قتل الخليفة الراشد الخامس (عمر بن عبد العزيز)
قتل الخليفة الراشد الخامس (عمر بن عبد العزيز):
ما أكثر بكاؤه ـ رحمه الله تعالى ـ
عن مغيرة بن حكيم: قالت فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز: حدثنا مغيرة، أنه يكون في الناس من هو أكثر صلاة وصياما من عمر بن عبد العزيز، وما رأيت أحدا أشد فرقا من ربه منه، كان إذا صلى العشاء، قعد في مسجده، ثم يرفع يديه، فلم يزل يبكي حتى تغلبه عينه، ثم ينتبه، فلا يزال يدعو رافعا يديه يبكي حتى تغلبه عينه، يفعل ذلك ليله أجمع.
لماذا قتلوه ـ رحمه الله تعالى؟:
قد كان هذا الرجل حَسَن الخلق، وحُسْنِ الخلق كمال العقل، حسن السمت، جيد السياسة، حريصا على العدل بكل ممكن، وافر العلم، فقيه النفس، ظاهر الذكاء والفهم، أواها منيبا، قانتا لله، حنيفا زاهدا مع الخلافة، ناطقا بالحق مع قلة المعين، وكثرة الأمراء الظلمة الذين ملوه وكرهوا محاققته لهم، ونقصه أعطياتهم، وأخذه كثيرا مما في أيديهم مما أخذوه بغير حق، فما زالوا به حتى سقوه السم، فحصلت له الشهادة والسعادة، وعد عند أهل العلم من الخلفاء الراشدين، والعلماء العاملين.
عن مجاهد: قال لي عمر بن عبد العزيز: ما يقول في الناس؟ قلت: يقولون مسحور، قال: ما أنا بمسحور، ثم دعا غلاما له فقال: ويحك ! ما حملك على أن سقيتني السم؟ قال ألف دينار أعطيتها، وعلى أن أعتق، قال هاتها، فجاء بها، فألقاها في بيت المال، وقال: اذهب حيث لا يراك أحد.
ساعة موته:
وقال المغيرة بن حكيم: قلت لفاطمة بنت عبد الملك: كنت أسمع عمر بن عبد العزيز في مرضه يقول: اللهم أخف عليهم أمري ولو ساعة، قلت: قلت له: ألا أخرج عنك، فإنك لم تنم، فخرجت، فجعلت أسمعه يقول: " تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ " [القصص: 83] مرارا ثم أطرق فلبثت طويلا لا يسمع له حس، فقلت لوصيف: ويحك انظر، فلما دخل، صاح فدخلت فوجدته ميتا، وقد أقبل بوجهه على القبلة، ووضع إحدى يديه على فيه، والأخرى على عينيه.
وكان أسمر دقيق الوجه، حسنه، نحيف الجسم، حسن اللحية، بجبهته شجة. وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأياما.
قال ابن عيينة: قال رجل لعمر بن عبد العزيز: جزاك الله عن الإسلام خيرا، قال بل جزى الله الإسلام عني خيرا.
مات سنة إحدى ومائة.
مختارات