انظر معي هذا الخبر العجيب
انظر معي هذا الخبر العجيب الذي أقصه عليك مختصرًا، واصبر نفسك معي:
سيدنا ﷺ كان مع أصحابه رضي الله عنهم في طريق سفر، وقد شكوا له العطش وليس معهم ماء، فانتدب سيدنا عليا رضي الله عنه وسيدنا عمران بن حصين رضي الله عنه ليلتلمسا ماءً، فوجدا امرأةً مشركة كان معها مزادتان"المزادة قِربة الماء"، فجاءت معهما إلى رسول الله ﷺ، فدعا النبي ﷺ بإناء فوضع فيه من ماء القِربتين، وقال للناس: اسقوا..
فسقى من شاء واستقى من شاء، وقد عادت القِربتان ببركة رسول الله ﷺ أشد امتلاءً من قبلُ، والمرأة "المشركة" واقفة تشهد بعينها وقلبها كل ما يحدث وقد أسكتتها الدهشة!
ثم قال لها سيدي ﷺ: تعلمين ما رَزِئنا من مائك شيئًا، ولكن الله هو أسقانا!
ثم قال: اجمعوا لها، يعني من الطعام والزاد مكافأةً لها على شيء لم تفعله!
فأتت أهلها، وقد احتَبَست عنهم، قالوا: ما حبسك يا فلانة ؟ (يعني ما أخرك)؟ قالت: العجب!( يعني أمر غريب عجيب)!
لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الذي يُقال له الصابئ، ففعل كذا وكذا، فوالله إنه لأسْحَرُ الناس من بين هذه وهذه -وقالت بإصبعيها الوسطى والسبابة فرفعتهما إلى السماء تعني السماء والأرض - أو إنه لرسول الله حقا!
فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين، ولا يصيبون بيوت عشيرتها وأهلها!
فقالت يومًا لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمدًا، فهل لكم في الإسلام ؟ فأطاعوها، فدخلوا في الإسلام!
/
فهذه امرأة، مشركةٌ، لم يكن منها إلى المسلمين من معروف، وقد نص النبي ﷺ أنهم لم يأخذوا من مائها قطرةً، ومع هذا أحسن إليها، وأمر الصحابة رضي الله عنهم بجمع الطعام لها، مكافأةً على معروف لم تفعله، وأعادوها مكرمةً محفوظةً إلى دارها!
وحجبهم الإحسان التام والرحمة المباركة عن مس أحدٍ من أهلها وعشيرتها بسوء، مع أنهم في حرب وقتال!
يقول الحافظ ابن حجر رضي الله عنه تعليقًا على قول المرأة لقومها وقد رأت تعمد الصحابة ترك قتال قومها:
والمعنى: الذي أعتقده أن هؤلاء يتركونكم عمدًا، لا غفلةً ولا نسيانًا، بل مراعاة لما سبق بيني وبينهم، " وهذه الغاية في مراعاة الصحبة اليسيرة" انتهى!
مراعاة صحبة يسيرة في دقائق لمشركة، بكف القتال تماما عن قومها كلهم، وليس لهم على المسلمين من معروفٍ أو يد!
أسمعتَ بمثل هذا الوفاء في العالمين؟!
وفاء سيدنا ﷺ وأصحابه لامرأة مشركةٍ لم يكن بينهم وبينها إلا دقائق عادت هي منها بالماء وهو أوفر شيء، مصحوبةً بزادها من الطعام، مكافأةً على شيءٍ لم يكن منها " ولكنَّ الله هو الذي أسقانا"!
أيُّ نورٍ هذا وأيُّ جلالٍ وأيُّ وفاءٍ وأيُّ رحمةٍ! وأيُّ صحبةٍ هذه!
كفوا عنها قتالا "في سبيل الله"، وبعضنا لا يكف عن الناس أذاه في سبيل شيطانه ونفسه!
انظر وتأمل طويلا؛ لتعلم أن كثيرًا من الناس مدبرٌ عن جذر الخلق والدين والصحبة معا، مع المسلمين قبل غيرهم!
فالحمد لله على سيدنا رسول الله ﷺ
مختارات