فتيات المسلمين في الجامعات إلى أين
الإسلام دين الوسط والوسطيَّة، فهو لا يمنع المرأة من الخروج من بيتها للدراسة باحتشام، أو لعمل مشروع بعفَّة وأمان وانتظام دون اختلاط، أو لتسوُّق مع كامل الحجاب الشرعي السابغ.
لكنَّنا نرى حالة يرثى لها، ووضعاً نُسخط به ربَّنا، ونرضي به عدونا، في أغلب جامعاتنا العربيَّة؛ فلباس ضيق، وزينة ومكياج، وعطور نفَّاذة، وتبرج وسفور، وتَكَسُّر في المشية، والترقق في الكلام مع الشباب، والجرأة المفرطة في الضحك والتمايل، وكذلك التساهل في حدود العلاقة بينهنَّ وبين دكاترة الجامعة، وكأنَّ دكتور الجامعة ليس رجلاً غريباً عنهنَّ!!
ونضيف على ذلك فيما يجري في جامعاتنا العربية: رقص بعض الفتيات في ساحات الجامعات على أنغام الموسيقى، والانسداح أو الانطراح نوماً في الساحات العامة، وقد يكون ذلك بصحبة رفيقها! ولا نرى وللأسف ـ في الغالب ـ من إدارة الجامعة ردعاً أو زجراً؟!!
عدا عن ذلك ظاهرة (حجاب الموضة) أو (الحجاب العصري) الذي يشيع بكثرة في صفوف الفتيات، وقد يكون فيه من الزينة والجاذبيَّة أضعاف الزينة التي تظهر بها المرأة الحاسرة عن شعر رأسها، فخمار الرأس مزركش ملوَّن، ويلبسنه الفتيات على الأقمصة و(التونيك) والبناطيل الضيقة والتي تصف حجم أعضائهنَّ، وتبرز مفاتنهنَّ، مع شيء من الكحل والمكياج!!
فأي حجاب هذا؟ وأي تستُّر يراد من خلاله؟!
هل هذا هو الجيل الذي يطمح العدو الغربي وأدعياء تحرير المرأة، لكي ينشأ في بلاد المسلمين، حيث لا همَّ لهم إلا التفكير في الغزل والحب والغرام، والتبرج والسفور، وظاهرة الإعجاب بين الشباب والفتيات، وإرسال الرسائل السيئة والمتبادلة عبر الجوالات من خلال تقنية البلوتوث أو الكتابات الهابطة على بعض الجدران، أو القعود في ساحات الحب والعشق والهيام؟!
فهل هذا الجيل هو الجيل القادر على الانتصار لعقيدة الإسلام؟
أم هذا الجيل هو القادر على أن ينال الشهادات العليا في التقنية والإبداع والابتكار لخدمة الأمَّة المسلمة؟
أم أنَّ هذا الجيل هو الجيل المحصَّن من السقوط في شبكات الإسقاط والخيانة والتي لا يستغرب مطلقاً وجود بعضها في الجامعات بغية إسقاط الفتيات والشباب؟!
وهل سيأخذ هذا الجيل على عاتقه نشر القيم والفضيلة، ومكافحة الفساد والرذيلة، من خلال ممارساته التي تدل على أنَّ فاقد الشيء لا يعطيه ولن يعطيه!!
فنساء كاسيات عاريات * وأشباه رجال كالرخم!
وشباب مائع مستخنث * لو رأى طيف خيال لانهزم !
ليت شعري هل سيحمون حمى * أو يردَّون إذا الحرب التحم !
• ودور الرقيب قد غاب!
كم من مآسٍ تجر الحتوف في هذه الجامعات وللأسف، وخصوصاً حينما يغيب الرقيب...
فالرقيب السياسي غائب عن ذلك، أو متغافل لما يجري، فإن لم يكن هذا ولا ذاك فهل هو راضٍ به؟!
والرقيب الإداري في الجامعة في الغالب راتع في صومعته الخاصَّة به وكأنَّ لباس الفتيات وتبرجهنَّ وسفورهنَّ بالجامعة سيعطي نتائج عالية في درجة الامتياز...!!
والرقيب الأسرى غائب، ويلهث وراء لقمة العيش لكي يؤمن سكناً لابنته، أو مصروفاً تغدو به وتروح من بيتها إلى الجامعة، دون متابعة الأب أو ولي الأمر لدورها ومكان سكنها وذهابها وإيابها!!
