فوائد من كتاب الزهد لابن المبارك 6
حكمــــــة
عَن عَبد الله بن عَمْرو بن العاص أن عَمْرو بن العاص لما حضرته الوفاة قَالَ أي بني إذا مت فكفني في ثلاثة أثواب أزرني إحداهن ثم شقوا لي الأرض شقا وسنوا علي التراب سنا فإني مخاصم اللهم أمرت بأمور ونهيت عَن أمور اللهم فتركنا كثيرا مما أمرت به ووقعنا في كثير مما نهيت عنه اللهم لاَ إله إلاَّ أنت ثم أخذ بإبهامه فلم يزل يهلل حتى فاظ
حكمــــــة
عَن سعد بن إبراهيم رفع الحديث إلى بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ إذا فنيت أيام الدنيا عَن هذا المؤمن بعث الله إلى نفسه من يتوفاها قَالَ فقال صاحباه اللذان يحفظان عليه عمله إن هذا قد كان لنا أخا وصاحبا وقد حان اليوم منه الفراق فأذنوا لنا أو قَالَ دعونا نثني على أخينا فيقال أثنيا عليه فيقولان جزاك الله عنا خيرا ورضي عنك وغفر لك وأدخلك الجنة فنعم الأخ كنت والصاحب ما كان أيسر مؤنتك وأحسن معونتك على نفسك ما كانت خطاياك تمنعنا أن نصعد إلى ربنا ونسبح بحمده ونقدس له ونسجد له ويقول الذي يتوفى نفسه اخرج أيها الروح الطيب إلى خير يوم مر عليك فنعم ما قدمت لنفسك اخرج إلى الروح والريحان وجنات النعيم ورب عليك غير غضبان وإذا فنيت أيام الدنيا عَن العبد الكافر بعث إلى نفسه من يتوفاها فيقول صاحباه اللذان كانا يحفظان عليه عمله إن هذا قد كان لنا صاحبا وقد حان منه فراق فأذنوا لنا أو دعونا نثني على صاحبنا فيقول أثنيا عليه فيقولان لعنة الله وغضبه عليه ولا غفر له وأدخله النار فبئس الصاحب ما كان أشد مؤنته وما كان يعين على نفسه إن كانت خطاياه وذنوبه لتمنعنا أن نصعد إلى ربنا فنسبح له ونقدس له ونسجد له فيقول الذي يتوفى نفسه اخرج أيها الروح الخبيث إلى شر يوم مر عليك فبئس ما قدمت لنفسك اخرج إلى الحميم وتصلية الجحيم ورب عليك غضبان
حكمــــــة
عَن يزيد بن أبي حبيب أن منصور بن أبي منصور حدثه قَالَ سألت عَبد الله بن عَمْرو فقلت أخبرني عَن أرواح المسلمين أين هي حين يموتون قَالَ ما تقولون أنتم يا أهل العراق قلت لاَ أدري قَالَ فإنها في صور طير بيض في ظل العرش وأرواح الكافرين في الأرض السابعة فإذا مات رجل مؤمن ومر به على المؤمنين وهم في أندية ويسألونه عَن أصحابهم فإن قَالَ قد مات قالوا قد سفل به وإن كان كافرا هوي به إلى الأرض السافلة فيسألونه عَن الرجل فإن قَالَ قد مات قالوا علي به قَالَ يزيد كان بعض العلماء يقول إني لأستحيي من الأموات كما أستحيي من الأحياء
حكمــــــة
عَن سليمان بن حبيب حَدَّثَنَا داود الأبلي قَالَ قَالَ عُمَر بن عَبد العزيز بنى ملك من الملوك بنيانا ثم صنع للناس طعاما فدخلوا ينظرون إليه ويسألهم قوم من أهله هل ترون عيبا فيقولون لاَ حتى دخل عليهم عابدان فقالا نعم نرى عيبا قَالَ وما عيبه قالا يخرب ويموت أهله ثم سألهم الملك هل عاب واحد بنياني قالوا لاَ إلاَّ رجلين تافهين ليسا بشيء، قَالَ هل تعرفونهما قالوا لاَ، قَالَ اطلبوهما فطلبوهما فجاءوا بهما فقال هل تعلمان في بنياني عيبا قالا نعم، قَالَ ما هو قالا يخرب ويموت أهله فرفعوا منزلتهما قَالَ فما تأمراني قالا تعمل لآخرتك باب الندم على الخطيئة
حكمــــــة
عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بينما المسيح مرة في رهط من الحواريين بين نهر جار وحية منتنة أقبل طائر حسن اللون يتلون كأنما هو الذهب فوقع قريبا فانتفض فسلخ عنه مسكه فإذا هو أقبح شيء... أقيرع أحيمر فانطلق صلى الله عليه وسلم... فخلع مسلاخه فخرج أقرع أحمر كأقبح ما يكون فأتى بركة فتلوث في حمأتها فخرج أسود قبيحا فاستقبل جرية الماء فاغتسل ثم عاد إلى مسلاخه فلبسه فعاد إليه حسنه وجماله حتى رجع إلى مسكه فتدرعه كما كان أول مرة فكذلك عامل الخطيئة حين يخرج من دينه ويكون في الخطايا وكذلك مثل التوبة كمثل اغتساله من النتن في النهر الضحضاح ثم راجع دينه حتى تدرع مسكه وتلك الأمثال
حكمــــــة
عَن أبي بن كعب قَالَ إن آدم كان رجُلاً طوالا كأنه نخلة سحوق... ستين ذراعا وكان كثير شعر الرأس فلما وقع فيما وقع فيه من الخطيئة بدت له عورته وكان لاَ يراها قبل ذلك فانطلق هاربا فأخذت برأسه شجرة من شجر الجنة فقال لها أرسليني قالت لست مرسلتك، قَالَ فناداه ربه عز وجل أمني تفر قَالَ أي رب لاَ أستحييك. قَالَ فناداه وإن المؤمن يستحيي ربه عز وجل من الذنب إذا وقع به ثم يعلم بحمد الله أين المخرج يعلم أن المخرج في الاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل
حكمــــــة
