16. حياة السلف بين القول والعمل
حكمــــــة
ذم الركون إلى الدنيا والفرح بمتاعها: قيل لبعض الحكماء: صف لنا قدر الدنيا ومدة البقاء؟ فقال: الدنيا وقتك الذي يرجع إليك فيه طرفك؛ لأن ما مضى عنك فقد فاتك إدراكه، وما لم يأت فلا علم لك به، الدهر يوم مقبل تنعاه ليلته، وتطويه ساعته، وأحداثه تتصل في الإنسان بالتغيير والنقصان، والدهر موكل بتشتيت الجماعات، وانخرام الشمل، وتنقل الدول، والأمل طويل، والعمر قصير، وإلى الله تصير الأمور. [موسوعة ابن أبي الدنيا 5/103].
حكمــــــة
ذم الركون إلى الدنيا والفرح بمتاعها: عن عبد العزيز أبي مرحوم قال: دخلنا مع الحسن رحمه الله على مريض نعوده، فلما جلس عنده قال: كيف تجدك؟ قال: أجدني أشتهي الطعام فلا أقدر أن أسيغه، وأشتهي الشراب فلا أقدر على أن أتجرعه، قال: فبكى الحسن، وقال: على الأسقام والأمراض أُسست هذه الدار، فهبك تصح من الأسقام، وتبرأ من الأمراض، هل تقدر على أن تنجو من الموت؟ قال: فارتج البيت بالبكاء. [موسوعة ابن أبي الدنيا 5/108].
حكمــــــة
ذم الركون إلى الدنيا والفرح بمتاعها: عن هشام بن إسماعيل رحمه الله قال: كان ملك من الملوك لا يأخذ أحدا من أهل الإيمان إلا أمر بصلبه، فأُتي رجل من أهل الإيمان بالله فأمر بصلبه، فلما قتل: أصابوا كتابا فيه ثلاث كلمات: إذا كان القدر حقا فالحرص باطل، وإذا كان الغدر في الناس طباعا فالثقة بكل أحد عجز، وإذا كان الموت بكل أحد راصدا فالطمأنينة إلى الدنيا حمق. [موسوعة ابن أبي الدنيا 5 / 116].
حكمــــــة
ذم الركون إلى الدنيا والفرح بمتاعها: خطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقال: أيها الناس إنكم خلقتم لأمر إن كنتم تصدقون به إنكم لحمقى، وإن كنتم تكذبون به إنكم لهلكى، إنما خلقتم للأبد، ولكنكم من دار إلى دار تنقلون، عباد الله إنكم في دار لكم فيها من طعامكم غُصص، ومن شرابكم شرِق، لا تصفو لكم نعمة تسرون بها إلا بفراق أخرى تكرهون فراقها، فاعملوا لما أنتم صائرون إليه، وخالدون فيه، ثم غلبه البكاء فنزل. [موسوعة ابن أبي الدنيا 5/118].
حكمــــــة
ذم الركون إلى الدنيا والفرح بمتاعها: قال الجنيدُ رحمه الله: ما أخذنا التَّصَوّف عن القال والقيل، بل عن الجوعِ، وتَرْكِ الدُّنيا، وقطعِ المألوفات. قال الذهبي رحمه الله: هذا حسن، ومُرادُه: قطعُ أكثر المألوفات، وتركُ فضول الدُّنيا وجوعٌ بلا إفراط، أمَّا من بالغ في الجوع كما يفعله الرُّهبان، ورفضَ سائر الدُّنيا، ومألوفاتِ النَّفس، من الغذاء، والنوم والأهل، فقد عرَّض نفسه لبلاء عريض، وربما خُولِطَ في عقله، وفاته بذلك كثير من الحنيفيَّة السَّمحَة، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا، والسَّعادة في متابعة السُّنَنِ. فزِن الأمورَ بالعدل، وصُم وأفطِر، ونَم وقُمْ، والزمِ الورعَ في القوت وارضَ بما قسم الله لك، واصمُت إلاَّ من خَير، فرحمة الله على الجُنيد وأين مثلُ الجنيد في علمه وحاله؟. [السير (تهذيبه) 3/1133].
