الزهد الكبير للبيهقى 1
حكمــــــة
« ثلاثة من أعلام الصلاح في الغنى : الزهد من الحرام تاركا له ، وإخراج الحقوق من المال أداء للغرض فيه ، والتواضع لجميع الناس خوفا من الكبر ، وثلاثة من أعلام الصلاح في الفقر : القناعة بالمقدور له من الرزق ، وطلاقة الوجه إظهارا للشكر على النعم ، وترك التواضع للمكثر طمعا فيه ، وثلاثة من أعلام حب الآخرة : كثرة البكاء ، والذكر لها ، ودوام الشوق إليها ، وبغض الدنيا من أجلها »
حكمــــــة
« أهل الزهد في الدنيا على طبقتين : فمنهم من يزهد في الدنيا ولا يفتح له في روح الآخرة ، فهو في الدنيا مقل قد يئست نفسه من شهوات الدنيا ولم يفتح له في روح الآخرة ، فليس شيء أحب إليه من الموت لما يرجو من روح الآخرة ، ومنهم من زهد في الدنيا ويفتح له في الآخرة ، فليس شيء أحب إليه من البقاء للتمتع بذكر الله عز وجل ألا بذكر الله تطمئن القلوب ورغبة في أن يذكر الله فيذكره ؛ لأن الميت ينقطع عمله ، وقد قال تعالى : فاذكروني أذكركم ، فقال : معناه اذكروني بطاعتي أذكركم برحمتي وثوابي »
حكمــــــة
« إياك أن تكون في المعرفة مدعيا ، أو تكون بالزهد محترفا ، أو تكون بالعبادة متعلقا » قيل له : فسر لنا ذلك رحمك الله ، فقال : « أما علمت أنك إذا أشرت في المعرفة إلى نفسك بأشياء معرى عن حقائقها كنت مدعيا ، وإذا كنت في زهدك موصوفا بحالة فيك دون الأحوال كنت منحرفا - أو قال : محترفا - وإذا علقت بالعبادة قلبك وظننت أنك تنجو من الله عز وجل بالعبادة لا بالله عز وجل كنت بالعبادة متعلقا لا بوليها والمنان بها عليك »
حكمــــــة
ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغضه حبيبك ، ذم مولانا الدنيا فمدحناها ، وأبغضها فأحببناها ، وزهد فيها فآثرناها ، ورغبنا في طلبها ، ووعدكم خراب الدنيا فحصنتموها ، ونهاكم عن طلبها فطلبتموها ، وأنذركم الكنوز فكنزتموها ، دعتكم إلى هذه الغرارة دواعيها فأجبتم مسرعين مناديها ، خدعتكم بغرورها ، ومنتكم فأقررتم خاضعين لأمانيها ، تتمرغون في زهراتها ، وتتمتعون في لذاتها ، وتتقلبون في شهواتها ، وتلوثون بتبعاتها ، تنبشون بمخالب الحرص عن خزائنها ، وتحفرون بمعاول الطمع في معادنها ، وتبنون بالغفلة في أماكنها ، وتحصنون بالجهل في مساكنها