وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً ". ألم يحفظ الله تعالى صاحب الكنز – الرجل الصالح – في ولديه حين امر صاحب موسى أن يبني الجدار من جديد، فيثبته حتى يكبر ولداه فيأخذا كنز والدهما؟: " وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ".
حكمــــــة
الزبرجدة الثامنة: لا تأسفي على الدنيا: إن من يعلم بقصر عمر الدنيا، وقلةِ بضاعتها، ورداءةِ أخلاقها، وسرعةِ تقلبها بأهلها، لا يأسف على شيء منها، ولا ييأس على ما ذهب منها، فلا تحزني على ما فات ولا تيأسي، فإن لنا داراً أخرى أعظم وأبقى وأكبر وأحسن من هذه الدار، وهي الدار الآخرة، فاحمدي الله أنك تؤمنين بلقاء الواحد الأحد وغيرك – من غير المسلمات – يكفُرْنَ بهذا اليوم الموعود، فهنيئاً لمن آمن بذلك اليوم واستعدَّ له، وتعساً لمن ضعف إيمانه فنسي ذلك اليوم، وشغله عنه قصره، وداره، وكنوزه، ومتاعه الرخيص !، وما قيمة قصر أو دار أو مجوهرات بلا إيمان؟ وما قيمة منصب ومكانة بلا تقوى؟ ولو أن الملك والإمارة والتجارة تشتري السعادة، لما رأينا كثيراً من الملوك والأمراء والتجار يعيشون الشقاء، ويتجرعون غصص المرارة، ويشتكون من مصائبهم وأحزانهم.
حكمــــــة
الزبرجدة التاسعة: متعة الجمال في خلق ذي الجلال: انظري إلى الإنسان وروعة خلقه، وتباين أجناسه، وتعدد لغاته واختلاف نغماته، وأحسن الله خلقه، وركبه في أجل صورة: " وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ "، " يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ "، " لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ "
حكمــــــة
انظري إلى السماء وهيبتها، والنجوم وفتنتها، والشمس وحسنها، والكواكب وروعتها، والقمر وإشراقه، والفضاء ورحابته، وانظري إلى الأرض كيف دحاها، وأخرج منها ماءها ومرعاها، والجبال أرساها، تأملي هذه البحار والأنهار، هذا الليل، هذا الصبح، هذا الضياء، هذه الظلال، هذه السحب، هذا التناغم الساري في الوجود كله، هذا التناسق، هذه الزهرة، هذه الوردة، هذه الثمرة اليانعة، هذا اللبن السائغ، هذا الشهد المذاب، هذه النخلة، هذه النحلة، هذه النملة، هذه الدويبة الصغيرة، هذه السمكة، هذا الطائر المغرد، والبلبل الشادي، هذه الزاحفة، هذا الحيوان، جمال لا ينفذ، وحسن لا ينتهي، وقرة عين لا تنقطع: " فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ * يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ".
حكمــــــة
الزبرجدة العاشرة: غايةُ الكرم ونهاية الجود: سبى الروم بعض النساء المسلمات، فعلم بالخبر (المنصور بن عمار) فقالوا له: (لو اتخذت مجلساً بالقرب من أمير المؤمنين، فحرضت الناس على الغزو؟ وفعلاً جعل له مجلساً بقرب أمير المؤمنين هارون الرشيد، وذلك في (الرقة) في الشام.وبينما كان الشيخ (منصور) يحث الناس على الجهاد في سبيل الله، إذْ طرحت خرقة بها صرة مختومة ومضمومة بها كتاب، فك (منصور) الكتاب وإذا فيه: (إني امرأة من أهل البيوتات من العرب، بلغني ما فعل الروم بالمسلمات، وسمعت تحريضك الناس على الغزو في ذلك، فعمدت إلى أكرم شيء من بدني وهما ذؤابتاي (أي: ضفيرتاها) فقطعتهما وصررتهما في هذه الخرقة المختومة، وأناشدك بالله العظيم لما جعلتهما قيد (لجام) فرس غازٍ في سبيل الله، فلعل الله العظيم أن ينظر إلىّ على تلك الحال فيرحمني بهما). فلم يتمالك (منصور) نفسه تجاه تلك العبارات البليغة، فبكى وأبكى الناس، فقام هارون الرشيد وأمر بالنفير العام، فغزا بنفسه مع المجاهدين في سبيل الله، ففتح الله عليهم.
حكمــــــة
الياقوتة الأولى: ليس لك من الله عوضٌ: دخل رجل في غير وقت الصلاة فوجد غلاماً يبلغ العاشرة من عمره قائماً يصلي بخشوع، فانتظر حتى انتهى الغلام من صلاته فجاء إليه وسلم عليه وقال: يا بني: ابنُ مَنْ أنت؟ فطأطأ برأسه وانحدرت دمعة على خده ثم رفع رأسه وقال: يا عم إني يتيم الأب والأم، فرقّ له الرجل، وقال له: أترضى أن تكون ابناً لي؟ فقال الغلام: هل إذا جعت تطعمني؟ قال: نعم، فقال الغلام: هل إذا عريت تكسوني؟ قال نعم، قال الغلام: هل إذا مرضت تشفيني؟ قال الرجل: ليس إلى ذلك سبيل يا بني. قال الغلام: هل إذا مت تحييني؟ قال الرجل: ليس إلى ذلك سبيل. قال الغلام فدعني يا عم للذي خلقني فهو يهدين، والذي يطعمني ويسقين، وإذا مرضت فهو يشفين، والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين.فسكت الرجل ومضى لحاله وهو يقول: آمنت بالله، من توكل على الله كفاه.
حكمــــــة
الياقوتة الثانية: السعادةُ موجودةٌ.. لكن من يعثر عليها؟!: لا يمكن لإنسان أن يستمد السعادة إلا من نفسه، ولكن عليه أن يهتدي إلى الطريقة الفضلى لبلوغها، وهي تتلخص بأن يكون صادقاً شجاعاً محباً للعمل والناس، وأن يتحلى بالتعاون والبعد عن الأنانية السوداء، وأن يكون له ضمير حي قبل كل شيء، فالسعادة ليست خرافة، إنها حقيقة ظاهرة، ويستمتع بها كثيرون، وبإمكاننا أن نستمتع بها إذا استفدنا من تجاربنا وإذا ما استعنا بالخبرة التي كسبناها في الحياة، فإذا تبصرنا بالحياة نستطيع أن نستخرج من ذواتنا أشياء كثيرة، وأن نبرأ من كثير من الأمراض الصحية والنفسية مع المعرفة والإرادة والصبر، ونعيش حياتنا التي وهبها الله لنا بلا جحود ولا عقوق ولا شقاء.
حكمــــــة
الياقوتة الثالثة: حسنُ الخلقِ جنةٌ في القلب: الناس مرايا للإنسان فإذا كان حسن الأخلاق معهم كانوا حسَني الأخلاق معه، فتهدأ أعصابه ويرتاح باله، ويحسن انه يعيش في مجتمع صديق. وإذا كان الإنسان سيئ الأخلاق غليظاً وجد من الناس سوء الأخلاق والفظاظة والغلظة، فمن لا يحترم الناس لا يحترمونه. وصاحب الخلق الحسن أقرب إلى الطمأنينة وأبعد عن القلق والتوتر والمواقف المؤلمة، إضافة إلى أن حسن الأخلاق عبادة لله U ومما حض عليه الإسلام كثيراً، قال الله عز وجل: " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ "، وقال عز وجل يصف رسوله صلى الله عليه وسلم: " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أحبكم إليّ أحاسنكم أخلاقاً، الموطئون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون، وإن أبغضكم إليّ المشَّاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الملتمسون للبرآء العيب).
حكمــــــة
الياقوتة الرابعة: بنود السعادة العشرة: يقول عالم النفس الأمريكي (د. ديكس): الحياة السعيدة فن جميل له عشرة أبعاد هي: أن تمارس عملاً محبوباً عندك.. فإذا لم يتيسر لك ذلك العمل، فمارس الهوية التي تحبها في أوقات فراغك وعمقها. العناية بالصحة فهي روح السعادة... وذلك بالاعتدال في الطعام والشراب وممارسة الرياضة والبعد عن العادات الضارة. وجود هدف في حياة الإنسان، فإن ذلك يمنحه الإثارة والنشاط. أن يأخذ الإنسان الحياة على ما هي عليه ويقبلها بحلوها ومرها. أن يعيش الإنسان في حاضره فلا يندم على ماضٍ تولى، ولا يتوجس من غدٍ لم يأتِ. أن يفكر الإنسان في أي عمل أو قرار، ولا يلوم غيره على قراراته وما قد يصيبه. أن ينظر الإنسان إلى من هو دونه. أن يعتاد الإنسان على الابتسام وروح المرح وصحبة المتفائلين. أن يعمل الإنسان على إسعاد الآخرين ليصيبه عطر السعادة. اغتنام فرص الابتهاج الجميلة واعتبارها محطات ضرورية للسعادة.
حكمــــــة
الياقوتة الخامسة: استعيذي بالله من الهم والحزن: ما أظن عاقلاً يزهد في البشاشة أو مؤمناً يجنح إلى التشاؤم واليأس، وربما غلبت المرء أعراض قاهرة فسلبته طمأنينته ورضاه، وهنا يجب عليه أن يعتصم بالله كي ينقذه مما حل به، فإن الاستسلام لتيار الكآبة بداية انهيار شامل في الإدارة يطبع الأعمال كلها بالعجز والشلل. ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلّم أصحابه أن يستعينوا بالله في النجاة من هذه الآفات، قال أبو سعيد الخدري: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: (يا أبا أمامة.. ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت صلاته؟، قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا قلته أذهب الله همّك، وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال). رواه أبو داود. قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله همي وقضى عني ديني.
حكمــــــة
الياقوتة السادسة: المرأة التي تعين على نوائب الدهر: تروي كتب الطبقات عن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كانت تطوي الأيام جوعاً، وقد رآها زوجها الإمام علي رضي الله عنه يوماً، وقد اصفرَّ لونها، فقال لها: ما بك يا فاطمة؟ قالت: منذ ثلاث لا نجد شيئاً في البيت!، قال: ولماذا لم تخبريني؟ قالت: إن أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي ليلة الزفاف: (يا فاطمة، إذا جاءك عليٌّ بشيء فكليه، وإلا فلا تسأليه !). لكن كثيراً من النساء قد تخصصن في تفريغ جيوب أزواجهن، فالواحدة منهن لا تطيق أن ترى في جيب زوجها مالاً، فتعلن حالة الطوارئ في المنزل، ولا تهدأ حتى تسلبه ما معه من مال.
حكمــــــة
روى عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أُصرع، وإني أتكشَّف، فادع الله تعالى لي، قال: (إن شئت صبرتِ ولك الجنة، وإن شئت دعوتُ الله تعالى أن يعافيك) فقالت: أصبر، وقالت: إني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها. فهذه المرأة المؤمنة التقية رضيت ببلاءٍ يصاحبها في حياتها الفانية على أن لها الجنة، وقد ربح البع، فكانت من أهل الجنة، ولكنها أنِفت أن تتكشف فيري الناس من عورتها ما لا يليق بالمرأة المسلمة المحتشمة التقية، فماذا نقول لهؤلاء الكاسيات العاريات اللواتي يتفنَّن في إبداء محاسنهن، ويجتهدن في خلع برقع الحياء، وفي التعري؟!
