فوائد من كتاب منهاج السنة النبوية
A
حكمــــــة
ولهذا أمرنا الله أن نقول في صلاتنا (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) فالضال الذي لم يعرف الحق كالنصارى، والمغضوب عليهم الغاوي الذي يعرف الحق ويعمل بخلافه كاليهود، والصراط المستقيم يتضمن معرفة الحق والعمل به كما في الدعاء المأثور: اللهم أرني الحق حقاً ووفقني لاتباعه، وأرني الباطل باطلاً ووفقني لاجتنابه ولا تجعله مشتبهاً عليّ فاتبع الهوى.
حكمــــــة
من حماقاتهم (أي الشيعة) فكثيرة جداً: مثل كون بعضهم لا يشرب من نهر حفره يزيد مع أن النبي والذين معه كانوا يشربون من آبار وأنهار حفرها الكفار.
ومثل كونهم يكرهون التكلم بلفظ العشرة أو فعل شيء يكون عشرة حتى في البناء لا يبنون على عشرة أعمدة، لكونهم يبغضون خيار الصحابة وهم العشرة المشهود لهم بالجنة، ومعلوم أنه لو فرض في العالم عشرة من أكفر الناس لم يجب هجر هذا الاسم.
وكذلك هجرهم لاسم أبي بكر وعمر وعثمان ولمن يتسمى بذلك، حتى إنهم يكرهون معاملته، ومعلوم أن هؤلاء لو كانوا من أكفر الناس لم يشرع أن لا يتسمى الرجل بمثل أسمائهم.
ومن حماقاتهم أيضاً: أنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها، كالسرداب الذي بسامرا الذي يزعمون أنه غاب فيه ومشاهد أخر، وقد يقيمون هناك دابة – إما بغلة وإما فرساً وإما غير ذلك – ليركبها إذا خرج.
ومن حماقاتهم: تمثيلهم لمن يبغضونه بالجماد أو حيوان، ثم يفعلون بذلك الجماد والحيوان ما يرونه عقوبة لمن يبغضونه، مثل اتخاذهم نعجة – وقد تكون نعجة حمراء لكون عائشة تسمى الحميراء – يجعلونها عائشة ويعذبونها بنتف شعرها وغير ذلك، ويرون أن ذلك عقوبة لعائشة، ومثل اتخاذهم حلساً مملوءاً سمناً ثم يبعجون بطنه فيخرج السمن فيشربونه، ويقولون: هذا مثل ضرب عمر وشرب دمه.
ومن حماقاتهم: إقامة المأتم والنياحة على من قد قتل من سنين عديدة.
ومثل كونهم يكرهون التكلم بلفظ العشرة أو فعل شيء يكون عشرة حتى في البناء لا يبنون على عشرة أعمدة، لكونهم يبغضون خيار الصحابة وهم العشرة المشهود لهم بالجنة، ومعلوم أنه لو فرض في العالم عشرة من أكفر الناس لم يجب هجر هذا الاسم.
وكذلك هجرهم لاسم أبي بكر وعمر وعثمان ولمن يتسمى بذلك، حتى إنهم يكرهون معاملته، ومعلوم أن هؤلاء لو كانوا من أكفر الناس لم يشرع أن لا يتسمى الرجل بمثل أسمائهم.
ومن حماقاتهم أيضاً: أنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها، كالسرداب الذي بسامرا الذي يزعمون أنه غاب فيه ومشاهد أخر، وقد يقيمون هناك دابة – إما بغلة وإما فرساً وإما غير ذلك – ليركبها إذا خرج.
ومن حماقاتهم: تمثيلهم لمن يبغضونه بالجماد أو حيوان، ثم يفعلون بذلك الجماد والحيوان ما يرونه عقوبة لمن يبغضونه، مثل اتخاذهم نعجة – وقد تكون نعجة حمراء لكون عائشة تسمى الحميراء – يجعلونها عائشة ويعذبونها بنتف شعرها وغير ذلك، ويرون أن ذلك عقوبة لعائشة، ومثل اتخاذهم حلساً مملوءاً سمناً ثم يبعجون بطنه فيخرج السمن فيشربونه، ويقولون: هذا مثل ضرب عمر وشرب دمه.
ومن حماقاتهم: إقامة المأتم والنياحة على من قد قتل من سنين عديدة.
حكمــــــة
ثم إنه في أواخر عصر الصحابة حدثت بدعة القدرية والمرجئة، فأنكر ذلك الصحابة والتابعون كعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وجابر وواثلة بن الأسقع، ثم إنه في أواخر عصر التابعين – من أوائل المائة الثانية– حدثت بدعة الجهمية منكرة الصفات، وكان أول من أظهر ذلك الجعد بن درهم، فطلبه خالد بن عبد الله القسري فضحى به بواسط.
حكمــــــة
فالدين الحق لابد فيه من الكتاب الهادي والسيف الناصر، كما قال تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) فالكتاب يبين ما أمر الله به وما نهى عنه، والسيف ينصر ذلك ويؤيده.
حكمــــــة
وكل من تولى كان خيراً من المعدوم المنتظر الذي تقول الرافضة إنه الخلف الحجة، فإن هذا لم يحصل بإمامته شيء من المصلحة لا في الدنيا ولا في الدين أصلاً، فلا فائدة في إمامته إلا الاعتقادات الفاسدة والأماني الكاذبة والفتن بين الأمة وانتظار من لا يجيء، فتطوى الأعمار ولم يحصل من فائدة هذه الإمامة شيء، والناس لا يمكنهم بقاء أيام قليلة بلا ولاة أمور بل كانت تفسد أمورهم، فكيف تصلح أمورهم إذا لم يكن لهم إمام إلا من لا يعرف ولا يدري ما يقول ولا يقدر على شيء من أمور الإمامة بل هو معدوم.
حكمــــــة
ولهذا لا يوجد في أئمة الفقه الذين يرجع إليهم رافضي ولا في أئمة الحديث ولا في أئمة الزهد والعبادة ولا في الجيوش المؤيدة المنصورة جيش رافضي ولا في الملوك الذين نصروا الإسلام وأقاموه وجاهدوا عدوه من هو رافضي ولا في الوزراء الذين لهم سيرة محمودة من هو رافضي، وأكثر ما تجد الرافضة إما في الزنادقة المنافقين الملحدين، وإما في جُهَّال ليس لهم علم لا بالمنقولات ولا بالمعقولات.
حكمــــــة
ولهذا احتج الإمام أحمد رحمه الله وغيره على أن كلام الله غير مخلوق بقول النبي صلى الله عليه وسلم (أعوذ بكلمات الله تعالى التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر) قالوا: لا يستعاذ بمخلوق. وكذلك ثبت عنه أنه قال: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك، لا أحصي ثناء عليك) وقالوا لا يستعاذ بمخلوق.
حكمــــــة
ومن اعتقد أن كل من لم يكفر ولم يذنب أفضل من كل من آمن بعد كفره وتاب بعد ذنبه فهو مخالف لما علم بالاضطرار من دين الإسلام، فإنه من المعلوم أن الصحابة الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد كفرهم، وهداهم الله به بعد ضلالهم، وتابوا إلى الله بعد ذنوبهم، أفضل من أولادهم الذين ولدوا على الإسلام.
حكمــــــة
وهو سبحانه وله – الحمد - لم يذكر عن نبي من الأنبياء ذنباً إلا ذكر معه توبته لينزهه عن النقص والعيب، ويبين أنه ارتفعت منزلته وعظمت درجته وعظمت حسناته وقرَّبه إليه بما أنعم الله عليه من التوبة والاستغفار والأعمال الصالحة التي فعلها بعد ذلك، وليكون ذلك أسوة لمن يتبع الأنبياء ويقتدي بهم إلى يوم القيامة.
