تضحية وجهاد
مما لا شك فيه أنه لا يمكن لأمة من الأمم أن تتبوأ عرش المجد والتمكين إلا بعد ترويض النفس وتهذيب الخلق والانتصار على الذات.. إلا بعد تضحية وفداء بذل وعطاء.. والإسلام يشهد على ذلك كله
قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69] فهذا يدلنا على أن هناك علاقة بين الجهد البشري الذي يبذله الناس، وعون الله ومدده الذي يسعفهم به
فالبذل في سبيل المصلحة العامة من شيم العظماء.. وإراقة الدماء لري شجرة النصر والتمكين..
.. وكم رأينا وسمعنا وشاهدنا إنه لم يأتي التمكين والعلو والعزة إلا على أكتاف عظماء عمالقة النفس ضحوا في سبيل الحق والخير والعدل بالكثير والكثير
وإليك هذا المثال
{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات 102]
مشهد عجيب فيه ابتلاء عظيم…أب رحيم اشتاق إلى الولد فأعطاه الله الولد ثمّ يأتي الامتحان بأن يذبح ولده تنفيذا لأمر الله فاستجاب الخليل و تبعه الابن الحليم إسماعيل في الاستجابة لأمر الجليل
بل يقول المفسّرون وإذا بإسماعيل يقول لأبيه: يا أبت إذا أردت ذبحي فقيّدني واجعل وجهي لأسفل حتى لا تنظر إليّ فيرقّ قلبك فلا تنفّذ أمر ربّك، وبدأ الخليل في تنفيذ الأمر فجاءه الشيطان يريد أن يثنيه عن عزمه فقال له الخليل اخسأ يا لعين و رجمه بالأحجار عند العقبة بمنى وقيل إنّ إبليس ذهب إلى هاجر يريد منها أن تؤثّر على الخليل فلا ينفّذ أمر الله فقالت له: اخسأ يا لعين و رجمته بالأحجار و من هنا أصبح رمي الجِمار من شعائر الحجّ تخليدًا لذكريات الاستجابة لأمر الله.
{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ*وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ* وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}[الصافات 103 ـ 107].
مختارات