حظر الحِمَى
من المعاني الدالة على تمام الحكمة وكمال الرحمة والعلم بمقتضى الطبع البشري أنه كلما قويت نوازع النفس لأمر محظور كثر في الشرع الحواجز دونه، من حظر المقدمات ومظان الولوغ في الذنب، وهذا تراه في المحظورات المتعلقة بفتنة النساء، والمال، والسلطة، وما شابه ذلك.فلو أبيح النظر للمستحسنات والمصافحة والخلوة بهن، أو جاز في الشرع تناول قليل الخمر، أو أكل قليل الربا دون كثيره مثلاً، لكان منع ما وراء ذلك من أعظم المشاق، وأقساها على النفس، بل لربما ذلك دخل في حد التكليف بما لايطاق، ولذا فمن التزم بمقتضى الشرع في المقدمات، صحّت له النتائج بلا كبير كلفة.
ولمّا حُرم بعض الناس من نور الوحي، ظنوا أن فضيلة النفس تظهر بتعريضها للمشتهيات مع فطمها عنها، وتوهموا أن ذلك هو السبيل في ترويض الغرائز؛ فالزعيم الهندي المهاتما غاندي كان ينام أحياناً بين فتاتين عاريتين، ولا يمسهما، ليثبت مقاومته الشديدة لإغراء الرغبة الجنسية. ويقع ما يشبه هذا لبعض المتصوفة من المتأخرين. وليس هذا من الشرع ولا من العقل في شيء، بل قد يفضي هذا لضرر في النفس، والبدن، لمناهضة هذه الأفعال لأصل الجبلّة.
مختارات