" مجالات الدعوة إلى الله "
" مجالات الدعوة إلى الله "
أما عن أنواع التعاون مع مكاتب الدعوة فهو مجال واسع، وكل حسب استطاعته وقدرته، ولا شك أن التعاون مع مكاتب الدعوة والهيئات وغيرها مما يقوي كلمة الله، وبه ينتشر الإسلام، وأيضًا مما يقوي أهل الشريعة، وأهل الاستقامة والالتزام.
وفي استطاعة كل من قرأ القرآن على المشائخ، وحضر دروس العلماء في المساجد، وتفقه في دين الله، أن يبين ويعلم ويدعو إلى ما يعلمه، فإنه يصدق عليه أن يقال: هذا طالب علم، أو يقال: هذا عالم، وإن كان علمًا نسبيًا، فعليه أن يحرص على تعدي هذا العلم إلى غيره بأي وسيلة ممكنة له.
فإن استطاع أن ينتظم في سلك الدعاة إلى الله؛ سواء كان رسميًا أو متعاونًا، فإن ذلك خير وهو وسيلة من وسائل نشر العلم ونشر الدين.
ويؤسفنا اليوم قلة المنتظمين رسميًا في سلك الدعوة إلى الله، وكذلك قلة المتعاونين، فإنا بحاجة إلى زيادة العدد، وخاصة أن البلاد اليوم توسعت، والدعاة إلى الشر اليوم كثيرون، فإنا بحاجة إلى من يواجههم ويوقفهم عند حدهم، ويقلل من شرورهم وفسادهم.
إنني أنصح إخواني بالانضمام إلى إخوانهم الدعاة بأي وسيلة لديهم، ولو لم يحفظ إلا آيةً أو حديثًا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بلغوا عني ولو آية» (أخرجه البخاري).
نعم ! آية تحفظها أو حديثًا تحفظه، عليك أن تبلغه حتى تكون من العاملين بشريعة الله.
وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها» (أخرجه الترمذي وقال حديث حسن).
وأيضًا قوله صلى الله عليه وسلم: «فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع»(جزء من حديث أخرجه البخاري برقم (1741).
فيا أخي الشاب المستقيم ! الذي هداك الله لهذا الإسلام، ولهذا الدين؛ عليك ألا تحقر نفسك بالانضمام إلى إخوانك، فإنهم بحاجة إليك، وحتى تنفع نفسك بأدائك شيئًا من هذا الواجب، وتنفع إخوانك فتخفف من الوطأة التي يتحملونها؛ حيث إنهم يتكلفون في الذهاب إلى الأماكن البعيدة، وقد يشق ذلك عليهم فإذا وجدوا أن هذا تَعاوَنَ معهم، وهذا تعاوَنَ والثالث والرابع، فإن ذلك:
أولاً: يخفف الوطأة عليهم.
وثانيًا: تعمُّ المنفعة، فلا يقتصر الإنسان على نفسه ويقول: أصلحت نفسي ولا حاجة لي في غيري !!
بل نقول: هذه وساوس شيطانية، فإن الأمة بحاجة إلى علمك ودعوتك، وأن دعاة الشر كثيرون، وإذا لم يكن هناك من يقوامهم ومن يفند ضلالهم وشبهاتهم فلا شك أنهم ستقوى شوكتهم ويكون الأمر لهم بعد ذلك إلا أن يشاء الله.
أما عن مجالات الدعوة إلى الله، فهي كثيرة، وكل إنسان يختلف عن غيره، وكل يعرف قدراته وإمكاناته، ولكن نذكر على سبيل المثال، بعض هذه المجالات، حتى يعرف كل واحد مكانه منها، فمن ذلك:
1- الخطبة:
والخطبة مجال من مجالات الدعوة إلى الله وخاصة أن هناك خطباء ليسوا بأكفاء، ولديهم أخطاء كثيرة، إما بمعتقداتهم أو بوجهات نظرهم أو بمنهجهم.
فعلى الأخ الداعية الذي تعلم العلم الصحيح، واستقام على دين الله، أن ينتهز هذه الفرصة، ويكون خطيبًا في مسجد من المساجد، ويوجه هؤلاء المصلين الذين لا يسمعون موعظة دينية إلا في كل أسبوع مرة واحدة.
وعليه أن يختار لهم الخطب النافعة التي تعالج مشاكلهم، وتنبههم على ما هم غافلون عنه، فلعل الله أن يهدي به بعض الحاضرين فيتأثر بما يسمع، فيرجع عن غيِّه، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال لعلي: «لأن يهدي الله بكم رجلاً واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم»(أخرجه البخاري ومسلم).
2- الإمامة:
ومجال آخر من مجالات الدعوة إلى الله وهو تولي الإمام في مسجد من المساجد ليس فيه جمعة.
وما أكثر المساجد التي هي بحاجة إلى أئمة صادقين ومجتهدين، وحريصين على نفع غيرهم من إخوانهم المصلين، فإن كثيرًا من الأئمة إما جاهل وعلمه بالشريعة قليل جدًا، وإما لا يبالي بدعوة إخوانه المصلين ونصحهم وتنظيم الدروس العلمية لهم وتوجيههم.
والإمام الذي يتولى إمامة مسجد وقصده الصلاح ونفع إخوانه فإنه:
أولاً: تكون الصلاة خلفه مقبولة بإذن الله تعالى، وذلك أنه يحرص على إكمال شروط الصلاة وواجباتها وأركانها وسننها.
ثانيًا: أنه ينفع المصلين فإما أن يقرأ عليهم في كتاب مثلاً، أو يقرأ عليهم نصيحة، أو يفسر لهم آية، أو يشرح لهم حديثًا، أو نحو ذلك. فهو بذلك ينفع نفسه وينفع إخوانه المصلين.
إذًا فما الذي يعوقك يا أخي أن تتولى هذا المنصب، فتكون بذلك من الذين نفعوا أنفسهم ونفعوا الأمة، وأسقطوا الواجب عن غيرهم.
3- المساعدة:
ثم مجال آخر من مجالات الدعوة إلى الله، وهو مجال المعاونة والمساعدة بشتى أنواعها: المادية والمعنوية.
فإن مكاتب الهيئات ومكاتب الدعوة وغيرها بحاجة إلى من يساندهم ويساعدهم كلٌّ حسب قدرته واستطاعته، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
أما التعاون مع هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو واجب كل مسلم، وخاصة الملتزم والمستقيم.
وما ذاك إلا أنهم بحاجة إلى من يقف بجانبهم، وليس شرطًا أن يكون كبيرًا أو صغيرًا، أو عالمًا متخصصًا فما دام أنه عالمٌ أن هذا الأمر من المنكر وهذا الأمر من المعروف، فليس له العذر في أن يسكت على ذلك أو يقبع في منزله أو سوقه، ويترك هذه المنكرات تتمكن وتفشو.
مختارات