حكمــــــة
أقوال وحكم في القناعة والرضا: مر فتح الموصلي رحمه الله بصبيين مع أحدهما كسرة عليها عسل، ومع الآخر كسرة عليها كامخ، فقال الذي معه الكامخ للذي معه العسل: أطعمني من خبزك، قال: إن كنت كلبًا لي أطعمتك، قال: نعم! فأطعمه من خبزه وجعل في فمه خيطًا وجعل يقوده، فقال فتح: لو رضيت بخبزك، ما كنت كلبًا لهذا قال أبو موسى: فهكذا الدنيا. [الحلية (تهذيبه) 3 / 75].
حكمــــــة
رضا العبد عن الله وعن أقداره وعدم الشكوى للمخلوق: عن نافع قال: اشتكى ابن لعبد الله بن عمر رضى الله عنه فاشتد وجده عليه حتى قال بعض القوم: لقد خشينا على هذا الشيخ أن يحدث بهذا الغلام حدث، فمات الغلام فخرج ابن عمر في جنازته، وما رجل أشد سرورًا منه، فقيل له في ذلك، فقال ابن عمر: إنما كان رحمة له، فلما وقع أمر الله رضينا به. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/457].
حكمــــــة
رضا العبد عن الله وعن أقداره وعدم الشكوى للمخلوق: عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: إن الرجل ليشرف على الأمر من التجارة أو الإمارة، حتى يرى أنه قد قدر عليه، ذكره الله فوق سبع سموات، فيقول للملك: اذهب فاصرف عن عبدي هذا، فإني إن أيسره له أدخله جهنم، فجيء الملك فيعوقه فيصرف عنه، فيظل يتطير بجيرانه إنه دهاني فلان، سبقني فلان، وما صرفه عنه إلا الله. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/433].
حكمــــــة
رضا العبد عن الله وعن أقداره وعدم الشكوى للمخلوق: قيل للحسن بن علي رضى الله عنه: إن أبا ذر رضى الله عنه يقول: الفقر أحب إلي من الغنى، والسقم أحب إلي من الصحة فقال: رحم الله أبا ذر أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار الله له لم يتمن أن يكون في غير الحالة التي اختار الله له. وهذا حد الوقوف على الرضا بما تصرف به القضاء. [البداية والنهاية 8/204، 205].
حكمــــــة
رضا العبد عن الله وعن أقداره وعدم الشكوى للمخلوق: عن شهر بن حوشب قال: طُعن عبد الرحمن بن معاذ بن جبل رحمه الله -أي أصيب بمرض الطاعون- فدخل عليه أبوه فقال له: كيف تجدك أي بني؟ قال له: يا أبه: " الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " [البقرة: 147] فقال له معاذ: " سَتَجِدُنِي إِن شَاء الله مِنَ الصَّابِرِينَ " [الصافات: 102]. [موسوعة ابن أبي الدنيا 5/341].
حكمــــــة
رضا العبد عن الله وعن أقداره وعدم الشكوى للمخلوق: عن الحسن رحمه الله قال: عاد نفرٌ من الصدر الأول رجلا، فوجدوه في الموت، فقال له بعض القوم: ما عندك في مصرعك هذا؟ قال: الرضا والتسليم لأمر الله، قال: فما برح القوم حتى قضى، قال الحسن: عرف والله وأن مَوْئِلَهما إلى خير. [موسوعة ابن أبي الدنيا 5/339].
حكمــــــة
رضا العبد عن الله وعن أقداره وعدم الشكوى للمخلوق: قال عبد الله بن عمر الكوفي: كان عندنا بالكوفة رجل قد خرج عن دنيا واسعة وتعبّد، قال: وكان الفضيل بن عياض بالكوفة في أيامه قال: فقدم ابن المبارك، فقال له الفضيل: إن ها هنا رجلاً من المتعبدين قد خرج عن دنيا فامض بنا إليه ننظر عقله، قال: فجاؤوا إليه وهو عليل، وعليه عباءة، وتحت رأسه قطعةُ لبنة، قال: فسلّم ابن المبارك عليه، ثم قال: يا أخي بلغنا أنه ما ترك عبدٌ شيئًا لله، إلا عوّضه الله ما هو أكثر منه، فما عوّضك؟ قال: الرضا بما أنا فيه. فقال ابن المبارك: حسبك، وقاما على ذلك. [صفة الصفوة 3/129].
