اسم الله الحفيظ 2
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الحفيظ ) :
أيها الأخوة الكرام ، لازلنا مع اسم " الحفيظ " والحقيقة الدقيقة أن أكبر أسباب حفظ الله للمؤمن أن يكون المؤمن مع الله .
كن مع الله ترَ الله معـك واترك الكل وحاذر طمعك
وإذا أعطاك من يمنـعه ثم من يعطي إذا ما منعك
* * *
أكبر خصائص الإيمان أن الله مع المؤمن :
أيها الأخوة ، في القرآن الكريم معيتان ، معية عامة ، ومعية خاصة ، الله عز وجل مع كل الخلق ، مع المؤمن ، ومع الكافر ، ومع الملحد ، ومع الفاسق ، ومع الفاجر ، ومع الطائع .
" وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ " [الحديد:4] .
أي معكم بعلمه ، هذه معية عامة لكل الخلق ، مع كل مخلوق ، مع كل كائن ، مع كل شيء ، لكن المعول عليه هو المعية الخاصة فإذا قال الله عز وجل : " وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ " [الأنفال:19] .
" أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ " [التوبة:123] .
هذه المعية الخاصة المعول عليها ، أي أن الله مع المؤمن يحفظه ، أي أن الله مع المؤمن يوفقه ، أي أن الله مع المؤمن ينصره ، أي أن الله مع المؤمن يؤيده ، فأحد أكبر خصائص الإيمان أن الله مع المؤمن .المعية الخاصة أحد أكبر أسباب حفظ الله عز وجل للمؤمن :
الحقيقة التي أُرددها كثيراً : إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ إذا كان الله معك من يستطيع في الكون أن ينال منك ، وإذا كان عليك فمن معك ؟ لو أنك تملك كل شيء فإن الله سبحانه وتعالى يلقي البغضاء في قلوب الخلق .
أيها الأخوة ، المعول عليه المعية الخاصة ، لأن حفظ الله لك أحد أكبر أسبابه المعية الخاصة ، إلا أن الحقيقة الدقيقة هي أن معية الله الخاصة التي يعول عليها لها ثمن .
أن تطمع بعطاء كبير بلا ثمن ، من السذاجة ، الله عز وجل لا يحابي خلقه أبداً هناك قواعد دقيقة ، فكلما كان المؤمن أكثر وعياً يطبق هذه القواعد لينال هذه النتائج .
إذاً المعية الخاصة هي المعية المعول عليها في الحفظ، الله عز وجل يحفظك إذا كنت معه ، وإذا كنت معه كان معك .
" ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء " [تفسير ابن كثير] .
من اصطلح مع الله ألقى الله في قلبه الأمن والسعادة والطمأنينة :
أيها الأخوة ، أحد أكبر أسباب التوجيه إلى الدين ، ما الذي يربطك بالدين ؟ لماذا أنت تقبل على رب العالمين ؟ لماذا تحرص على طاعة الله ؟ .
سؤال : قد يقول قائل إن أفكار الدين هي التي تشدني إليه ، هذا الكلام صحيح إلى حدٍّ ما ، أفكار الدين رائعة ، الدين قدم لك تفسيراً عميقاً ، دقيقاً ، متناسقاً ، للكون والحياة والإنسان ، أعطاك التفسير الجامع المانع ، أعطاك التفسير الذي لم يظهر في المستقبل ما ينقضه ، فالمؤمن يتمتع بما يسمى بالأمن العقدي ، هناك حقائق صارخة ، ودقيقة للكون والحياة والإنسان .
" فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى " [طه:123] .
" فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " [البقرة:38] .