حكمــــــة
فيوسف عليه السلام لما هم ترك همه لله، فكتب الله به حسنة كاملة ولم يكتب عليه سيئة قط، بخلاف امرأة العزيز فإنها همت وقالت وفعلت، فراودته بفعلها، وكذبت عليه عند سيدها، واستعانت بالنسوة، وحبسته لما اعتصم وامتنع عن الموافقة على الذنب، ولهذا قالت (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) وهذا من قولها كما دل عليه القرآن، ليـس من كلام يوسف عليه السلام، بل لما قالت هذا كان يوسف غائباً في السجـن لم يحضـر عند الملك.
حكمــــــة
والإنسان ينتقل من نقص إلى كمال، فلا ينظر إلى نقص البداية، ولكن ينظر إلى كمال النهاية، فلا يُعاب الإنسان بكونه كان نطفة ثم صار علقة ثم صار مضغة، إذا كان الله بعد ذلك خلقه في أحسن تقويم، ومن نظر إلى ما كان فهو من جنس إبليس الذي قال (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ).
حكمــــــة
وإذا ابتلى العبد بالذنب، وقد علم أنه سيتوب منه ويتجنبه، ففي ذلك من حكمة الله ورحمته بعبده أن ذلك يزيده عبودية وتواضعاً وخشوعاً وذلاً ورغبة في كثرة الأعمال الصالحة ونفرة قوية عن السيئات، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين).
وذلك أيضاً يدفع عنه العُجب والخيلاء ونحو ذلك مما يعرض للإنسان، وهو أيضاً يوجب الرحمة لخلق الله ورجاء التوبة والرحمة لهم إذا أذنبوا وترغيبهم في التوبة.
وهو أيضاً يبين من فضل الله وإحسانه وكرمه ما لا يحصل بدون ذلك، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم).
وهو أيضاً يبين قوة حاجة العبد إلى الاستعانة بالله والتوكل عليه واللجأ إليه في أن يستعمله في طاعته ويجنبه معصيته، وأنه لا يملك ذلك إلا بفضل الله عليه وإعانته له، فإن من ذاق مرارة الابتلاء وعجزه عن دفعه إلا بفضل الله ورحمته، كان شهود قلبه وفقره إلى ربه واحتياجه إليه في أن يعينه على طاعته ويجنبه معصيته أعظم ممن لم يكن كذلك. ولهذا قال بعضهم كان داود عليه السلام بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة. وقال بعضهم لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه.
ولهذا تجد التائب الصادق أثبت على الطاعة وأرغب فيها وأشد حذرا من الذنب من كثير من الذين لم يبتلوا بذنب.
وقد تكون التوبة موجبة له من الحسنات ما لا يحصل لمن يكن مثله تائباً من الذنب، كما في الصحيحين من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه وهو أحد الثلاثة الذين أنزل الله فيهم (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) ثم قال (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، وإذا ذكر حديث كعب في قضية تبين أن الله رفع درجته بالتوبة.
وذلك أيضاً يدفع عنه العُجب والخيلاء ونحو ذلك مما يعرض للإنسان، وهو أيضاً يوجب الرحمة لخلق الله ورجاء التوبة والرحمة لهم إذا أذنبوا وترغيبهم في التوبة.
وهو أيضاً يبين من فضل الله وإحسانه وكرمه ما لا يحصل بدون ذلك، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم).
وهو أيضاً يبين قوة حاجة العبد إلى الاستعانة بالله والتوكل عليه واللجأ إليه في أن يستعمله في طاعته ويجنبه معصيته، وأنه لا يملك ذلك إلا بفضل الله عليه وإعانته له، فإن من ذاق مرارة الابتلاء وعجزه عن دفعه إلا بفضل الله ورحمته، كان شهود قلبه وفقره إلى ربه واحتياجه إليه في أن يعينه على طاعته ويجنبه معصيته أعظم ممن لم يكن كذلك. ولهذا قال بعضهم كان داود عليه السلام بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة. وقال بعضهم لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه.
ولهذا تجد التائب الصادق أثبت على الطاعة وأرغب فيها وأشد حذرا من الذنب من كثير من الذين لم يبتلوا بذنب.
وقد تكون التوبة موجبة له من الحسنات ما لا يحصل لمن يكن مثله تائباً من الذنب، كما في الصحيحين من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه وهو أحد الثلاثة الذين أنزل الله فيهم (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) ثم قال (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، وإذا ذكر حديث كعب في قضية تبين أن الله رفع درجته بالتوبة.
حكمــــــة
وزيارة القبور على وجهين: زيارة أهل التوحيد المتبعين للرسل، وزيارة أهل البدع والشرك.
فالأولى: مقصودها أن يُسَلَّم على الميت ويُدعى له، وزيارة قبره بمنزلة الصلاة عليه إذا مات، يقصد بها الدعاء له، والله سبحانه يثيب هذا الداعي له عند قبره، كما يثيب الداعي إذا صلى عليه وهو على سريره.
والثانية: مقصودها أن يطلب منه الحوائج، أو يقسم على الله، أو يظن أن دعاء الله عند قبره أقرب إلى الإجابة، فهذا كله من البدع المنكرة باتفاق أئمة المسلمين.
فالأولى: مقصودها أن يُسَلَّم على الميت ويُدعى له، وزيارة قبره بمنزلة الصلاة عليه إذا مات، يقصد بها الدعاء له، والله سبحانه يثيب هذا الداعي له عند قبره، كما يثيب الداعي إذا صلى عليه وهو على سريره.
والثانية: مقصودها أن يطلب منه الحوائج، أو يقسم على الله، أو يظن أن دعاء الله عند قبره أقرب إلى الإجابة، فهذا كله من البدع المنكرة باتفاق أئمة المسلمين.
حكمــــــة
ويقولون: الاحتجاج بالقدر على الذنوب مما يُعلم بطلانه بضرورة العقل، فإن الظالم لغيره لو احتج بالقدر لاحتج ظالمه بالقدر أيضاً فإن كان القدر حجة لهذا فهو حجة لهذا وإلا فلا، ولو كان القدر حجة لفاعل الفواحش والمظالم لم يحسن أن يلوم أحدٌ أحداً، ولا يعاقب أحدٌ أحداً، فكان للإنسان أن يفعل في دم غيره وماله وأهله ما يشتهيه من المظالم والقبائح، ويحتج بأن ذلك مقدراً عليه.
حكمــــــة
ومن الناس من يظن أن احتجاج آدم على موسى بالقدر كان من هذا الباب وهذا جهل عظيم فإن الأنبياء من أعظم الناس أمراً بما أمر الله به ونهيا عما نهى الله عنه وذماً لمن ذمه الله وإنما بعثوا بالأمر بالطاعة لله والنهي عن معصية الله فكيف يسوغ أحد منهم أن يعصي عاص لله محتجاً بالقدر ولأن آدم عليه السلام كان قد تاب من الذنب والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ولأنه لو كان القدر حجة لكان حجة لإبليس وفرعون وسائر الكفار ولكن كان ملام موسى لآدم عليهما السلام لأجل المصيبة التي لحقتهم بسبب أكله ولهذا قال له لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟.
