من أقوال أ. وجدان العلي
حكمــــــة
قد يضيق عليه السبل؛ ليفزع إليه ويعلم أنه لا يكرم إلا هو، وقد تساقطت عنه كل الأسباب، أو ضعفت.
وهذا الضيق ينحي عنه كثيرًا من المشاهد ولا يُبقي له إلا مشهدًا واحدًا: فقره إلى ربه، ومنةَ ربه عليه، فإذا تمَّ له هذا الشهود = اتسع المضيق وتمزقت حُجُب الظُّلمة عن دهشات الرحمة وضحكات الفرح المسكونة بدمع الامتنان له سبحانه!
" وعلى الثلاثة الذين خُلِّفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحُبَتْ وضاقتْ عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم "
حكمــــــة
القاعدة الأخلاقية عندي لا تتلون: انقد بعلم بعيدًا عن الغمز واللمز فيمن يزنك ومن تعظمه علمًا وفهمًا، والإنصاف من مشكاة الصفاء، والعتب على من أدخل الصغار في أمور الكبار، وجعل غاية وكده وبذله ترديد ألفاظ بلا فقه، وتفعيل ثقافة الأذن: قالوا وقالوا!
والله العظيم والله العظيم والله العظيم: محنة العلم في دخول غير أهله فيه، وما قرف عبدٌ جرمًا أعظم من القول على الله بغير علم..والله المستعان.
حكمــــــة
القاعدة الأخلاقية عندي لا تتلون: انقد بعلم بعيدًا عن الغمز واللمز فيمن يزنك ومن تعظمه علمًا وفهمًا، والإنصاف من مشكاة الصفاء، والعتب على من أدخل الصغار في أمور الكبار، وجعل غاية وكده وبذله ترديد ألفاظ بلا فقه، وتفعيل ثقافة الأذن: قالوا وقالوا!
والله العظيم والله العظيم والله العظيم: محنة العلم في دخول غير أهله فيه، وما قرف عبدٌ جرمًا أعظم من القول على الله بغير علم..والله المستعان.
حكمــــــة
" إن مما تذكرون من جلال الله: التسبيح والتهليل والتحميد، ينعطفن حول العرش، لهنّ دويٌّ كدويِّ النحل، تُذَكِّر بصاحبها.
أمَا يحب أحدكم أن يكون له- أو لا يزال له- من يُذَكِّر به " ؟!
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.
أذكارك موصولة بالعرش، تسمو بقلبك إلى سكينة المعية، وتجعلك أبدًا في ظلال الرحمات والبركات والأنوار.
حكمــــــة
لما حضرتْ حاتمًا الطائيَّ الوفاةُ قال لابنه: أي بُنَيَّ! إني أعهد من نفسي ثلاث خصال: والله ما خاتَلْتُ جارةً لريبةٍ قطُّ، ولا اؤتمنتُ على أمانةٍ إلا أديتها، ولا أُتيَ أحد من قِبلى بسوء.
هؤلاء الذين بُعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ليجدد الله به معنى الإنسان في هذا العالم الذي شقي ببعده عن ميراث الوحي ونور الرسالة!
حكمــــــة
" كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئةٌ من عمل صالحٍ لا تعلم به زوجته ولا غيرها "
كل إنسان ستارٌ منسدلٌ على نيته..
وخبيئة الصالح النقي، كقارورة عطرٍ يحملها حريصا عليها بعيدًا عن الأعين، فإذا غشيته سكرة الموت تهاوت من يده، ففاح عبيرها في القلوب والألسنة ثناء عليه ودعاءً وحبًّا له.
وخبيئة الشارد المعرض، كزجاجة الخمر لم يزل حريصا عليها، محتفظًا بها بعيدًا عن الأعين، فإذا غشيته سكرة الموت تهاوت من يده، ففاح قبحها سوادًا في القلوب والألسنة بغضًا له، ودعاءً عليه!
