" الحرص على فضائل الأعمال "
" الحرص على فضائل الأعمال "
باب فضائل الأعمال باب واسع يشمل كل بر ومعروف؛ لا سيما ما كان فيه نفع للإسلام والمسلمين؛ فكن - حفظك الله - سبَّاقًا للخير باذلًا فيه وقتك وجهدك، وتذكَّر أن كل خطوة تخطوها في المعروف تكون لك ذخرًا عند الله وثوابًا.
وإنه لمن غرائب الأمور أن يشتكي العبد المؤمن من فراغ وقته، وباب الخير مفتوح على مصراعيه يناديه ويناشده؛ فكم هي كثيرة أَوْجُهُ البر.. وكم هي سهلة أعمال الفضل والخير.. ولكن لا يوفَّق إليها إلا من أَيَّدَه الله بعونه، وهداه إلى صرف أوقاته وعمره في تحصيلها؛ ومن ذلك: زيارة المرضى، وإجابة الدعوة، وإغاثة الملهوف، وإطعام الفقير، والسعي على الأرامل والأيتام، والزيارة الشرعية، واتباع الجنائز، وقضاء حوائج المسلمين.. وغيرها من الأعمال التي تنفع العباد وتعود بالنفع على المسلم يوم المعاد؛ فعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله! أيُّ الناس خير؟ قال: «من طال عمرُه وحسن عملُه» قال: فأيُّ الناس شرٌّ؟ قال: «من طال عمره وساء عمله» (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).
ومن آكد وسائل حفظ الأوقات بفضائل الأعمال:
11- عيادة المريض: ولئن كانت أوقات عيادة المريض قليلة نادرة، إلا أن ثمارَها عند الله عظيمةٌ جليلةٌ؛ فعن ثوبان أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «من عاد مريضًا لم يزل في خرفة الجنة» قيل: يا رسول الله، ما خرفة الجنة؟ قال: «جناها» (رواه مسلم).
فتأمَّل أخي الكريم في ثمرة حفظ الأوقات في صالح الأعمال؛ فإن زيارة المريض من أسهل الأعمال على النفس، وربما لم تكلف من الوقت إلا القليل، وقد جعل الله للعائد ثوابًا عظيمًا على ذلك؛ فهو حينما يعود المريض إنما يُحَصِّلُ من جنات النعيم جزءًا يجده عند الله - جل وعلا - يوم يلقاه.
فلا يفوتنك - أخي الكريم - هذا الفضل؛ فإن الحرصَ عليه حفظٌ للوقت في الدنيا ونجاةٌ للنفس يوم القيامة؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضتُ فلم تَعُدْني ! قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده ! أما علمت أنك لو عدتَه لوجدتني عنده» (رواه مسلم).
مرور الوقت نقص في الحياة وجَدُّ الأمر خال من مزاح
فمن يغنم زمان العمر يضحى مقيمًا في سرور وانشراح
12- الزيارة في الله تعالى: فزيارة الإخوان في الله تعالى من أحب القربات إلى الله؛ فهي ليست مضيعة ولا مطية إلى هدر الأوقات والأعمار إذا نوى الزائر بها وجه الله تعالى، والتزم في زيارته الآداب المشروعة من حسن الخلق وبشاشة الوجه وطيب الكلام والتناصح والتعاون.. فلا تظن أخي الكريم أنَّ تَفَقُّدَ الإخوان الصالحين من شيم المضيِّعين للأوقات؛ بل إنها من أنفس ما يبذل له الوقت؛ كما دلَّ على ذلك حديثُ أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله تعالى، ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك وتَبَوَّأْتَ من الجنة منزلاً» (رواه الترمذي وقال حديث حسن).
فاغتنم وقتَك في هذا الخلق النبيل واجعله وسيلة لحفظ لحظات عمرك، والتزم أدبه يكن لك خير معين على استثمار حياتك.
مضى أمسك الماضي شهيدًا معدلا وأصبحت في يوم عليك شهيد
فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة فثن بإحسان وأنت حميد
13- قضاء حوائج المسلمين: وهذه أيضًا من أَجَلِّ ما ينبغي المسارعة إليه، وبذل النفس والوقت والمال فيه، وهذه الوسيلةُ تتفرَّع عَنْها أعمال كثيرة جليلة، وتختلف باختلاف الحاجات والأحوال والقدرات؛ فَوَطِّن نفسَك أخي الكريم على اغتنام وقتك في قضاء حاجات إخوانك بما يَسَّرَه الله لك من جهد وصحَّة وفراغ؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الناس إلى الله – تعالى - أنفعُهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله - عز وجل - سرورٌ تُدْخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكفَ في هذا المسجد – إشارة إلى المسجد النبوي – شهرًا، ومَنْ كَفَّ غَضَبَه سَتَرَ اللهُ عورتَه، ومن كَظَمَ غيظَه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه وجاءً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمَه يوم تزول الأقدام، وإنَّ سوءَ الخُلُق يُفْسد العمل كما يفسد الخل العسل» (السلسلة الصحيحة) .
قال عبد الله بن عثمان (شيخ البخاري): " ما سألني أحدٌ حاجةً إلا قُمْتُ به بنفسي، فإن تَمَّ وإلا قمت به بمالي، فإن تم وإلا استعنت له بالإخوان، فإن تم وإلا استعنت له بالسلطان ".
فاحفظ وقتَك في قضاء حوائج المسلمين تكن أحبَّ النَّاس إلى الله تعالى.
لعمرك ما الأيام إلا معارة فما استطعت من معروفها فتزود
مختارات