حكمــــــة
الياقوتة الثامنة: الصدقة تدفع البلاء: الصدقة بابٌ عظيم من أبواب سعة الصدر وانشراح الخاطر ؛ فإنَّ بذل المعروف يكافئ الله صاحبه في الدنيا بانشراح صدره، وسروره وحبوره، ونوره وسعة خاطره، ورخاء حاله، فتصدقي ولو بالقليل، ولا تحتقري شيئاً تتصدقين به، تمرةً أو لقمةً أو جرعة ماءٍ أو مِذْقة لبن، أهدي للمسكين، وأعطي البائس، أطعمي الجائع، وزوري المريض، وحينها تجدين أن الله – سبحانه وتعالى – خفَّف عنك من الهموم والغموم، ومن الأحزان، فالصدقة دواء لا يوجد إلا في " صيدلية " الإسلام.
حكمــــــة
سأل رجل الإمام عبد الله بن المبارك فقال له: يا أبا عبد الرحمن قرحةٌ خرجت في ركبتي منذ سبع سنين، وسألت الأطباء، وقد عالجت بأنواع العلاج، فلم أنتفع به؟! فقال له ابن المبارك: اذهب فانظر موضعاً يحتاج الناس فيه إلى الماء، فاحفر هناك بئراً فإني أرجو أن تنبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرأ. ولا عجب أيتها الأخت الكريمة: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء).
حكمــــــة
الياقوتة التاسعة: كوني جميلة الروحِ لأنَّ الكون جميلٌ: مشهد النجوم في السماء جميل، ما في هذا شك، جميل جمالاً يأخذ بالقلوب، وهو جمال متجدد تتعدد ألوانه وأوقاته ؛ ويختلف من صباح إلى مساء، ومن شروق إلى غروب، ومن الليلة القمراء إلى الليلة الظلماء، ومن مشهد الصفاء إلى مشهد الضباب والسحاب، بل إنه ليختلف من ساعة لساعة، ومن مرصد لمرصد، ومن زاوية، وكله جمال، وكله يأخذ بالألباب.
حكمــــــة
هذه النجمة الفريدة التي توصوص هناك، وكأنها عين جميلة، تلتمع بالمحبة والنداء !، وهاتان النجمتان المفردتان هناك وقد خلصتا من الزحام تتناجيان !.. وهذه المجموعات المتضامة المتناثرة هنا وهناك، وكأنها في حلقه سمر في مهرجان السماء، وهذا القمر الحالم الساهي ليلة، والزاهي المزهو ليلة، والمنكسر الخفيض ليلة، والوليد المتفتح للحياة ليلة، والفاني الذي يدلف للفناء ليلة..! وهذا الفضاء الوسيع الذي لا يملُّ البصر امتداده، ولا يبلغ البصر آماده. إنه الجمال، الجمال الذي يملك الإنسان أن يعيشه ويتملاه، ولكن لا يجد له وصفاً فيما يملك من الألفاظ والعبارات !.
حكمــــــة
الياقوتة العاشرة: امرأة تصنع بطولة: ولَّى أمير المؤمنين عثمان بن عفاف رضي الله عنه حبيب بن مسلمة الفهري قيادة جيش من المسلمين لتأديب الروم، وكانوا قد تحرشوا بالمسلمين، وكانت زوجة حبيب جندية ضمن هذا الجيش، وقبل أن تبدأ المعركة أخذ حبيب يتفقد جيشه، وإذا بزوجته تسأله هذا السؤال: أين ألقاك إذا حمي الوطيس وماجت الصفوف؟ فأجابها قائلاً: تجديني في خيمة قائد الروم أو في الجنة !، وحمي وطيس المعركة وقاتل حبيب ومن معه ببسالة منقطعة النظير، ونصرهم الله على الروم وأسرع حبيب إلى خيمة قائد الروم ينتظر زوجته، وعندما وصل إلى باب الخيمة وجد عجباً، لقد وجد زوجته قد سبقته ودخلت خيمة قائد الروم قبله !
حكمــــــة
الجوهرة الأولى: لا تنفقي ساعاتك في الهواء: يقول نبيك صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: (وإن كنت ألمت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه تاب الله عليه...). تخيلي أنك قد ملكت كل ما تريدين من آمال وأحلام، ووصلت إلى كل ما تريدين من أمنيات، ثم فجأة ضاع منك كل شيء بغير فائدة، حينها ستبكين، وتتوجعين، وتتحسرين، وتعضين على أصابعك، ندامةً وحسرةً على ما ضاع منك، فما بالك بعمرك الذي يضيع منك وأنت لا تشعرين؟ إن عمرك جوهرة نفيسة لا تقدر بأي شيء مادي، وهذا العمر في حقيقته عبارة عن أنفاس، كل نفس يخرج ولا يعود إليك أبداً، وهذه الأنفاس هي رأس مالك في الدنيا، تستطيعين أن تشتري بهما ما تشائين من نعيم الجنة، فكيف تضيعين ذلك العمر بلا توبة نصوحة؟!.
حكمــــــة
الجوهرة الثانية: السعادةُ لا تُشتَرى بالمال: كثيرون بذلوا شبابهم وصحتهم ليجمعوا المال، ثم عاشوا طول عمرهم ينفقون كل ما كسبوه ليحصلوا على السعادة، فحصلوا على الشقاء، أو ليستردوا الشباب فدهمتهم الشيخوخة، أو ليحصلوا على الصحة فهزمهم المرض العضال ! وهذا ممثل مشهور يقول: إن أمنية حياته كانت هي المال.كان يتوهم أنه بالمال يستطيع أن يكون أسعد رجل في العالم لمدة مائة سنة !، كان واثقاً أنه قادر بالمال أن يحقق كل ما يتمناه، أن يجعل الأماني والأحلام والدنيا تسجد صاغرة بين يديه، وبعد عشرين سنة أعطاه الله المال أضعاف ما تمنى، ولكنه أخذ منه الصحة والشباب والأحلام !، ونُقِلَ عنه أنه كان يبكي ويقول: ليتني ما طلبت من الله المال، ليتني طلبت أن أعيش مائة سنة فقيراً آكل الفول المدمس، وأتشعبط على سلم الترام حتى لا أدفع ثمن التذكرة !، ولم يعرف هذا الممثل قيمة الصحة إلا عندما فقدها، ولم يكتشف أن المال عاجز عن أن يشتري له أي شيء إلا عندما أصبح أغنى فنان في مصر، وعرف أنه لا يستطيع أن يضيف بكل أمواله يوماً واحداًً إلى عمره المخطوف !.
حكمــــــة
الجوهرة الثالثة: العجلة والطيش وقود الشقاء: الحِلم فروسية من النوع الراقي يتغلب بها الإنسان على غضبه وحماقته وهواه، والأناة هي التثبت وعدم الاستعجال والتصرف بعقل وحكمة، وهاتان الخصلتان حربٌ على القلق، ومنْ عدمهما عُدِم الكثير من الخير، وكان مع القلق على ميعاد، فإن الحليم يردُّ بحِلْمه الكثير من الشرور، أما الأحمق الغضوب فإنه يجعل الشر يكبر ودواعي القلق تزداد وتتأصل، والإنسان المتأني قلما يندم أو يُقدم على أمرٍ مجهول العاقبة، أما الأحمق العجول فإنه حليفٌ للندم والقلق وسوء العاقبة. وكذلك فإن الإنسان الذي يرفق بنفسه وبالآخرين يكون موفقاً يعتاد هدوء الأعصاب ويكسب راحة البال.وديننا الإسلامي الحنيف يحض على الرفق والحلم والأناة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه).
حكمــــــة
الجوهرة الرابعة: لُعبةُ جمعِ المالِ لا نهاية لها: يقول بيفر بروك: لقد جمعت من المال الكثير ولكنني رأيت من واقع التجربة أن الاستمرار في هذه اللعبة، لعبة جمع المال، خطيرة وليس لها نهاية وتبلع العمر والسعادة، لذلك غيرت عملي واتجاهي إلى عمل آخر أهواه في مجال النشر لا يُدر مالاً كثيراً، ولكنه يحقق لي السعادة وخدمة المجتمع، وإنني أنصح كل رجل أعمال جمع من المال ما يكفيه جداً أن يكف عن لعبة المال، ويتقاعد مبكراً ليستمتع بما حقق، ويشرع في عمل محبوب، فيه خدمة للمجتمع وإمتاع للوقت. إن صاحب المال الذي جربه وامتلك الكثير منه لا يُعنى إلا قليلاً بأن يخلّف لورثته ثروة كبيرة، لأنه يعلم أنهم يكونون رجالاً أفضل إذا نزلوا إلى الميدان مجردين من الثروة ولا يملكون إلا العقل والأخلاق، إن الثروة بلا مجهود كثيراً ما تصبح لعنة لا نعمة، وشقاءً لا سعادة، حيث يشبع بها الرجال أجسادهم برفاهية وخمول، وعقولهم بتفاهة وفراغ، ويبتسرون الشباب الوضيء حتى الممات.
حكمــــــة
الجوهرة الخامسة: في الفراغ تولد الرذيلة: في أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل، وتختمر جراثيم التلاشي والفناء، وإذا كان العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى.وإذا كانت دنيانا هذه غراساً لحياة أكبر تعقبها، فإن الفارغين أحرى الناس أن يُحشروا مفلسين لا حصاد لهم إلا البوار والخسران.وقد نبّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى غفلة الألوف عما وُهبوا من نعمة العافية والوقت فقال: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ). أجل.. فكم من سليم الجسم يضطرب في هذه الحياة بلا أمل يحدوه، ولا عمل يشغله، ولا رسالة يخلص لها ويصرف عمره لإنجاحها.ألهذا خُلق الناس؟. كلا فالله عز وجل يقول: " أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ".
حكمــــــة
الجوهرة السادسة: بيتٌ بلا غضبٍ ولا صخبٍ ولا تعبٍ: قالت لأبيها وهي تبكي: يا أبتِ، كان بيني وبين زوجي البارحة شيء، فغضب لكلمة بدرت مني، فلما رأيت غضبه ندمت على ما فعلت، واعتذرت له، فأبى أن يكلمني وحوّل وجهه عني، فطفت حوله حتى ضحك ورضي عني، وأنا خائفة من ربي أن يؤاخذني على اللحظات التي أحرقت فيها من دمه – ساعة غضبه – بعض قطرات !، فقال لها والدها: يا بنية، والذي نفسي بيده لو أنك متّ قبل أن يرضى عنك زوجك لما كنتُ راضياً عنك، أما علمتِ أن أيما امرأة غضب عليها زوجها فهي ملعونة في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن، وتُشدَّد عليها سكرات الموت، ويُضيَّق عليها قبرها، فطوبى لامرأةٍ رضي عنها زوجها. فالمرأة الصالحة تحرص على أن تكون محبوبة إلى زوجها، فلا يبدو منها ما يعكر صفو حياتهما.
