" معالجة الآفات النفسية والخلقية "
" معالجة الآفات النفسية والخلقية "
بما تم ذكره يتبين لنا الآثار الإيجابية والعلاج، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن للحسنة ضياءً في الوجه، ونورًا في القلب وقوةً في البدن، وسعة في الرزق، ومحبةً في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادًا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبغضًا في قلوب الخلق (الوابل الصيب).
وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: ما عمل رجلٌ عملاً إلا ألبسه الله تعالى رداءه، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر (الوابل الصيب).
(مجلة التوحيد): ولعله قدر الإنسان أن يعاني نفسيًا أو عقليًا في وقت ما من عمره من بعض الخوف والقلق، وأحيانًا يفقد الإنسان عقله تمامًا وما من أحد إلا أصابه القلق والتوتر في وقت ما بسبب أو بدون سبب «كالتفكير في بعض الأمور» وهذا ما بينته إحصائيات منظمة الصحة العالمية، وتؤكد أن 40% من المرضى المترددين على تخصصات الطب المختلفة لا يعانون من أي مرض عضوي، بل هم في حاجة إلى رعاية نفسية.
فالقلق والتوتر أصبح سمة أساسية للحياة الحديثة وكلما ازدادت المدنية ازدادت متطلبات الحياة تعقيدًا، وازدادت أسباب القلق والتوتر، حيث إننا نعيش في عصر طغت فيه المادة على كل شيء وأصبحت المنافسة رهيبة تصل أحيانًا إلى الصراع الدموي وتغيرت قيم كثيرة تتنافى أو تتعارض مع طبيعة الإنسان الأصلية، وأصبح الإنسان في هذا العصر يلهث دائمًا؛ لتحقيق تطلعاته التي لا تنتهي فيزداد قلقه وتوتره، ومن الغريب أن إنسان القرن العشرين صار أكثر شقاء وبؤسًا من إنسان القرون السابقة برغم انتصاراته ومكاسبه بفضل العلوم والاختراعات التي ذللت العقبات وزادت من الإمكانيات واختصرت الوقت والجهد، وبرغم هذا فإن الأمراض النفسية في المجتمعات والأفراد لم تترك عضوًا من أعضاء جسم الإنسان إلا هاجمته وأصابته بالمرض، فضغط الدم، وقرحة المعدة، وتصلب الشرايين، وآلام المفاصل، واضطراب المعدة والأمعاء من إسهال وإمساك، وسقوط الشعر، وفقدان القدرة الجنسية عند الرجل، والبرود الجنسي عند المرأة، وهناك العشرات من الأمراض العضوية والتي سببها الحياة المتوترة التي تضغط على الجهاز العصبي وبدوره يزيد من الهرمونات والعصارات والأنزيمات؛ ولذا يمكن القول دون مغالاة إن السعيد حقًا هو الذي يتمتع بالصحة النفسية التي تحقق له طمأنينة النفس، فلا مال أو منصب أو جاه أو جمال يمكن أن يحقق السعادة.
كما قال الإمام الشافعي في قصيدة طويلة منها:
ولست أرى السعادة جمع مالٍ ولكنَّ التقي هو السعيد
وهذا لا يتم إلا بالإسلام؛ لأنه الدين الحق الذي أنزله العليم الخبير بمكونات وأسرار الإنسان النفسية، والإسلام لم يهتم بتحديد وتوفير الحاجات المادية المناسبة لصحة الإنسان العضوية، بل اهتم بوضع الأسس الكفيلة بتحقيق النفس المطمئنة الآمنة الراضية التي لا تعاني من التوتر أو الخوف أو القلق، وقد تطرقت في هذا المبحث إلى بعض منها في فصل صفات النفس وعلاجها (بالاعتدال) وفضل تربية النفس «بالذكر والصلاة والصوم والصدقة» وفق المبادئ والأهداف الإسلامية حسب الكتاب والسنة، وبذلك يتحقق للمسلم الأمن والطمأنينة، وهو ما يسمى بعصرنا الحاضر (الصحة النفسية) التي غابت عن الكثير من أهل الغرب ونظريات علمائه التي ترقى إلى درجة النظرية العلمية، بل محاولات لرفض الأُسس والمسلمات التي يقوم عليها التحليل النفسي، وبالتالي فشلها في الوصول إلى فهم الإنسان وطبيعته التي لم تحقق له السعادة (تحسين الصحة النفسية) التي هي غاية كل نفس.
