فوائد من كتاب الزهد لابن المبارك 6
فوائد من كتاب الزهد لابن المبارك 6
عَن حرملة بن عمران قَالَ حدثني عُبَيد الله بن أبي جعفر أن ذا القرنين كان في بعض مسيره إذ مر بقوم وقبورهم على أبواب بيوتهم وإذا ثيابهم لون واحد ورقاعها واحدة وإذا هم رجال كلهم ليس فيهم امرأة فتوسم رجُلاً منهم فقال له لقد رأيت شيئا ما رأيته في شيء مما سرت فيه فقال وما هو قَالَ كذا وكذا قَالَ هيه قَالَ كذا وكذا قَالَ أما هذه القبور التي على أبوابنا فإنا جعلناها موعظة لقلوبنا تخطر على قلب رجل الدنيا فيخرج فيرى القبور فيرجع إلى نفسه فيقول إلى هذا المصير وإليها صار من كان قبلك وأما هذه الثياب فإنه لاَ يكاد رجل يلبس ثيابا أحسن من ثياب صاحبه إلاَّ رأى له به فضلا على جليسه وأما ما قلت إنكم رجال ليس معكم نساء فلعمري لقد خلقنا من ذكر وأنثى ولكن هذا القلب لاَ نشغله بشيء إلاَّ اشتغل به قد جعلنا نساءنا وذرارينا في قرية قريبة منا فإذا أراد الرجل من أهله ما يريد الرجل من أهله أتاها فبات معها الليلة والليلتين ثم يرجع إلى ما هاهنا إنما خلونا هاهنا للعبادة، قَالَ ما جئت لأعظكم بشيء أفضل مما وعظتم به أنفسكم سلني ما شئت قَالَ ومن أنت قَالَ ذو القرنين قَالَ ما أسألك ولا تملك لي شيئا فذر، قَالَ وكيف وقد أعطاني الله من كل شيء سببا قَالَ لاَ تقدر على أن تأتيني بما لم يقدر لي ولا تصرف عني ما قدر لي