حكمــــــة
الجوهرة السابعة: العفة والحياء تزيد جمال الحسناء: وهل أتاكِ نبأ أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم عندما سمعته يقول: (من جرّ ثوبه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: (يرخين شبراً) قالت: إذاً تنكشف أقدامهن، قال: (فيرخينه ذراعاً ولا يزدن). لله درك يا أم المؤمنين !!، لله درك يا أم سلمة، ليست من أهل الخيلاء ولا التكبر، ولكن نساء المسلمين حييات عفيفات، طاهرات شريفات، لا ينبغي أن تُرى أقدامهن، وثيابهن لها ذيول يجررنها على الأرض وراءهن، فلا يرى الرجال منهنَّ شيئاً، أما النساء في عصرنا، - إلا من رحم ربك – فإنهن يرخين الذيل إلى (أعلى) أقصى ما يستطعن، خوفاً عليه من البلل، أو الغبار، ولو استطعن لخلعنه، أسوةً بالكوافر العواهر، ويجدن ألف مبرر للتعري والتفسخ ولا حول ولا قوة إلا بالله، ورجالهن ليس فيهم من الرجولة إلا الاسم، يمشون إلى جانبهن، ولا يبالون، فقد ذهب الحياء.
حكمــــــة
الجوهرة الثامنة: قد يردُّ الله الغائب: بعد فراق دام أكثر من عشرين عاماً، كتب الله أن يجمع – في قصة غريبة من نوعها – بين أم وابنتها البالغة من العمر 25 عاماً، بعد أن باعدت بينهما ظروف الحياة، وذلك أثناء قضاء الابنة لشهر العسل في متنزهات جبال السودة بأبها. وكانت الأم قد تزوجت بعد انفصل عنها زوجها الأول وعمر ابنتها ثلاث سنوات، وحالت ظروف زوجها وتنقله المستمر من بلد إلى آخر من رؤية ابنتها التي تركتها في رعاية والدها. وفي يوم من أيام الصيف الجميلة في جبال السودة بأبها، التقت الابنة بإحدى السيدات في المنتزه، وأخذتا تتجاذبان أطراف الحديث، وكلتاهما لا تعرف الأخرى، فقد تركت الأم ابنتها وهي في الثالثة من عمرها. وبينما هما يتجاذبان أطراف الحديث، رأت الأم إحدى أصابع ابنتها مبتورة، وسألتها عن أمها، فحكت لها قصتها، وإذا بالأم تجد نفسها وجهاً لوجه بجانب ابنتها التي افتقدتها منذ عشرين عاماً، فأخذتها في أحضانها، وأخذت تلثم وجهها وتضمها بكل حنانٍ وحب، وتبث إليها شوقها وحرمانها منها طوال الأعوام الطويلة الماضية.
حكمــــــة
الجوهرة التاسعة: كلمة تملأُ الزمان والمكان: قال موسى – عليه السلام -: (يا رب علمني دعاءً أدعوك به وأناجيك)، قال: (يا موسى قل لا إله إلا الله، قال موسى: كل الناس يقولون لا إله إلا الله، قال: يا موسى لو أن السماوات السبع والأرضين في كفة، ولا إله إلا الله في كفة لمالت بهن لا إله إلا الله). لا إله إلا الله.. لها أنوار ساطعة، وأشعة كاشفة، وهي تُبدد من ضباب الذنوب وغيومها بقدر قوة ذلك الشعاع وضعفه، فلها نور، وتفاوت أهلها في ذلك النور – قوةً وضعفاً – لا يحصيه إلا الله تعالى. فمن الناس من نورُ هذه الكلمة في قلبه كالشمس، ومنهم من نورها في قلبه كالكوكب الدري، ومنهم من نورها في قلبه كالمشعل العظيم، وآخر كالسراج المضيء، وآخر كالسراج الضعيف. وكلما عظم نور هذه الكلمة واشتد، أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته.
حكمــــــة
الجوهرة العاشرة: قلوبٌ اشتاقت للجنة: هل سمعت بقصة امرأة صالح بن حيي، إنها امرأة مات عنها زوجها وترك لها ولدين، فلما شبا إذا بها تعلمهم أول ما تعلمهم العبادة والطاعة وقيام الليل.لقد قالت لولديها: ينبغي ألا تمر لحظة واحدة من الليل في بيتنا إلا وفيه قائم ذاكر لله عز وجل، فقالا: وماذا تريدين يا أماه؟ قالت: نقسم الليل بيننا ثلاثة أجزاء، يقوم أحدكما الثلث الأول، ثم يقوم الآخر الثلث الثاني، وأقوم أنا الثلث الأخير، ثم أوقظكما لصلاة الفجر.فقالا: سمعاً وطاعة يا أماه، فلما ماتت الأم لم يترك الولدان قيام الليل، لأن حب الطاعة والعبادة قد ملأ قلبيهما، وصارت أحلى لحظات حياتهما هي اللحظات التي يقومان من الليل، فقسما الليل بينهما نصفين، ولما مرض أحدهما مرضاً شديداً قام الآخر الليل كله وحده.
حكمــــــة
الخاتم الأولى: الإيمان بالقدر خيره وشره: قال تعالى: " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ". قال تعالى: " وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ". الإيمان بالقضاء والقدر له دور كبير في طمأنينة القلب عند المصائب، خاصة إذا أدرك العبد تماماً أن الله تعالى لطيف بعباده يريد بهم اليسر، وأنه حكيم خبير يدّخر لهم في الآخرة فيعطي الصابرين أجرهم وافياً بغير حساب، فهذا عند التأمل والعمل به قد يقلب حزن المصيبة وكمدها إلى سرور وسعادة، ولكن ليس كل أحد يقوى على ذلك.
حكمــــــة
فما الخطوات التي تتبعينها لتخفيف النكبات والمصائب وتهوينها على النفس؟ تصوري كون المصيبة أكبر مما كانت عليه وأسوأ عاقبة.تأملي حال من مصيبته أعظم وأشد. انظري إلى ما أنت فيه من نعم وخير حُرم منه كثيرون.لا تستسلمي للإحباط الذي قد يصحب المصيبة: " فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً "
حكمــــــة
الخاتم الثاني: خير الأمور أوسطها: قال مصطفى محمود: أنا أشعر بالسعادة لأني رجل متوسط... إيرادي متوسط، وصحتي متوسطة.. وعيشتي متوسطة.. وعندي القليل من كل شيء.. وهذا معناه أن عندي الكثير من الدوافع.. والدوافع هي الحياة.. الدوافع في قلوبنا هي حرارة حياتنا الحقيقية، وهي الرصيد الذي يكون به تقييم سعادتنا... إني أدعو الله لقارئ هذه السطور أن يمنحه الله حياة متوسطة... ويعطيه القليل من كل شيء.. وهي دعوة طيبة والله العظيم !. وأمي لم تكن تفهم الفلسفة، ولكنها كانت تملك فطرة نقيّة تفهم معها كل هذا الكلام دون أن تقرأه، وكانت تُطلق عليه اسماً بسيطاً معبراً هو: الستر... والستر: القليل من كل شيء والكثير من الروح.
حكمــــــة
الخاتم الثالث: المشؤوم يجلب الهموم: الصاحب يؤثر على مزاج صاحبه وعلى أخلاقه، فإذا كان الصاحب – من صديق أو شريك حياة أو جليس أو زميل – هادئ الأعصاب، طليق الوجه، مرح النفس، متفائلاً بالحياة، فإنه ينقل هذه الصفات الطيبة إلى صاحبه. وإن كان مقطب الوجه، مكفهر القسمات، برماً بالحياة، دائم القلق، دائب التشاؤم، فإنه ينشر جرائم القلق الأسود حول صاحبه ويعديه بها. ولا تقتصر الصحبة على البشر، هناك الكتب والبرامج التلفزيونية والإذاعية، فإن فيها متفائلاً ومتشائماً، وفيها ما هو قلق وما هو مطمئن، والكتب بالذات كالفصول فيها ربيع وخريف، فإذا وفق الإنسان لاختيار الكتب المتفائلة المبتهجة بالحياة الحاضة على الكفاح والنجاح والثقة، فإنه يكون أسدى لنفسه معروفاً وفتح على حياته نوافذ مشرقة تهب منها نسائم النعيم والبهجة، وإن اختار تلك الكتب القلقة، المشكِّكة في القيم والبشر، والمتشائمة من الحياة والناس، فإنها قد تعديه كما يُعدي الأجربُ السليم، وقد تنغِّص عليه حياته.
حكمــــــة
الخاتم الرابعة: إياكِ والضجر والسخط: يقول أحدهم: حين كنت في العشرين والثلاثين كنت أعدو وأسخط وأتذمر رغم أنني أستمتع ؛ لأنني كنت أجهل سعادتي، أجهل أنني أعيش السعادة فعلاً.. والآن وأنا أجتاز الستين أعلم علم اليقين كم كنت سعيداً جداً وأنا في العشرين أو الثلاثين، ولكنه علم جاء بعد فوات الأوان، مجرد ذكريات، وذكريات حسرى، لو أدركت ذلك وقتها لعشت غبطة كبرى، لما وجدت للتذمر والسخط مكاناً في ربيع شبابي الزاهر، ولم أحجب وردة سعادتي المتفتحة فلا أراها إلا الآن وأنا ذابل وهي ذابلة، ولك يا قارئي العزيز أقول: إما أن تعيش سعادتك بغبطة وإحساس، وتمتع ناظريك وشمك وجميع حواسك بورودها المتفتحة أمامك، أو تتناساها وتنظر ناحية أخرى نحو ما ينقصك، وتصبح فريسة للضجر والسخط، وعندما انتظر حتى يصبح هذا الحاضر ماضياً وسوف تبكيه بدمع العين، وسوف ترى كم كنت سعيداً فيه، ولكنك وقتها لم تكن تعرف ولم تكن ترى ولم يبقَ بين يديك إلا فجيعةٌ بقاياها ذابلة !.
حكمــــــة
الخاتم الخامس: أكثر المشكلاتِ سببُها توافه !: إنه من المؤسف أن كثيراً من التوافه تعصف برشد الألوف المؤلفة من الناس، وتقوض بيوتهم، وتهدم صداقاتهم، وتذرهم في هذه الدنيا حيارى محسورين. ويشرح (ديل كارنيجي) عواقب الاندفاع مع وحي هذه التوافه، فيقول: (إن الصغائر في الحياة الزوجية يسعها أن تسلب عقول الأزواج والزوجات، وتسبب نصف أوجاع القلب التي يعانيها العالم). أو ذلك على الأقل ما يؤكد الخبراء، فقد صرّح القاضي (جوزيف ساباث) من قضاة شيكاغو بعد أن فصل في أكثر من أربعين ألف حالة طلاق بقوله: إنك لتجدنّ التوافه دائماً وراء كل شقاء يصيب الزواج.
حكمــــــة
قال (فرانك هوجان) النائب العالم في نيويورك: إن نصف القضايا التي تُعرض على محاكم الجنايات تقوم على أسباب تافهة، كجدال ينشأ بين أفراد أسرة، أو من إهانة عابرة، أو كلمة جارحة، أو إشارة نابية. إن الأقلين منا قساة بطبائعهم، بيد أن توالي الضربات الموجهة إلى ذواتنا وكبريائنا وكرمتنا هو الذي يسبب نصف ما يعانيه العالم من مشكلات.