عَن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوما أيوب النبي وما أصابه من البلاء وذكر أن البلاء الذي أصابه كان به ثماني عشرة سنة حتى لم يبق منه إلاَّ عيناه تدوران ولسانه صحيح يذكر الله تبارك وتعالى به وفؤاده صحيح وعقله على حاله الأولى فأما جسده فقد اعترقه البلاء حتى لم يبق شيء إلاَّ أوصاله بعضها إلى بعض عروقه وعصبه وكما شاء أن يكون من جلده مع ذهاب الأهل والمال وكان كذلك ثمانية عشرة سنة حتى تفرق عنه إخوانه ومله الناس وصابره رجلان كانا من أخص إخوانه وأصحابه فكان يأتيانه بكرة وعشية فيحدثانه قَالَ وكانت امرأة أيوب صلى الله عليه تقوم عليه وكان إذا خرج إلى حاجته فراث عليها اتبعته فتجده مرارا كثيرة ساقطا فترفعه وتحمله حتى تأتي به إلى منزله فقال أحد صاحبيه للآخر أما يعجبك شأن أيوب إنه في هذا البلاء منذ ثمانية عشرة سنة لاَ يرحمه الله مما به إني لأظنه قد أذنب ذنبا ما عمل أحد مثله قط فقال له صاحبه هو عَبد الله ونبيه وهو أعلم به فلما كان العشي راحا إليه كما كانا يصنعان فحدثاه وقصرا عنه ثم أبت نفس الرجل إلاَّ أن يكلمه فقال يا نبي الله لقد أعجبني أمرك وذكرت إلى أخيك وصاحبك أنه قد ابتلاك بذهاب الأهل والمال وفي جسدك منذ ثمانية عشرة سنة حتى بلغت ما ترى لاَ يرحمك الله فيكشف عنك لقد أذنبت ذنبا ما أظن أن أحدا بلغه فقال أيوب صلى الله عليه وسلم ما أدري ما تقولان، غير أن ربي عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتزعمان فكل يحلف بالله أو على النفر يتزعمون فأنقلب إلى أهلي فأكفر عَن أيمانهم كراهية أن لاَ يأثم أحدهم ولا يذكره أحد إلاَّ بحق فنادى ربه أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وإنما كان دعاؤه عرضا عرضه على الله تبارك وتعالى يخبره بالذي بلغ صابرا لما يكون من الله تبارك وتعالى فيه فخرج لما كان يخرج إليه من حاجته فأوحى الله إليه ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ فاغتسل فأعاد الله لحمه وشعره وبشره على أحسن ما كان يكون وشرب فأذهب الله ما كان في جوفه من ألم وضعف فأنزل الله عليه ثوبين من السماء فاتزر بأحدهما وارتدى بالآخر ثم أقبل يمشي إلى منزله وراث على امرأته فأقبلت حتى لقيته وهي لاَ تعرفه فسلمت عليه وقالت أي رحمك الله هل رأيت هذا الرجل المبتلى قَالَ من هو قالت نبي الله أيوب صلى الله عليه أما والله ما رأيت أحدا قط أشبه به منك إذ كان صحيحا، قَالَ فإني أيوب وأخذ ضغثا ضربها به - فزعم ابن شهاب أن ذلك الضغث كان ثماما - ورد الله إليه أهله ومثلهم معهم فأقبلت سحابة حتى سجلت في أندر قمحه ذهبا حتى امتلأت وأقبلت سحابة أخرى إلى أندر شعيره وقطانيه فسجلت فيه ورقا حتى امتلأ
حكمــــــة
عَن عَبد الرحمن رجل من أهل صنعاء قَالَ أرسل النجاشي ذات يوم إلى جعفر رحمه الله وأصحابه فدخلوا عليه وهو في بيت عليه خلقان جالس على التراب قَالَ جعفر وأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال فلما رأى ما في وجوهنا قَالَ إني أبشركم بما يسركم إنه جاءني من نحو أرضكم عين لي فأخبرني أن الله قد نصر نبيه وأهلك عدوه وأسر فلانا وفلانا وقتل فلانا وفلانا التقوا بواد يقال له بدر كثير الأراك كأني أنظر إليه كنت أرعى لسيدي رجل من بني ضبة إبله قَالَ جعفر ما بالك جالسا على التراب ليس تحتك بساط وعليك هذه الأخلاق قَالَ إنما نجد فيما أنزل الله على عيسى صلى الله عليه وسلم أن حقا على عباد الله أن يحدثوا لله تواضعا عند كل ما أحدث لهم من نعمة فلما أحدث الله لنا نصر نبيه عليه السلام أحدثت لله هذا التواضع
حكمــــــة
عَن أبي العلاء عَن رجل من بني حنظلة قَالَ أحسبه من بني مجاشع قَالَ انطلقنا نؤم البيت فلما علونا في الأرض إذا نحن بأخبية مبثوثة وإذا فيها فسطاط قَالَ قلت لأصحابي عليكم بصاحب الفسطاط فإنه سيد القوم فانتهينا إليه فسلمنا فاطلع علينا من الفسطاط شيخ فقال من القوم قلنا من أهل العراق من أهل البصرة نؤم البيت العتيق قَالَ وأنا قد حدثت نفسي بذلك قَالَ قَالَ ولا أرى إلاَّ سأصحبكم فأتانا بسويق له غليظ فجعل يطعمنا منه ويسقينا ثم أمر الغلام بالرحيل
حكمــــــة
