أنماط: (55) نموذج الأخ (الأحول)!
ومن أعجب الأنماط وأغرب النماذج نموذج الأخ (الأحول)..!
ولست أعني بالحول تلك الحالة التي تصيب حدقة العين بشكلٍ وراثي أو كسبي.. فتجعله ينظر أو يبدو كأنه ينظر لنقطة أخرى بخلاف ما ينبغي أن ينظر إليه؛ فذلك لا يعيب شخص المرء أو ينقصه ولكن عن الحول الفكري أتحدَّث..
الحول الذي يجعل الشخص ينحرِف بفهمه لمناطات الكلام إلى جهاتٍ أخرى بخلاف المراد منه فيُقَوِّلُك ما لم تقله ويُلزمُك بما ليس بلازم، ويفترض افتراضات بعيدة كل البُعد عن حقيقة الكلام..!
فمثلًا إذا وعظته أو ذكَّرته بالله وجدته يقول: يعني أنت عايز تقول يعني إننا نسيب الدنيا تضرب تقلب ونقعد نتكلَّم عن الرقائق أُمَّال فين من لم يُعنَ بأمر المسلمين فليس منهم؟!
وإذا فعلت العكس وكلَّمته عن الصدع بكلمة الحق أو علَّقت على ظلمٍ وبغي تجد نظيره الأحول الآخر يقول لك بورعٍ وخشوع: يا أخي قسيتم قلوبنا بالحديث عن السياسة والأحداث أين أنتم من الدعوة والوعظ والتذكير؟!
وهكذا دواليك..
كلِّمه عن العلم وفضله وستجده يرد: وأين العمل؟ علمٌ بلا عمل كشجرٍ بلا ثمر... فلتُكلِّمه إذًا عن العمل والبذل ثم انتظر نظيره يفهم الكلام على أنه احتقار للعلم وأهله..
كلِّمه عن العبادة وأهمية الصلاح الشخصي واستمع بعدها إلى استنكاره لفهمك الأناني المتدروِش المُنصرِف عن هموم الأمة، فإذا كلَّمته عن تلك الهموم ستجد بانتظارك استدلالات التغيير الذي ينبغي أن يبدأ من أنفسنا..
وكذلك الحول الفكري لا ينفك عن النظر إلى معنىً آخر غير الذي تشير إليه والتعلُّق بإلزاماتٍ لا يشترط وجودها، ومع هذا النمط عليك الأخذ بوجهه بهدوء ولفت انتباهه بيدك إلى تلك النقطة التي تشير إليها وتقول له: بُص.. أيوه في هذا الاتجاه.. ها هي هناك وليس حيث تنظر..!
وعليك بعدها أن تُبيِّن له أنها في النهاية مجرّد نقطة.. نقطة من ضمن نقاط أخرى..!
نقطة واحدة... وحسب!
مختارات