حكمــــــة
الخاتم السادس: فنُّ حفظِ اللسان: يروي المؤرخون أن خالد بن يزيد بن معاوية وقع يوماً في عبد الله بن الزبير عدو بني أمية اللدود، وأقبل يصفه بالبخل، وكانت زوجته رملة بنت الزبير أخت عبد الله جالسة، فأطرقت ولم تتكلم بكلمة، فقال لها خالد: مالك لا تتكلمين؟! أرضىً بما قلتُه، أم تنزهاً عن جوابي؟! فقالت: لا هذا ولا ذاك !، ولكن المرأة لم تخلق للدخول بين الرجال، إنما نحن رياحين للشم والضم، فما لنا وللدخول بينكم؟! فأعجبه قولها وقبّلها بين عينيها.
حكمــــــة
نهى الرسول صلى الله عليه وسلم نهياً جازماً عن نشر أسرار العلاقة ما بين الزوجين، روى أحمد بن حنبل عن أسماء بنت يزيد: أنها كانت عند الرسول صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود، فقال: (لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله !، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها، فأرم القوم – صمتوا ولم يجيبوا -، فقلت: إي والله يا رسول الله، إنهن ليفعلن أو إنهم ليفعلون !، فقال: (لا تفعلوا ؛ إنما ذلك الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون !). وقد فسر بعض المفسرون قوله تعالى " فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ " على أن المقصود بالحافظات: هن اللاتي يحفظن ما يجري بينهن وبين أزواجهن مما يجب كتمه ويتحتم ستره من أسرار اللقاء الجنسي.
حكمــــــة
الخاتم السابع: حاربي القلق بالصلاة: عرفتْ المسلمات الأوائل أن الصلاة صلة بين العبد وربه، وأنه أفلح فيها الخاشعون: " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ " ؛ فكنّ يقمن الليالي متبتلات خاشعات، وعرفن أن من أفضل الزاد إلى الآخرة، وما يعين على إيصال الدعوة إلى الناس هو الصلاة، التي تهب صاحبها قوة وعزيمة على مقابلة الصعاب وتخطي الشدائد، وأن قيام الليل من أفضل القربات إلى الله سبحانه وتعالى ؛ حيث يقول – جل وعلا – مخاطباً الداعية الأول صلى الله عليه وسلم: " وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً "، ويمدح من قام الليل: " كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ".
حكمــــــة
روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فإذا حبل مشدود بين ساريتين من سواري المسجد: (ما هذا الحبل) قالوا: هذا حبل لزينب إذا فترت تعلقت به، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (حُلُّوه، ليُصلِّ أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد). إذاً فلقد كانت النساء المؤمنات يشدِّدن على أنفسهن ابتغاء مرضاة الله تعالى، وقد أمرهن النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يكلفن أنفسهن طاقتهن، فخير العبادة ما دام وإن قلَّ، ونحن نعلم أن نساء العصر ملأن أوقاتهن ليلاً ونهاراً بأمور الدنيا، فلا أقل أن يركعن ركعتين في جوف الليل يغالبن فيها الشيطان، فخير الأمور أوسطها، و(هلك المتنطعون) ؛ قالها الرسول عليه الصلاة والسلام ثلاثاً.
حكمــــــة
كوني له زوجة وكوني له أماً، اجعليه يشعر أنك كل شيء في حياته وكل شيء في دنياه، اذكري دائماً أن الرجل – أي رجل- طفلٌ كبير أقل كلمة حلوة تسعده، لا تجعليه يشعر أنه بزواجه منك قد ترك بيت أهلك وأسرتك، إن هذا الشعور نفسه قد شابه هو أيضاً قد ترك بيت والديه وترك أسرته من أجلك، ولكن الفرق بينه وبينك هو الفرق بين الرجل والمرأة، المرأة تحنُّ دائماً إلى أسرتها وإلى بيتها الذي ولدت فيه ونشأت وكبرت وتعلمت، ولكن لابد لها أن تعوِّد نفسها على هذه الحياة الجديدة، لابد لها أن تكيف حياتها مع الرجل الذي أصبح لها زوجاً وراعياً وأباً لأطفالها... هذه دنياك الجديدة.
حكمــــــة
الخاتم التاسع: من لم يأنسْ بالله فلن يأنس بشيءٍ آخر: الله عز وجل أنسُ المؤمن، سلوة الطائع، وحبيب العابد، من أَنِس به أنس بالحياة، وسعد بالوجود، وتلذذ بالأيام، فقلبه مطمئن، وفؤاده مستنير، وصدره منشرح، نُقشت محبة الله في قلبه، وسكنت صفات الله في ضميره، ومثلت أسماء الله أمام عينيه، فهو يحفظ أسماءه، ويتأمل صفاته، ويستحضر في قلبه الرحمن، الرحيم، الحميد، الحليم، البر، اللطيف، المحسن، الودود، الكريم، العظيم....، فتثير أنساً بالباري وحباً للعظيم، وقرباً من العليم.
حكمــــــة
إن الشعور بقرب الله من عبده يوجب الأنس به، والسرور بعنايته، والفرح برعايته: " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان ". إن الأنس بالله لا يأتي بلا سبب، ولا يحصل بلا تعب، بل هو ثمرة للطاعة، ونتيجة للمحبة، فمن أطاع الله وامتثل أمره واجتنب نهيه وصدق في محبته، وجد للأنس طعماً، وللقرب لذةً، وللمناجاة سعادة.
حكمــــــة
الخاتم العاشر: ذات النطاقين تعيش حياتين: ضربت أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين مثلاً حياً ونموذجاً طيباً في الصبر على شظف العيش والحرمان الشديد، والحرص على طاعة الزوج، والتحري في مرضاته ؛ فقد جاء في الحديث الصحيح قولها: (تزوجني الزبير وما له شيء غير فرسه فكنت أسوسه وأعلفه، وأدق لناضحه النوى، وأستقي، وأعجن، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر، فدعاني الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: (اخ.اخ، ليحملني خلفه، فاستحيت وذكرت الزبير وغيرته، قالت: فمضى، فلما أتيت، أخبرت الزبير فقال: والله لحملك النوى كان أشد عليَّ من ركوبك معه !، قالت: حتى أرسل إليَّ أبو بكر بعد بخادم، فكفتني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني). وبعد هذا الصبر كله، كانت العاقبة أن انصبت عليها وعلى زوجها النعم ولكنها لم تبطر بالغنى، بل كانت سخية كريمة لا تدخر شيئاً لغد، وكانت إذا مرضت تنتظر حتى تنشط فتعتق كل مملوك لها، وتقول لبناتها ولأهلها: أنفقوا وتصدقوا ولا تنتظروا الفضل.
حكمــــــة
الفريدة الأولى: مَنْ أحبُّ حبيب؟: أحبيه أكثر من كل الناس...! هل راجعت نفسك وسألتها كم تحبين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل تعلمين أن مصداق هذا الحب هو فعل كل ما يأمر به النبي الذي تحبينه وهجر كل ما ينهاك عنه؟، أعيدي النظر في عواطفك ووجهي عواطف الحب – أولاً – إلى الله سبحانه، ثم إلى من أنقذنا الله به من الضلال، وتذكري إذا أردت أن تكون مكانتك في الجنة عالية حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (المرء مع من أحب)، ولكن من أولى دلائل الحب ومظاهره فعل ما أمر به صلى الله عليه وسلم، فكيف لأحد أن يزعم أنه يحبه وهو يعمل بغير ما أمر ولا يتبع سنته ولا يقتدي بهديه؟! تناولي سيرته واقرئي فيها، وانظري كيف كانت أخلاقه العظيمة وحديثه الطيب وسماحته الندية وخشيته لله وزهده في الدنيا، وغيري من أخلاقك لتكون مشابهةً لأخلاقه صلى الله عليه وسلم.
حكمــــــة
الفريدة الثانية: السعادة لا تتعلق بالغنى والفقر: قال برناردشو: (لا أستطيع القول بأنني ذقت الفقر حقاً، فقبل أن أستطيع كسب شيء بقلمي كنت أملك مكتبة عظيمة هي المكتبة العامة في المتحف البريطاني، وكان لديّ أكمل معرض للوحات الفنية قرب ميدان ترافالجار.. وماذا كنت أستطيع أن أعمل بالمال؟.. أدخن السيجار؟ إنني لا أدخن، أشرب الشمبانيا؟ إنني لا أشرب، أشتري ثلاثين بذلة من آخر طراز؟إذن لأسرع بدعوتي للعشاء في قصورهم، أولئك الذين أتحاشى رؤيتهم قدر ما أستطيع، أشتري خيلاً؟ إنها خطرة... سيارات؟ إنها تضايقني...، والآن ولديّ من المال ما أستطيع أن أشتري به هذه الأشياء كلها فإنني لا أشتري إلا ما كنت أشتريه أيام كنت فقيراً، وإن سعادتي هي في الأشياء التي كانت تسعدني وأنا فقير: كتاب أقرؤه، ولوحة أتمعن فيها، وفكرة أكتبها، من ناحية أخرى فإن لدي خيالاً خصباً، لا أذكر أنني احتجت شيئاً أكثر من أن أستلقي وأغلق عينيّ لأتصور نفسي كما أحب، وأفعل في الخيال ما أريد، وإذن ففيم كان ينفعني الترف التعيس الذي يزخر به شارع بوند؟
حكمــــــة
الفريدة الثالثة: أليس الله أولى بالشكر من غيره؟: شكر الله عز وجل هو أجمل وأسهل وصفة للسعادة ولراحة الأعصاب، لأنك حين تشكرين ربك سبحانه وتعالى تستحضرين أنعمه عليك فتحسين بمقدار النعم التي ترفلين فيها، وقد كان أحد السلف الصالح يقول: (إذا أردت أن تعرف نعمة الله عليك فأغمض عينيك)، فانظري إلى نِعم الله عليك من سمع وبصر وعقل ودين وذرية ورزق ومتاع حسن، فإنَّ بعض النساء تحتقر ما عندها من النِعم، لكنها لو نظرتْ إلى ما سواها من الفقيرات والمسكينات والبائسات والمريضات والمشرَّدات والمنكوبات، لحمِدَت الله عز وجل ما عندها من النعم، ولو كانت في بيت شعرٍ، أو في كوخٍ من طين، أو تحت شجرةٍ في الصحراء، فاحمدي الله على هذه النِعم، وقارني بينك وبين اللواتي أُصِبْن في أجسامهن، أو عقولهن، أو أسماعهن، أو أبنائهن، وهن كثيرات في العالم.