تلك اللحظة المفردة الخاطفة العجلى=هي عنوان حياتنا كلها: " يومَ تُبلَى السرائرُ " فتتهاوى الأضواء والدعاوى ويبلى كل شيء فيك، إلا ما قدمت وأخرت، " فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومَن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه ".
حكمــــــة
خشية من عرفك ياربُّ =أعظم من خشية من لم يعرفك!
إنه ليرتجف أن يكون بعد كل هذه الحلاوة في القرب= تستزله خبيئة سوء وسابقة شقاء فيهوي في درك البعد والحسرة!
قام سيدي صلى الله عليه وسلم ليلًا يقول: أعوذ برضاك من سخطك! وبمعافاتك من عقوبتك! وبك منك! لا أُحصي ثناءً عليك! أنتَ كما أثنيتَ على نفسك!
وكم من سابقٍ-فيما يبدو للناس!- نبتت له أجنحة التحليق، غرَّه عمله وحجبه كبره، فهوى من معية الملأ الأعلى إلى هاوية " فاخرج منها فإنك رجيم " !
نعوذ بالله أن نكون ممن كانوا..فبانوا!
حكمــــــة
في السنة بركةٌ وكفايةٌ وغُنيَةٌ عن التكلف..وفي الأدعية المخترعةٌ أغلاط ومجانبةٌ ليسر السنة ونورها.
وبين يدي الامتحانات ينتشر دعاء مخترع أسموه دعاء المذاكرة، وفيه سؤال الله تعالى فهم النبيين! وحفظَ المرسلين! وإلهام الملائكة المقربين!
وفهم الأنبياء وحفظهم ليس لأحدٍ من البشر غيرهم، ولكن هكذا المحدثات! يثقل العبد بها على نفسه، ويدعو بما لا يعلم ضره من نفعه!
وقد كفانا الله أمرنا بأرحم الخلق، وأعلمهم بربه، وأشدهم له خشيةً وأفصحهم لسانًا، وأزكاهم نفسًا وأطهرهم قلبًا، وأحرص الناس على الخير صلى الله عليه وسلم..وفيما ثبت عنه البركة كلها والنور كله والهداية كلها والخير كله.
ومن تأمل مثلًا أذكار الصباح والمساء=علم بيقين أنها جمعت الخير كله في الدنيا والآخرة، والحمد لله على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حكمــــــة
في السنة بركةٌ وكفايةٌ وغُنيَةٌ عن التكلف..وفي الأدعية المخترعةٌ أغلاط ومجانبةٌ ليسر السنة ونورها.
وبين يدي الامتحانات ينتشر دعاء مخترع أسموه دعاء المذاكرة، وفيه سؤال الله تعالى فهم النبيين! وحفظَ المرسلين! وإلهام الملائكة المقربين!
وفهم الأنبياء وحفظهم ليس لأحدٍ من البشر غيرهم، ولكن هكذا المحدثات! يثقل العبد بها على نفسه، ويدعو بما لا يعلم ضره من نفعه!
وقد كفانا الله أمرنا بأرحم الخلق، وأعلمهم بربه، وأشدهم له خشيةً وأفصحهم لسانًا، وأزكاهم نفسًا وأطهرهم قلبًا، وأحرص الناس على الخير صلى الله عليه وسلم..وفيما ثبت عنه البركة كلها والنور كله والهداية كلها والخير كله.
ومن تأمل مثلًا أذكار الصباح والمساء=علم بيقين أنها جمعت الخير كله في الدنيا والآخرة، والحمد لله على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حكمــــــة
إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الدهر!
تلك السجايا الفريدة فيه صلى الله عليه وسلم، ومن ورائها خلقٌ عُلْويٌّ يمتد أربعين عامًا في شِعَابِ السماء، نجمًا لا تعرفه الأرض إلا بالضوء! ما استطال على أحد، ولا عُرِف بكِبر، وما تقحَّم مظلمةً، ولا قارف ريبةً، ولم تلحقه نقيصةٌ، وما أعان على أذى قطُّ، يوم كانت الاستطالة على الناس، والغارة عليهم في حُلْكَةِ الليل، والاحتكام إلى السيف=مَحْمَدَةً تُكسب المرء فَخارًا في قومه، وتُبقي اسمه خالدًا في قوافي الشعراء وحكايات السُّمَّار في الأندية والمحافل!
