" ربي قادرٌ على رد بصري "
" ربي قادرٌ على رد بصري "
ومن الذين سجل لنا التاريخ كرامتهم بمداد من نور السيدة زنيرة الرومية، وكانت من السابقات إلى الإسلام وقد عذبها المشركون عذابًا شديدًا فكانوا يحملون لها مكاوي الحديد ثم يضعونها بين أعطاف جلدها، ويدعون الأطفال يعبثون بعينها حتى ذهب بصرها رضي الله عنها ومما جاء في ذكرها:
كانت مولاة بني مخزوم فكان أبو جهل يعذبها فلما أسلمت عميت فقال المشركون: أعمتها اللات والعزى لكفرها بهما فقالت: وما يدري اللات والعُزى من يعبدهما إنما هذا من السماء وربي قادرٌ على رد بصري فأصبحت من الغد وقد رد الله بصرها.
تأملي أختاه ثبات تلك المؤمنة المسلمة على إيمانها وتحملها العذاب الشديد الذي لا يطيقه كثيرٌ من الرجال فما بالك بالنساء؟ ولكن الإيمان الذي يغزو القلوب هو الذي ثبتها به الله عز وجل وأكرمها وأعلا فضلها فلما وثقت في رحمته ونُصرته؛ رد عليها بصرها كي ينصرها على المشركين الذين يعبدون أسماء لا تضر ولا تنفع، ولكنها تعبد رب السماء، وتعلم أن كل قضاء ينزل عليها فإنه من رب السماء ولا يكون إلا خيرًا وهو قادر على أن ينصرها عليهم، وكان ما أرادت، فرد الله عليها بصرها كرامة لها رضي الله عنها. فأين نحن يا أختاه من هذا الإيمان وتلك الثقة في كل أمورنا؟ وأيضًا الرضا في كل قضاء يقضيه الله لقد قالت السيدة زنيرة: «وربي قادر على رد بصري» فتأملي قولها ربي أي خالقي وسيدي ومدبر أمري ومن يرزقني السمع والبصر ومن يرزقني النصر عليكم، فهل لنا من فهم لتلك المعاني وأن نعيش في معية الله دومًا نستعين به على أعدائنا وفي كل أمورنا لكي نكون من أولياء الله الصالحين قال تعالى: " أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " [يونس: 62-64] (نساء لها تاريخ).
مختارات