عَن حرملة بن عمران قَالَ حدثني عُبَيد الله بن أبي جعفر أن ذا القرنين كان في بعض مسيره إذ مر بقوم وقبورهم على أبواب بيوتهم وإذا ثيابهم لون واحد ورقاعها واحدة وإذا هم رجال كلهم ليس فيهم امرأة فتوسم رجُلاً منهم فقال له لقد رأيت شيئا ما رأيته في شيء مما سرت فيه فقال وما هو قَالَ كذا وكذا قَالَ هيه قَالَ كذا وكذا قَالَ أما هذه القبور التي على أبوابنا فإنا جعلناها موعظة لقلوبنا تخطر على قلب رجل الدنيا فيخرج فيرى القبور فيرجع إلى نفسه فيقول إلى هذا المصير وإليها صار من كان قبلك وأما هذه الثياب فإنه لاَ يكاد رجل يلبس ثيابا أحسن من ثياب صاحبه إلاَّ رأى له به فضلا على جليسه وأما ما قلت إنكم رجال ليس معكم نساء فلعمري لقد خلقنا من ذكر وأنثى ولكن هذا القلب لاَ نشغله بشيء إلاَّ اشتغل به قد جعلنا نساءنا وذرارينا في قرية قريبة منا فإذا أراد الرجل من أهله ما يريد الرجل من أهله أتاها فبات معها الليلة والليلتين ثم يرجع إلى ما هاهنا إنما خلونا هاهنا للعبادة، قَالَ ما جئت لأعظكم بشيء أفضل مما وعظتم به أنفسكم سلني ما شئت قَالَ ومن أنت قَالَ ذو القرنين قَالَ ما أسألك ولا تملك لي شيئا فذر، قَالَ وكيف وقد أعطاني الله من كل شيء سببا قَالَ لاَ تقدر على أن تأتيني بما لم يقدر لي ولا تصرف عني ما قدر لي
حكمــــــة
عَن سَعِيد بن أبي هلال أنه بلغه أن ذا القرنين في بعض مسيره دخل مدينة فاستكف عليه أهلها ينظرون إلى مركبه من الرجال والنساء والصبيان وعند بابها شيخ على عمل له فمر به ذو القرنين فلم يلتفت الشيخ إليه فعجب ذو القرنين فأرسل إليه فقال ما شأنك استكف لي الناس ونظروا إلى مركبي فقال فما بالك أنت قَالَ لم يعجبني ما أنت فيه إني رأيت ملكا مات في يوم هو ومسكين ولموتانا موضع يجعلون فيه فأدخلا جميعا فاطلعتهما بعد أيام وقد تغيرت أكفانهما ثم اطلعتهما وقد تزايل لحومهما ثم رأيتهما تقلصت العظام واختلطت فما أعرف الملك من المسكين فما يعجبني ملكك قَالَ ما كسبك قَالَ في يدي عمل أكسب كل يوم ثلاثة دراهم فدرهم أقضيه ودرهم آكله ودرهم أسلفه فأما الدرهم الذي أقضي فأنفقه على أبوي كما كانا ينفقان علي وأنا صغير حتى بلغت فأنا أقضيهما قَالَ أنت فلما خرج استخلفه على المدينة
حكمــــــة
عَن أبي نضرة عَن أسير بن جابر قَالَ كنا نجلس بالكوفة إلى محدث لنا فإذا تفرق الناس بقي رجال فيهم رجل لاَ أسمع أحدا يتكلم كلامه، قَالَ فأحببته ووقع حبه في قلبي، قَالَ فبينا كذلك إذ فقدته فقلت لأصحابي ذلك الرجل كذا وكذا الذي كان يجالسنا هل يعرفه أحد منكم فقال رجل نعم ذلك أويس القرني قلت هل تهدي إلى منزله قَالَ نعم فانطلقت معه حتى ضربت عليه حجرته قَالَ فخرج فقلت له يا أخي ما منعك أن تأتينا قَالَ العري لم يكن لي شيء آتيكم فيه قَالَ وعلي برد فقلت له البس هذا البرد فقال لاَ تفعل فإني، إن لبست هذا البرد استهزأ بي الناس وآذوني فلم أزل به حتى لبسه وخرج عليهم فقالوا من خادع عَن برده هذا فجاء فوضعه قَالَ فأتيتهم فقلت ما تريدون إلى هذا الرجل قد آذيتموه الرجل يكتسي مرة ويعرى مرة قَالَ وأخذتهم بلساني أخذا شديدا قَالَ وثم رجل من أصحابه فهو الذي يسخر به فوفد أهل الكوفة إلى عُمَر ووفد ذلك الرجل فيهم فقال عُمَر أههنا أحد من القرنيين فجاء ذلك الرجل فقال عُمَر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لنا إنه يقدم عليكم رجل من أهل اليمن يقال له أويس لاَ يدع باليمن غير أم له قد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه إلاَّ موضع الدينار أو قَالَ مثل موضع الدرهم فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر لكم قَالَ فقدم علينا ههنا فقلت من أنت قَالَ أَنَا أويس قَالَ من تركت باليمن قَالَ أما لي فقلت هل كان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك إلاَّ مثل موضع الدينار أو مثل موضع الدرهم قَالَ نعم قلت استغفر لي قَالَ يا أمير المؤمنين أيستغفر مثلي لمثلك قَالَ فاستغفر له، قَالَ فقلت أنت أخي فلا تفارقني قَالَ فانملس مني فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة قَالَ فجعل يحقره عما يقول فيه عُمَر فجعل يقول ما ذلك فينا ولا نعرف هذا قَالَ عُمَر بلى إنه رجل كذا جعل أي يصف من أمره فقال ذلك الرجل عندنا رجل يسخر به يقال له أويس قَالَ له أدرك قَالَ وما أراك تدرك فأقبل الرجل حتى دخل عليه قبل أن يأتي أهله فقال أويس ما كانت هذه عادتك فما بالك قَالَ أنشدك الله لقيني عُمَر فقال كذا وكذا فاستغفر لي قَالَ لاَ أستغفر لك حتى تجعل عليك أنك لاَ تسخر بي ولا تذكر ما سمعت من عُمَر إلى أحد، قَالَ لك ذلك فاستغفر له قَالَ أسير فما لبثنا حتى فشا حديثه في الكوفة قَالَ فأتيته فقلت يا أخي ألا أراك أنت العجب وكنا لاَ نشعر به قَالَ ما كان في هذا ما أتبلغ فيه إلى الناس وما يجزى كل عَبد إلاَّ بعمله، قَالَ فلما فشا الحديث قَالَ هرب فذهب