أفيحتكم إلى السيف من بعدُ، ويُعمله في الناس بغير حقٍّ وهو يُقيم قلوبَهم على صراط النجاة، وقريش تغلي مَراجِلُها غيظًا عليه وحُرْقَةً منه؟!
حكمــــــة
كل طريق إلى صلاح نفسك وعمارة عقلك وقلبك بالنور لا تقطعه بالقرآن= فهو طويلٌ شاقٌّ عَسِرٌ. بينما يسبق سبقًا بعيدًا ويسمو في معارج الكمال والنور، من يفتتح حياته وبناءه المعرفي والسلوكي بتزكية الوحي ونوره الإلهي.
وهذا يفسر لك سَبْق الصحابة ووثبات الهدى التي قاموا بها في ميدان الوجود بقلوبٍ مفعمةٍ بأنوار الآيات، ونفوسٍ رُبِّيتْ في ظلمات الليل على سُرُج الذكر.
وكل من وُفِّق إلى تدبر كلام رب العالمين، وجلس بين يديه بقلبه يعرضه على هداية الوحي=لابد وأن تأنس منه زيادة في العقل والفهم والخلق والسلوك، لا تأنسها من غيره، ولا تجد حرارتها فيمن انطفأت نفسه بغفلات الهجر، فَحُرِم بركة الوحي، فهو يسير متعثرا، ويقعد مقيدا، وينظر على غير بصيرة وهدى. والله المستعان.
حكمــــــة
حبيبي في ظلال همه يعتقد أن الشيطان سيتركه صافي البال مشرق اليقين في كرم ربه ورحمته، ناظرًا إلى الحياة كلها نظرة العبد اللائذ بربه، المفتقر إليه!
ويظن أنه سيخلص إليه نور البشارة وأضواء الفرح بهدايا الرب ومننه على عباده=بعيدًا عن نفث إبليس وأدخنته التي تكدر مشكاة قلبه!
يا صاحبي! هذا عمل الشيطان الذي لن يغادره قط نسجًا للباطل وإثارة لهمومك وأحزانك ومخاوفك!
فأين هو عملك في إهمال نفثه والإعراض عن ظلمات وسوسته إعراضَ الأنفة عن الوقوع في ذل الوهم، والحياء من أن يرى الله تعالى قلبك معرضا عن صدق كرمه إلى أضغاث أحلام أكذب الخلق وأشدهم له عداءً!
" الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم " !
وفي هذه الآية المباركة من معارج الجمال ومنازل السرور ما لا يعلمه إلا الله!
حكمــــــة
امتحان القلب بحسن الإغضاء وعافية العفو، ومقابلة السيئة بالحسنة=لا يظفر بالنجح فيه إلا ذو حظٍّ عظيم من الذلة لله تعالى ورجاء ما عنده، ثم بمعرفة أحوال الخلق ومسكنتهم في باب الخُلق خاصة..
ولذلك كان يقول من فقه هذه الجِبلَّة، كأبي علي الفضيل بن عياض رضي الله عنه: مَن عرَف الخَلق استراح..وإنها لراحةٌ للنفس أن لا تطالب مُعْدمًا مفلسًا بالزكاة، وهذا بابٌ نافعٌ في إعذار الخلق، والرفق بهم..
وما أطيب حياةَ من سلم منه الناس، وسلم قلبه لهم " وما يُلَقَّاها إلا الذين صبروا وما يُلَقَّاها إلا ذو حظٍّ عظيم " !
