" عبرات مدخن "
" عبرات مدخن "
شفة طاهرة..، ووجه حسن.. أنفاس زكيةٌ.. وثنايا كالبرد..، أوغَلَ الحزن في صدره، وذاب الهمُّ في وجدانه.. اضطربت أحاسيسه..، وضجت بين الأضلع آلامه.. ظن جهلاً منه أن الدخينة [السيجارة] هي الملاذ والملجأ من هذه الهموم، والمهرب من هذه الغموم.. فتناولها.. وبدأ طريق الانحراف.. نعم.. طريق الانحراف.
مرت الأيام، وزادت الآثام، وذات يوم، وبعد تعب ونصب مع هذا الخبيث – أعني الدخان – ومعاناة وآلام، وإحراجات في المجتمع.. التهبت الأضلع بنار الندم والحرقة على التفريط، فكوى الكبدَ حرها..، فعلم ذلك الشاب أن المخرج من هذا هو طاعة الله..، وأنه لا يجوز له صرف شيء من الالتجاء والهرب لسواه سبحانه.
ألمت به حسراتهُ، وهجست به ذكرياتهُ، فتذكر وروده على ربه جل وعز، والحساب، والميزان.
وذات يوم انزلقت دمعة كبرى، وعبرة حرى.. من عينين واسعتين.. ترمق أفقًا قريبًا.. أفقًا جميلاً.. نعم.. إنه أفق رحمة الله.. تذكر " إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ "
إنه أفق التوبة.. فجمع بين صدق العودة إلى الله، وبين العزيمة على ترك الذنب.. فأقدم حازمًا يريد ما عند الله فأحبه الله لتوبته: " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ "، فمحا ذنبه بإذن ربه، وأبدله صالحًا.. قال صلى الله عليه وسلم كما عند ابن ماجه والطبراني: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له».
وبعد هذا.. أخي.. إنما الأيام طرق الجد، والساعات ركائب المجد، وأيام العافية أوقات تستدرك..، وأحيان السلامة تنادي: (من جد أدرك)؛ فكن رجلاً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
مختارات