حكمــــــة
المؤمن مأمور أن يرجع إلى القدر عند المصائب لا عند الذنوب والمعاصي، فيصبر على المصائب ويستغفر من الذنوب كما قال تعالى (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ). وقال تعالى (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا) الآية. وقال (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) قال ابن مسعود: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم، ولهذا قال غير واحد من السلف والصحابة والتابعين لهم بإحسان: لا يبلغ الرجل حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
حكمــــــة
والله تعالى وإن كان خالقاً لكل شيء فإنه خلق الخير والشر لما له في ذلك من الحكمة التي باعتبارها كان فعله حسناً متقناً، كما قال (الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين). وقال (صنع الله الذي أتقن كل شيء).فلهذا لا يضاف إليه الشر مفرداً، بل إما أن يدخل في العموم، وإما أن يضاف إلى السبب، وإما أن يحذف فاعله.
فالأول: كقول الله تعالى (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ).
والثاني: كقوله (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ).
والثالث: كقوله فيما حكاه عن الجن (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً).
فالأول: كقول الله تعالى (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ).
والثاني: كقوله (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ).
والثالث: كقوله فيما حكاه عن الجن (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً).
حكمــــــة
وقد تنازع الناس في الرضا بالفقر والمرض والذل ونحوها هل هو مستحب أو واجب ؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره. وأكثر العلماء على أن الرضا بذلك مستحب وليس بواجب، لأن الله أثنى على أهل الرضا بقوله (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه) وإنما أوجب الله الصبر، فإنه أمر به في غير آية، ولم يأمر بالرضا بالمقدور ؛ ولكن أمر بالرضا بالمشروع.
فالمأمور به يجب الرضا به كما في قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ).
والقول الثاني: إنه واجب، لأن ذلك من تمام رضاه بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، ولما روي (من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلوائي فليتخذ رباً سوائي) لكن هذا لا تقــوم به الحجة، لأن هذا لا يعرف ثبوته عن الله عز وجل.
فالمأمور به يجب الرضا به كما في قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ).
والقول الثاني: إنه واجب، لأن ذلك من تمام رضاه بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، ولما روي (من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلوائي فليتخذ رباً سوائي) لكن هذا لا تقــوم به الحجة، لأن هذا لا يعرف ثبوته عن الله عز وجل.
حكمــــــة
ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة، أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة، فلا يدفع أعظم الفسادَيْن بالتزام أدناهما. ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته.
حكمــــــة
وتنازعوا في أيهما أشد تحريما: الشطرنج أو النرد ؟ فقال مالك: الشطرنج أشد من النرد، وهذا منقول عن ابن عمر، وهذا لأنها تشغل القلب بالفكر الذي يصد عن ذكر الله وعن الصلاة أكثر من النرد.
وقال أبو حنيفة وأحمد: النرد أشد، فإن العوض يدخل فيها أكثر.
وأما الشافعي فلم يقل إن الشطرنج حلال، ولكن قال: النرد حرام والشطرنج دونها، ولا يتبين لي أنها حرام، فتوقف في التحريم. ولأصحابه في تحريمها قولان. فإن كان التحليل هو الراجح فلا ضرر، وإن كان التحريم هو الراجح فهو قول جمهور أهل السنة، فعلى التقديرين لا يخرج الحق عنهم.
وقال أبو حنيفة وأحمد: النرد أشد، فإن العوض يدخل فيها أكثر.
وأما الشافعي فلم يقل إن الشطرنج حلال، ولكن قال: النرد حرام والشطرنج دونها، ولا يتبين لي أنها حرام، فتوقف في التحريم. ولأصحابه في تحريمها قولان. فإن كان التحليل هو الراجح فلا ضرر، وإن كان التحريم هو الراجح فهو قول جمهور أهل السنة، فعلى التقديرين لا يخرج الحق عنهم.
حكمــــــة
أن يقال: المراد بهذا الإرث إرث العلم والنبوة ونحو ذلك لا إرث المال. وذلك لأنه قال (وورث سليمان داود) ومعلوم أن داود كان له أولاد كثيرون غير سليمان، فلا يختص سليمان بماله.
وأيضاً فليس في كونه ورث ماله صفة مدح، لا لداود ولا لسليمان، فإن اليهودي والنصراني يرث أباه ماله، والآية سيقت في بيان المدح لسليمان، وما خصه الله به من النعمة.
وأيضاً فإرث المال هو من الأمور العادية المشتركة بين الناس، كالأكل والشرب ودفن الميت، ومثل هذا لا يُقصُّ على الأنبياء إذ لا فائدة فيه، وإنما يقص ما فيه عبرة وفائدة تستفاد، وإلا فقول القائل: مات فلان وورث ابنه ماله، مثل قوله: ودفنوه، ومثل قوله: أكلوا وشربوا وناموا، ونحو ذلك مما لا يحسن أن يجعل من قصص القرآن.
وكذلك قوله عن زكريا (يرثني ويرث من آل يعقوب) ليس المراد به إرث المال، لأنه لا يرث من آل يعقوب شيئاً من
أموالهم بل إنما يرثهم ذلك أولادهم وسائر ورثتهم لو ورثوا، ولأن النبي لا يطلب ولداً ليرث ماله، فإنه لو كان يورث لم يكن بد من أن ينتقل المال إلى غيره: سواء كان ابناً أو غيره، فلو كان مقصوده بالولد أن يرث ماله، كان مقصوده أنه لا يرثه أحد غير الولد.
وهذا لا يقصده أعظم الناس بخلاً وشحاً على من ينتقل إليه المال.
وأيضاً فزكريا عليه السلام لم يُعرف له مال، بل كان نجاراً. ويحيى ابنه عليه السلام كان من أزهد الناس.
وأيضاً فليس في كونه ورث ماله صفة مدح، لا لداود ولا لسليمان، فإن اليهودي والنصراني يرث أباه ماله، والآية سيقت في بيان المدح لسليمان، وما خصه الله به من النعمة.
وأيضاً فإرث المال هو من الأمور العادية المشتركة بين الناس، كالأكل والشرب ودفن الميت، ومثل هذا لا يُقصُّ على الأنبياء إذ لا فائدة فيه، وإنما يقص ما فيه عبرة وفائدة تستفاد، وإلا فقول القائل: مات فلان وورث ابنه ماله، مثل قوله: ودفنوه، ومثل قوله: أكلوا وشربوا وناموا، ونحو ذلك مما لا يحسن أن يجعل من قصص القرآن.
وكذلك قوله عن زكريا (يرثني ويرث من آل يعقوب) ليس المراد به إرث المال، لأنه لا يرث من آل يعقوب شيئاً من
أموالهم بل إنما يرثهم ذلك أولادهم وسائر ورثتهم لو ورثوا، ولأن النبي لا يطلب ولداً ليرث ماله، فإنه لو كان يورث لم يكن بد من أن ينتقل المال إلى غيره: سواء كان ابناً أو غيره، فلو كان مقصوده بالولد أن يرث ماله، كان مقصوده أنه لا يرثه أحد غير الولد.
وهذا لا يقصده أعظم الناس بخلاً وشحاً على من ينتقل إليه المال.
وأيضاً فزكريا عليه السلام لم يُعرف له مال، بل كان نجاراً. ويحيى ابنه عليه السلام كان من أزهد الناس.
حكمــــــة
وقد قلنا غير مرة: إن الرجل الصالح المشهود له بالجنة قد يكون له سيئات يتوب منها، أو تمحوها حسناته، أو تكفَّر عنه بالمصائب، أو بغير ذلك، فإن المؤمن إذا أذنب كان لدفع عقوبة النار عنه عشرة أسباب: ثلاثة منه، وثلاثة من الناس، وأربعة يبتديها الله: التوبة، والاستغفار، والحسنات الماحية، ودعاء المؤمنين له، وإهداؤهم العمل الصالح له، وشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم والمصائب المكفرة في الدنيا، وفي البرزخ، وفي عرصات القيامة، ومغفرة الله له بفضل رحمته.