حكمــــــة
كم ضيع كثيرٌ من الخلق كنوز البر بَدَدًا، وهي أسهل ما يكون وأيسره، ولعل غفلة كثيرٍ من الناس عن أذكار الصباح والمساء= شاهدٌ مبينٌ على ذلك؛ فهي معارج علوية تعصم القلب من الشقوة، وتحفظ العبد من الضيعة، وتحشد له صنوف الخير في الدنيا والآخرة، وتجمع له أسباب العافية في النفس والدين والبدن والمال والأهل، وتغذو القلب بنورٍ لا يبلى أبدًا، في كلمات يسيرات يسردها المرء في وقتٍ يسير ضئيل. ومع هذا الخير الباذخ الشريف الذي لا يعلم قدره إلا رب العالمين، وهو ميسورٌ مبذول يستطيعه المرء بأيسر جهدٍ وأسهله=ينأى كثيرٌ من الناس- وهم الفقراء الضعفاء المساكين- عن حفظها والقيام بها، والله المستعان.
حكمــــــة
كل طريق إلى صلاح نفسك وعمارة عقلك وقلبك بالنور لا تقطعه بالقرآن= فهو طويلٌ شاقٌّ عَسِرٌ.
بينما يسبق سبقًا بعيدًا ويسمو في معارج الكمال والنور، من يفتتح حياته وبناءه المعرفي والسلوكي بتزكية الوحي ونوره الإلهي.
وهذا يفسر لك سبق الصحابة رضي الله عنهم ووثبات الحضارة التي قاموا بها في ميدان الوجود بقلوبٍ مفعمةٍ بأنوار الآيات، ونفوسٍ رُبِّيتْ في ظلمات الليل على قناديل الذكر.
وكل من وُفِّق إلى تدبر كلام رب العالمين، وجلس بين يديه بقلبه يعرضه على هداية الوحي=لابد وأن تأنس منه زيادة في العقل والفهم والخلق والسلوك، لا تأنسها من غيره، ولا تجد حرارتها فيمن انطفأت نفسه بغفلات الهجر، فَحُرِم بركة الوحي، فهو يسير متعثرا، ويقعد مُقَيَّدًا إلى عجزه وضعفه، وينظر على غير بصيرة وهدى. والله المستعان.
حكمــــــة
غايةٌ شريفةٌ، حُشِد لها من أسباب الضراعة والتوسل ما يُدهش العبد، وذلك في ضراعته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: " اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمَتِك..ناصيتي بيدِك، ماضٍ فيّ حُكْمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك، سميْتَ به نفسَك أو أنزلتَه في كتابك، أو استأثرتَ به في علم الغيبِ عندك=أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونورَ صدري وجِلاء حُزْني وذَهاب همي وغمي "..!
لماذا كل هذا النشيج المحتشد ضراعةً وتبتلا وافتقارًا وتوسلًا؟! لكي يسأل ربه تبارك اسمه أن يكون القرآن ربيع قلبه، يغسله ويرويه، ويطهره ويصفيه، ويرقى به عن أسباب الأرض، فلا يدركه هم، ولا يستقر به حزن..
ويتهيأ لتلقي أنواره تنهمر على جدار قلبه وفي أودية نفسه فتزكو تلك الزكاة التي هي شرف الإنسان وحياة الإنسان ونور الإنسان!
إذا تضلع قلبك بالقرآن ذهب عنه الهم والحزن، وشملته أنوار الوحي وبركاته!
حكمــــــة
لو كان " الواتس " في زمن الرواية =لكان غلامًا عند عبدالكريم بن أبي العوجاء في الترويج للأحاديث الموضوعة والأقوال المكذوبة!
ورحمة الله على أبي عبدالله ابن قيم الجوزية، ما أكثر ما يُكذَبَ عليه هنالك، وكأن القانون الذي يسيرون عليه يقول: اخترع أي جملةٍ، وانسبها له= تضمن رواجًا وانتشارًا!
وكفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع.
حكمــــــة
الجمال لا يقف عند حد الرؤية إلا عند من حبس نفسه في أسر الطين، وإن كثيرًا من المعاني لتبرق بجمالها في الروح قبل مرورها على ذاكرة العين.. فـ " المَلَكُ " لفظةٌ تمتد بنورها في النفس قبل الرؤية والمعاينة، و " الشيطان " مُعتم المرأى والمعنى في النفس، ولقد تصل " الروح " بصاحبها إلى المعاينة والسماع والخطاب بذلك " التعارف الغيبي " الذي به الكفاية والنور، بعيدًا عن أولئك الذين لا يثبتون الشيء إلا بطريقة بِرَيْل!