حكمــــــة
رضا العبد عن الله وعن أقداره وعدم الشكوى للمخلوق: وقال عبد الله بن عون رحمه الله: لن يصيب العبدُ حقيقة الرّضا حتى يكون رضاه عند الفقر كرضاه عند الغنى، كيف تستقضي(أي تطلب من الله أن يقضي لك) الله في أمرك، ثم تسخط إن رأيت قضاءه مخالفًا لهواك، ولعلّ ما هويت من ذلك لو وُفّق لك فيه هُلْكك، وترضى قضاءه إذا وافق هواك؟ ما أنصفت من نفسك، ولا أصبت باب الرضا. [صفة الصفوة 3/223].
حكمــــــة
رضا العبد عن الله وعن أقداره وعدم الشكوى للمخلوق: عن أبي علي الرازي قال: صحبت الفضيل بن عياض رحمه الله ثلاثين سنة، ما رأيته ضاحكًا ولا متبسمًا إلا يوم مات ابنه علي، فقلت له في ذلك فقال: إن الله - عزَّ وجلَّ - أحب أمرًا فأحببت ما أحب الله. [الحلية (تهذيبه) 3 / 17]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: حاله - أي الفضيل - حال حسن بالنسبة إلى أهل الجزع، وأما رحمة الميت مع الرضا بالقضاء وحمد الله تعالى، كحال النبي صلى الله عليه وسلم فهذا أكمل. كما قال تعالى: " ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ " [البلد17] فذكر سبحانه التواصي بالصبر والمرحمة. مجمُوع الفَتاوَى 10/30.
حكمــــــة
رضا العبد عن الله وعن أقداره وعدم الشكوى للمخلوق: كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول: لقد تركت هؤلاء الدعوات، وما لي في شيء من الأمور كلها إرب-أي حاجة- إلا في مواقع قدر الله، وكان كثيراً مما يدعوا به: اللهم رضني بقضائك، وبارك لي قدرك، حتى لا أحب تعجيل شيء أخرته، ولا تأخير شيء عجلته. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/424].
حكمــــــة
رضا العبد عن الله وعن أقداره وعدم الشكوى للمخلوق: عن سليمان الخواص رحمه الله قال: مات ابن لرجل فحضره عمر بن عبد العزيز، فكان الرجل حسن العزاء، فقال رجل من القوم: هذا والله الرضا. فقال عمر بن عبد العزيز: أو الصبر. قال سليمان: الصبر دون الرضا، الرضا أن يكون الرجل قبل نزول المصيبة راضيًا بأي ذلك كان، والصبر أن يكون بعد نزول المصبية يصبر. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/325].
حكمــــــة
رضا العبد عن الله وعن أقداره وعدم الشكوى للمخلوق: عن علي بن الحسن رحمه الله قال: كان رجل بالمصيصة ذاهب النصف الأسفل، لم يبق منه إلا روحه في بعض جسده، ضرير، على سرير مثقوب له للبول، فدخل عليه داخل فقال له: كيف أصبحت يا أبا محمد؟ قال: ملك الدنيا، منقطع إلى الله، ما لي إليه من حاجة إلا أن يتوفاني على الإسلام. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/438].
حكمــــــة
رضا العبد عن الله وعن أقداره وعدم الشكوى للمخلوق: قال ابن عون رحمه الله: ارض بقضاء الله على ما كان من عسر ويسر، فإن ذلك أقل لهمك، وأبلغ فيما تطلب من آخرتك، واعلم أن العبد لن يصيب حقيقة الرضا حتى يكون رضاه عن الفقر والبلاء كرضاه عند الغنى والرخاء، كيف تستقضي الله في أمرك ثم تسخط إن رأيت قضاءً مخالفًا لهواك، ولعل ما هويت من ذلك لو وفق لك لكان فيه هلكتك، وترضى قضاءه إذا وافق هواك، وذلك لقلة علمك بالغيب، وكيف تستقضيه إن كنت كذلك، ما أنصفت من نفسك، ولا أصبت باب الرضا. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/441].