حكمــــــة
عَن ثابت فيما نعلم قَالَ كان صلة صنع مسجدا بالجبان فكان ينطلق فيصلي فيه ثم يرجع فيمر على مجلس فأتاهم فسلم عليهم فقال ألا تحدثوني عَن قوم أتوا أرضا فجعلوا ينامون الليل ويجورون النهار فمتى يبلغون قالوا لاَ متى فقال السلام عليكم وتركهم فقال رجل من القوم ألا تدرون من يعني ما عنى غيركم قَالَ فأقبل إقبالا حسنا وترك مجلسهم
حكمــــــة
عَن سَعِيد بن المُسَيَّب أنه حضر رجُلاً من الأنصار الموت فقال من في البيت قالوا أهلك وإخوانك وجلساؤك في المسجد فقال أقعدوني فأسنده ابنه إلى صدره وفتح عينيه فسلم على القوم فردوا عليه وقالوا له خيرا فقال أما إني محدثكم اليوم حديثا ما حدثت به أحدا منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم احتسابا وما أحدثكموه اليوم إلاَّ احتسابا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ في بيته فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد يصلي في جماعة المسلمين لم يرفع رجله اليمنى إلاَّ كتب الله بها حسنة ولم يضع رجله اليسرى إلاَّ حط الله بها خطيئة حتى يأتي المسجد فليقرب أو ليبعد فإذا صلى بصلاة الإمام انصرف وقد غفر له فإن هو أدرك بعضا وفاته بعض فإن ما فاته كان كذلك فإن هو أدرك الصلاة فأتم الصلاة ركوعها وسجودها كان كذلك
حكمــــــة
عَن المغيرة بن شُعْبَة قَالَ قَالَ موسى لربه يا رب أي عبادك أدنى عندك في الجنة منزلة قَالَ عَبد يبقى في الدمنة بعدما يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فيقول له ربه انظر أربعة ملوك من ملوك الدنيا فسم من ملكهم ما اشتهت نفسك فيقول يا رب أشتهي كذا وأشتهي كذا وأشتهي كذا قَالَ فسم من ملكهم ما لذت عينك فيقول يلذ عيني كذا يلذ عيني كذا قَالَ أرضيت قَالَ نعم قَالَ وهو لك وعشرة أمثاله قَالَ موسى رب هذا لأدنى من في الجنة فما لأهل صفوتك قَالَ هذه التي أردت يا موسى خلقت كرامتهم بيدي وعملتها وختمت على خزائنها وفيها ما لم تر عين ولم يسمع أذن ولم يخطر على قلب أحد من الخلق
حكمــــــة
عَن بقية قَالَ حدثني أرطاة بن المنذر قَالَ سَمِعْتُ رجُلاً من مشيخة الجند يقال له أبو الحجاج قَالَ جلست إلى أبي أمامة فقال إن المؤمن ليكون متكئا على أريكته إذا دخل الجنة وعنده سماطان من خدم وعند طرف السماطين باب مبوب فيقبل الملك من ملائكة الله يستأذن فيقوم أدنى الخدم إلى الباب فإذا هو بالملك يستأذن فيقول للذي يليه هذا ملك يستأذن ويقول للذي يليه حتى يبلغ أقصاه المؤمن فيقول ائذنوا له فيقول أقربهم إلى المؤمن ائذنوا له فيقول الذي يليه للذي يليه وكذلك حتى يبلغ أقصاهم الذي عند الباب فيفتح لهم ثم يدخل، فيسلم ثم ينصرف
حكمــــــة
عَن أبي أمامة قَالَ إن أهل الجنة لاَ يتغوطون ولا يمتخطون ولا يمنون ولا يبزقون إنما نعيمهم الذي هم فيه مسك يتحدر من جلودهم كالجمان وعلى أبوابهم كثبان من المسك يزورون الله في الجمعة مرتين فيجلسون على كراسي من ذهب مكللة باللؤلؤ والياقوت والزبرجد ينظرون إلى الله وينظر إليهم فإذا قاموا انقلب أحدهم إلى الغرفة من غرفة لها سبعون بابا مكللة باللؤلؤ والياقوت والزبرجد
حكمــــــة
عَن خالد بن أبي عمران عَن أبي عياش قَالَ كنا جلوسا مع كعب فقال لو أن يدا من الحوراء تدلي ببياضها وخواتمها دليت لأضاءت لها الأرض كما تضيء الشمس لأهل الدنيا ثم قَالَ إنما قلت يدها فكيف بالوجه ببياضه وحسنه وجماله وتاجه بياقوته ولؤلؤه وزبرجده ولو أن دلوا من غسلين دليت لمات من ريحها ما بين المشرق والمغرب
حكمــــــة
عَن زياد مولى بني مخزوم سمع أبا هريرة يقول إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مِئَة سنة فاقرءوا إن شئتم وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ فبلغ ذلك كعبا فقال صدق والذي أنزل التوراة على لسان موسى والقرآن على مُحَمد صلى الله عليه وسلم لو أن رجُلاً ركب حقة أو جذعة ثم دار بأصل تلك الشجرة ما بلغها حتى يسقط هرما إن الله غرسها بيده ونفخ فيها من روحه وإن أفنانها لمن وراء سور الجنة وما في الجنة من نهر إلاَّ وهو يخرج من أصل تلك الشجرة
حكمــــــة
عَن عَبد الرحمن بن أبي ليلى قيل أرأيت قوله لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ قَالَ إن أهل الجنة أعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم نودوا يا أهل الجنة إن الله وعدكم الزيادة فيتجلى لهم قَالَ ابن أبي ليلى فما ظنك بهم حين ثقلت موازينهم وحين صارت الصحف في أيمانهم وحين جاوزوا جسر جهنم وأدخلوا الجنة وأعطوا ما فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم كان ذا لم يكن شيئا فيما رأوه