حكمــــــة
الفريدة الرابعة: السعيدة تُسعد من حولها: يقول أوريزون سويت: قد كان من حسن حظ نابليون أنه تزوج الإمبراطورة (جوزفين) قبل أن يتولى القيادة العليا ويواجه تحديات الفتوح، فإن أساليبها اللطيفة وشخصيتها الحلوة، كانت أقوى من إخلاص عشرات الرجال في إكسابه ولاء أشياعه، كانت تشيع السعادة من حولها، وكانت لا تستعمل الأوامر بشكل مباشر أبداً حتى مع الخدم، وقد أوضحت هي بنفسها ذلك إيضاحاً جميلاً في قولها لإحدى صديقاتها: ليس إلا موضعٌ واحدٌ أستعمل فيه كلمة (أريد) وهو حين أقول: (أريد أن يكون كل من حولي سعيداً)، والواقع يا صديقي أن اللطف ينشر السعادة فينا وفيمن حولنا حتى الجماد، فاللطف جمالٌ معنوي ليس له حدود، وهو للرجل بمثابة الجمال للمرأة، أما المرأة نفسها فإنه يجعل جمالها أضعافاً مضاعفة.
حكمــــــة
الفريدة الخامسة: اطمئني فكلُّ شيءٍ بقضاءٍ وقدر: مما يذكره (ديل كارنيجي) عوضاً عن الإيمان بالقضاء والقدر، أن الرجل يطلب من المصاب أن يتبلد أمام الأنواء، كما تتبلد قطعان الجاموس وجذوع الأشجار !!، وهو معذور فيما يصف لأنه لم يقع على الدواء الذي بين أيدينا، ولنسمع له يقول: رفضت ذات مرة أن أقبل أمراً محتماً واجهني، وكنت أحمق، فاعترضت وثرت وغضبت وحوّلت لياليَّ إلى جحيم من الأرق، وبعد عام من التعذيب النفساني امتثلت لهذا الأمر الحتم الذي كنت أعلم من البداية أنه لا سبيل إلى تغييره، وما كان أخلقني أن أردد مع الشاعر (والت هويتمان) قوله: (ما أجمل أن أواجه الظلام والأنواء والجوع). (والمصائب والمآسي واللوم والتقريع). (كما يواجهها الحيوان، وتواجهها من الأشجار الجذوع !). ولقد أمضيت اثني عشر عاماً من حياتي مع الماشية، فلم أر بقرة تبتئس لأن المرعى يحترق، أو لأنه جف لقلة الأمطار، أو لأن صديقها الثور راح يُغازل بقرة أخرى، إن الحيوان يواجه الظلام والعواصف والمجاعات هادئاً ساكناً، ولهذا قلَّ ما يصاب بانهيار عصبي أو قرحةٍ في المعدة !!
حكمــــــة
الفريدة السادسة: أمّ عمارة تتكلم !: تروي نسيبة بنت كعب (أم عمارة) عن يوم أُحُد، فتقول: خرجتُ أول النهار أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلون انحزتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمتُ أباشر القتال، وأذبُّ بالسيف، وأرمي عن القوس، حتى خلصتْ الجراح إليّ، ولما ولَّى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ابن قميئة يقول: دلوني على محمدٍ لا نجوت إن نجا، فاعترضتُ له أنا ومصعب بن عمير فضربني هذه الضربة على عاتقي، وقد ضربته على ذلك ضربات، ولكنَّ عدو الله كانت عليه درعان. هذه أم عمارة التي يقول عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما التفتُّ يميناً ولا شمالاً يوم أحد إلا وأراها تقاتل دوني.
حكمــــــة
الفريدة السابعة: الإحسان للإنسان يُذهب الأحزان: أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في كرم المرأة وفيرة ؛ إنْ بالحض على الجود والإنفاق، وإن بالمدح والثناء، وإنْ بالإيثار على النفس وسعادتها بضيافتها الأصدقاء والأحباب، فقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاةً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بقي منها؟) قالت: ما بقي منها إلا كتفها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بقي كلُّها غير كتفها). فهو عليه الصلاة والسلام يوضح لآل بيته أنَّ ما تصدقوا به بقي أجره إلى يوم القيامة، وأنَّ ما بقي في الدنيا فأكلوه لم يستفيدوا من أجره في الآخرة، وهذه لفتةٌ كريمة إلى الحض على الصدقة ابتغاء رضوان الله سبحانه وتعالى. وهذه السيدة أسماء أخت عائشة رضي الله عنهما ينصحهما النبي صلى الله عليه وسلم بالتصدق كي يزيدها الله من فضله فتقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا توكي فيوكى عليك)، وفي رواية: (أنفقي أو انفحي، أو انضحي ولا تُحصي الله عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك).
حكمــــــة
الفريدة الثامنة: حوِّلي خسائرك إلى أرباح: نصح فقال: لا تيأسي إذا تعثرت أقدامك وسقطت في حفرة واسعة، فسوف تخرجين منها وأنت أكثر تماسكاً وقوة ؛ والله مع الصابرين. لا تحزني إذا جاءك سهم قاتل من أقرب الناس إلى قلبك، فسوف تجدين من ينزع السهم ويداوي الجرح ويعيد لك الحياة والبسمة. لا تقفي كثيراً على الأطلال، خاصة إذا كانت الخفافيش قد سكنـتها، والأشباح عرفت طريقها، وابحثي عن صوت عصفور يتسلل وراء الأفق مع ضوء صباح جديد.
حكمــــــة
نصح فقال: لا تنظري إلى الأوراق التي تغير لونها، وبهتت حروفها، وتاهت سطورها بين الألم والوحشة، وسوف تكتشفين أن هذه السطور ليست أجمل ما كتبت، وأن هذه الأوراق ليست آخر ما سطرت، ويجب أن تفرقي بين من وضع سطورك في عينيه ومن ألقى بها للرياح، لم تكن هذه السطور مجرد كلام جميل عابر، ولكنها مشاعر قلب عاشها حرفاً حرفاً، ونبض إنسان حملها حلماً، واكتوى بنارها ألماً، لا تكوني مثل مالك الحزين، هذا الطائر العجيب الذي يغني أجمل ألحانه وهو ينزف، فلا شيء في الدنيا يستحق من دمك نقطة واحدة.
حكمــــــة
الفريدة التاسعة: الوفاء غالٍ فأين الأوفياء: من أعظم العارفين بالله، والمستسلمين لقضائه، والراضين بحكمه، نبي الله أيوب – عليه السلام – فقد ابتلي بضرٍ في جسده وماله وولده، حتى لم يبق من جسده مغرز إبرةٍ سليما سوى قلبه، ولم يبق له من حال الدنيا شيء يستعين به على مرضه وما هو فيه، غير أن زوجته حفظت ودّه لإيمانها بالله ورسوله، فكانت تخدم الناس بالأجرة وتطعمه وتخدمه نحواً من ثماني عشرة سنة، لا تفارقه صباحاً ولا مساء إلا بسبب خدمة الناس، ثم تعود إليه، فلما طال المطال واشتد الحال، وتم الأجل المقدر، تضرع إلى رب العالمين، وإله المرسلين، وأرحم الراحمين، وناداه: " أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ "، فعند ذلك استجاب له، وقبل دعوته، ولبى نداءه، فأمره أن يقوم من مقامه، وأن يضرب الأرض برجله، ففعل ذلك، فأنبع الله عيناً، وأمره أن يغتسل منها، فأذهب جميع ما كان في بدنه من الأذى، ثم أمره فضرب الأرض في مكان آخر فأنبع له عيناً أخرى وأمره أن يشرب منها، فأذهبت ما كان في باطنه من السوء، وتكاملت العافية ظاهراً وباطناً، وذلك كله ثمرة الصبر، ونتيجة الاحتساب، وفائدة الرضى.
حكمــــــة
الفريدة العاشرة: الجديَّة....... الجديَّة: عليك بالجدِّية في أمورك، من تربية أبناء، ومتابعة عمل نافع مفيد، وقراءةٍ راشدة، وتلاوةٍ خاشعة، وصلاةٍ مخبتة، وذكرٍ حاضر، وصدقةٍ، وترتيبِ بيت، وتنظيمِ مكتبة، لتكوني – بذلك – في جدِّ يُنهي عليك أوقات الهموم والغموم. وانظري إلى بعض الكافرات فضلاً عن المؤمنات، كيف تميزْنَ بالجدية في حياتهن مع كفرهن وانحرافهن، فهذه رئيسة وزراء إسرائيل السابقة الهالكة (غولدا مائير)، لها مذكرات وصفتْ فيها جديتها وتنظيمها للجيش وموقفها في الحروب مع العرب، حتى إنه لم يفعل فعلها أحدٌ من الرجال من بني جنسها إلا القليل، وهي كافرة عدوة لله.
حكمــــــة
المرجانة الأولى: قفي وقفةً شجاعةً مع النفس: سلي نفسك هذه الأسئلة وأجيبي جواب العاقلة المتزنة: هل تعلمين أنك ستسافرين سفراً بلا رجعة؟.. فهل أعددت العدة لهذا السفر؟هل تزودت من هذه الدنيا الفانية بالأعمال الصالحة لتؤنس وحشتك في القبر؟ كم عمرك؟ وكم ستعيشين؟ ألا تعلمين أن لكل بداية نهاية وأن النهاية جنة أو نار؟ هل تخيلت عندما تنزل الملائكة من السماء لقبض روحك وأنت غافلة لاهية؟ هل تخيلت ذلك اليوم والساعة الأخيرة في حياتك، ساعة فراق الأهل والأولاد، فراق الأحباب والأصحاب؟ إنه الموت بسكراته وشدة نزعه وكرباته، إنه الموت.. إنه الموت...!! وبعد فراق روحك من جسدك يذهب بك إلى مغسلة الأموات فتغسَّلين وتكفنين، ويذهب بك إلى المسجد ليصلَّى عليك، وبعد ذلك تُحملين على أكتاف الرجال... إلى أين؟ إلى القبر، إلى أول منازل الآخرة، إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار؟
حكمــــــة
المرجانة الثانية: احذري !: احذري التشبه بالكافرات والفاجرات، أو الرجال، ففي الحديث: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال). واحذري كل ما يغضب الرب سبحانه وتعالى، مما ورد النهي عنه في الأحاديث الشريفة: مثل الترجُّل، أو الخلوِ بالرجل الأجنبي، أو السفرِ مع غير ذي محرم، أو أن تُسقط المرأة حياءها، وتخلع جلبابها، وتنسى ربها، فهذه كلها من الأفعال المشينة التي تورث القلب انعقاداً، والصدرَ ضيقاً وظلمةً في الدنيا والآخرة، وهذا مما اشتهر وأصبح شائعاً بين المسلمات، إلا من رحم الله عز وجل.
حكمــــــة
المرجانة الثالثة: شكر المحسن واجبٌ: كانت (الخيزران) جارية اشتراها الخليفة المهدي من النخاس، واعتقها وتزوجها وأنفذ أمرها وعقد لوالديها بولاية العهد، فكانت إذا غضبت تقول له في وجهه: (ما رأيت منك خيراً قط) ! وكانت (البرمكيَّة)جارية مثلها، تباع وتشترى، فاشتراها المعتمد ابن عباد ملك المغرب فأعتقها وجعلها ملكة، وحين رأت الجواري يلعبن في الطين حنَّت لماضيها، فاشتهت أن تلعب في الطين مثلهن فأمر أن يوضع لها طيب لا يحصى على شكل طين، فخاضت فيه ولعبت فكانت إذا غضبت منه قالت له: (إني لم أر منك خيراً قط)، فيتبسم ويقول لها: ولا يوم الطين؟! فتخجل !..
