شرح دعاء" اللهم رب جبرائيل، وميكائيل، ورب إسرافيل، أعوذ بك من حر النار، ومن عذاب القبر"
( اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَرَبَّ إِسْرَافِيلَ، أَعُوذُ بِكَ مِنَ حَرِّ النَّارِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ)([1]).
المفردات:
(الرب): هو: السيد، والمالك، والمنعم، والمربي، والمصلح.
(جبريل): المَلَك الموكّل بالوحي.
(ميكائيل): الموكل بالقطر، والنبات.
(وإسرافيل): المَلَك الموكل بالنفخ في الصور.
الشرح:
قوله: (اللَّهم رب جبريل): فيه توسّل إلى اللَّه بربوبية جبريل، وهو الموكل بالوحي الذي فيه حياة القلوب، وهدايتها.
قوله: (ورب ميكائيل): وهو توسّل بربوبية اللَّه لميكائيل الموكل بالقطر والنبات الذي فيه حياة الأرض والحيوان.
قوله: (ورب إسرافيل): وهو الموكل بالنفخ بالصور الذي هو سبب حياة العالم، وعودة الأرواح إلى الأشباح.
فوجه تخصيص السؤال بربوبيته لهؤلاء الملائكة، وهو ربّ كلّ شيء لانتظام هذا الوجود بهم؛ ولأنهم أشرف الملائكة؛ لما أنها موكلة بالحياة بأنواعها، والإتيان على هذا الترتيب لفضل مراتبهم بالذكر.
فالتوسل إلى اللَّه سبحانه وتعالى بربوبيته لهذه الأرواح العظيمة الموكلة بالحياة له تأثير في حصول المطلوب([2]).
قوله: (أعوذ بك من حرِّ النار): سأل اللَّه النجاة من النار بعد توسله بربوبيته العظيمة لهذه الأملاك العظيمة؛ لعظم أمرها، وخطورة شأنها، وشدّة هولها، وهذا من أفضل أنواع التوسل قبل الدعاء كما تقدم.
قوله: (وعذاب القبر): القبر هو أول منزل من منازل الآخرة، فعَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ رضى الله عنه قَالَ: (كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى، حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَلا تَبْكِي، وَتَبْكِي مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ، فَإِنْ نَجا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ، فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ). قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِصلى الله عليه وسلم (مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْه) ([3]).
فعذاب القبر حق وثابت؛ولهذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يأمر بالاستعاذة منه في كل صلاة، فلا ينجو منه إلا المؤمن الموحِّد المُخلِص.
([1] ) أخرجه النسائي، كتاب الاستعاذة، الاستعاذة من حر النار، برقم 5519، وفي الكبرى، كتاب صفة الصلاة، الاستعاذة من حر النار، وأحمد، 40/ 380، برقم 24324، والبيهقي في الدعوات، برقم 109، وأبو يعلى، 8/ 213، برقم 4779، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 3/1121، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم 1544.
([2]) انظر: فيض القدير، 2/101.
([3]) الترمذي، كتاب الزهد، باب حدثنا هناد، برقم 2308، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر القبر والبلى، برقم 4267، وأحمد، 1/ 503، برقم 453، والحاكم، 1/ 371، والبيهقي، 4/ 256، والمقدسي في المختارة، 1/ 524، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، برقم 3442، وصحيح الجامع الصغير، برقم 1684.
مختارات