وفي ديننا الإسلامي فإنه يحرم قتل النفس (الانتحار) أو تعاطي المخدرات أو الذهاب للسحرة والمشعوذين من أجل تهدئة الأعصاب وعلاج التوتر والقلق، كما نرى في كثير من مجتمعات غربية وشرقية، حيث لو استعرضنا عدد جرائم الانتحار والضياع وتعاطي المخدرات وانتشار الشعوذة لطال بنا المقال، ولكن يكفى بنا الإشارة لبعض منها فقط، وكل هذا بسبب الابتعاد عن الدين والاهتمام بالجسد فقط، وكما يقول علماء النفس: لا خير في مجتمع صحيح البنية عليل النفس، وفي الدين الإسلامي العظيم السعادة والأمان وحلول لكل أمراض العصر المعروفة والحاضرة والمستقبلة.
والمثل يقول: «الوقاية خير من العلاج».
وهذه بعض المختارات بتصرف من كتاب أرقام مخيفة:
وهي عبارة عن أرقام وحقائق عن بعض المجتمعات المدنية والتي سيطر عليها الجانب المادي، حيث نجد العديد من الإفرازات الشاذة والحالات الاجتماعية الغريبة في ظل غياب الجانب الروحي في الحضارة الغربية (شرقًا وغربًا) لأن الحضارة الغربية هي السائدة سلوكًا ونظامًا في معظم دول العالم المختلفة، وهذه شملت جميع فئات المجتمع وطبقاته حيث نجد أطفال المدارس والمراهقين ونزلاء السجون وعمال المصانع والحوامل والمسنين والمشردين ورجال الأعمال والمثقفين والرياضيين... إلخ، حيث لجأ الكثير للخروج من حالته إلى العقاقير المهدئة والمنبهة والمخدرة... إلخ، إما بدافع ذاتي أو علاجًا في العيادات النفسية لروادها، وسوف أحاول أن أضع القارئ الكريم أمام هذه الأرقام، وما تحمله تلك الحقائق من آثار واهتمام ودلالات مملوءة بالخوف والترقب، وأحيانًا تعطينا معلومات خصبة نحن في شوق للاستزادة منها لتعطينا صورة واضحة المعالم لما يحويه عالمنا من أحداث ووقائع، وتبين لنا ما ننعم به نحن المسلمون، وما يسود مجتمعنا من أمن وقيم وتشريع وآداب وحقوق وسلوك، ينعكس على معاملاتنا في هذه الحياة الصعبة بفضل ارتباطنا بخالقنا والسير وفق المنهج الرباني، حيث إنه من لدن حكيم عليم، تحرم وتمنع هذه التصرفات وتنبذها جملة وتفصيلاً بدافع ذاتي (تقوى وتعبد) وتجعل من المسلم عونًا لأخيه المسلم في تحقيق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وبهذه المناسبة وحسب آخر إحصائية، والعدد إن شاء الله في زيادة، نجد أنه في وطننا العربي (36) ألف جمعية خيرية أهلية تعمل في مجال الرعاية الاجتماعية والثقافية الإسلامية في حياتنا الاجتماعية بالإضافة إلى المؤسسات الحكومية التربوية المختلفة.
والإحصائيات (أرقام مخيفة) الشاذة في المجتمعات الغربية كالتالي:
أولاً: المخدرات:
1- بلغ عدد المدمنين في أمريكا قبل عام 1985 من جملة عدد السكان 23 مليون حسب تصريح مدير مكتب السياسة القومية الخاصة بالمخدرات، وانخفض العدد في عام 1985 إلى (13) مليون بسبب انتشار مراكز العلاج، حيث طالب الرئيس السابق بتخصيص 17000 مليون دولار لعلاج المدمنين (خسائر اقتصادية كبيرة للبلد في ضياع الأموال والعلاج).
2- تعتبر أسعار الكوكايين في البرازيل في متناول الجميع، حيث يقوم الطلبة ببيعه بالإضافة على عقاقير الهلوسة في صالات الطعام في المدارس، ويقوم أطفال في سن الخامسة بتوزيع المخدرات لحساب تجار المخدرات (عصابات) حيث تمتلك تلك العصابات من الأسلحة والذخيرة ما يفوق تسلح الشرطة.
مختارات