المرأة في صورة شيطان؟!
جاءت فتاة تشكو من حديثٍ يقدح-كما تحسب- في المرأة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان.
فقلت لها: بل هذا الحديث من ممادح الأنثى!
فنثرت ما نثرت من علامات تعجبها:)
إن الذي يؤذي أن يكون فهم هذا الحديث على غير سَنن العربية؛ فإن قوله صلى الله عليه وسلم: في صورة: أي في تصويره، وهذا لما في جبلة الإنسان من الميل إليها، والإقبال عليها؛ لأنها موضع الجمال والسكينة، ومهاد الروح ومأوى خفقات القلب، فهي إذا أقبلت أو أدبرت، أقبلت وأدبرت في ظلال هذه المعاني التي يمدها الشيطان عند الذي لم يصرف بصره= بتهاويله وظلال خيالاته، ونفثه بالتزيين والتجميل، وهذا لا شك إنما يكون للشيء المحبب للنفوس فطرةً وجبلَّةً!
وهذا المعنى العبقري أشار إليه الإمام الثبت ابن مفلح رضي الله عنه في كلمة بارعةٍ مُحكمة: والعين ترى ما لا تقدر عليه على غير ما هو عليه!
وثانيا هذا البيان الجليل ينطق بأن الأنثى نافذة جمال تأوي إليها النفس جِبِلَّةً؛ إذ لا يكون التحسين لشيء تعافه النفس وتبغضه الفطرة، فهو شهادة للمرأة بهذا المعنى العالي، ولا أظن أن أنثى تحب أن يكون وجودها في حياة الرجل وعينه وقلبه وجودَ الحجر لا أثر له في قلبه وروحه!
ثالثا: قد فتح الحديث سبيل الوصال إلى هذا الجمال في حلالٍ يعبق بالطهارة، وتسكن فيه الروح إلى روحها في ظلال إياك نعبد وإياك نستعين! ولو كانت على الفهم الأعوج شيطانةً، لما أمر بوصالها قط!
العربية بابٌ لفهم الشريعة، لابد من النظر فيه والإقبال عليه والنهل منه، حتى يتم للإنسان بصره في تلقي الوحي بجماله وجلاله وكماله.
والله أعلم.
مختارات