حكمــــــة
عَن يزيد بن عَبد الله بن الحارث عَن كعب قَالَ إن الله ينظر إلى عبده يوم القيامة وهو غضبان فيقول خذوه فيأخذه مِئَة ألف ملك ويزيدون فيجمعون بين ناصيته وقدميه غضبا لغضب الله فيسحبونه على وجهه إلى النار فالنار عليه أشد غضبا من غضبه سبعين ضعفا فيستغيث بشربة من ماء فيسقى شربة يسقط منها لحمه وعصبه ثم يركس في النار فويل له من النار وحدثت عَن بعض أهل المدينة أنه يتقلب في أيديهم إذا أخذوه فيقول ألا ترحموني فيقولون وكيف نرحمك ولم يرحمك أرحم الراحمين
حكمــــــة
عَن عَبد الله بن عَمْرو بن العاص قَالَ إن أهل النار يدعون مالكا فلا يجيبهم أربعين عاما ثم يرد عليهم إِنَّكُم مَّاكِثُونَ قَالَ فكانت والله دعوتهم... قَالَ ثم يدعون ربهم فيقولون رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا... مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ قَالَ هذه الثالثة قَالَ ثم نادوا الرابعة رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَالَ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ثم سكت عنهم ما شاء الله ثم ناداهم أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ قَالَ فلما سمعوا صوته قالوا الآن يرحمنا فقالوا عند ذلك رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا أي الكتاب الذي كتب علينا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قَالَ عند ذلك اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء منهم وأقبل بعضهم على بعض بعضهم في وجه بعض فأطبقت عليهم قَالَ فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه ذكر له أن ذلك قوله هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ
حكمــــــة
عَن أَخْبَرَنَا مُوسَى بْن عُلَيِّ بن رَبَاحٍ قَالَ سَمِعْتُ أبي يذكر عَن بعض من حدثه قَالَ ثلاثة في النار قد آذوا أهل النار وكل أهل النار في أذى رجال مغلقة عليهم توابيت من نار وهم في أصل الجحيم فيصيحون حتى تعلو أصواتهم أهل النار فقال لهم أهل النار ما بالكم من بين أهل النار فعذبكم هذا قالوا كنا متكبرين ورجال قد فتقت بطونهم يسحبون أمعاءهم في النار فقال لهم أهل النار ما بالكم من بين أهل النار فعل بكم هذا قالوا كنا نقطع حقوق الناس بأيماننا وأماناتنا ورجال يسعون بين الجحيم والحميم لاَ يقرون قيل لهم ما بالكم من بين أهل النار فعل بكم هذا قالوا كنا نسعى بين الناس بالنميمة
حكمــــــة
عَن يزيد بن شجرة قَالَ وكان معاوية بعثه على الجيوش فلقي عدوا فرأى في أصحابه فشلا فجمعهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قَالَ أما بعد اذكروا نعمة الله عليكم وذكر الحديث إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم وسيمائكم فإذا كان يوم القيامة قيل يا فلان ها نورك يا فلان لاَ نور لك إن لجهنم ساحلا كساحل البحر فيه هوام وحيات كالبخاتي وعقارب كالبغال الدلم فإذا استغاث أهل النار قالوا الساحل فإذا ألقوا فيها سلطت تلك الهوام عليهم فتأخذ شفار أعينهم وشفاههم وما شاء الله منهم تكشطها كشطا فيقولون النار النار فإذا ألقوا فيها سلط عليهم الجرب فيحك أحدهم جلده حتى يبدو عظمه وإن جلد أحدهم لأربعون ذراعا قَالَ يقال يا فلان هل تجد هذا يؤذيك قَالَ فيقول وأي أذى أشد من هذا قَالَ يقال هذا ما كنت تؤذي المؤمنين
حكمــــــة
عَن أيوب بن بشير عَن شفي الأصبحي قَالَ إن في جهنم جبلا يدعى صعودا يطلع فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يرقاه قَالَ الله عز وجل سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا قَالَ وإن في جهنم قصرا يقال له هوى يرمى الكافر من أعلاه فيهوي أربعين خريفا قبل أن يبلغ أصله قَالَ الله وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى وإن في جهنم واديا يدعى أثاما فيه حيات وعقارب في فقار إحداهن مقدار سبعين قلة سم والعقرب منهن مثل البغلة المؤكفة تلدغ الرجل فلا تلهيه عما يجد من حر جهنم حموة لدغتها فهو لما خلق له وإن في جهنم سبعين داء لأهلها كل داء مثل جزء من أجزاء جهنم وإن في جهنم واديا يدعى غيا يسيل قيحا ودما فهو لما خلق له قَالَ الله فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا
حكمــــــة
