" التوبة العامة والخاصة "
" التوبة العامة والخاصة "
إن الإنسان قد يستحضر ذنبًا أو ذنوبًا معينة فيتوب منها، وقد يتوب توبة عامة ينوي بها الإقلاع عن جنس الذنوب كلها، وما يكرهه الله، والندم على ذلك والرجوع إلى الطاعة بالكلية. وتفصيل ذلك:
أولاً: إذا تاب من ذنب وهو مُصرٌّ على آخر من نوعه؛ كأن يتوب من شرب الحشيشة وهو قائم على شرب الخمر، أو يتوب عن الزنا بامرأة وهو مصر على الزنا بغيرها – مثلاً – فتوبة مَنْ هذا حالُه غير صحيحة؛ لأنه لم يتب من الذنب؛ وإنما عدل عن نوع منه إلى نوع آخر منه – أيضًا – ولا يدخل في مسمى التائب.
ثانيًا: أن يتوب عن ذنب بعينه مع مباشرة آخر لا تعلق له به ولا هو من نوعه، مثل أن: يتوب عن بعض الذنوب دون بعض؛ كأن يتوب من قتل النفس وأكل أموال اليتامى، وهو مقيم على شرب الخمر وفعل الفاحشة، فهذه هي التوبة الخاصة، وحكمها أنها تصح فيما تاب منه، شريطة أن يكون المتروك ليس شرطًا في صحة المفعول؛ كالإيمان المشروط في غيره من الأعمال؛ كما قال الله تعالى: " وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا " [الإسراء: 19].
أما ما لم يتب منه فهو باقٍ عليه حتى يتوب منه.
إذن: فكل ذنب له توبة تخصه، وهي فرض منه لا تتعلق بالتوبة من الآخر، كما لا يتعلق أحد الذنبين بالآخر؛ فلو أتى مثلاً بفرض وترك فرضًا آخر، استحق العقوبة على ما تركه وأُثيب على ما فعله، ولا يكون ما ترك موجبًا لبطلان ما فعل؛ كمن أتى بالصلاة والزكاة وترك الصوم أو الحج مثلاً.
ثالثًا: أن ينتهي عن جميع الذنوب فينشيء توبة تستغرق كل ما رآه ذنبًا؛ فهذه هي التوبة العامة التي لم تُبق ذنبًا إلا تناولته؛ فمَنْ هذه حاله غُفرت ذنوبه كلها شريطة أن يلتزم بعد التوبة بفعل ما أمر الله به وترْك ما نهى عنه، ويندم على ما فرط في أي أمر أو ترك؛ صغيرًا كان أو كبيرًا، ويحقق بقية شروط التوبة.
مختارات