شهيد الثبات على السنة ونشرها أحمد بن نصر المروزي
شهيد الثبات على السنة ونشرها أحمد بن نصر المروزي:
الإمام الكبير الشهيد، أبو عبد الله، أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي المروزي ثم البغدادي. كان جده أحد نقباء الدولة العباسية، وكان أحمد أمارا بالمعروف، قوالا بالحق.
قال ابن الجنيد: سمعت يحيى بن معين يترحم عليه، وقال: ختم الله له بالشهادة، وقد كتبت عنه، وكان عنده مصنفات هشيم كلها، وعن مالك أحاديث، وكان يقول عن الخليفة: ما دخل عليه من يصدقه. ثم قال يحيى: ما كان يحدث، ويقول: لست هناك.
وقال الصولي: كان هو وسهل بن سلامة حين كان المأمون بخراسان بايعا الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم قدم المأمون فبايعه سهل، ولزم ابن نصر بيته، ثم تحرك في آخر أيام الواثق، واجتمع إليه خلق يأمرون بالمعروف، قال: إلي أن ملكوا بغداد، وتعدى رجلان موسران من أصحابه، فبذلا (وعزما على الوثوب) في سنة إحدى وثلاثين فنم الخبر إلى نائب بغداد إسحاق بن إبراهيم، فأخذ أحمد وصاحبه وجماعة، ووجد في منزل أحدهما أعلاما وضرب خادما لأحمد، فأقر بأن هؤلاء كانوا يأتون أحمد ليلا، ويخبرونه بما عملوا فحملوا إلى سامراء مقيدين، فجلس الواثق لهم، وقال لأحمد: دع ما اخذت له، ما تقول في القرآن؟ قال: كلام الله، قال: أفمخلوق هو؟ قال: كلام الله، قال: فترى ربك في القيامة؟ قال: كذا جاءت الرواية، قال: ويحك يرى كما يرى المحدود المتجسم، ويحويه مكان ويحصره ناظر؟ أنا كفرت بمن هذه صفته، ما تقولون فيه؟ فقال قاضي الجانب الغربي: هو حلال الدم، ووافقه فقهاء، فأظهر أحمد بن أبي دؤاد أنه كاره لقتله (أحمد بن أبي دؤاد عدو أهل السنة) وقال: شيخ مختل، تغير عقله، يؤخر، قال الواثق: ما أراه إلا مؤديا لكفره قائما بما يعتقده، ودعا بالصمصامة، وقام، وقال: أحتسب خطاي إلى هذا الكافر. فضرب عنقه بعد أن مدوا له رأسه بحبل، وهو مقيد ونصب رأسه بالجانب الشرقي، وتتبع أصحابه فسجنوا.
قال الحسن بن محمد الحربي: سمعت جعفر بن محمد الصائغ، يقول: رأيت أحمد بن نصر حين قتل قال رأسه: لا إله إلا الله.
قال المروزي: سمعت أحمد ذكر أحمد بن نصر، فقال رحمه الله لقد جاد بنفسه.
وعلق في أذن أحمد بن نصر ورقة فيها: هذا رأس أحمد بن نصر دعاه الإمام الواثق إلى القول بخلق القرآن، ونفي التشبيه، فأبى إلا المعاندة، فجعله الله إلى ناره، وكتب محمد بن عبد الملك.
وصح أنهم أقعدوا رجلا بقصبة، فكانت الريح تدير الرأس إلى القبلة، فيديره الرجل.
بقي الرأس منصوبا ببغداد، والبدن مصلوبا بسامراء نحو ست سنين إلى أن أنزل، وجمع في سنة سبع وثلاثين، فدفن رحمة الله عليه.
مختارات