عَنِ الْحَسَنِ قَالَ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ قَالَ يقطع به ما في بطونهم وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ بأيدي الزبانية وذلك أن النار تضربهم بلهبها فترفعهم حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بمقامع فهووا سبعين خريفا ولذلك سميت الهاوية لأنهم لاَ يستقرون ساعة فإذا انتهوا انتهوا إلى أسفلها ضربهم زفير لهبها والزفير زفير اللهب والشهيق بكاؤهم كلما أرادوا أن... يخرجوا
حكمــــــة
عَن الأزرق بن قيس عَن رجل من بني تميم قَالَ كنا عند أبي العوام فقرأ هذه الآية وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ فقال وما تسعة عشر تسعة عشر ألف ملك أو تسعة عشر ملكا قَالَ قلت بل تسعة عشر ملكا قَالَ وأنى تعلم ذلك فقلت لقول الله وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا
حكمــــــة
عَن سلمان قَالَ تدنى الشمس من الناس يوم القيامة حتى تكون من رؤوسهم قدر قوس - أو قَالَ قدر قوسين - فتعطى حر عشر سنين وليس على أحد يومئذ طحربة ولا ترى فيها عورة مؤمن ولا مؤمنة ولا يضر حرها يومئذ مؤمنا ولا مؤمنة وأما الأديان - أو قَالَ الكفار - فتطبخهم فإنما تقول أجوافهم غق غق قَالَ نعيم الطحربة الخرقة
حكمــــــة
عَن أبي المنهال سيار بن سلامة الرياحي قَالَ حَدَّثَنَا شهر بن حوشب قَالَ حدثني ابن عباس قَالَ إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وزيد في سعتها كذا وكذا وجمع الخلائق بصعيد واحد جنهم وإنسهم فإذا كان ذلك قيضت هذه السماء الدنيا عَن أهلها فينتشرون على وجه هذه الأرض فلأهل السماء أكثر من جميع أهل الأرض جنهم وإنسهم بالضعف فإذا رآهم أهل الأرض فزعوا إليهم ويقولون أفيكم ربنا فيفزعون من قولهم ويقولون سبحان ربنا ليس فينا وهو آت ثم تقاض السماء الثانية فلأهل السماء الثانية وحدهم أكثر من أهل هذه السماء الدنيا ومن جميع أهل الأرض بالضعف فإذا نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض فيقولون لهم أفيكم ربنا فيفزعون من قولهم فيقولون سبحان ربنا ليس فينا وهو آت ثم تقاض السموات سماء سماء كلما قيضت سماء كانت أكثر من أهل السموات التي تحتها ومن جميع أهل الأرض بالضعف جنهم وإنسهم كلما نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض ويقولون لهم مثل ذلك فيرجعون إليهم مثل ذلك حتى تقاض السماء السابعة فلأهلها وحدهم أكثر من أهل ست سماوات ومن جميع أهل الأرض بالضعف ويجيء الله فيهم تبارك وتعالى والأمم جثى صفوفا فينادي مناد ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ليقم الحامدون لله على كل حال فيقومون فيسرحون إلى الجنة ثم ينادي ثانية ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ليقم الذين كانت تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فيقومون فيسرحون إلى الجنة قَالَ ثم ينادي ثالثة ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ليقم الذين كانوا لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ فيقومون فيسرحون إلى الجنة فإذا أخذ من هؤلاء الثلاثة خرج عنق من النار وأشرف على الخلائق له عينان تبصران ولسان فصيح قَالَ فيقول إني وكلت بثلاثة وكلت بكل جبار عنيد قَالَ فيلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فيحبس بهم في جهنم قَالَ ثم يخرج ثانيا فيقول إني وكلت بمن آذى الله ورسوله فيلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فيحبس بهم في جهنم قَالَ ثم يخرج ثالثة قَالَ أبو المنهال فأحسبه يقول إني وكلت بأصحاب التصاوير فيلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم قَالَ فيحبس بهم في جهنم قَالَ فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة ومن هؤلاء ثلاثة ومن هؤلاء ثلاثة نشرت الصحف ووضعت الموازين ودعي الخلائق للحساب
حكمــــــة
عَن الضحاك قَالَ إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها فيكون الملائكة على حافاتها حتى يأمرهم الرب فينزلون إلى الأرض فيخلطون بالأرض ومن فيها ثم يأمر السماء التي تليها فينزلون فيكونون صفا في جوف ذلك الصف ثم السماء الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة فينزل الملك الأعلى في بهائه وملكه ومجنبته اليسرى جهنم فيسمعون زفيرها وشهيقها فلا يأتون قطرا من أقطارها إلاَّ وجدوا صفوفا قياما من الملائكة فذلك قوله يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ والسلطان العذر وذلك قوله وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا يعني حافاتها يعني بأرجائها ما يشقق منها فبينا هم كذلك إذ سمعوا الصوت فأقبلوا إلى الحساب