حكمــــــة
والرمي بالفاحشة - دون سائر المعاصي - جعل الله فيه حد القذف؛ لأن الأذى الذي يحصل به للمرمى لا يحصل مثله بغيره، فإنه لو رُمِىَ بالكفر أمكنه تكذيب الرامي بما يظهره من الإسلام، بخلاف الرمي بالفاحشة ؛ فإنه لا يمكنه تكذيب المفترى بما يضاد ذلك، فإن الفاحشة تخفى وتكتم مع تظاهر الإنسان بخلاف ذلك، والله تعالى قد ذم من يحب إشاعتها في المؤمنين، لما في إشاعتها من أذى الناس وظلمهم، ولما في ذلك من إغراء النفوس بها، لما فيها من التشبه والاقتداء، فإذا رأى الإنسان أن غيره فعلها تشبّه به، ففي القذف بها من الظلم والفواحش ما ليس في القذف بغيرها؛ لأن النفوس تشتهيها، بخلاف الكفر والقتل.
حكمــــــة
وهؤلاء الرافضة يرمون أزواج الأنبياء: عائشة وامرأة نوح بالفاحشة ؛ فيؤذون نبينا صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء من الأذى بما هو من جنس أذى المنافقين المكذّبين للرسل، ثم ينكرون على طلحة والزبير أخذهما لعائشة معهما لما سافرا معها من مكة إلى البصرة، ولم يكن في ذلك ريبة فاحشة بوجه من الوجوه. فهل هؤلاء إلا من أعظم الناس جهلاً وتناقضاً ؟.
وأما أهل السنة فعندهم أنه ما بغت امرأة نبي قط، وأن ابن نوح كان ابنه كما قال تعالى وهو أصدق القائلين (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ) وكما قال نوح (يَا بُنَيَّ ارْكَبْ) وقال (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) فالله ورسوله يقولان: إنه ابنه، وهؤلاء الكذابون المفترون المؤذون للأنبياء يقولون: إنه ليس ابنه، والله تعالى لم يقل: إنه ليس ابنك، ولكن قال: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ).
وأما أهل السنة فعندهم أنه ما بغت امرأة نبي قط، وأن ابن نوح كان ابنه كما قال تعالى وهو أصدق القائلين (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ) وكما قال نوح (يَا بُنَيَّ ارْكَبْ) وقال (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) فالله ورسوله يقولان: إنه ابنه، وهؤلاء الكذابون المفترون المؤذون للأنبياء يقولون: إنه ليس ابنه، والله تعالى لم يقل: إنه ليس ابنك، ولكن قال: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ).
حكمــــــة
إن الطلقاء هم مسلمة الفتح، الذين أسلموا عام فتح مكة، وأطلقهم النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا نحواً من ألفي رجل، وفيهم من صار من خيار المسلمين، كالحارث بن هشام، وسهل بن عمرو، وصفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، ويزيد بن أبي سفيان، وحكيم بن حزام، وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يهجوه ثم حسن أسلامه، وعتاب بن أسيد الذي ولاَّه النبي صلى الله عليه وسلم مكة لما فتحها، وغير هؤلاء ممن حَسُن إسلامه، ومعاوية ممن حسن إسلامه باتفاق أهل العلم، ولهذا ولاَّه عمر بن الخطاب رضي الله عنه موضع أخيه يزيد بن أبي سفيان لما مات أخوه يزيد بالشام.
حكمــــــة
والنصوص الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم تقتضي أن ترك القتال كان خيراً للطائفتين، وأن القعود عن القتال كان خيراً من القيام فيه وأن علياً مع كونه أَوْلى بالحق من معاوية وأقرب إلى الحق عن معاوية، لو ترك القتال لكان أفضل وأصلح وخيراً.
وأهل السنة يترحمون على الجميع، ويستغفرون لهم، كما أمرهم الله تعالى بقوله (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيم).
وأهل السنة يترحمون على الجميع، ويستغفرون لهم، كما أمرهم الله تعالى بقوله (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيم).
حكمــــــة
وذلك أن الفتن إنما يُعرف ما فيها من الشر إذا أدبرت. فأما إذا أقبلت فإنها تُزَيّن، ويُظن أن فيها خيراً، فإذا ذاق الناس ما فيها من الشر والمرارة والبلاء، صار ذلك مبيناً لهم مضرتها، وواعظاً لهم أن يعودوا في مثلها. كما أنشد بعضهم:
الحـرب أول ما تكـون فتيـة... تسعى بزينتها لكل جهـول
حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها... ولت عجوزاً غير ذات حليل
شمطـاء ينـكر لونها وتغيرت... مكروهـة للشـم والتقبيـل
والذين دخلوا في الفتنة من الطائفتين لم يعرفوا ما في القتال من الشر، ولا عرفوا مرارة الفتنة حتى وقعت، وصارت عبرة لهم ولغيرهم، ومن استقرأ أحوال الفتن التي تجري بين المسلمين، تبين له أنه ما دخل فيها أحد فحمد عاقبة دخوله، لما يحصل له من الضرر في دينه ودنياه. ولهذا كانت من باب المنهي عنه، والإمساك عنها من المأمور به، الذي قال الله فيه (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)
الحـرب أول ما تكـون فتيـة... تسعى بزينتها لكل جهـول
حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها... ولت عجوزاً غير ذات حليل
شمطـاء ينـكر لونها وتغيرت... مكروهـة للشـم والتقبيـل
والذين دخلوا في الفتنة من الطائفتين لم يعرفوا ما في القتال من الشر، ولا عرفوا مرارة الفتنة حتى وقعت، وصارت عبرة لهم ولغيرهم، ومن استقرأ أحوال الفتن التي تجري بين المسلمين، تبين له أنه ما دخل فيها أحد فحمد عاقبة دخوله، لما يحصل له من الضرر في دينه ودنياه. ولهذا كانت من باب المنهي عنه، والإمساك عنها من المأمور به، الذي قال الله فيه (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)
حكمــــــة
فإن الله تعالى بعث رسوله صلى الله عليه وسلم بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها........وقل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير، كالذين خرجوا على يزيد بالمدينة، وكابن الأشعث الذي خرج على عبد الملك بالعراق، وكابن المهلب الذي خرج على ابنه بخراسان، وكأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج عليهم بخراسان أيضاً، وكالذين خرجوا على المنصور بالمدينة والبصرة، وأمثال هؤلاء.
حكمــــــة
والإسلام جاء بالعلم النافع والعمل الصالح، بمعرفة الحق وقصده. فيتفق أن بعض الولاة يظلم باستئثارٍ فلا تصبر النفوس على ظلمة، ولا يمكنها دفع ظلمة إلا بما هو أعظم فساداً منه، ولكن لأجل محبة الإنسان لأخذ حقه ودفع الظلم عنه، لا ينظر في الفساد العام الذي يتولد عن فعله، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (إنكم ستلقون بعدي أثرة فأصبروا حتى تلقوني على الحوض).
وفي الصحيح من حديث أنس بن مالك وأسيد بن حضير (أن رجلاً من الأنصار قال: يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلاناً ؟ قال (ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض).
وفي الصحيح من حديث أنس بن مالك وأسيد بن حضير (أن رجلاً من الأنصار قال: يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلاناً ؟ قال (ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض).
