" البـاطـن "
" البـاطـن "
ليس دونه شيء؛ وهو دليل على اطِّلاعه على السَّرائر والضَّمائر والخفايا ودقائق الأشياء؛ كما يَدُلُّ على كمال قُرْبه ودُنُوِّه، ولا يتنافى الظَّاهر والباطن؛ لأنَّ اللهَ ليس كمثله شيء.
والباطن العالم بكلِّ شيء والعارف ببواطن الأمور وظواهرها، وهو الباطن الذي لا يُحَسُّ؛ وإنَّما يُدْرَك بآثاره وأفعاله، وهو الباطن لجميع الأشياء؛ فلا شيءَ أقربُ إلى شيء منه " وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ " [ق: 16].
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
من رُزق فهم معنى هذا الاسم وضح له التَّعَبُّد به؛ وهو إحاطةُ الرَّبِّ بالعالم؛ فَأَصْلح له غيبَك؛ فإنَّه عنده شهادةٌ، وزَكِّ له باطنَك؛ فإنَّه عنده ظاهرٌ.
وردت الأسماءُ الأربعةُ (الأول والآخر والظاهر والباطن) مجتمعة مرَّةً واحدةً في السُّنَّة في دعاء:
روى مسلم (7064) أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقوله إذا أخذ مضجعه، وفي رواية الترمذي (3818)أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَه لابنته فاطمة رضي الله عنها حين سَأَلَتْه خادمًَا بعد أن أشار عليها بالتَّسْبيح: «اللهمَّ رَبَّ السَّمَوَات وَرَبَّ الأرض وَرَبَّ الْعَرْش الْعَظيم رَبَّنا وَربَّ كُلِّ شيء فَالقَ الحَبَّ والنَّوَى وَمُنَزِّلَ التَّوْراة والإنجيل والفُرقان، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرَّ كُلَّ شيء أَنْتَ آخِذٌ بناصيته، اللَّهمَّ أنتَ الأَوَّلُ فليس قبلَك شيءٌ، وأنتَ الآخرُ فَليسَ بَعْدَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَليْسَ فَوْقَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فليس دونك شيءٌ، اقْض عنَّا الدَّيْنَ وأَغْننا من الفَقْر».
ووردت مرَّةً واحدةً في القرآن الكريم في آيَة لها أَثَرٌ عظيمٌ في دَفْع الوَسْوَسَة وَرَدَ كيدها كما ورد عن سؤال أبي زميل لحبر الأمة ابن عبَّاس - رضي الله عنه - عن شيء يجدُه في صَدْره لن يَتَكلَّم به، فقال له ابنُ عبَّاس: «ما نجا من ذلك أَحَدٌ حَتَّى أنزل اللهُ تعالى: " فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ " [يونس: 94]» إذا وَجَدْتَ في نَفْسك شيئًا فقل: " هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ".
والخلاصةُ أنَّ معرفةَ هذه الأسماء الأربعة هي أركانُ العلم والمعرفة والتَّوْحيد؛ فحقيقٌ بالعبد أن يَبْلُغَ في مَعْرفتها إلى حيث يَنْتَهي به قُوَاه وفَهْمُه.
مختارات