" المَعْلم الخامس : المحاسبة المعتدلة "
" المَعْلم الخامس: المحاسبة المعتدلة "
فالناس في مسألة المحاسبة طرفان ووسط، منهم من يدلل الأبناء ولا يحاسبهم فهذا تفريط مذموم، ومنهم من ديدنه المحاسبة على كل صغير وكبير، وهذا إفراط مذموم في المحاسبة، والتوسط هو المنهج النبوي في هذه القضية.
فقد كان صلى الله عليه وسلم يحاسب الناشئة على أخطائهم باعتدال دون إفراط أو تفريط ولم تكن درجة المحاسبة واحدة، بل تختلف باختلاف درجة الخطأ وخطورته، وهل صاحبه مصرٌّ عليه أم تائب منه؟ وهل كان جاهلا أو متعمدا؟ إلى غير ذلك مما كان يراعيه صلى الله عليه وسلم في تربيته للناشئة فمن ذلك محاسبته لمعاذ بن جبل، وكان شابا ناشئا يصلي بقومه فيطيل الصلاة بهم فقال له صلى الله عليه وسلم: «أفتان أنت يا معاذ» [رواه أحمد]؛ فلم يسكت عن خطئه، ولم يحمله أكثر مما يتحمل.
بل لقد كان أحيانا يكتفي بالسكوت وإظهار الغضب على وجهه، ومن ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير «فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل، قالت: فعرفت في وجهه الكراهية فقلت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله فماذا أذنبت؟ فقال: ما بال هذه النمرقة...» الحديث [رواه مسلم].
وفي المقابل اشتدت محاسبة النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد وقد شفع يوما في حد من حدود الله حين وسطه بعض الناس ليطلب من النبي صلى الله عليه وسلم عدم قطع يد المرأة المخزومية التي سرقت فغضب عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «أتشفع في حد من حدود الله» [رواه البخاري].
مختارات