فمع غياب الرقيب السياسي، والرقيب الإداري الجامعي، والرقيب الأسري، وبسبب الحالة المتفشيَّة بانتشار الفساد الأخلاقي في الجامعات، يزداد التبرج والسفور واللباس الفاضح من فتيات المسلمين الجامعيات.
إنَّ من المعلوم أنَّ من طريق تحرير الأمَّة الإسلامية نحو العز والتمكين، ضرورة الأخذ بعين الانتباه والعمل على إعمال سنن الله في تحقيق النصر ومنها تحرير المرأة...
نعم تحرير المرأة!
أعني على مراد رب العالمين لا على مفهوم قاسم أمين وشلَّة الليبراليين والعصرانيين!!
والذين لا يرون أيَّة مشكلة في تسهيل بعض أوجه الفساد، عبر طرق الإغراء وفسح المجال حتَّى للإعلانات التجاريَّة الفاسدة في الشوارع عبر (اللافتات) أوالإعلانات الكثيرة والتي يبدو فيها جسد المرأة شبه عارٍ؛ لكي تتعلَّم نساء المسلمين على مثل هذه الألبسة الفاضحة التي ما كانت ديدن المسلمات، ولا هي بأخلاق فتيات المسلمين.
ولا أستغرب أبداً أن تكون هذه خطَّة مبيَّتة من بعض الدول؛ لإفساد شباب الإسلام وفتياته في الجامعات، لكي يخلو لهم الأمر ويكون حالهم كما قيل:
خلا لك الجو فبيضي واصفري * ونقِّري ما شئت أن تنقري
• التبرج العاري... والتقليد الغاوي... وتحذيرات الهدي النبوي:
يقول المفكر الجزائري المسلم مالك بن نبي: (إنَّ قبل قصَّة كل استعمار، هناك قصَّة شعب خفيف يقبل الاستخذاء !!).
إنَّ تتبُّع كثير من فتيات المسلمين لجديد الموضة، وحديث الألبسة الجديدة النازلة في السوق، والأصباغ والأردية الغربيَّة والتي قد تخرج ببعضها في وضح النهار أمام الرجال، ينبئنا كذلك بخطر الاندماج في هذه الألبسة الضيقة والتي قد تخجل المرأة الصالحة في وقت خطبتها وبعد كتابة العقد عليها من أن تظهر بمثلها في البداية أمام زوجها لعفَّتها وديانتها، فما بالنا نجد الألبسة الضيقة التي نستغرب من حال الفتيات حينما يلبسنها بهذا الشكل الفاضح أمام الرجال، ولا ندري كذلك كيف يمكن أن تدخل هذه الألبسة الضيقة في أرجلهنَّ وأفخاذهنَّ؟!!
ألا يتذكَّرن قول الصادق المصدوق صلَّى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
وبتأمل يسير في الحديث نجد فيه تبياناً وتحذيراً لكل امرأة سافرة متبرجة بأنَّها مُتَوعَّدة بالنار، وأنَّ سبب دخولهنَّ النار أنَّهن:
• مائلات في مشيتهنَّ زائغات عن طاعة ربِّهنَّ قلوبهنَّ ميَّالة إلى الرجال لفتنتهم.
• مميلات لأكتافهنَّ، ويعلِّمن غيرهنَّ فعلهنَّ المذموم بتبرجهنَّ، ومميلات للرجال بما يبدين من زينتهنَّ.
• ويلبسن أكسية رقيقة شفَّافة ضيِّقة فهي في الحقيقة أكسية عارية، وكذلك يكشفن عن شعر رؤوسهنَّ حيث يجمعن هذا الشعر ويركمنه فوق بعض، وأكَّد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم على أنَّهن قد اقترفن إثماً مبيناً بأنَّهن كذلك لا يدخلن الجنَّة ولا يجدن ريحها، فمجرد شمَّ رائحة الجنَّة لن تصل إلى أنوفِهِنَّ.