حكمــــــة
ولا ريب أن جهاد أبي بكر بماله ونفسه أعظم من جهاد علي وغيره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إن أمنّ الناس علينا في صحبته وذات يده أبو بكر) وقال (ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر).
وأبو بكر كان مجاهداً بلسانه ويده، وهو أول من دعا إلى الله، وأول من أوذي في الله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول من دافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مشاركاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته وجهاده حتى كان هو وحده معه في العريش يوم بدر وحتى أن أبا سفيان يوم أحد لم يسأل إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر لما قال: أفيكم محمد ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تجيبوه) فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تجيبوه) فقال: أفيكم ابن الخطاب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تجيبوه) فقال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم. فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت عدو الله، إن الذين عددت لأحياء، وقد أبقى الله لك ما يخزيك، ذكره البخاري وغيره.
وأبو بكر كان مجاهداً بلسانه ويده، وهو أول من دعا إلى الله، وأول من أوذي في الله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول من دافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مشاركاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته وجهاده حتى كان هو وحده معه في العريش يوم بدر وحتى أن أبا سفيان يوم أحد لم يسأل إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر لما قال: أفيكم محمد ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تجيبوه) فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تجيبوه) فقال: أفيكم ابن الخطاب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تجيبوه) فقال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم. فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت عدو الله، إن الذين عددت لأحياء، وقد أبقى الله لك ما يخزيك، ذكره البخاري وغيره.
حكمــــــة
أن ما يُنقل عن الصحابة من المثالب فهو نوعان: أحدهما: ما هو كذب: إما كذب كله وإما محرّف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يخرجه إلى الذم والطعن وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذابون المعروفون بالكذب.
النوع الثاني ما هو صدق. وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوباً وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر. وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب وما قُدِّر من هذه الأمور ذنباً محققا فإن ذلك لا يقدح فيما علم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة؛ لأن الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة.
النوع الثاني ما هو صدق. وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوباً وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر. وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب وما قُدِّر من هذه الأمور ذنباً محققا فإن ذلك لا يقدح فيما علم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة؛ لأن الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة.
حكمــــــة
فهذا أمره بقتال الخوارج، وهذا نهيه عن قتال الولاة الظلمة. وهذا مما يُستدل به على أنه ليس كل ظالم باغ يجوز قتاله.
ومن أسباب ذلك أن الظالم الذي يستأثر بالمال والولايات لا يُقاتل في العادة إلا لأجل الدنيا، يقاتله الناس حتى يعطيهم المال والولايات، وحتى لا يظلمهم، فلم يكن أصل قتالهم ليكون الدين كله لله، ولتكون كلمة الله هي العليا، ولا كان قتالهم من جنس قتال المحاربين قطاع الطريق.
وبالجملة العادة المعروفة أن الخروج على ولاة الأمور يكون لطلب ما في أيديهم من المال والإمارة، وهذا قتال على الدنيا.
ومن أسباب ذلك أن الظالم الذي يستأثر بالمال والولايات لا يُقاتل في العادة إلا لأجل الدنيا، يقاتله الناس حتى يعطيهم المال والولايات، وحتى لا يظلمهم، فلم يكن أصل قتالهم ليكون الدين كله لله، ولتكون كلمة الله هي العليا، ولا كان قتالهم من جنس قتال المحاربين قطاع الطريق.
وبالجملة العادة المعروفة أن الخروج على ولاة الأمور يكون لطلب ما في أيديهم من المال والإمارة، وهذا قتال على الدنيا.
حكمــــــة
وكذلك أكثر أهل الأهواء يبتدعون رأياً، ويكفرون من خالفهم فيه، وأهل السنة يتبعون الحق من ربهم الذي جاء به الرسول، ولا يكفرون من خالفهم فيه، بل هم أعلم بالحق وأرحم بالخلق، كما وصـف الله به المسلمين بقوله (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قال أبو هريرة: كنتم خير الناس للناس، وأهل السنة نقاوة المسلمين، فهم خير الناس للناس.
حكمــــــة
ودين الإسلام وسط بين الأطراف المتجاذبة. فالمسلمون وسط في التوحيد بين اليهود والنصارى، فاليهود تصف الرب بصفات النقص التي يختص بها المخلوق، ويشبهون الخالق بالمخلوق، كما قالوا: إنه بخيل وإنه فقير، وإنه لما خلق السموات والأرض تعب. وهو سبحانه الجواد الذي لا يبخل والغني الذي لا يحتاج إلى غيره، والقادر الذي لا يمسه لغوب. والقدرة والإرادة والغنى عما سواه هي صفات الكمال التي تستلزم سائرها.
والنصارى يصفون المخلوق بصفات الخالق التي يختص بها، ويشبهون المخلوق بالخالق، حيث قالوا: إن الله هو المسيح بن مريم، وإن الله ثالث ثلاثة. وقالوا المسيح ابن الله واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون.
فالمسلمون وحدوا الله ووصفوه بصفات الكمال، ونزّهوه عن جميع صفات النقص، ونزّهوه عن أن يماثله شيء من المخلوقات في شيء من الصفات، فهو موصوف بصفات الكمال لا بصفات النقص، وليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
وكذلك في النبوات ؛ فاليهود تقتل بعض الأنبياء، تستكبر عن أتباعهم، وتكذبهم وتتهمهم بالكبائر. والنصارى يجعلون من ليس بنبي ولا رسول نبياً ورسولاً، كما يقولون في الحواريين: إنهم رسل، بل يطيعون أحبارهم ورهبانهم كما تُطاع الأنبياء. فالنصارى تصدّق بالباطل، واليهود تكذِّب بالحق.
والنصارى يصفون المخلوق بصفات الخالق التي يختص بها، ويشبهون المخلوق بالخالق، حيث قالوا: إن الله هو المسيح بن مريم، وإن الله ثالث ثلاثة. وقالوا المسيح ابن الله واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون.
فالمسلمون وحدوا الله ووصفوه بصفات الكمال، ونزّهوه عن جميع صفات النقص، ونزّهوه عن أن يماثله شيء من المخلوقات في شيء من الصفات، فهو موصوف بصفات الكمال لا بصفات النقص، وليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
وكذلك في النبوات ؛ فاليهود تقتل بعض الأنبياء، تستكبر عن أتباعهم، وتكذبهم وتتهمهم بالكبائر. والنصارى يجعلون من ليس بنبي ولا رسول نبياً ورسولاً، كما يقولون في الحواريين: إنهم رسل، بل يطيعون أحبارهم ورهبانهم كما تُطاع الأنبياء. فالنصارى تصدّق بالباطل، واليهود تكذِّب بالحق.
حكمــــــة
والحسنات المقبوله تكفر السيئات، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) ولو كفّر الجميع بالخمس لم يحتج إلى الجمعة، لكن التكفير بالحسنات المقبولة. وغالب الناس لا يكتب له من الصلاة إلا بعضها، فيكفر ذلك بقدره، والباقي يحتاج إلى تكفير.
حكمــــــة
ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على الذنوب أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة لهم، كما يقصد الوالد تأديب ولده، وكما يقصد الطبيب معالجة المريض ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد) وقد قال تعالى (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) وفي قراءة أُبَيّ (وهو أب لهم).
حكمــــــة
ويوسف الصديق وإن كان أجمل من غيره من الأنبياء، وفي الصحيح (أنه أعطى شطر الحسن) فلم يكن بذلك أفضل من غيره، بل غيره أفضل منه، كإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين. ويوسف وإن كانت صورته أجمل، فإن إيمان هؤلاء وأعمالهم كانت أفضل من إيمانه وعمله وهؤلاء أوذوا على نفس الإيمان والدعوة إلى الله، فكان الذين عادوهم معادين لله ورسوله، وكان صبرهم صبراً على توحيد الله وعبادته وطاعته، وهكذا سائر قصص الأنبياء التي في القرآن.