حكمــــــة
من أهم الواجبات التي ينبغي أن ينشغل الإنسان بها= نزْعُ الأقواس الوهمية التي تحول بينه وبين الناس، وتشعره، كَذِبًا، بأن له خصوصيةً ترفعه عنهم؛ لأنهم لا يشاركونه " جغرافيا الظاهر " !
لابد وأن تعي أن شجر الإجابة ينبت أعظمَ ما ينبت في محضن الإحسان، وأن انشغالَك ببناء سور الأمر والنهي الفارغيْنِ من العلم والإحسان بينك وبين الناس= وقصرَ الدعوة على الأمر والنهي=هو خللٌ في الإدراك، وجهلٌ بأصول الدعوة التي لا تعبر إلى النفوس إلا على جسر العلم والرفق والرحمة والإحسان.
حكمــــــة
" وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا "
التمسك بالقرآن عصمة من الضلال؛ فقد امتن الله على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في سياق عصمته من الضلال=بالقرآن المجيد..فاستمسك بنوره!
حكمــــــة
ذكر أبو عبدالله ابن قيم الجوزية رضي الله عنه قسمًا شريفًا من الحياء، وهو حياء النفوس الشريفة من رؤية عزيز عليهم وهو يواقع معصية أو يقترف إثمًا، كأنهم هم الذين واقعوا الذنب، فيستحيون له، ويطرقون حياءً من رؤيته!
وله في ذلك كلام طويل، لن أطيل عليك بنقله، غير أني أحب أن تتأمل في هذا المعنى الذي يشير إليه الشيخ رضي الله عنه، ثم تعود لترى من يفرح بهتك ستر أخيه، ويحب أن يكون متلبسًا بالنقائص؛ ليشمت فيه متنفسًا ببعض حقده وضغنه عليه، وهو يزعم النصح ويظهر التأسف على حاله!
تلمس أصداء دينك في حركة أخلاقك، لاسيما ذلك العالم المستور في صدرك!
حكمــــــة
ومن الإحسان الخفيِّ أن لا يُكاشِفَ المرء المقربين منه بأحزانه، حتى لا يُثقل عليهم بذات صدره، ويصونَ قلبَه عن تعريته بين الناس!
ولقد يسمو فيرتفع عن أحزانه ويقيم الآخرين على درب اليقين..وهذا سيدنا يعقوب عليه السلام =ذهب الحزن ببصره وجعل يتنفس من لظى بثه وآلامه، ثم هو الذي يقول: " يا بَنِيَّ اذهبوا فتحسَّسوا من يوسفَ وأخيهِ ولا تيأسوا من رَوْحِ الله إنه لا ييأس من روَحْ ِالله إلا القوم الكافرون ".
حكمــــــة
هذا الثِّقَل الذي يحمله في حقيبة الأحزان، وبطاقة الاغتراب التي لا تفارق قلبه أينما ارتحل في زوايا هذا الكون، وصلصلة الهموم تصخَبُ في أوردته، وقصاصات البوح وهي تُمْحَى بمطر الصمت=أورثته أنفة الغريب؛ يسير على أطراف قدميه، ويقنع بالكلمة العابرة واللقاء العابر والحديث العابر والضحكة العابرة والهدية العابرة..في انتظار وطنٍ لا يعرف متى يأوي إليه..
حكمــــــة
من رحمة الله تعالى بهذه الأمة أنه اصطفى لنبيه أصحابه كما اصطفاه لرسالته صلى الله عليه وسلم، كما في أثر سيدنا ابن مسعودٍ في المسند وغيره.
وهذا لأنهم وسعوا الإسلام بطبقات نفوسهم، واجتمعت فيهم شعب الإيمان ناضرًا خاليا من أوشاب التزيد الذي يخرج بالعبد عن استقامة الفطرة، والتميع الذي ينحرف بصاحبه عن صراط الاتباع.
