16. حياة السلف بين القول والعمل
16. حياة السلف بين القول والعمل
ذم الركون إلى الدنيا والفرح بمتاعها: قال الجنيدُ رحمه الله: ما أخذنا التَّصَوّف عن القال والقيل، بل عن الجوعِ، وتَرْكِ الدُّنيا، وقطعِ المألوفات. قال الذهبي رحمه الله: هذا حسن، ومُرادُه: قطعُ أكثر المألوفات، وتركُ فضول الدُّنيا وجوعٌ بلا إفراط، أمَّا من بالغ في الجوع كما يفعله الرُّهبان، ورفضَ سائر الدُّنيا، ومألوفاتِ النَّفس، من الغذاء، والنوم والأهل، فقد عرَّض نفسه لبلاء عريض، وربما خُولِطَ في عقله، وفاته بذلك كثير من الحنيفيَّة السَّمحَة، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا، والسَّعادة في متابعة السُّنَنِ. فزِن الأمورَ بالعدل، وصُم وأفطِر، ونَم وقُمْ، والزمِ الورعَ في القوت وارضَ بما قسم الله لك، واصمُت إلاَّ من خَير، فرحمة الله على الجُنيد وأين مثلُ الجنيد في علمه وحاله؟. [السير (تهذيبه) 3/1133].