" عقبةُ الكفر "
" عقبةُ الكفر "
الكفر هو أعظم العقبات التي تواجه المسلم، وأشدها خطورة عليه؛ إذ بحصوله ينتقل العبد من ديوان السعداء إلى ديوان الأشقياء، ومن زمرة عباد الله المفلحين إلى زمرة أعداء الله الكافرين، ومن حزب الله الفائزين إلى حزب الشيطان الهالكين.
وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم أمَّته من الكفر فقال صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفَّارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» (رواه النسائي وصححه الألباني).
والكفر يحبط العمل، ويوجب غضب الله ولعنه وعذابه في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: " وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " [البقرة: 39].
وقال تعالى: " فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ " [البقرة: 89].
وقال سبحانه: " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " [البقرة: 161].
والكفر من فعل الشياطين؛ كما قال تعالى: " وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا " [البقرة: 102].
والكفار شرُّ خلق الله على الإطلاق؛ كما قال سبحانه: " إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ " [الأنفال: 55].
أنواع الكفر
الكفر نوعان: كفر أكبر وكفر أصغر.
أ- الكفر الأكبر: وهو الكفر الاعتقادي المضادُّ لأصل الإيمان، وبحصوله يخرج العبد من الإسلام، ويُحبط عمله، ويوجب له الخلود في النار مع الكافرين.
أنواع الكفر الأكبر: الكفر الأكبر خمسة أنواع هي: كفر التكذيب، وكفر الاستكبار، والإباء مع التصديق، وكفر الإعراض، وكفر الشك، وكفر النفاق.
أولاً: كفر التكذيب: وهو اعتقاد كذب الرسل أو اعتقاد كذب أحدهم.
ثانيًا: كفر الإباء والاستكبار مع التصديق:
وهو سبب كفر عامة الكفار؛ بل هو سبب كفر إبليس وفرعون واليهود وغيرهم من أعداء الرسل؛ كما حكى تعالى عن فرعون وقومه أنهم قالوا: " أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ " [المؤمنون: 47]؛ فلم يصرفهم عن الإيمان بموسى وهارون سوى الكبر والغرور.
ثالثًا: كفر الإعراض: وذلك بأن يُعرض بسمعه وقلبه عن الرسول؛ فلا يصدقه، ولا يكذبه، ولا يواليه ولا يعاديه، ولا يقبل ما جاء به ولا يرده.
رابعًا: كفر الشك: وذلك بأن يشك في أمر الرسول، فلا يتيقن صدقه أو كذبه، ولو تأمل هذا الشاك في آيات صدق الرسول لأزالت عن بصيرته كل شك وشبهة.
خامسًا كفر النفاق: وهو إظهار متابعة الرسول مع رفض ما جاء به وجحده بالقلب؛ فهو مظهر للإيمان مبطن للكفر.
ب- الكفر الأصغر: وهذا النوع من الكفر لا يخرج به العبد من الإسلام؛ ولكنه يستحق به الوعيد الشديد والعذاب الأليم في جهنم دون الخلود فيها، ويُعَدُّ صاحبُه مرتكبًا لكبائر الذنوب وعظائم المعاصي؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اثنتان في أمتي هما بهم كفر: الطَّعن في النَّسب والنياحة» (رواه مسلم).
ومن مظاهر الكفر الأصغر: قتال المسلم، والحلف بغير الله، وإتيان الكهَّان، وإتيان المرأة في دبرها، وقول المؤمن لأخيه المؤمن: يا كافر. وغيرها.
فاحذر أخي المسلم من الكفر بجميع أنواعه، واحذر المعاصي؛ فإنها بريد الكفر، واعلم أن الكفر قد يحدث بسبب اعتقاد واحد أو قول واحد باللسان، أو عمل واحد بالجوارح؛ قال تعالى في الذين استهزؤوا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ " [التوبة: 65، 66].
مختارات