" المتكبر "
" المتكبر "
الذي تَكَبَّرَ عن كُلِّ ظلم وسوء وشر، والذي تَكَبَّرَ عن صفات الخَلْق فلا شيءَ مثله.
التاء في المتكبر ليست تاء التَّعاطي والتَّكَلُّف؛ كما يقال: فلان يَتَعَظَّمُ وليس بعظيم؛ إنَّما هي تاءُ التَّفَرُّد والتَّخَصُّص؛ فالتَّكَبُّر لا يليق إلا به سبحانه.
أثر الإيمان بالاسم:
- مثل اسم الجبَّار؛ لا حَظَّ للعبد من هذا الاسم سوى الذِّلَّة والافتقار للمتكبِّر سبحانه.
- الكبر كان أَوَّلَ الذُّنوب التي ارتكبها المخلوقُ بحقِّ الخالق حين أبى إبليس طاعةَ أمر الله بالسُّجود لآدم؛ وهو سجود تحية وإكرام، لا سجود عبادة؛ " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ: [البقرة: 34].
- وكما كان الكبرُ سببًا في هلاك وطرد إبليس من رحمة الله كان سببًا في هلاك بعض الأمم السابقة، واستكبارُهم هو برفضهم الانقياد لله ولأوامره وعباده.
- والمتكبِّرُ من الخلق هو مَنْ يَجد في نفسه تَعَزُّزًا واستعلاءً واحتقارًا للغير ورغبةً لن يَبْلُغَها في طَمْس الحقِّ وإعلاء الباطل؛ " إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ " [غافر: 56].
من صور استكبار العبد على مَنْ هم أقلُّ منه مالًا وجاهًا: " قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ " [الشعراء: 111] امتنعوا عن الإيمان بالرسل؛ لأنَّ مَن اتَّبَعَهم كان من ضعفاء الناس وفقرائهم.
- استأثر اللهُ بصفة الكبرياء لنفسه متوعِّدًا مَنْ يُحاول الاتِّصافَ به العقابَ الشَّديد؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللهُ - عَزَّ وجلَّ: الكبرياءُ ردائي والعظمةُ إزاري، فمَنْ نازَعَني واحدًا منهما قَذَفْتُه في النار» (أبو داود).
- وصورةُ منازعة العبد لهذه الصِّفة أوضحها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه: «لا يَدْخُل الجنةَ مَنْ كَانَ في قَلْبه مثقالُ ذَرَّة من كبر» قال رجلٌ: إنَّ الرجلَ يُحبُّ أن يكون ثوبُهُ حَسَنًا ونَعْلُه حسنة قال: «إنَّ اللهَ جميلٌ يحب الجمالَ؛ الكبرُ بَطَرُ الحَقِّ وغَمْطُ النَّاس» (مسلم، البطر: التكبر على الحق فلا يقبله، وغمط الناس: احتقارهم وازدراؤهم).
- تَوَعَّدَ اللهُ المتكبِّرين بأشدِّ العذاب يوم القيامة: " أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ " [الزُّمَر: 60].
وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أُخْبرُكم بأهل الجنَّة؛ كُلُّ ضَعيف مُتضعِّف لوْ أَقْسَمَ على الله لأَبَرَّه، ألا أُخبركم بأهل النار؛ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظ مستكبر» (البخاري ومسلم، الجواظ: الجموع المنوع الذي يجمع المال من أي جهة ويمنع صرفه في سبيل الله، العتل: الشديد الجافي الغليظ من الناس).
وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبر من الناس حتى الفقراء منهم؛ كما قال: «ثَلاثة لا يُكلمُهمُ اللهُ يَوْمَ الْقيامة ولا يُزكيهمْ». قال أبو معاويةَ: «ولا ينظرُ إليهم ولهم عذابٌ أليمٌ؛ شيخٌ زان وملكٌ كذابٌ وعائلٌ مستكبر»(مسلم ’ العائل: الفقير).
الحرمان من دخول الجنة عقاب أخرويٌّ؛ أمَّا في الدُّنيا فيجعل نفسه عُرْضَةً لبطش الله؛ وهو يجعل نفسه من الفئة الممقوتة عنده تعالى: " إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ " [النحل: 23].
كُلُّ ذنب يمكن التَّسَتُّرُ به وإخفاؤه إلا التَّكَبُّر؛ فإنَّه شيءٌ يَلْزَمُهُ الإعلان؛ ودواءُ هذا الكبر أن يتذكَّرَ العبدُ دومًا أنَّه لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، وأنَّه الجبَّارُ المتكبِّرُ على الخلق أجمعين.
مختارات