حكمــــــة
الذكـر: قال كعب رضى الله عنه: من أكثر ذكر الله برىء من النفاق. [جامع العلوم والحكم / 578]. قال ابن رجب رحمه الله: ويشهد لهذا المعنى أنّ الله وصف المنافقين بأنهم لا يذكرون الله إلاّ قليلًا، فمن أكثر ذكر الله، فقد باينهم في أوصافهم، ولهذا ختمت سورة المنافقين بالأمر بذكر الله، وأن لا يُلهي المؤمن عن ذلك مال ولا ولد، وإن من ألهاه ذلك عن ذكر الله فهو من الخاسرين. جامع العلوم والحكم / 578.
حكمــــــة
الذكـر: قال جعفر بن محمد رحمه الله: فقد أبي رحمه الله بغلةً له، فقال: لئن ردّها الله - عزَّ وجلَّ - لأحمدنّه محامدَ يرضاها، فما لبث أن أُتيَ بها بسرْجها ولجامها، فركبها، فلما استوى عليها وضمّ عليه ثيابه رفع رأسه إلى السماء، وقال: الحمد لله. لم يزد عليها، فقيل له في ذلك فقال: وهل تركتُ أو أبقيت شيئًا؟ جعلتُ الحمد كلّه لله - عزَّ وجلَّ. [صفة الصفوة 2/460].
حكمــــــة
الذكـر: عن بكر بن عبد الله رحمه الله: أنه لحق حمالاً عليه حمله وهو يقول: الحمد لله وأستغفر الله قال: فانتظرته حتى وضع ما على ظهره، وقلت له: أما تحسن غير ذي؟ قال: بلى، أحسن خيرًا كثيرًا؛ أقرأ كتاب الله، غير أن العبد بين نعمة وذنب، فأحمد الله على نعمائه السابغة، وأستغفره لذنوبي فقلت: الحمال أفقه من بكر. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/486].
حكمــــــة
الذكـر: عن ثابت البناني رحمه الله قال: بلغنا أن العبد المؤمن، يوقف يوم القيامة بين يدي الله - عزَّ وجلَّ - فيقول الله له: يا عبدي أكنت تعبدني فيمن يعبدني؟ قال: فيقول: يا رب نعم! قال: فيقول له: أكنت تدعوني فيمن يدعوني؟ فيقول: يا رب نعم! فيقول: أكنت تذكرني فيمن يذكرني؟ قال: يقول: يا رب نعم! قال: فيقول له: وعزتي ما ذكرتني في موطن قط إلا ذكرتك فيه، ولا دعوتني بدعوة قط إلا استجبتها لك. [الحلية (تهذيبه) 1 / 405].
حكمــــــة
الذكـر: عن ابن عون رحمه الله قال:ذِكْرُ الناسِ داءٌ، وذكْرُ الله دواءٌ. قال الذهبي رحمه الله: إي والله، فالعجبُ منا ومن جهلنا كيف ندعُ الدواء ونقتحمُ الداء؟! قال - تعالى -: " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " [البقرة:152] وقال: " وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ " [العنكبوت: 45] وقال: " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " [الرعد: 28] ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله. ومَنَ أدمن الدعاء ولازَمَ قَرْع البابِ فُتح له. [السير (تهذيبه) 2/657].
حكمــــــة
الذكـر: عن ابن أبي عدي قال: أقبل علينا داود بن أبي هند رحمه الله فقال: يا فتيان أخبركم لعل بعضكم أن ينتفع به، كنت وأنا غلام أختلف إلى السوق، فإذا انقلبت إلى بيتي جعلت على نفسي أن أذكر الله تعالى إلى مكان كذا وكذا، فإذا بلغت ذاك المكان، جعلت على نفسي أن أذكر الله تعالى إلى مكان كذا وكذا، حتى آتي المنزل. [الحلية (تهذيبه) 1 / 464].
حكمــــــة
أهمية الدعاء والتضرع إلى الله والتذلل له وما قيل في ذلك: عن سلمان الفارسي رضى الله عنه قال: إن العبد إذا كان يدعو الله في السراء، فنزلت به الضراء، فدعا قالت الملائكة: صوت معروف من آدمي ضعيف. فيشفعون له. وإذا كان لا يدعو الله في السراء، فنزلت به الضراء قالت الملائكة: صوت منكر من آدمي ضعيف، فلا يشفعون له. [صفة الصفوة 1/259].