" الصلاة وسيلة لسعة الرزق "
" الصلاة وسيلة لسعة الرزق "
الصلاة مجلبة للرزق، حافظة للصحة، دافعة للأذى، مطردة للأدواء، مقوية للقلب، مبيضة للوجه، مفرحة للنفس، مذهبة للكسل، منشطة للجوارح، ممدة للقوى، شارحة للصدر، مغذية للروح، منورة للفلب، حافظة للنعمة، دافعة للنقمة، جالبة للبركة، مبعدة من الشيطان مقربة من الرحمن (زاد المعاد في هدي خير العباد).
قال الله سبحانه وتعالى: " وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ " (طه:132).
أمر الله جلا وعلا نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بأن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم، ويصطبر عليها ويلازمها: وهذا الخطاب يدخل في عمومه جميع الأمة (الجامع لأحكام القرآن).
وقوله: " وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ " أي: استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلاة، واصبر أنت على فعلها، واستعينوا بها على خصاصتكم، ولا تهتم بأمر الرزق والمعيشة، فإن رزقك مكفي من عندنا، وقوله " وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا " أي: ثابر على الصلاة بإقامتها، بحدودها وأركانها وآدابها وخشوعها، فكما تأمر أهلك بالصلاة فحافظ عليها أنت فعلًا؛ لأن الوعظ بلسان الفعل أتم منه بلسان القول، وقوله: " لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ " أي: لا نكلفك أن ترزق نفسك ولا أهلك، نحن نرزقك وإياهم، فإذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب، ففرغ بالك لأمر الآخرة، وحافظ على الصلاة غير مشتغل عنها بأمر المعاش (الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل).
وليس المقصود بالآية التكاسل عن طلب الرزق، وترك التكسب؛ لأنه تعالى قال في وصف المتقين: " رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ " (النور:37 ) أي: كانوا يبيعون ويشترون، ولكن لا يلهيهم ذلك عن حضور الصلاة، وأن يقيموا كما أمرهم الله، وأن يحافظوا على مواقيتها (مفاتيح الغيب).
وكان السلف الصالح من الصحابة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إذا أصابتهم خصاصة أو شدة أو ضيق بادروا إلى الصلاة، وأمروا أهلهم بها:
1- كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله للصلاة، يقول لهم: «الصلاة، الصلاة، ثم يتلو هذه الآية: " وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ " (أخرجه البيهقي في السنن الصغرى وإستاده صحيح).
2- كان الإمام الفقيه عروة بن الزبير رضى الله عنه إذا دخل على أهل الدنيا فرأى من دنياهم طرفا أي: نفائس الأموال التي يندر مثيلها، رجع إلى أهله، فدخل بيته فقرأ: " وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " (طه:131) إلى قوله: " نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ " ثم ينادي الصلاة الصلاة رحمكم الله، ويصلي (أخرجه ابن أبي شبية في مصنفه).
3- كان الإمام، القدوة، الواعظ، الحجة بكر بن عبدالله المزني – رحمه الله تعالى - إذا أصاب أهله خصاصة قال: قوموا فصلوا، ثم يقول: بهذا أمر الله تعالى ورسوله، ويتلو هذه الآية: " وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ " (الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل).
مختارات