حكمــــــة
فطبيعة النساء – إلا ما قل – هي نسيان ما عملت لهن عند أي سهو أو تقصير، وقد ورد في الحديث الشريف: (يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار، قلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تسرعن اللعن وتكثرن الطعن، وتكفرن العشير). وقال صلى الله عليه وسلم: (أُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء، لأنهن يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط) فإذا عرف الإنسان طبيعة المرأة فإنه لا يغضب ولا يقلق ولا تتوتر أعصابه إذ تنكرت له أحياناً وزعمت أنها لم تر منه أي خير مع أنه قد فعل لها الكثير.
حكمــــــة
المرجانة الرابعة: الروح أولى بالعناية من الجسم: أمر عمر بن عبد العزيز وهو في خلافته رجلاً أن يشتري له كساء بثمانية دراهم، فاشتراه له وأتاه به، فوضع عمر يده عليه وقال: ما ألينه وأحسنه !، فتبسم الرجل الذي أحضره، فسأله عمر: لماذا تبسمت؟ فقال: لأنك يا أمير المؤمنين أمرتني قبل أن تصل إليك الخلافة أن أشتري لك مطرف خزّ فشريته لك بألف درهم، فوضعت يدك عليه فقلت: ما أخشنه !، وأنت اليوم تستلين كساءً بثمانية دراهم؟ فقال عمر: ما أحسب رجلاً يبتاع كساء بألف درهم يخاف الله، ثم قال: يا هذا، إن لي نفساً توَّاقة للمعالي، فكلما حصلتُ على مكانةٍ طلبت أعلى منها، حصلتُ على الإمارة فتقت إلى الخلافة، وحصلت على الخلافة فتاقت نفسي إلى ما هو أكبر من ذلك، وهي الجنة.
حكمــــــة
المرجانة الخامسة: اشتغلي بالحاضر عن الماضي والمستقبل: ما قيمة لطم الخدود، وشقِّ الجيوب على حظِّ فات أو غُرمٍ ناب؟ ما قيمة أن ينجذب المرء بأفكاره ومشاعره إلى حدثٍ طواه الزمن ليزيد ألمه حرقةً وقلبه لذعاً؟! لو أن أيدينا يمكنها أن تمتد إلى الماضي لتمسك حوادثه المدبرة، فتغير منها ما تكره، وتحورها على ما تحب ؛ لكانت العودة إلى الماضي واجبة، ولهرعنا جميعاً إليه، نمحو ما ندمنا على فعله، ونضاعف ما قلّت أنصبتنا منه، أما وذلك مستحيل، فخير لنا أن نكرّس الجهود لما نستأنف من أيام وليالٍ، ففيها وحدها العوض. وهذا ما نبّه إليه القرآن الكريم بعد (أحد) ؛ قال للباكين على القتلى، النادمين على الخروج للميدان: " قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ".
حكمــــــة
المرجانة السادسة:المصائب كنوز الرغائب: عن أم العلاء رضي الله عنها قالت: (عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضة فقال: أبشري يا أم العلاء، فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الفضة). وليس معنى ذلك أن نربي جراثيم الأمراض في أجسامنا ونترك التداوي بحجة أن المرض يحط الخطايا والذنوب، وإنما على العبد أن يطلب الشفاء ويلتمس الدواء، مع الصبر على الأمراض واحتساب الآلام عند الله عز وجل، والنظر إليها على أنها رصيد من الحسنات تدخر في صحيفته، وهو ما تعلمه لنا تلك المرأة الصالحة.
حكمــــــة
على المرأة أن تصبر على فقدان الأحبة من زوج وولد، وفي الحديث: (إن الله لا يرضى لعبده المؤمن، إذا ذهب بصفيه من أهل الأرض فصبر واحتسب، بثواب دون الجنة). وإذا كانت المرأة قد فقدت زوجها، فإن الله عز وجل قد استرد عبده، وهو أولى به، فإذا قالت المرأة: زوجي أو ولدي !، قال الخالق الموجد: عبدي، وأنا أولى به وأحق قبل غيري، فالزوج عاريَّة، والولد عاريَّة، والأخ عاريَّة، والأب عاريَّة، والزوجة عاريَّة.
حكمــــــة
المرجانة السابعة:ارحمي من في الأرض يرحمك من في السماء: تظهر رحمة الأم ببنيها في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واضحةً جليةً، فهي مثال العطف والحنان، ونبع الشفقة والرأفة، خلقها الله سبحانه وتعالى ينبوعاً يفيض على أبنائها بالحب، ويؤثرهم بالرفد والعطاء، فقد جعلها النبي صلى الله عليه وسلم صورة حية، ينفذ منها إلى توضيح رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، فقد روى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسبْي، فإذا امرأة من السبي تسعى، إذ وجدت صبياً في السبي، فألزقته ببطنها، فأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟)، قلنا: لا والله، فقال (لله أرحم بعباده من هذه بولدها) فهذه امرأة وقعت في ذل الأسر، حزينة كاسفة البال، كانت سيدة في أهلها وعشيرتها، حرة في كنف رجال قبيلتها، مطاعة في بيت زوجها، فجعلها الأسر أمَةً مملوكةً وجاريةً مأمورةً، حالة نفسية صعبة يذهل الإنسان بها عما حوله، ويعتصر الألم قلبه، ولكن هذا كله لم يُلهها عن ابنها وفلذة كبدها، فقد بحثت عنه جاهدة حتى رأته، فاحتضنته راغبة، وألقمته ثديها حانية، وضمته إلى صدرها بين ذراعيها مشفقة، امرأة كهذه لا تسلِّم ابنها إلى مكروه مهما صغُر، وتدفع عنه الأذى مهما حقر، وتفديه بنفسها من كل ضر.
حكمــــــة
المرجانة الثامنة:الدنيا الجميلة لا يراها إلا المتفائلون: إذا أغلق الشتاء أبواب بيتك، وحاصرتك تلال الجليد من كل مكان، فانتظري قدوم الربيع وافتحي نوافذك لنسمات الهواء النقي، وانظري بعيداً فسوف ترين أسراب الطيور وقد عادت تغني، وسوف ترين الشمس وهي تلقي خيوطها الذهبية فوق أغصان الشجر لتصنع لك عمراً جديداً، وحلماً جديداً، وقلباً جديداً. لا تسافري إلى الصحراء بحثاً عن الأشجار الجميلة فلن تجدي في الصحراء غير الوحشة، وانظري إلى مئات الأشجار التي تحتويك بظلها، وتسعدك بثمارها، وتشجيك بأغانيها.
حكمــــــة
لا تحاولي أن تعيدي حساب الأمس، وما خسرت فيه، فالعمر حينما تسقط أوراقه لن تعود مرة أخرى، ولكن مع كل ربيع جديد سوف تنبت أوراق أخرى، فانظري إلى الأوراق التي تغطي وجه السماء ودعيك مما سقط على الأرض، فقد صار جزءاً منها. إذا كان الأمس ضاع، فبين يديك اليوم، وإذا كان اليوم سوف يجمع أوراقه ويرحل فلديك الغد، لا تحزني على الأمس فهو لن يعود، ولا تأسفي على اليوم، فهو راحل، واحلمي بشمسٍ مضيئةٍ في غدٍ جميل.
حكمــــــة
المرجانة التاسعة:تعرفي على الله في الرخاء يعرفك في الشدة: عندما أحس يونس بالضيق في بطن الحوت، في تلك الظلمات الهائلة، ظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل، وضاق صدره، واعتلج همه، وعظم كربه، فزع إلى الله تعالى، إلى غياث الملهوف، وملجأ المكروب، وواسع الرحمة، وقابل التوبة، وانطلق لسانه بكلمات كأنهن الياقوت والمرجان " فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ "، وتأتي الاستجابة السريعة، حيث قال تعالى: " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ". فأوحى الله إلى الحوت، أن يلقي يونس بالعراء، فخرج على الشاطئ سقيماً هزيلاً مدنفاً عليلاً، فتلقته عناية الله، وحفت به رحمته، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين – وهو نبات لا ساق له وله ورق عريض – ودبت إليه العافية، وظهرت فيه تباشير الحياة، وكذا من تعرف على الله في الرخاء يعرفه في الشدة.
حكمــــــة
المرجانة العاشرة:صاحبةُ أغلى مهرٍ في العالم: تقدم أبو طلحة للزواج من أم سليم بنت ملحان، وعرض عليها مهراً غالياً، إلا أن المفاجأة أذهلته وعلقت لسانه، عندما رفضت أم سليم كل ذلك بعزة وكبرياء وهي تقول: إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركاً، أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها عبد آل فلان، وأنكم لو أشعلتم فيها ناراً لاحترقت !. فأحس أبو طلحة بضيق شديد فانصرف وهو لا يكاد يصدق ما يرى ويسمع، ولكن حبه الصادق جعله يعود في اليوم التالي يمنيها بمهر أكبر وعيشة رغيدة عساها تلين وتقبل، فقالت بأدب جم: (ما مثلك يرد يا أبا طلحة، ولكنك امرؤ كافر، وأنا امرأة مسلمة لا تصلح لي أن أتزوجك فقال: ما ذاك دهرك: قالت: وما دهري؟ قال: الصفراء والبيضاء. قالت: فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء، أريد منك الإسلام، قال: فمن لي بذلك؟ قالت: لك بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق يريد النبي وهو جالس في أصحابه، فلما رآه قال: (جاءكم أبو طلحة غرة الإسلام في عينيه) فجاء فأخبر النبي بما قالت أم سليم فتزوجها على ذلك. إن هذه المرأة مثلٌ عالٍ لكل من تنشد المجد وتسعى للفضيلة.
حكمــــــة
الألماسة الأولى: مفاتيح الظفر: مفتاح العز: طاعة الله ورسوله. مفتاح الرزق: السعي مع الاستغفار والتقوى. مفتاح الجنة: التوحيد. مفتاح الإيمان: التفكر في آيات الله ومخلوقاته. مفتاح البر: الصدق. مفتاح حياة القلب: تدبر القرآن، والتضرع في الأسحار، وترك الذنوب. مفتاح العلم: حسن السؤال وحسن الإصغاء. مفتاح النصر والظفر: الصبر. مفتاح الفلاح: التقوى. مفتاح المزيد: الشكر. مفتاح الرغبة في الآخرة: الزهد في الدنيا. مفتاح الإجابة: الدعاء.