حكمــــــة
عَن زيد بن أسلم قَالَ بلغني أن المؤمن يمثل له عمله يوم القيامة في أحسن صورة وأحسن ما خلق الله وجها وثيابا وأطيبه ريحا فيجلس إلى جنبه كلما أفزعه شيء أمنه وكلما تخوف شيئا هون عليه فيقول جزاك الله من صاحب خيرا من أنت فيقول أما تعرفني قد صحبتك في قبرك وفي دنياك أَنَا عملك كان والله حسنا فلذلك تراني حسنا وكان طيبا فلذلك تراني طيبا تعال فاركبني فطالما ركبتك في الدنيا وهو قول الله تبارك وتعالى وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ حتى يأتي به إلى ربه فيقول يا رب إن كل صاحب عمل في الدنيا قد أصاب في عمله وكل صاحب تجارة وصانع قد أصاب في تجارته غير صاحبي قد شغل في نفسه فيقول له الرب تبارك وتعالى فما تسأل له فيقول المغفرة والرحمة أو نحو هذا فيقول فإني قد غفرت له ويكسى حلة الكرامة ويجعل عليه تاج الوقار فيه لؤلؤة تضيء من مسيرة يومين ثم يقول يا رب إن أبويه قد كان شغل عنهما كل صاحب عمل وتجارة قد كان يدخل على أبويه من عمله فيعطيان مثل ما أعطي ويتمثل للكافر عمله في صورة أقبح ما خلق الله وجها وأنتنه ريحا فيجلس إلى جنبه كلما أفزعه شيء زاده فزعا وكلما تخوف شيئا زاده خوفا فيقول بئس الصاحب أنت ومن أنت فيقول أما تعرفني فيقول لاَ فيقول أَنَا عملك كان قبيحا فلذلك تراني قبيحا وكان منتنا فلذلك تراني منتنا فطأطئ رأسك أركبك فطالما ركبتني في الدنيا فيركبه وهو قوله لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
حكمــــــة
عَن أبي إسحاق عَن الحارث عَن علي في هذه الآية الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ قَالَ خليلين مؤمنين وخليلين كافرين فمات أحد المؤمنين فبشر بالجنة فذكر خليله المؤمن قَالَ فيقول يا رب إن خليلي فلانا كان يأمرني بالخير وينهاني عَن الشر فيأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ويخبرني أني ملاقيك فلا تضله بعدي واهده كما هداني وأكرمه كما أكرمني فإذا مات جمع بينهما في الجنة ويقال لهما ليثن كل واحد منهما على صاحبه فيقول اللهم كان يأمرني بالخير وينهاني عَن الشر فيأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ويخبرني أني ملاقيك فنعم الأخ والخليل والصاحب قَالَ ثم يموت أحد الكافرين فيبشر بالنار فيذكر خليله فيقول اللهم خليلي فلان كان يأمرني بالشر وينهاني عَن الخير ويأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ويخبرني أني غير ملاقيك اللهم فأضله كما أضلني فإذا مات جمع بينهما في النار فيقال ليثن كل واحد منكما على صاحبه قَالَ فيقول اللهم كان يأمرني بالشر وينهاني عَن الخير ويأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ويخبرني أني غير ملاقيك فبئس الأخ والخليل والصاحب
حكمــــــة
عَن صفوان بن عَمْرو قَالَ حدثني سليم بن عامر قَالَ خرجنا في جنازة في باب دمشق ومعنا أبو أمامة فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها قَالَ أبو أمامة يا أيها الناس أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو هذا فيشير إلى القبر بيت الوحدة وبيت الظلمة وبيت الدود وبيت الضيق إلاَّ ما وسع الله ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة فإنكم لفي بعض تلك المواطن حين يغشى الناس أمر من أمر الله فتبيض وجوه وتسود وجوه ثم تنتقلون إلى منزل فتغشى الناس ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئا من النور وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ إلى قوله فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لاَ يستضيء الأعمى ببصر البصير فيقول المنافقون للذين آمنوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا وهي خدعة الله التي يخدع المنافقين قَالَ الله تبارك وتعالى يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم وقد فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ نصلي صلاتكم ونغزو مغازيكم قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ إلى قوله وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ويقول سليم فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور ويميز الله بين المؤمن والمنافق
حكمــــــة
