" عون الله لأحبابه "

قال أبو العباس البكري، من ولد أبي بكر الصديق رضي الله عنه: جمعت الرحلة بين محمد بن جرير – الطبري – ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمد بن هارون الروياني بمصر، فأرملوا (نفد زادهم)، ولم يبق عندهم ما يقوتهم، وأضر بهم الجوع فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه، فاتفق رأيهم على أن يستهموا، ويضربوا القرعة، فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام.

فخرجت القرعة على محمد بن إسحاق بن خزيمة فقال لأصحابه: أمهلوني حتى أتوضأ وأصلي صلاة الخيرة(صلاة الاستخارة)، فاندفع في الصلاة، فإذا هم بالشموع، وخصيٌ من قبل والي مصر يدق الباب، ففتحوا الباب، فنزل عن دابته.

فقال: أيكم محمد بن نصر؟ فقيل: هو هذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارًا، فدفعها إليه، ثم قال: أيكم محمد بن جرير؟ فقالوا: هو هذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارًا، فدفعها إليه، ثم قال: أيكم محمد بن إسحاق بن خزيمة؟

فقالوا: هو هذا يصلي، فلما فرغ من صلاته دفع إليه الصرة وفيها خمسون دينارًا، ثم قال: أيكم محمد بن هارون؟ وفعل به كذلك.

ثم قال: إن الأمير كان قائلاً (نائمًا وقت القيلولة، وهو منتصف النهار) بالأمس، فرأى في المنام خيالاً قال: إن المحامدطووا كشحهم(أنهم جياع يسترون جوعهم لا يُعرفون به) جياعًا، فأنفذ إليكم هذه الصرر، وأقسم عليكم إذا نفدت فابعثوا إلي أحدكم (من «طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي (2/251). نقلاً عن المختار من فرائد النقول والأخبار).