حكمــــــة
الألماسة الثانية: بعد المعاناة لذة انتصار: في خطاب زوجة لأمها بعد شهر العسل كتبت تقول: أمي.. عدت اليوم إلى بيتي إلى عشنا الصغير الذي أعده زوجي، بعد أن أمضينا شهر العسل.. كنت أتمنى أن تكوني قريبة مني يا أمي.. لأحكي لك كل شيء عن تجربتي في حياتي الجديدة مع زوجي، إنه رجل طيب وهو يحبني، وأنا أيضاً أحبه، إنني أفعل كل ما في وسعي لإرضائه... تأكدي يا أمي أنني أحفظ كل نصائحك وأعمل بكل ما أوصيتني به، ما زلت أذكر كل كلمة.. كل حرف قلتِهِ لي وهمست به في أذني وأنت تحتضنينني وتضمينني إلى صدرك الحنون ليلة زفافي. إنني أرى الحياة من خلال نظرتك أنت إليها... إنك مثلي الأعلى.. ولا هدف لي سوى أن أصنع ما صنعته أنت بأبي الطيب وبنا نحن أبناؤك، لقد أعطيتنا كل حبك وحنانك.. علمتنا معنى الحياة وكيف نعيشها.. وصنعت بيدك بذور الحب في قلوبنا. إنني أسمع المفتاح يدور في قفل الباب لابد أنه زوجي، إنه يريد أن يقرأ رسالتي لك، يريد أن يعرف ماذا أكتب لأمي؟ يريد أن يشاركني هذه اللحظات السعيدة التي أقضيها معك بروحي وفكري.. إنه يطلب مني أن أترك له القلم وأفسح له مكاناً يكتب لك، أقبلك يا أمي وأقبل أبي وإخوتي وإلى اللقاء.
حكمــــــة
الألماسة الثالثة: القلق يعذب الذهن والجسم: من أسوأ مميزات القلق أنه يبدد القدرة على التركيز الذهني، فعندما نقلق تتشتت أذهاننا، ولكن عندما نقصر أنفسنا على مواجهة أسوأ الاحتمالات، فإننا بذلك نضع أنفسنا في موقف يسعنا فيه أن نركز أذهاننا في صميم المشكلة. ليس في استطاعتنا أن نتحمس لعمل مثير، ونحس بالقلق في الوقت نفسه، فإن واحداً من هذين الإحساسين يطرد الآخر.إذا أحسستِ بأنه سيعتوركِ القلق على الحاضر، فعودي بذاكرتك إلى أسوأ حالة من حالات القلق تعرضت لها في الماضي، وبذلك تطوق العقل قبضتان مختلفتان بدلاً من قبضة واحدة، وستتغلب القبضة الأقوى التي وقعت في الماضي على قبضة الحاضر الأقل شدةً وقوةً، وسيقول المرء إذ ذاك: ما من شيء يمكن أن يكون أسوأ من أزمة الماضي ومع ذلك فقد اجتزتها بنجاح، فإذا كنتِ قد تخطيتِ تلك الأزمة ومررت منها بسلام، فما أقلَّ موقف اليومِ في مشقته وخطره.إن القلق يكون أقرب إلى الاستحواذ عليكِ لا في أوقات عملك، وإنما في وقت فراغك من العمل، فالخيال إذ ذاك يجمع ويقلب كل صنوف الاحتمالات، وعلاج ذلك هو أن تنشغلي بعمل جاد.
حكمــــــة
الألماسة الخامسة:القوة في القلب لا في الجسم: هذه امرأة نصرانية لم تكن تعلم من شئون الحياة إلا الفقر والجوع والمرض، فقد مات زوجها بعد وقت قصير من قرانهما، وهجرها زوجها الثاني هارباً مع امرأة أخرى، ثم وُجِدَ بعدُ ميتاً في منزل حقير، وكان لها ولد واحد.. لكنها ألفت نفسها مدفوعة بالفاقة والمرض إلى التخلي عنه حين بلغ الرابعة من عمره. وقد وقعت نقطة التحول في حياتها بينما كانت تجوب طرقات البلدة ذات يوم إذ زلت قدمها فسقطت على الأرض المكسوَّة بالجليد، ثم ذهبت في إغماء طويل، وأصيبت من جراء سقطتها هذه بإصابة بالغة في عمودها الفقري، وتوقع لها الأطباء إما الموت العاجل، وإما الشلل التام طول حياتها...وبينما المرأة راقدة في فراش المرض فتحت الكتاب المقدّس، وألهمتها العناية الإلهية -كما عبرت هي - أن تقرأ هذه الكلمات من إنجيل متى: (وإذا مفلوج يقدمونه إليه – تعني عيسى عليه السلام – مطروحاً على فراش، حينئذ قال للمفلوج: قم، احمل فراشك واذهب إلى بيتك، فنهض وغادر المكان).أمدتها هذه الكلمات بقوة إيمان وفورة داخلية، حتى إنها نهضت من الفراش وتمشت في الغرفة !!، ومهدت هذه التجربة الطريق للسيدة المشلولة كي تعالج نفسها وتسوق العافية للآخرين.قال ديل (كارنيجي) (تلك هي التجربة التي مكنت (ماري بيكر إيدي) من أن تصبح مبشرة بدين جديد، لعله الدين الوحيد الذي بشرت به امرأة !).وأنت أيتها المسلمة ماذا فعلتِ؟
حكمــــــة
الألماسة السادسة: المرأة العظيمة تجعل من جحيم المصائب جنةً: ضربت لنا الصحابية الجليلة أم سُليم امرأة أبي طلحة – رضي الله عنهما – مثلاً رائعاً في الصبر على فقدان الولد، فعوضها الله سبحانه وتعالى خيراً. عن أنس رضي الله عنه قال: كان ابن لأبي طلحة رضي الله عنه يشتكي، فخرج أبو طلحة، فقُبض الصبي، فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني؟، قالت أم سُليم وهي أم الصبي: هو أسكن ما كان !.. فقربت إليه العشاء فتعشى، ثم أصاب منها، فلما فرغ قالت: واروا الصبي، فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: (أعرستم الليلة؟ قال: نعم، قال: اللهم بارك لهما، فولدت غلاماً، فقال لي أبو طلحة: احمله حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم وبعث معه بتمرات، فقال صلى الله عليه وسلم أمعه شيء؟ قال: نعم، تمرات، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها، ثم أخذها من فيه فجعلها في فيِّ الصبي، ثم حنَّكه وسماه عبد الله).
حكمــــــة
الألماسة السابعة: اصبري لتظفري: ورد عن أم الربيع بنت البراء، وهي أم حارثة بن سراقة الذي قتل في بدر أنها أتت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ترجو أن تسمع منه عن ابنها الشهيد ما يثلج صدرها فقالت: يا رسول الله ألا تحدثني عن حارثة؟، فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، فقال: (يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى). إن فقدان الولد أمر عظيم يمزق القلب، ويقطع الأحشاء، ويفتت الكبد، وهذه المرأة تسأل النبي صلى الله عليه وسلم إن كان في الجنة فسوف تلقاه إن شاء الله، وصبرها على فراقه رفعٌ لدرجتها ودرجته في الجنة، وإن لم يكن كذلك لتبكينّه بحرقة من يفقد العزيز إلى الأبد، وهذا ما تستطيعه، وجل ما تقدر عليه، إنها الأم الثكلى، والراحمة العطوف، والصابرة المحتسبة.
حكمــــــة
الألماسة الثامنة: ليس لنا في الأزمات إلا الله وحده: إذا حلَّ الهم، وخيَّم الغم، واشتد الكرب، وعظم الخطب، وضاقت السبل، وبارت الحيل، نادى المنادي: يا الله... يا الله: (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم)، فيفرّج الهم، ويُنفّس الكرب، ويُذلل الصعب: " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ "،]وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ[. إذا اشتد المرض بالمريض، وضعف جسمه، وشحب لونه، وقلّت حيلته، وضعفت وسيلته، وعجز الطبيب، وحار المداوي، وجزعت النفس، ورجفت اليد، ووجف القلب، انطرح المريض، واتجه العليل إلى العلي الجليل، ونادى: يا الله... يا الله، فزال الداء، ودبَّ الشفاء، وسُمع الدعاء: " وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ".
حكمــــــة
الألماسة التاسعة: أمّن يجيب المضطر إذا دعاه: من كرم الباري – جل َّ وعلا – أنه لا يخيب من رجاه، ولا يضيع من دعاه، وبقدر حاجة الإنسان إليه وانطراحه بين يديه ولجوئه إليه، بقدر ما تكون الإجابة ويأتي الفرج، ويُستجاب الدعاء، بل إن من كرمه أنه يجيب دعوات أناس غير مسلمين في حالة اضطرارهم إليه، وانطراحهم بين يديه، وثقتهم في لطفه، وطمعهم في كرمه، فهو يجيب نداءهم، ويكشف ضرهم كرماً منه، وتحبيباً لهم، لعلهم يؤمنون، ولكن كثيراً من الناس يتناسون الفضل، ويتنكرون للجميل، ويكفرون المعروف، قال تعالى: " فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ".ولقد امتن الله تعالى على العباد بأنه هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، وأن ذلك دليل من دلائل الألوهية، وبرهان من براهين الوحدانية، ولكن الناس قليلاً ما يتذكرون: " أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ".
حكمــــــة
الألماسة العاشرة: ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه: من عيون أخبار أم البنين بنت عبد العزيز – أخت عمر بن عبد العزيز – مع الكرم أنها كانت تدعو النساء إلى بيتها، وتكسوهن الثياب الحسنة، وتعطيهن الدنانير، وتقول: الكسوة لكُنَّ، والدنانير اقسمنها بين فقرائكن – تريد بذلك أن تعلّمهن وتعوِّدهن على البذل والجود – وأثر عنها أنها كانت تقول: أفٍّ للبخل، والله لو كان ثوباً ما لبسته، ولو كان طريقاً ما سلكته. ومن أقوالهم المأثورة في الكرم: جُعل لكل قوم نهمة في شيء، وجعلت نهمتي في البذل والإعطاء، والله للصلة والمواساة أحبُّ إليّ من الطعام الطيب على الجوع، ومن الشراب البارد على الظمأ.ولشدة حرصها على الإنفاق، ووضع المال في مواضعه، واصطناع آيات المعروف كانت- رحمها الله -تقول: ما حسدت أحداً قط على شيء إلا أن يكون ذا معروف، فإني كنت أحب أن أشركه في ذلك.هذه أم البنين، وهذه أقوالها وأفعالها، فأين شبيهات أم البنين؟!
حكمــــــة
الجمانة الأولى: أنت مسلمةٌ لا شرقيةٌ ولا غربيةٌ: هذه موعظة من امرأة ألمانية مسلمة: لا تنخدعْن بالغرب في أفكاره وموضاته، فهذا كله خدعة يستدرجوننا بها ليبعدونا عن ديننا تدريجياً ليستولوا على أموالنا.الإسلام وأنظمته الأسرية هو الذي يوافق المرأة: لأن من طبيعتها أن تستقر في البيت،ولعلكم تسألون لِمَ؟لأن الله خلق الرجل أقوى من المرأة في تحمله وعقله وقوته الجسدية، وخلق المرأة عاطفيةً جياشةَ الشعور، لا تملك الطاقة الجسدية التي هي للرجل.وهي إلى حد ما متقلبةُ المزاج عنه، لذلك فالمنزل سكن لها، والمرأة المحبة لزوجها وأولادها لا تترك منزلها من غير سبب ولا تختلط بالرجال إطلاقاً.إن 99 % من الإناث في الغرب لم يصلْن إلى ما وصلن إليه من انحدار إلا بعد أن بعْن أنفسهن، فلا خوف في قلوبهن لله.وخروج المرأة في العالم الغربي بهذا الشكل المكثف جعل الرجل يمارس دور المرأة، فقعد في البيت يغسل الصحون، ويسكت الأطفال، ويشرب الخمر، وأنا أعلم أن الإسلام لا يمانع في معاونة الرجل لزوجته في البيت، بل يرغب في ذلك، ولكن ليس إلى الحد الذي تنقلب فيه الأدوار.