• ولو تأملت في أحاديث الوعيد، فإمَّا أن نجد فيها الوعيد بدخول النار، أو الوعيد بعدم دخول الجنَّة، أمَّا في هذا الحديث فإنَّ فيه الوعيد بدخول النار، والتحذير بعد دخول الجنة بل عدم التشرف بشمِّ رائحتها، فإن استحلَّت ذلك المرأة بتبرجها ورأته حلالاً، فهنَّ كافرات إذا متن على ذلك، وإن لبسن ذلك مع اعتقادهن تحريمه فقد ارتكبن كبيرة من الكبائر، ما يدل على خطر هذه الكبيرة من كبائر الذنوب، والتي نسأل الله تعالى أن تتنبَّه لها فتيات الإسلام.... وينجيهنَّ من نار جهنم... آمين.
كم من فتيات يأتين من بيوتهنَّ أو قراهنَّ أو مدنهنَّ الأخرى إلى الجامعة، فيدخلن دورات المياه، فينزعنَّ جلابيبهنَّ وحجبهنَّ، ثم يضعنها في شنطهنَّ، عدا ما قد تقوم به بعض الفتيات من التدخين في دورات المياة، وبعدئذِ تخرج المرأة متمكيجة متعطِّرة متكحِّلة مائلة مميلة، وهي غافلة عن ذلك الوعيد الذي يتهددها من رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها، فقد هتكت سِتر ما بينها وبين الله) أخرجه ابن ماجه بسند صحيح.
لقد كان يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (لأن أزاحم جملاً قد طلي قَطِرَانَاً أحب إلي من أن أزاحم امرأة متعطرة) أخرجه الإمام عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه.
ومعنى قول ابن مسعود رضي الله عنه، أنَّ مزاحمته لجمل قد طُلِيَ سواداً مع رائحة كريهة تنبعث منه (كالكاز الأسود)، أحبُّ إليه من أن يزاحم النساء المتعطِّرات اللواتي يُثِرنَ الرجل برائحة عطرهنَّ، وهذا الكلام صادر من صحابي جليل، فما البال يا أيها الفتيات المتبرجات بشباب اليوم، وحالة ضعف الإيمان التي يشكو منها الكثير، ثمَّ يُفتنون برائحة العطر النفَّاذة حينما تمررن عليهم، فكيف نكون عوناً لهم على ما لا يرضي الله تعالى، ألا تخشين من أن ينالكنَّ نصيب من الإثم في ذلك؟!
ومن العجائب ـ والعجائب جمَّة في الكثير من جامعاتنا العربية، أن نجد الفتاة الجامعية تمشي في نصف الطريق وكأنَّها ملاكمةُ في حلبة مصارعة، فشيمة الخجل والحياء والسكينة والوقار منزوعة عن كثير منهنَّ، وبدلاً من أن تكون الفتاة ماشية على جنبتي الطريق لكي تأخذ راحتها في المشي ولكي لا تؤذي نفسها بمرور بعض شباب السوء عليها... بالعكس تأخذ هي نصف الطريق وتمشي وسطه، وينقلب الحال فيكون بعض الشباب الصالح يأخذ حواف الطريق لكي لا يصطدم بالرتل النسائي في الجامعات، فتنقلب الموازين وتتبدَّل المفاهيم.
لكن أين فتيات الجامعة عن نساء الصحابة، اللواتي كنَّ غاية في الأدب والحشمة والحياء، وغاية في الانصياع الكامل لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟!
فعن أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم للنساء: (استأخرنَّ، فإنَّه ليس لكنَّ أن تحققن الطريق، عليكنَّ بحافات الطريق) فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتَّى إن ثوبها ليتعلَّق بالجدار من لصوقها به!)أخرجه أبو داود وقال ابن حجر: حسن الإسناد.
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد ذلك: هل كل فتيات الجامعة هكذا؟!
معاذ الله، وحاشا لله، ففيهنَّ النساء الأديبات الخلوقات المتدينات، والتي تستحيي أي فتاة منسوبة لهنَّ من كل ما يقترفنه تلك الفتيات المتبرجات، أدباً وطاعة لله، بل تستحيي أن تتحدث مع الشاب، وتلوح حمرة الخجل في وجنتيها وخدِّها إن حصل ذلك اضطراراً، بيدَ أن هؤلاء في أغلب أو جلِّ جامعاتنا بتن شيئاً قليلاً وللأسف، وسأخصِّص لهنَّ في هذه الرسالة حديثاً خاصاً بإذن الله تعالى...
مختارات