" الاشتغال بالعلم والتعلم "
" الاشتغال بالعلم والتعلم "
6- طلب العلم: ومن أنفس وسائل حفظ الأوقات واستثمارها طلب العلم النافع، وبذل الجهد في تحصيله ونيله؛ فهو شرف في الدنيا ورفعة في الآخرة؛ فبه تستنير العقول، وتهتدي القلوب، وتستقيم الأفكار وتبتهج النفوس؛ فهو ذخيرة لا تفنى وكنز لا يبلى، طويل دربه، عظيم بحره، لا يسلكه إلا من علت همته واشتدت عزيمته، وصفت من الأخلاط فكرته، ومن الأكدار نهمته، فمضى بطموحه الوثَّاب يغالب الشدائد والصعاب، ويصابر بصدق عزم وصفاء نية نفسَه وأوقاته؛ ليجعلها رهينة العلم والعرفان في الملوان (الملوان: أي الليل والنهار).
وليس بغريب على ذوي الهمم العالية أن يُصَرِّفوا أوقاتهم ليلًا ونهارًا في سبيل العلم؛ فهم يدركون أن سعيَهم مشكور، وأن جهدَهم مأجورٌ مبرورٌ؛ فهم طامعون في الكنز النفيس الذي تركه الأنبياء والمرسلون؛ فهم المستحقُّون لإرثهم؛ لا لقرابة أو صلة؛ ولكن بسبب ما بذلوه من الجهد في الطلب والتَّعَلُّم؛ فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سَهَّلَ الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض؛ حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهما وإنما ورثوا العلم؛ فمن أخذه أخذ بحظ وافر» (رواه أبو داود والترمذي وابن حبان وصححه).
فاصرف أخي الكريم أوقاتك في هذه التجارة الرابحة والْحَقْ بقافلة الورثة من أهل العلم الأفذاذ، وأَدْل بدلوك في بحرهم.
واحرص رعاك الله على الحفظ والمطالعة وحضور حلقات العلماء الصالحين، والاستزادة من العلم في كل وقت وحين.
7- المطالعة والمراجعة والحفظ: فالكتاب أنيس لا يغيب وجليس لا يمل حديثه وكلامه؛ فهو خيرُ ما تُبْذَلُ فيه الأوقات وتجهد فيه النفوس والطاقات؛ قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى: فسبيلُ طالب الكمال في طلب العلم: الاطِّلاع على الكتب التي قد تخلفت من المصنفات من المطالعة؛ فإنه يرى من علو هممهم ما يشحذ خاطره ويحرك عزيمته للجد، وما يخلو كتاب من فائدة؛ فالله الله، وعليكم بملاحظة سير السَّلف، ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم؛ فالاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم، كما قيل: فاتني أن أرى الديار بطرفي فلعلي أرى الديار بسمعي
وإني أخبر عن حالي ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتابًا لم أره؛ فكأني وقعتُ على كنز، ولو قلت: إني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر، وأنا بعد في الطلب.
فانظر حفظك الله في سيرة هذا الرجل؛ كيف كانت المطالعة نهمته، والمراجعة همته؛ فلم يزل مواظبًا على التحصيل والطلب حتى فاق الأقران وصار علمًا في الأزمان، ومن طرائف حفظ الأوقات في المطالعة والحفظ أن الجاحظ كان يكتري الدكاكين من الوَرَّاقين، ويبيت فيها للنظر في الكتب.
فأشغل أخي الكريم وقتَك في القرآن والمطالعة؛ فإن ذلك هو طريق اكتساب الأدب والعقل والهدى.. فما الكتاب إلا جليس ناصح.
8- الاستفادة من الأشرطة النافعة: فكلما رأيتَ أخي الكريم من نفسك مللا عن القراءة والمطالعة فاعمد إلى سماع ما يفيدك من الأشرطة الإسلامية النافعة، فاحرص على اقتناء الدروس العلمية، وأشرطة الوعظ والرقائق والخطب والتوجيهات والنصائح، وتفرغ بنفسك لاستماعها والاستفادة من علومها؛ فإن ذلك من أهم وسائل التحصيل وحفظ الأوقات في هذا الزمان.
9- حضور النداوات والمحاضرات: فهي من الوسائل المفيدة في إشغال النفس بما يعود عليها بالنفع، لا سيما وهي تحتوي بمضمونها على الفوائد والعبر والتوجيهات والملح والفقه السليم للحياة المعاصرة، ونمط مواجهة ما فيها من التحديات والصعوبات التي تواجه الإسلام والمسلمين، واحرص - رعاك الله - على النافع منها مما يقوم به العلماء وطلبة العلم والغيورون على دين الله تعالى.
10- التعليم والمذاكرة: وإذا كنت ممن وَهَبَكَ اللهُ القدرة على التعليم، فاجعل منه وسيلةً للحفاظ على وقتك، وأشغل نفسك بتعليم المسلمين الخير؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا» (رواه مسلم).
مختارات