ويوسف عليه السلام إنما آذاه إخوته لتقريب أبيه له، حسداً على حظ من حظوظ الأنفس، لا على دين. ولهذا كان صبره على التي راودته، وحبس الذين حبسوه على ذلك، أفضل له من صبره على أذى إخوته، فإن هذا صبر على تقوى الله باختياره حتى لا يفعل المحرم، وذلك صبر على أذى الغير الحاصل بغير اختياره. فهذا من جنس صبر المصاب على مصيبته، وذاك من جنس صبر المؤمن على الذين يأمرونه بالمعاصي ويدعونه إليها، فيصبر على طاعة الله وعن معصيته، ويغلب هواه وشهوته، وهذا أفضل.
فأما صبر إبراهيم وموسى وعيسى ونبينا صلوات الله وسلامه عليهم على أذى الكفار وعداوتهم على الإيمان بالله ورسوله، فذاك أفضل من هذا كله، كما أن التوحيد والإيمان أفضل من مجرد ترك الزنا، وكما أن تلك الطاعات أعظم، فالصبر عليها وعلى معاداة أهلها أعظم.
وأيضا فهؤلاء كانوا يطلبون قتل من يؤمن وإهلاكه بكل طريق، لا يحبون المؤمنين أصلاً، بخلاف يوسف فإنه إنما ابتُلي بالحبس، وكانت المرأة تحبه فلم تعاقبه بأكثر من ذلك، وقوله تعالى (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) سواء كان القصص مصدر قَصَّ يَقُصُّ قَصَصاً، أو كان مفعولاً: أي أحسن المقصوص، فذاك لا يختص بقصة يوسف، بل قصة موسى أعظم منها قدراً وأحسن، ولهذا كرر ذكرها في القرآن وبسطها. قال تعالى (فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) ولهذا قال (بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) وقد قرىء: (أحسن القِصص) بالكسرة، ولا تختص بقصة يوسف، بل كل ما قصه الله فهو أحسن القصص، فهو أحسن مقصوص، وقد قصه الله أحسن قصص.
ويوسف عليه السلام إنما آذاه إخوته لتقريب أبيه له، حسداً على حظ من حظوظ الأنفس، لا على دين. ولهذا كان صبره على التي راودته، وحبس الذين حبسوه على ذلك، أفضل له من صبره على أذى إخوته، فإن هذا صبر على تقوى الله باختياره حتى لا يفعل المحرم، وذلك صبر على أذى الغير الحاصل بغير اختياره. فهذا من جنس صبر المصاب على مصيبته، وذاك من جنس صبر المؤمن على الذين يأمرونه بالمعاصي ويدعونه إليها، فيصبر على طاعة الله وعن معصيته، ويغلب هواه وشهوته، وهذا أفضل.
فأما صبر إبراهيم وموسى وعيسى ونبينا صلوات الله وسلامه عليهم على أذى الكفار وعداوتهم على الإيمان بالله ورسوله، فذاك أفضل من هذا كله، كما أن التوحيد والإيمان أفضل من مجرد ترك الزنا، وكما أن تلك الطاعات أعظم، فالصبر عليها وعلى معاداة أهلها أعظم.
وأيضا فهؤلاء كانوا يطلبون قتل من يؤمن وإهلاكه بكل طريق، لا يحبون المؤمنين أصلاً، بخلاف يوسف فإنه إنما ابتُلي بالحبس، وكانت المرأة تحبه فلم تعاقبه بأكثر من ذلك، وقوله تعالى (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) سواء كان القصص مصدر قَصَّ يَقُصُّ قَصَصاً، أو كان مفعولاً: أي أحسن المقصوص، فذاك لا يختص بقصة يوسف، بل قصة موسى أعظم منها قدراً وأحسن، ولهذا كرر ذكرها في القرآن وبسطها. قال تعالى (فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) ولهذا قال (بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) وقد قرىء: (أحسن القِصص) بالكسرة، ولا تختص بقصة يوسف، بل كل ما قصه الله فهو أحسن القصص، فهو أحسن مقصوص، وقد قصه الله أحسن قصص.
حكمــــــة
وقال أبو عثمان النيسابوري: من أمَّر السنة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة، ومن أمَّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالبدعة، لأن الله تعالى يقول (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) وقال بعضهم: ما ترك أحد شيئاً من السنة إلا لكبر في نفسه.
وهو كما قالوا ؛ فإنه إذا لم يكن متبعاً للأمر الذي جاء به الرسول كان يعمل بإرادة نفسه، فيكون متبعاً لهواه بغير هدى من الله، وهذا عَيْش النفس، وهو من الكِبْر.
وهو كما قالوا ؛ فإنه إذا لم يكن متبعاً للأمر الذي جاء به الرسول كان يعمل بإرادة نفسه، فيكون متبعاً لهواه بغير هدى من الله، وهذا عَيْش النفس، وهو من الكِبْر.
حكمــــــة
وقد أفرد العلماء مناقب عمر؛ فإنه لا يعرف في سير الناس كسيرته. كذلك قال أبو المعالي الجويني، قال: ما دار الفلك على شكله، قالت عائشة: كان عمر أحوذيا نسيج وحده، قد أعدّ للأمور أقرانها. وكانت تقول: زيّنوا مجالسكم بذكر عمر. وقال ابن مسعود: أفرس الناس ثلاثة: ابنة صاحب مدين إذ قالت: (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين). وخديجة في النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حين استخلف عمر.
وكل هؤلاء العلماء الذين ذكرناهم يعلمون أن عدل عمر كان أتم من عدل من ولي بعده، وعلمه كان أتم من علم من ولى بعده.
وأما التفاوت بين سيرة عمر وسيرة من ولي بعده فأمر قد عرفته العامة والخاصة ؛ فإنها أعمال ظاهرة، وسيرة بينة، يظهر لعمر فيها من حسن النية، وقصد العدل، وعدم الغَرَض، وقمع الهوى، مالا يظهر من غيره، ولهذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم (ما رآك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك) لأن الشيطان إنما يستطيل على الإنسان بهواه وعمر قمع هواه.
وكل هؤلاء العلماء الذين ذكرناهم يعلمون أن عدل عمر كان أتم من عدل من ولي بعده، وعلمه كان أتم من علم من ولى بعده.
وأما التفاوت بين سيرة عمر وسيرة من ولي بعده فأمر قد عرفته العامة والخاصة ؛ فإنها أعمال ظاهرة، وسيرة بينة، يظهر لعمر فيها من حسن النية، وقصد العدل، وعدم الغَرَض، وقمع الهوى، مالا يظهر من غيره، ولهذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم (ما رآك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك) لأن الشيطان إنما يستطيل على الإنسان بهواه وعمر قمع هواه.
حكمــــــة
قال عمر رضي الله عنه (لولا ثلاث لأحببت أن أكون قد لحقت بالله. لولا أن أسير في سبيل الله، أو أضع جبهتي في التراب ساجداً، أو أجالس قوماً يلتقطون طيب الكلام كما يُلتقط طيب الثمر).
