وجه الخلاف بين آية سورة البقرة {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية}، وآية سورة الأعراف {وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية}
آية البقرة كانت في سياق التكريم، فقد ورد قبلها بآيات: "يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمنت عليكم وأني فضلتكم على العالمين" بينما آية الأعراف كانت في سياق التقريع لأنها جاءت مسبوقة بالكثير من معاصيهم والتي على رأسها قولهم: "اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون" لذلك نقول بأن هذا هو منشأ الاختلاف بين الآيتين، وبيانه ما يلي: في سورة البقرة "وإذ قلنا" بإسناد القول إلى الله، وهذا تشريف وتكريم لهم، خلافا لآية الأعراف التي قال فيها: "وإذ قيل لهم"
في سورة البقرة قال: "ادخلوا هذه القرية فكلوا" والفاء تفيد الترتيب والتعقيب والسرعة، يعني بمجرد ولوجكم ودخولكم تأكلون، وهذا من التكريم، خلافا لآية الأعراف "اسكنوا هذه القرية وكلوا" يعني الأكل بعد السكن، وليس بعد مجرد الدخول؛ إذ السكن فيه شيء من الاستقرار والاطمئنان، فهو قدر زائد عن مجرد الدخول "وكلوا" الواو دالة على مطلق الجمع، لا تفيد التعقيب والسرعة، أما موضع البقرة فهو أكرم لأنه هيأ لهم الطعام بمجرد دخولهم. "رغدا" أي هنيئا، وذكرها في البقرة دون آية الأعراف. "وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة" هكذا في البقرة، أما في الأعراف: "وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا"
في البقرة قدم السجود على قولهم حطة لأن السجود أعظم وأشرف من مجرد قولهم حطة، بل في الحديث "أعظم ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"
في البقرة: "نغفر لكم خطاياكم" والخطايا جمع كثرة، خلافا لموضع الأعراف الذي جاء فيها: "خطيئاتكم" وهو جمع قلة. (جمع المؤنث السالم يفيد القلة إذا كان معه جمع آخر يفيد الكثرة).
في البقرة: "وسنزيد المحسنين" بإثبات الواو الدالة على الاهتمام، خلافا لموضع الأعراف الذي حُذفت فيه الواو.
وقد جاء قبل آية الأعراف قوله "فانبجست" وفي البقرة جاءت بلفظ "فانفجرت" والانفجار أعظم وأكثر من الانبجاس الذي هو الماء القليل، وتوجيه اللفظين أن الانفجار بدأ عظيما ثم انحسر بذنوبهم، فذكر الانفجار الذي هو الماء الكثير في موضع البقرة حيث هناك الامتنان، وذكر الانبجاس الذي هو الماء القليل في موضع الأعراف حيث فيها التقريع.
مستفاد من برنامج "لمسات بيانية" للدكتور فاضل السامرائي. تفريغ وتحرير عادل الجندي.
مختارات