البحث عن الكنز!!
يا صاحب الرسالة.. يا صاحبة الرسالة:
وهبكما الله مواهب دفينة وطاقات هائلة، لكنها اليوم دفينة مغمورة في بئر الإهمال والنسيان، مجهولة تنتظر من يُنقِّب عنها بمعول العزيمة، وعندها تظفران بالجواهر وتعرفان سِر قوتكما ومفتاح تميزكما، فتسخِّرانها لخدمة الدعوة.
وما أكثر حاملي الرسالة الذين لم يكتشفوا المواهب الربانية التي حباهم بها الله، ومن ثم لم يستخدموها الاستخدام الأمثل لنصرة الحق والدفاع عنه؟! وهل يظن أحدٌ أن النعم لا تبعات من ورائها؟! أو أن العطاء لا يؤاخَذ عليه؟! أو يظن الغني أن حسابه عند الله مثل حساب الفقير؟! أو أن حساب الذكي مثل حساب الغبي؟! أو حساب الفصيح كالعيي؟! أو العالم كالجاهل؟! تعالى الله عن ذلك:
﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ الأنعام: 165
والدَّرجات هنا استعارة لتفاوت النِّعم بين الناس، مبنيَّة على تشبيه المعقول بالمحسوس لتقريبه إلى الأفهام، وتشمل الدرجات جميع أنواع التميز والاختلافات بين الناس اليوم في الأرزاق والأخلاق والأفهام والمحاسن والمواهب والمناصب.. وهي سنة إلهية محكمة.. الحكمة منها
فهذه الدرجات الهدف منها إذن: الابتلاء، فكل ما رزقكم الله من النعم الظاهرة أو الخفية فإنما يبلوكم الله به، فهل تنجحون في الاختبار فتسخِّرون هذه المواهب في طاعة الله وخدمة دينه؟ أم تضيِّعونها هدرا؟
ثم يأتي ختام الآية: ﴿ ِإِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾، ليفرض السؤال: ما العلاقة بين أول الآية وآخرها؟!
والجواب: إن عقاب الله سريع الإتيان لمن لم يراع حقوقه في ما آتاه من مواهب وملكات فلم يشكره، أما من حباه الله النعم فبذلها في سبيل الله تجاوز الله عن كل ما بدر منه بمغفرته ورحمته، والله أعلم.
وصية ماسية أخيرة تلمع عندما تسقط عليها أشعة ذكائك الإيماني:
ركِّز على نقاط قوتك أكثر من نقاط ضعفك.
قد تقضي الأعوام في معالجة نقاط ضعفك، وقد تنجح في ذلك قليلا أو كثيرا، لكنك لو نظرت في ما أنت متميِّز فيه وعملت على تسخيره لدينك لكان ذلك أيسر عليك وأربح لدعوتك.
مختارات