وكلام عمر رضي الله عنه من أجمع الكلام وأكمله فإنه ملهم محدّث، كل كلمة من كلامه تجمع علماً كثيراً. مثل هؤلاء الثلاث التي ذكرهن ؛ فإنه ذكر الصلاة والجهاد والعلم، وهذه الثلاث هي أفضل الأعمال بإجماع الأمة. قال أحمد بن حنبل: أفضل ما تطوع به الإنسان الجهاد. وقال الشافعي: أفضل ما تطوع به الصلاة. وقال أبو حنيفة ومالك: العلم.
والتحقيق أن كلاً من الثلاثة لا بد له من الآخرَيْن، وقد يكون هذا أفضل في حال، وهذا أفضل في حال. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه يفعلون هذا وهذا وهذا، كلٌّ في موضعه بحسب الحاجة والمصلحة. وعمر جمع الثلاث.
وكلام عمر رضي الله عنه من أجمع الكلام وأكمله فإنه ملهم محدّث، كل كلمة من كلامه تجمع علماً كثيراً. مثل هؤلاء الثلاث التي ذكرهن ؛ فإنه ذكر الصلاة والجهاد والعلم، وهذه الثلاث هي أفضل الأعمال بإجماع الأمة. قال أحمد بن حنبل: أفضل ما تطوع به الإنسان الجهاد. وقال الشافعي: أفضل ما تطوع به الصلاة. وقال أبو حنيفة ومالك: العلم.
والتحقيق أن كلاً من الثلاثة لا بد له من الآخرَيْن، وقد يكون هذا أفضل في حال، وهذا أفضل في حال. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه يفعلون هذا وهذا وهذا، كلٌّ في موضعه بحسب الحاجة والمصلحة. وعمر جمع الثلاث.
حكمــــــة
والناس متنازعون في المرأة إذا ظهر بها حمل ولم يكن لها زوج ولا سيد ولا ادّعت شبهة: هل ترجم ؟ فمذهب مالك وغيره من أهل المدينة والسلف: أنها تُرجم. وهو قول أحمد في إحدى الروايتين. ومذهب أبي حنيفة والشافعي: لا تُرجم، وهي الرواية الثانية عن أحمد. قالوا لأنها قد تكون مستكرهة على الوطء، أو موطوءة بشبهة، أو حملت بغير وطء.
والقول الأول هو الثابت عن الخلفاء الراشدين. وقد ثبت في الصحيحين أن عمر بن الخطاب خطب الناس في آخر عمره، وقال: الرجم في كتاب الله حقٌ على من زنى من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحَبَل، أو الاعتراف. فجعل الحبل دليلاً على ثبوت الزنا كالشهود. وهكذا هذه القضية. وكذلك اختلفوا في الشارب هل يحد إذا تقيأ أو وجدت منه الرائحة ؟ على قولين. والمعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين أنهم كانوا يحدون بالرائحة وبالقيء.
والقول الأول هو الثابت عن الخلفاء الراشدين. وقد ثبت في الصحيحين أن عمر بن الخطاب خطب الناس في آخر عمره، وقال: الرجم في كتاب الله حقٌ على من زنى من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحَبَل، أو الاعتراف. فجعل الحبل دليلاً على ثبوت الزنا كالشهود. وهكذا هذه القضية. وكذلك اختلفوا في الشارب هل يحد إذا تقيأ أو وجدت منه الرائحة ؟ على قولين. والمعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين أنهم كانوا يحدون بالرائحة وبالقيء.
حكمــــــة
وما يتمارى في كمال سيرة عمر وعلمه وعدله وفضله من له أدنى مُسكة من عقل وإنصاف، ولا يطعن على أبي بكر وعمر إلا أحد رجلين: إما رجل منافق زنديق ملحد عدو للإسلام، يتوصل بالطعن فيهما إلى الطعن في الرسول ودين الإسلام، وهذا حال المعلِّم الأول للرافضة، أول من ابتدع الرفض، وحال أئمه الباطنية.
وإما جاهل مفرط في الجهل والهوى، وهو الغالب على عامة الشيعة، إذا كانوا مسلمين في الباطن.
وإما جاهل مفرط في الجهل والهوى، وهو الغالب على عامة الشيعة، إذا كانوا مسلمين في الباطن.
حكمــــــة
وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر).
ولهذا كان أحد قولَيْ العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، أن قولهما إذا اتفقا حجة لا يجوز العدول عنها، وهذا أظهر القولين. كما أن الأظهر أن اتفاق الخلفاء الأربعة أيضا حجة لا يجوز خلافها، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم.
ولهذا كان أحد قولَيْ العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، أن قولهما إذا اتفقا حجة لا يجوز العدول عنها، وهذا أظهر القولين. كما أن الأظهر أن اتفاق الخلفاء الأربعة أيضا حجة لا يجوز خلافها، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم.
حكمــــــة
ومما ينبغي أن يعلم أن الله تعالى بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الناس على غاية ما يمكن من الصلاح، لا لرفع الفساد بالكليّة، فإن هذا ممتنع في الطبيعة الإنسانية، إذ لا بد فيها من فساد.
ولهذا قال تعالى (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ)، ولهذا لم تكن أمة من الأمم إلا وفيها شر وفساد، وأمثل الأمم قبلنا بنو إسرائيل، وكان فيهم من الفساد والشر ما قد عُلم بعضه، وأمتنا خير الأمم وأكرمها على الله، وخيرها القرون الثلاثة، وأفضلهم الصحابة. وفي أمتنا شر كثير، لكنه أقل من شر بني إسرائيل، وشر بني إسرائيل أقل من شر الكفار الذين لم يتبعوا نبيا كفرعون وقومه. وكل خير في بني إسرائيل ففي أمتنا خير منه. وكذلك أول هذه الأمة وآخرها، فكل خير من المتأخرين ففي المتقدمين ما هو خير منه. وكل شر في المتقدمين ففي المتأخرين ما هو شر منه. وقد قال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
ولهذا قال تعالى (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ)، ولهذا لم تكن أمة من الأمم إلا وفيها شر وفساد، وأمثل الأمم قبلنا بنو إسرائيل، وكان فيهم من الفساد والشر ما قد عُلم بعضه، وأمتنا خير الأمم وأكرمها على الله، وخيرها القرون الثلاثة، وأفضلهم الصحابة. وفي أمتنا شر كثير، لكنه أقل من شر بني إسرائيل، وشر بني إسرائيل أقل من شر الكفار الذين لم يتبعوا نبيا كفرعون وقومه. وكل خير في بني إسرائيل ففي أمتنا خير منه. وكذلك أول هذه الأمة وآخرها، فكل خير من المتأخرين ففي المتقدمين ما هو خير منه. وكل شر في المتقدمين ففي المتأخرين ما هو شر منه. وقد قال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
حكمــــــة
القاعدة الكلية في هذا أن لا نعتقد أن أحداً معصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، بل الخلفاء وغير الخلفاء يجوز عليهم الخطأ، والذنوب التي تقع منهم قد يتوبون منها، وقد تُكَفَّر عنهم بحسناتهم الكثيرة، وقد يبتلون أيضاً بمصائب يكفر الله عنهم بها، وقد يكفر عنهم بغير ذلك.
فكل ما ينقل عن عثمان غايته أن يكون ذنباً أو خطأً. وعثمان رضي الله عنه قد حصلت له أسباب المغفرة من وجوه كثيرة:
منها: سابقته وإيمانه وجهاده وغير ذلك من طاعاته.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له، بل بشره بالجنة على بلوى تصيبه.
ومنها: أنه تاب من عامة ما أنكروه عليه، وأنه ابتُلي ببلاء عظيم، فكفر الله به خطاياه، وصبر حتى قتل شهيداً مظلوماً، وهذا من أعظم ما يكفر الله به الخطايا.