عَن عُبَيد الله بن العيزار قَالَ إن الأقدام يوم القيامة مثل النبل في القرن والسعيد الذي يجد لقدميه موضعا يضعهما عليه وإن الشمس تدنى من رؤوسهم حتى لاَ يكون بينها وبين رؤوسهم إما قَالَ ميل أو ميلين ثم يزاد في حرها بضعة وستون ضعفا وعند الميزان ملك إذا وزن العبد نادى ألا إن فلان ابن فلان قد ثقلت موازينه وسعد سعادة لاَ يشقى بعدها أبدا إلاَّ فلان ابن فلان خفت موازينه وشقي شقاء لاَ يسعد بعده أبدا
حكمــــــة
عَن عَبد الله قَالَ إن الله يجمع الناس في صعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله فيها قط ولم يخطأ فيها فأول ما يتكلم به أنه ينادي لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لاَ ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهََ سَرِيعُ الْحِسَابِ ثم يكون أول ما يبدءون من الخصومات في الدنيا فيؤتى بالقاتل والمقتول فيقال له لم قتلت فإن قَالَ قتلته لتكون العزة لله قَالَ فإنها لي فإن قَالَ قتلته لتكون العزة لفلان قَالَ فإنها ليست له فيبوء بإثمه فيقتله بمن كان قتل بالغين ما بلغوا ويذوق الموت عدة ما ذاقوا
حكمــــــة
عَن هلال بن أسامة عَن عطاء بن يسار قَالَ يوقف العبد بين يدي الله فيقول قيسوا بين نعمتي عليه وبين عمله فتغرق النعمة العمل فيقول أغرقت النعمة العمل فيقول هبوا له النعمة قيسوا بين الخير والشر فإن استوى العملان أذهب الله الشر بالخير وأدخله الله الجنة وإن كان عمله أفضل أعطاه فضله ولم يظلمه وإن كان عليه فضل فهو أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ فإن شاء عذبه وإن شاء رحمه
حكمــــــة
عَن إسماعيل بن عَبد الرحمن عَن رجل من بني أسد قَالَ قَالَ عُمَر لكعب ويحك يا كعب حَدَّثَنَا حديثا من حديث الآخرة قَالَ نعم يا أمير المؤمنين إذا كان يوم القيامة رفع اللوح المحفوظ ولم يبق أحد من الخلائق إلاَّ وهو ينظر إلى عمله فيه قَالَ ثم يؤتى بالصحف التي فيها أعمال العباد قَالَ فتنشر حول العرش فذلك قوله وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا قَالَ الأسدي الصغيرة ما دون الشرك والكبيرة الشرك إلاَّ أحصاها قَالَ كعب ثم يدعى المؤمن فيعطى كتابه بيمينه فينظر فيه فحسناته باديات للناس وهو يقرأ سيئاته لكي لاَ يقول كانت لي حسنات فلم تذكر فأحب الله أن يريه عمله كله حتى إذا استنقص ما في الكتاب وجد في آخر ذلك كله أنه مغفور وإنك من أهل الجنة فعند ذلك يقبل إلى أصحابه ثم يقول هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيهْ ثم يدعى الكافر فيعطى كتابه بشماله ثم يلف فيجعل من وراء ظهره ويلوى عنقه فذلك قوله مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ ينظر في كتابه فسيئاته باديات للناس وينظر في حسناته لكي لاَ يقول أفأثاب على السيئات
حكمــــــة
عَن بشر بن شغاف قَالَ سَمِعْتُ عَبد الله بن سلام يقول إن أفضل أيام الدنيا عند الله يوم الجمعة وإن أكرم خليقة الله على الله أبو القاسم قلت له إلاَّ أن يكون ملكا مقربا قَالَ فنظر إلي قَالَ أتدري كيف خلق الملائكة إنما خلق الملائكة كخلق السماء والأرض وكخلق الجبال وكخلق السحاب وإن أكرم خليقة الله على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فإذا كان يوم القيامة جمع الله الأنبياء نبيا نبيا وأمة أمة حتى يكون آخرهم مركزا مُحَمد صلى الله عليه وسلم وأمته ويضرب الجسر على جهنم وينادي مناد أين مُحَمد وأمته فيقوم نبي الله صلى الله عليه وسلم وتتبعه أمته برها وفاجرها حتى إذا كان على الصراط المستقيم يطمس الله أبصار أعدائه فتهافتوا في النار يمينا وشمالا ويمضي النبي عليه السلام والصالحون معه فتلقاهم الملائكة رتبا يدلونهم على طريق الجنة على يمينك على شمالك حتى ينتهي إلى ربه فيوضع له كرسي عَن يمين العرش ثم يتبعه عيسى على مثل سبيله ويتبعه برها وفاجرها حتى إذا كانوا على الصراط طمس الله أبصار أعدائه فتهافتوا في النار يمينا وشمالا ويمضي النبي صلى الله عليه وسلم والصالحون معه فتتلقاهم الملائكة رتبا يدلونهم على طريق الجنة على يمينك على يسارك حتى ينتهي إلى ربه فيوضع له كرسي من الجانب الآخر ثم يدعى نبي نبي وأمة أمة حتى يكون آخرهم نوح رحم الله نوحا
حكمــــــة
عَن غنيم عَن أبي العوام عَن كعب أنه قَالَ هذه الآية وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا قَالَ هل تدرون ما ورودها قالوا الله أعلم قَالَ فإن ورودها أن يجاء بجهنم وتمسك للناس كأنها متن إهالة حتى إذا استقرت عليه أقدام الخلائق برهم وفاجرهم ناداها مناد أن خذي أصحابك ودعي أصحابي... بكل ولي لها فهي أعلم بهم من الوالد بولده وينجو المؤمنون