فمن أدمن النظر في فقههم وسلوكهم =كان أولى الناس بالحق والهداية وسلوك سبيل الفطرة.
وكلما ابتعد الإنسان عن عصر الصحابة ونهجهم وسلوكهم= أحس بالعنت ومشقة المجاهدة في التحقق بالرسوم التي نصبها من نأوا عن هديهم وتشربوا لكنةً أعجمية في السلوك والفقه.
فالحمد لله على نعمة الإسلام والسنة.
حكمــــــة
ومن رحمته تبارك اسمه أن جعل لصنوف العذاب وإن كانت غيبًا محجوبًا-نعوذ بالله منه-أسماء تهول النفس بوقعها وجرسها، كالزقوم والغسلين والضريع والقطران-عياذًا بالله-؛ لكي تفر منها النفس خوفًا وخشيةً، كأن في الاسم معنى المعاينة والعياذ بالله.
وجعل لصنوف النعيم-وهي غيبٌ محجوبٌ- كسوةً رحيمةً من الأسماء المؤنسة الساكنة: كالروح والريحان، والتسنيم، والسندس، وغير ذلك؛ لكي تحبها النفس وتأنس إليها وتسعى إلى تحصيلها شوقًا وطلبًا..فما أرحم ربنا بنا! وما أجل نعمته علينا بكلامه!
حكمــــــة
ثمرة القرآن بقيام معانيه في قلب قارئه، ولا قيام لتلك المعاني إلا بالتدبر الذي هو حياة القلب وقُوَّتُه وقُوتُه.
ولذلك كم من مستكثرٍ من الختمات لم يجد في قلبه ما وجده الذي جلس متبصرًا متفكرًا متدبرًا، يتلمس مقاصد الرب في كلامه، ومواطن الشفاء لقلبه.
ولو أن إنسانًا أفرغ معاني الفاتحة في قلبه، ونهل من أنوارها، وتأمل مقاصدها=لكان خيرًا له من عشرين ختمةً يهذ بها لسانه هذًّا كهذِّ الشعر، لا يعقل معناه ولا يتأمل مقصوده.
حكمــــــة
صلاح هذه الأمة ليست بأن يكون الإقبال على القرآن شأنًا خاصًّا يقوم به من وُصِفَ بالصلاح، وليس فعلاً موسميًا محاصرًا بأزمنة الفضل ونفحات الخير، وليس فعلا طقسيًا يحضر فيه القرآن حضورًا جنائريًّا إثر مشاهد الموت والأحزان!
وإنما صلاحها بأن يكون القرآن شأنًا عامًا يشمل الكلَّ صغيرًا وكبيرًا عالمًا ومتعلمًا، في البيت والحقل والمدرسة والمصنع والمسجد وكل ما يكون به المجتمع(كلٌّ بحسبه علمًا وفقهًا وطاقةً)..في مُدَارَسَةٍ عامةٍ تشبه الثقافة الشعبية التي لا تنتمي لفئةٍ بعينها، يصفها الناس بالصلاح والتقوى؛ لأنهم يقبلون على ذلك الفعل الاستثنائي=إنهم يتدبرون القرآن!!
لا نريده فعلا استثنائيًا، بل لابد من تحريره من أسر الاستثناء " زمانًا وفعلا وفاعلًا " إلى فضاء الخُلُق السائد، الذي يميز المجتمع كله في الأزمنة كلها.
حكمــــــة
المُتْعَبون في دروب الدنيا! بين يديكم مستراح القلوب في السجدات!
المُثقلون بجراحات الذنوب: دونَكُم كوثر العفو فانهلوا منه سلسبيل الشفاء!
القلوب التي أنهكها انتظار الإجابة: أطلَّتْ عليكم نسائم البشرى بالكرم!
يا من هو مثلي! ضعيفٌ مسكينٌ مذنبٌ فقير: تعالَ نتكئ على طمعنا في رحمته وعفوه ومغفرته! فليس لنا إلا هو!