" المَعْلم الرابع : إتاحة فرصة للحوار "
" المَعْلم الرابع: إتاحة فرصة للحوار "
فماذا لو جاء ابن أحدنا إليه ذات يوم وقال لك: اسمح لي بشرب الخمر أو تناول المخدرات أو فعل فاحشة الزنا – عياذا بالله من ذلك-؟ ترى كيف سيكون الرد؟ فبعض الأبناء الذين يفكرون في هذه الأمور وغيرها لن يصارحوا آباءهم بها وسيلجؤون إلى رفقائهم الذين ربما أعانوهم عليها لضعف خبرتهم وقلة تجربتهم، لكن النبي صلى الله عليه وسلم تعامل مع طلب مماثل بأسلوب مختلف أخرج الإمام أحمد عن أبي أمامة: «أن فتى شابا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فاقبل عليه القوم فزجروه فقال: ادنه فدنا منه قريبا فقال: اجلس فجلس فقال: أتحبه لأمك قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، أفتحبه لأختك لابنتك لعمتك لخالتك... والشاب يرد عليه بنفس الجواب السابق، فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وأحصن فرجه، قال: فلم يكن الفتى بعد ذلك يلتفت لشيء» [رواه أحمد].
لاحظ هنا أنه أعاد صياغة تفكير الفتى وأبان له جوانب لم يكن يلحظها من القضية، ولو لم يكن هذا الشاب يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم يتيح الفرصة الكاملة للحوار الحر لما تجرأ فطلب من أطهر الخلق الإذن بالزنا.
وفي المقابل فإن أباً طرد ابنه المراهق الذي لم يتجاوز عمره الستة عشر عاما من البيت لمجرد جرأته على القول: أنا حر، حينما ناقشه أبوه عن سبب تأخره في الرجوع إلى البيت فهام على وجهه عند بعض أقاربه أياما متواصلة حتى تم الإصلاح بينه وبين والده، وبعد تحطم العلاقة الحميمة القائمة على الحوار الصريح بين الأب والابن، صحيح أن الابن قد أخطأ لكن خطأ الأب كان أكبر.
كم نحن بحاجة اليوم إلى الحوار والمناقشة مع الأبناء ولكن على الطريقة المحمدية التي عرضنا طرفا منها لا على الطريقة الفرعونية التي تقول: " مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ " [غافر: 29]؛ هذه الطريقة التي تملي على الأبناء اختيارات لا يقبلونها.
مختارات