" من أين أتى فضل العرب ؟ "
" من أين أتى فضل العرب؟ "
لا شرف للعرب ولا سؤدد، ولا فضل إلا بالإسلام؛ لأن الأمةَ العربية كانت ضائعة قبل أن يرفعها الإسلام الحنيف؛ فقد رفع الإسلام العربَ قبل أن يكونوا شيئًا مذكورًا، وَوَحَّدَ كلمتَها بعد أن كانت لا تتحدُّ ولا تعرف الوحدة، ومَهَّدَ لها حتى أصبح العربُ في ظل الإسلام ملوك الدنيا وقادتها؛ دانت لهم الممالك في جميع أنحاء المعمورة، واستسلمت لعدلهم الأمم، وسادوا بالحكمة والقسط والإنصاف مشرق الأرض ومغربها وشمالها وجنوبها، بعد أن كانوا قبل الإسلام وفي ظل الجاهلية أعرابًا جفاة حفاة، منقطعين عن العالم في دوامات صراعات قبلية داخل الجزيرة يأكل القوي منهم الضعيف في حياة أقرب شبها بها حياة الوحوش في غاباتها، ثم رفع الإسلام من شأنهم فارتفعوا وفتحوا وسادوا وحكموا، وهذا كتاب الله القائل في العرب: " لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ " [الأنبياء: 10] وقال جل جلاله مخاطبًا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُون " [الزخرف: 43، 44] وقال جل جلاله: " وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ " [المؤمنون: 71] ثم هبط العرب بعد أن تركوا التمسك بالقرآن، وتخلفوا حين تركوا العمل بالإسلام نصًا وروحًا ونظام حياة، ولن يعود لهم مجدُهم المفقود حتى يعودوا هم إلى الإسلام الذي رفع ذكرهم وخلَّد مجدهم كما كان آباؤهم، وهذا ما يخشاه قادة الغرب ومن لَفَّ لَفَّهم من الأذناب والأتباع.
ومن الغباء أن العرب حين تَخَلَّفوا عادوا يمارسون تقاليد الجاهلية الأولى، وقاموا بعد الكبوة والنكبات المتلاحقة يحاولون الالتفاف حول علم العروبة وشعار القومية العربية؛ ففي حفل رسمي بهيج تحت رعاية قائد القومية العربية ورافع لواء العروبة إلى الحضيض وبطل الهزائم في وقته حيث قال شاعرهم العلماني البارز - ونعوذ بالله مما قال:
هبوني عيدًا يجعل العــــرب أمـــة وسيروا بجثماني على دين برهم
فقد مزقت هذي المذاهب شملنــا وقـــد حطمتنـــا بين نـــاب ومنسم
ســــلام علـى كفـــر يوحـــد بيننــا وأهـــــلا وسهـــــلا بعـــده بجهنـــم
انظر أخي المسلم كيف يرحب ذلك النصراني ويصلي ويسلم على الكفر، كيف يرحب بكل دين سماوي محرَّف، وأرضي شيوعي ملحد، يرحب ويصيح ويسلم على كل مذهب يجمع العرب على ملة واحدة، ولو كان هو المذهب البرهمي المجوسي الوثني، أو اليهودي والنصراني.
ولم يستثن منها إلا مذهب الإسلام ودين الإسلام وحده؛ فإنه في نظره ونظر أهل مِلَّتِه يجب استئصاله ولا يجوز له البقاء، كل ذلك من أجل توحيد الأمة العربية، ولم يعلم هذا الغر الحقود أن العرب قبل الإسلام ما كانوا إلا همجًا رعاعًا لا وزن لهم في دين الله ولا في دنيا البشر.
إن الغرب الماكر أخوف ما يخاف ويخشى عودة المسلمين إلى الإسلام؛ لأن الإسلام وسع مدارك العرب بالعلوم المتعددة النافعة، وصاروا بها أساتذة العالم بعد أن كانوا في جاهلية جهلاء مظلمة، لهذا لا يريد عودة المسلمين إلى دينهم، وكذلك يخاف الأتباع من العرب العلمانيين المرتزقة عودة الإسلام إلى مجده الزاهر؛ لأن ذلك يغيظ سادتهم من الأعداء؛ لكونهم يريدون أن يبقى العرب والمسلمون أذيالاً وأتباعًا لهم، كما هو الحال بالنسبة للمثقف العربي من كتاب حرية الفكر اليوم.
إن أعداء الإسلام من يهود ونصارى وغيرهم يخشون عودة الإسلام إلى قوته وهيمنته، إن قادتهم الكبار ومفكريهم يلقبون الإسلام بالعملاق؛ فهذا رئيس وزراء اليهود في فلسطين ابن غريون ووزير دفاعه موشى ديان يتخوَّفان ويقولان: أخوف ما نخشاه أن يستيقظ العملاق، فسئلا: من هو العملاق؟ فأجابا قائلين: هو الإسلام، إلا أنهما تفاءلا قائلين: اطمئنوا؛ فإن الإسلام مخدر ومنوم في غيبوبة وفي نوم عميق، ولا خوف عليكم منه الآن.
إن من أعظم المخدِّرات المنومة بل القاتلة للإسلام تضييق الخناق عليه من أتباعه العلمانيين العرب لا من غيرهم؛ فهم الذين خذلوه ومهدوا لأعدائه في تضييق الخناق عليه، والذي يؤلم الفؤاد أنهم من العرب؛ فقد صار تأثيرهم أشد من تأثير سادتهم وأساتذتهم ممن زعموا أن عزيزًا ابن الله، والمسيح ابن الله، تعالى الله وتقدست ذاته وأسماؤه وصفاته عما يقولون علوًا كبيرًا.
مختارات