" البـارئ "
" البـارئ "
هذا الاسم يحتمل معنيين:
1- الموجد المبدع لما كان في معلومه من أصناف الخلائق؛ وهذا هو الذي يشير إليه قوله - جل وعز: " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ " [الحديد: 22] فهو – تعالى - بَرَّأَ الخَلْقَ وأوجدهم من عدم وهو عالمٌ بما أبدع قبل أن يبدع.
2- البارئ الذي فصل ومَيَّزَ الخَلْقَ بعضَه عن بعض، قالب الأعيان؛ أي أنه أبدع الماءَ والترابَ والنارَ والهواءَ من لا شيء، ثم خلق منها الأجسامَ المختلفة؛ كما قال - جل وعز: " إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ " [ص: 71].
فيكون هذا من قولهم برأ القَوَّاس القوس إذا صنعها من موادِّها التي كانت لها؛ فجاءت منها، لا كهيئتها.
البرء هو: الخلق على صفة، والبرء من تبرئة الشيء من الشيء؛ كقولهم برأت من المرض وبرئت من الدين.
والبريَّةُ هم الخلق: " إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ " [البينة: 7].
رغم أنَّ الأسماءَ الثَّلاثةَ (الخالق، البارئ، المصور) جاءت متلازمة دون حرف عطف بينها، إلا أن هناك فرقًا بينها:
- الخالق: عامٌّ والدِّلالة في كلِّ مخلوق، ويتضمَّن الإيجاد والتَّقْدير، وجاء اسمي البارئ المصور كتفصيل لمعنى اسم الخالق.
- والبارئ: عامٌّ في كلِّ مُبَرَّأ؛ وهو كُلُّ ما وجد بعد أن لم يكن؛ أي مجرَّد الإيجاد دونَ تقدير.
- والمصوِّرُ: يَخْتَصُّ بكلِّ خَلْق له صورة.
- أثر الإيمان بالاسم:
ذُكر اسم البارئ في القرآن ثلاث مرات؛ مرة جاءت كاسم بين اسمي الخالق والمصوِّر: " هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ " [الحشر: 24].
- ومَرَّتَيْن في آية واحدة: " وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * " [البقرة: 54]، وفي قوله: (إلى بارئكم): تنبيهٌ على عظم جُرْمهم بعبادة عجل صنعوه من حُليٍّ ذهبيَّة.
مختارات