فكل ما ينقل عن عثمان غايته أن يكون ذنباً أو خطأً. وعثمان رضي الله عنه قد حصلت له أسباب المغفرة من وجوه كثيرة:
منها: سابقته وإيمانه وجهاده وغير ذلك من طاعاته.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له، بل بشره بالجنة على بلوى تصيبه.
ومنها: أنه تاب من عامة ما أنكروه عليه، وأنه ابتُلي ببلاء عظيم، فكفر الله به خطاياه، وصبر حتى قتل شهيداً مظلوماً، وهذا من أعظم ما يكفر الله به الخطايا.
حكمــــــة
فإن الذنوب مطلقاً من جميع المؤمنين وهي سبب العذاب، لكن العقبة بها في الآخرة في جهنم تندفع بنحو عشرة أسباب:
السبب الأول: التوبة، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتوبة مقبولة من جميع الذنوب: الكفر والفسوق والعصيان.
قال الله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ).
وقال تعالى (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ).
السبب الثاني: الاستغفار.
فإن الاستغفار هو طلب المغفرة، وهو من جنس الدعاء والسؤال، وهو مقرون بالتوبة في الغالب ومأمور به.
السبب الثالث: الأعمال الصالحة.
فإن الله تعالى يقول (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل يوصيه (يا معاذ اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن).
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر).
السبب الرابع: الدعاء للمؤمنين.
السبب الخامس: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واستغفاره في حياته وبعد مماته، كشفاعته يوم القيامة.
السبب السادس: ما يُفعل بعد الموت من عمل صالح يُهدى إليه.
السبب السابع: المصائب الدنيوية التي يكفّر الله بها الخطايا.
السبب الثامن: ما يبتلى به المؤمن في قبره من الضغطة وفتنة الملكين.
السبب التاسع: ما يحصل له في الآخرة من كرب أهوال يوم القيامة.
السبب العاشر: ما ثبت في الصحيحين (أن المؤمنين إذا عبروا الصراط، وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هُذّبوا ونُقّوا أُذنَ لهم في دخول الجنة).
السبب الأول: التوبة، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتوبة مقبولة من جميع الذنوب: الكفر والفسوق والعصيان.
قال الله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ).
وقال تعالى (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ).
السبب الثاني: الاستغفار.
فإن الاستغفار هو طلب المغفرة، وهو من جنس الدعاء والسؤال، وهو مقرون بالتوبة في الغالب ومأمور به.
السبب الثالث: الأعمال الصالحة.
فإن الله تعالى يقول (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل يوصيه (يا معاذ اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن).
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر).
السبب الرابع: الدعاء للمؤمنين.
السبب الخامس: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واستغفاره في حياته وبعد مماته، كشفاعته يوم القيامة.
السبب السادس: ما يُفعل بعد الموت من عمل صالح يُهدى إليه.
السبب السابع: المصائب الدنيوية التي يكفّر الله بها الخطايا.
السبب الثامن: ما يبتلى به المؤمن في قبره من الضغطة وفتنة الملكين.
السبب التاسع: ما يحصل له في الآخرة من كرب أهوال يوم القيامة.
السبب العاشر: ما ثبت في الصحيحين (أن المؤمنين إذا عبروا الصراط، وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هُذّبوا ونُقّوا أُذنَ لهم في دخول الجنة).
حكمــــــة
فإن الإنسان قد يقول: إذا كُفِّر عنى بالصلوات الخمس فأي شيء تكفر عني الجمعة أو رمضان، وكذلك صوم يوم عرفة وعاشوراء ؟
بعض الناس يجيب عن هذا بأنه يكتب لهم درجات إذا لم تجد ما تكفره من السيئات، فيقال أولا العمل الذي يمحو الله به الخطايا ويكفر به السيئات، هو العمل المقبول والله تعالى (إنما يتقبل من المتقين).
والناس لهم في هذه الآية وهي قوله تعالى (إنما يتقبل الله من المتقين):ثلاثة أقوال، طرفان ووسط:
فالخوارج والمعتزلة يقولون: لا يتقبل الله إلا ممن اتقى الكبائر، وعندهم صاحب الكبيرة لا يقبل منه حسنة بحال.
والمرجئة يقولون: من اتقى الشرك.
والسلف والأئمة يقولون: لا يتقبل إلا ممن اتقاه في ذلك العمل ففعله كما أُمر به، خالصاً لوجه الله تعالى.
بعض الناس يجيب عن هذا بأنه يكتب لهم درجات إذا لم تجد ما تكفره من السيئات، فيقال أولا العمل الذي يمحو الله به الخطايا ويكفر به السيئات، هو العمل المقبول والله تعالى (إنما يتقبل من المتقين).
والناس لهم في هذه الآية وهي قوله تعالى (إنما يتقبل الله من المتقين):ثلاثة أقوال، طرفان ووسط:
فالخوارج والمعتزلة يقولون: لا يتقبل الله إلا ممن اتقى الكبائر، وعندهم صاحب الكبيرة لا يقبل منه حسنة بحال.
والمرجئة يقولون: من اتقى الشرك.
والسلف والأئمة يقولون: لا يتقبل إلا ممن اتقاه في ذلك العمل ففعله كما أُمر به، خالصاً لوجه الله تعالى.
حكمــــــة
والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله، فيغفر الله له به كبائر. كما في الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يُصاح برجل من أمتي يوم القيامة على رؤوس الخلائق فينشر عليه تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مد البصر، فيقال: هل تنكر من هذا شيئاً ؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: لا ظلم عليك، فتخرج له بطاقة قدر الكف فيها شهادة أن لا إله إلا الله، فيقول: أين تقع هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فتوضع هذه البطاقة في كفه، والسجلات في كفة، فثقلت البطاقة وطاشت السجلات).
فهذه حال من قالها بإخلاص وصدق، كما قالها هذا الشخص، وإلا فأهل الكبائر الذين دخلوا النار كلهم كانوا يقولون: لا إله إلا الله، ولم يترجح قولهم على سيئاتهم كما ترجّح قول صاحب البطاقة.
فهذه حال من قالها بإخلاص وصدق، كما قالها هذا الشخص، وإلا فأهل الكبائر الذين دخلوا النار كلهم كانوا يقولون: لا إله إلا الله، ولم يترجح قولهم على سيئاتهم كما ترجّح قول صاحب البطاقة.
حكمــــــة
وفي الصحيحين (إن امرأة بغيا رأت كلباً في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له موقها فسقته به فغفر لها) وفي لفظ في الصحيحين (أنها كانت بغياً من بغايا بني إسرائيل).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينما رجل يمشي في طريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له).
فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغفر لها، وإلا فليس كل بغي سقت كلباً يغفر لها.
وكذلك هذا الذي نحَّى غصن الشوك عن الطريق، فعله إذ ذاك بإيمان خالص وإخلاص قائم بقلبه، فغفر له بذلك. فإن الأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص، وإن الرجلين ليكون مقامهما في الصف واحداً وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض، وليس كل من نحَّى غصن شوك عن الطريق يغفر له.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينما رجل يمشي في طريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له).
فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغفر لها، وإلا فليس كل بغي سقت كلباً يغفر لها.
وكذلك هذا الذي نحَّى غصن الشوك عن الطريق، فعله إذ ذاك بإيمان خالص وإخلاص قائم بقلبه، فغفر له بذلك. فإن الأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص، وإن الرجلين ليكون مقامهما في الصف واحداً وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض، وليس كل من نحَّى غصن شوك عن الطريق يغفر له.