" عاقبة مدمن "
" عاقبة مدمن "
توفي زوجها تاركا لها أبناءه الخمسة – ولدان وثلاث بنات -..
شعرت بثقل الحمل على عاتقها.. تعبت كثيرا في تربيتهم.. قرت عينها عندما رأتهم كبارا..
كانت تتألم لحال ولدها الأصغر.. فقد انحرف عن الجادة.. وسلك سبل الضلال..
آه.. ماذا أفعل له..
ينظر إليها ابنها الأكبر..لماذا لا تزوجيه يا أمي.. عسى أن يصلح حاله بالزواج..
إيه يا بني.. إنه فتى طائش.. لا هم له إلا اللهو والعبث..
وأين التي ستقبل به زوجا لها يا بني..؟!!
لابد أن تجديها يا أماه..
وتوافق الأم على الفكرة.. وتعرض الأمر على ولدها الأصغر.. وتقنعه بصعوبة.. وتشرع في البحث عن المرأة المناسبة.. تدخل البيوت لتطلب زوجة لابنها فترد خائبة حسيرة.. تواصل البحث دون كلل.. تُرد مرات ومرات.. تعاود البحث في مشوار طويل.. تصاب بحالة من اليأس.. تدلها جارة لها على بيت في البلدة.. تنهض وتتوجه إليه.. تقف أمام بوابته مترددة..
آه.. هل سيقبل هؤلاء بابني زوجا لابنتهم.. إن فشلت هذه المرة فلن أبحث له بعدها عن زوجة أبدا..
ويتكلل بحثها بالنجاح.. وتخرج والابتسامة على شفتيها..
الحمد لله.. أخيرا حصلت على البنت الصالحة..
ويعلم ابنها بذلك.. يوافق مع عدم المبالاة.. يتهيأ أهل الفتى وأهل الفتاة لاحتفال بالزواج.. يُكتب عقد النكاح.. تنتقل البنت لبيت زوجها.. تعيش معه أياما في سعادة وسرور..
وتمضي أيام الهناء وكأنها ساعات.. وتتغير معاملة الزوج لزوجته شيئا فشيئا.. يتسلل الجفاء للبيت ليباعد بين الزوجين.. تنفسخ عرى المودة بالتدريج.. ينقشع ضباب المحبة.. يدخل عليها في أحد الأيام..
لا تؤاخذيني يا عزيزتي فإني عازم على السفر غدا..
تسافر وحدك..؟! نعم سأسافر وحدي فلدي عمل..
وما هو هذا العمل..؟!
عمل خاص لا شأن لك به..
كيف تقول هذا؟.. يجب أن أعرف أين تذهب..
ينظر إليها بغضب..ماذا تقولين.. أتظنين أنك ملكتيني بالزواج..
ألست زوجي..؟!
اغربي عن وجهي.. (يضربها على وجهها..) !
تُفاجأ بهذا التحول العجيب.. تضربني وأنا حامل..
لا يأبه بما تقول.. يتركها ويولي خارج البيت.. يسافر في اليوم التالي مع أصدقائه.. يعود لسابق عهده من اللهو والعبث وارتكاب المحرمات..
تشعر زوجته بالضيق.. تخبر أهلها بما حدث.. يشعر أهلها بالهوان.. ينصحها والدها ويوصيها بالصبر..
أخبرت أمه بحاله..
صبرا يا ابنتي.. لعله إن رأي ولده يتغير حاله..
وتلد زوجته ولدا.. ويعلم بذلك.. ويقبل عليها ويعود إليها أياما.. ثم سرعان ما يحن لعاداته الخبيثة.. يزور بعض رفاق السوء.. يزينون له الباطل.. يسحبه التيار ليعاود ممارسة أعماله الخبيثة..
وتمر الأيام والزوجة صابرة مصابرة.. تحاول ثنيه عن غيه.. توجه له النصائح والمواعظ.. تسعى وتجتهد في إصلاحه دون جدوى..
تلد له طفلا آخر.. تأمل أن يردعه ذلك عما هو فيه من ضلال.. تذكره بولديه دون فائدة..
ويمضي مع شياطين الإنس.. وتنتقل زوجته لبيت أهلها.. يحاول إرجاعها فتشترط عليه الابتعاد عن رفاق السوء والإقلاع عن شرب الخمر.. يوافق على شروطها.. تعود للمنزل.. تمر أيام ثم يعود لسابق عهده من جديد.. تطلب منه الطلاق.. يضجر ويولي مبتعدا عن البيت.. يسافر مع رفاقه مرة أخرى.. تنتظره أمه.. وتنتظره زوجته.. وينتظره جميع أقاربه.. طالت غيبته هذه المرة..
ترى ما الذي حدث له..!
لابد أنه وقع في مأزق..! ربما أصابه مكروه..!
ويرن جرس الهاتف.. ترفع الأم السماعة..
من؟!.. ماذا؟.. نعم إنه ولدي.. ماذا حدث له.. لا.. لا.. تبكي بمرارة وتضع السماعة.. تصرخ زوجته..
ماذا حصل له..؟ إنه في المستشفى.. ماذا أصابه؟!
أصيب بالمرض الخبيث.. إنه يعاني من سكرات الموت..
ويقضي نحبه في المستشفى بعد صراع مع المرض.. وتشهد العائلة خاتمته السيئة.. ويهمس الابن الأكبر في أذن أمه..
لا تحزني يا أمي فقد أزاح الله عنا همه، وأراحنا من شره..
مختارات