حكمــــــة
الجمانة الثانية: انسَيْ همومك وانغمسي في العمل: إذا قمتِ بما يجب لعلاج مشكلة ما، فانشغلي عنها بالهواية أو القراءة أو العمل، فإن (الشغل) هنا يحل مكان القلق، فما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، ولنفترض الآن أن المشكلة هي مرض (الطفل)، فهنا يقوم الوالد (الأب أو الأم) بكل ما يجب من علاج بدقة، ثم يصرف وقته لما يشغله وينفعه. ويحسن بالإنسان وهو في غمار المشكلة الحاضرة أن يتذكر ما مر به في ماضيه من مشكلات عويصة، وخاصة تلك المشكلات الكبيرة التي هي أخطر من مشكلته الآن، وكيف وفقه الله إلى حلها بحيث لم تعد ذكراها تـثير فيه غير الابتسام والشعور بالثقة في النفس، إن الإنسان إذا تذكر ذلك يحس أن مشكلة اليوم مثل غيرها ستمر وتحل – بإذن الله – وتصبح في خبر كان. وليتلمس الإنسان الجوانب الإيجابية في مشكلته، وأنها من المؤكد أن تكون أشد وأكثر سلبية، ولابن الجوزي هنا كلام نافع يقول: (من نزلت به بلية فليتصورها أكثر مما هي عليه تهن، وليتخيل ثوابها، وليتوهم نزول أعظم منها ير الربح في الاقتصار، وليتلمح سرعة زوالها فإنه لولا كرب الشدة ما رُجيت ساعات الراحة).
حكمــــــة
الجمانة الثالثة: نقاط تساعدكِ على السعادة: الحرص والطمع مهلكان، وعلاجهما من دواء مركب كما يلي:الاقتصاد في المعيشة والرفق في الإنفاق، فمن اتسع إنفاقه لم تمكنه القناعة، بل ركبه الحصر والطمع، فالاقتصاد في المعيشة هو الأصل في القناعة، وفي الخبر: (التدبير نصف المعيشة). أن لا تكوني شديدة القلق لأجل المستقبل، واستعيني على ذلك بقصر الأمل، وبالإيمان بأن الرزق الذي قدر لك لابد أن يأتيك. تقوى الله، فإن الله عز وجل يقول: " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ". معرفة ما في القناعة من عز الاستغناء، وما في الحرص والطمع من الذل، والاعتبار بذلك. أكثري من تأملك في أحوال الأنبياء والصالحين وقناعتهم وتواضع معيشتهم، ورغبتهم في الباقيات الصالحات فاجعليهم قدوة لك. انظري لمن هو دونك في أمور الدنيا.
حكمــــــة
الجمانة الرابعة: صِلي حبلك بالله إذا انقطعت الحبال: إن العمل الصالح مع الإيمان جزاؤه حياة طيبة في الأرض، لا يهم أن تكون هذه الحياة ناعمةً رغدةً ثرية بالمال، فقد تكون به وقد لا يكون معها. لكن في الحياة أشياء كثيرة غير المال الكثير تطيب بها الحياة، في حدود الكفاية فيها، ومن ذلك:الاتصال بالله، والثقة به، والاطمئنان إلى رعايته ورضاه، ومنها: الصحة والهدوء والرضا والبركة وسكن البيوت وموّدات القلوب.ومنها: الفرح بالعمل الصالح وآثاره في الضمير وآثاره في الحياة. وليس المال إلا عنصراً واحداً يكفي منه القليل حتى يتصل القلب بما هو أعظم وأزكى وأبقى عند الله.
حكمــــــة
الجمانة الخامسة: لا أحد أسعد من المؤمنين بالله: قرأت سير عشرات الأثرياء والعظماء في العالم الذين فاتهم الإيمان بالله U، فوجدت حياتهم تنتهي إلي شقاء، ومستقبلهم إلى لعنة، ومجدهم إلى خزي، أين هم الآن؟، أين ما جمعوا من الأموال وكدسوا من الثروات، وشادوا من القصور، وبنوا من الدور؟، انتهى كل شيء !.. فبعضهم انتحر، والبعض قُتل، والآخر سُجن، والبقية قُدِّموا للمحاكم، جزاءً لمعاصيهم وجرائمهم وتلاعبهم وغيهم، وصاروا أتعس الناس، عندما توهموا أن الأموال قادرة أن تشتري لهم كل شيء، السعادة، والحب، والصحة، والشباب، ثم اكتشفوا بعد ذلك أن السعادة الحقيقية والحب الحقيقي، والصحة الكاملة والشباب الحقيقي لا تُشترى بمال !.. نعم يمكنهم أن يشتروا من السوق السعادة الخيالية، والحب المزيف، والصحة الوهمية، ولكن أموال الدنيا كلها تعجز أن تشتري قلباً، أو تزرع حباً، أو تصنع هناءً. لا أحد أسعد من المؤمنين بالله ؛ لأنهم على نورٍ من ربهم، ويحاسبون أنفسهم، يفعلون ما أمر الله، يجتنبون ما حرّم الله، واسمعي وصفهم في القرآن الكريم: " مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ".
حكمــــــة
الجمانة السادسة: حياةٌ بلا بذخٍ ولا إسراف: المرأة المسلمة الصالحة تعد المائدة على قدر الحاجة، فلا يتبقى عليها من الطعام ما يوحي بإسرافها وسوء تدبيرها، وقدوتها في ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما كان يبقى على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز الشعير قليلٌ ولا كثير). ومما نهى الإسلام عنه، وعده من الإسراف في المعيشة، استعمال آنية الذهب والفضة في الطعام والشراب، فعن أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم).وفي رواية لمسلم: (إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم).والحق أن الإسلام كان حكيماً في هذا التحريم، فهذه الأمور من الفضوليات، ومن سمات المترفين، والإسلام يحب دائماً في أتباعه أن يكونوا متواضعين غير مترفين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: (إياك والتنعم فإن عباد الله ليسو بالمتنعمين)
حكمــــــة
الجمانة السابعة: عمل البر يشرح الصدر: روت عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنـتين لها، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها من النار).وهذه أم سلمة رضي الله عنها، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم في إنفاقها على بنيها فقال: هل لي أجر في بني أبي سلمة أن أنفق عليهم، ولست بتاركتهم هكذا وهكذا، إنما هم بنيَّ...؟ وتقرِّر أنها لن تتركهم قبل أن يجيبها النبي صلى الله عليه وسلم بالإيجاب، فالفطرة أجابتها قبل إجابته.إنه الإسلام يحض على المبرات، وفعل الخيرات، والعطف على الأرحام وصلتهم، وغرس الرحمة والود في المجتمع كي ينشأ الأبناء صالحين أبراراً؟
حكمــــــة
الجمانة الثامنة: الله ينجِّينا من كل كرب: إذا حلقت الطائرة في الأفق البعيد، وكانت معلقة بين السماء والأرض فأشَّر مؤشر الخلل، وظهرت دلائل العطل، فذُعر القائد، وارتبك الركاب، وضجت الأصوات، فبكى الرجال، وصاح النساء، وفُجع الأطفال، وعمَّ الرعب، وخيم الهلع، وعظم الفزع، ألحوا في النداء، وعظم الدعاء: يا الله... يا الله... يا الله، فأتى لطفه، وتنزلت رحمته، وعظمت منَّته، فهدأت القلوب، وسكنت النفوس، وهبطت الطائرة بسلام. إذا اعترض الجنينُ في بطن أمه، وعسرت ولادته، وصعبت وفادته، وأوشكت الأم على الهلاك، وأيقنت بالممات، لجأت إلى منفّس الكربات، وقاضي الحاجات، ونادت: يا الله... يا الله، فزال أنينها، وخرج جنينها.
حكمــــــة
إذا حلت بالعالم معضلة، وأشكلت عليه مسألة، فتاه عنه الصواب، وعزَّ عليه الجواب، مرَّغ أنفه بالتراب، ونادى: يا الله... يا الله، يا معلم إبراهيم علمني، يا مفهم سليمان فهمني، (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)، فيأتي التوفيق وتحل المغاليق، سبحانه ما أرحمه !
حكمــــــة
الجمانة التاسعة: إياكِ والغفلة !: إياك والغفلة، وهي الشرود عن الذكر، وترك الصلاة، والإعراضِ عن القرآن، وهجرِ المحاضرات والدروسِ النافعة، فهذه من أسباب الغفلة، ثم يقسو القلب، ويُطبع عليه، فلا يعرف معروفاً، ولا يُنكر منكراً، ولا يفقه في دين الله شيئاً، فيبقى صاحبُه قاسياً حزيناً مكدَّراً بائساً، وهذه من عواقب الغفلة في الدنيا، فكيف بالآخرة؟!. وإذن فعليك بتجنب أسباب الغفلة الآنفة، والله الله في أن يكون لسانُك رطباً من ذكر الله، تسبيحاً وتهليلاً وتكبيراً وتحميداً واستغفاراً وصلاةً على رسوله صلى الله عليه وسلم في كل وقتٍ وآن، وأنت قائمة أو قاعدة أو على جنبك، حينها تجدين السعادة تغمرك وتنهلُّ عليك، وهذا من أثر الذكر ؛ " أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ".
حكمــــــة
الجمانة العاشرة: ابتسمي للحياة: عندما تبتسمين وقلبك مليء بالهموم فإنك بذلك تخففين من معاناتكِ وتفتحين لكِ باباً نحو الانفراج... لا تترددي في أن تبتسمي، إن في داخلك طاقة مفعمة بالابتسام، فحاذري أن تكتميها ؛ لأن ذلك يعني أن تخنقي نفسكِ في زجاجة العذاب والألم، إنه ما ضرّك أن تبتسمي، وأن تتحدثي مع الآخرين بلغة الأعماق، ما أروع شفاهنا عندما تتحدث بلغة الابتسامة ! إنَّ ستيفان جزال يقول: (الابتسامة واجب اجتماعي)، وهو فيما يقول صائب ؛ لأنكِ عندما تريدين أن تخالطي الناس يجب عليك أن تحسني مخالطتهم، وأن تدركي أن الحياة الاجتماعية تتطلب منك مهارات إنسانية لابد وأن تتقنيها، ومن بين تلك المهارات كانت الابتسامة قدراً اجتماعياً مشتركاً بين الجميع، فأنتِ عندما تبتسمين في وجوه الآخرين تمنحينهم جمال الحياة، وروح التفاؤل، وتبشرينهم بأجمل ما يتمنون، لكنكِ حينما تقابلين الآخرين بوجه نُزعت الرحمة منه، إنكِ تعذبينهم بهذا المنظر، وتعكرين صفو حياتهم، فلماذا ترضين لنفسكِ أن تكوني سبباً في تعاسة حياة الآخرين؟!