الدين قدم لك تفسيراً علمياً ، فلسفياً ، صحيحاً ، عميقاً ، دقيقاً للحياة ، للكون للإنسان ، ولكن الذي يشدك إلى الدين معاملة الله لك ، معاملة الله لك المتميزة حينما تصطلح معه ، وحينما تنيب إليه ، وحينما تقبل عليه ، وحينما تؤثر طاعته على كل شيء ، المعاملة المتميزة التي تشدك للدين هي أهم ما في السلوك إلى الله عز وجل ، تشعر أن الله معك ، تشعر أن الله يؤيدك ، تشعر أن الله يحفظك ، أن الله يلهمك الصواب ، أن الله يلقي في قلبك الأمن ، أن الله يلقي في قلبك السعادة ، كل هذه المشاعر ، وهذه التوفيقات ، وهذه التكريمات بسبب صلحك مع الله .المعاملة المتميزة التي تشد الإنسان للدين هي أهم ما في السلوك إلى الله عز وجل :
الحقيقة الدقيقة أن الذي يشدك إلى الدين فضلاً عن أنه قدم لك تفسيراً عميقاً دقيقاً ، متناسقاً للكون ، والحياة ، والإنسان ، أن الذي يشدك إلى الدين معاملة الله لك .
لذلك هذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه :
" وإن تَقَرَّبَ إِليَّ شِبْرا تَقَرَّبتُ إِليه ذِراعا ، وإن تقرَّب إِليَّ ذِرَاعا اقْتَرَبتُ إِليه باعا ، وإِن أَتاني يمشي أتيتُه هَرْوَلَة "[البخاري ومسلم] .
لمجرد أن تتخذ قراراً بالصلح مع الله ، بالإقبال على الله ، بطاعة الله ، بتقديم ما تملك في سبيل الله ترى معاملة تفوق حدّ الخيال .لذلك هنيئاً لمن عرف الله ، هنيئاً لمن عامله ، هنيئاً لمن خطب وده ، حفظ الله لك أحد نتائج الإقبال على الله ، الله عز وجل حفيظ ، ويحفظ المؤمن من كل مكروه ، من كل شيء مؤلم ، من كل خطر .
" فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا " [الطور:48] هذه الآية فيما يبدو موجهة للنبي عليه الصلاة والسلام ، ولكن العلماء قالوا : آية موجهة إلى النبي عليه الصلاة والسلام هي في الحقيقية موجهة لكل مؤمن بقدر إيمانه وإخلاصه واستقامته .
أحد أكبر نتائج الإيمان أن الله مع الإنسان يحفظه ويسدد خطاه :
أيها الأخوة ، أنت متى تحافظ على استقامتك ؟ أنت متى تسعى للحفاظ على ما أنت فيه ؟ حينما تصل من خلال الدين إلى شيء ثمين ، الذي وصل من خلال الدين إلى شيء ثمين ذاق طعم القرب ، ذاق طعم الحب ، ذاق طعم الإقبال على الله ، ذاق طعم أن يكون الله معك ، هذه النتائج الباهرة التي يحصها الإنسان هي التي تحمله على طاعة الله .
إنسان دُعي إلى طعام ، وجلس على الطاولة ، لكنه لم يأكل لسبب أو لآخر ، فإذا دُعي ثانية زهد في هذا الطعام ، لأنه ما أكله ، وما ذاقه ، أما إذا ذاق الطعام النفيس الذي قُدم له ، إذا دُعي ثانية يسارع إلى تلبية الدعوة .
فالإنسان حينما يصلي صلاة شكلية ، وحينما يصوم صياماً شكلياً ، وحينما يؤدي العبادات أداء شكلياً لأنه ليس مستقيماً على أمر الله ، يزهد في الدين ، لا يبالي أصلى أم لم يصلِ ، لا يبالي أأطاع الله أم لم يطعه ، لأنه محجوب بالمعاصي ، محجوب بالعيوب ، محجوب بالذنوب ، أما إذا أخلص الصدق مع الله ، أما إذا أطاع الله ، أما إذا أقبل على الله يصل إلى نتائج ، عندئذٍ يحافظ عليها ، يحافظ عليها فيحفظه الله ، لابدّ من أن تقدم شيئاً ، أن يتوهم الإنسان أنه بإمكانه أن يأخذ كل شيء ، من دون أن يقدم شيئاً ، هذا سذاجة في الإنسان وغباء فيه ، لابد من أن تقدم شيئاً ، هذا الذي تقدمه طاعة الله عز وجل .
" وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً " [الأحزاب:71] .
أنت متى تحافظ على ما أنت فيه ؟ إذا وصلت إلى شيء نفيس أحد أكبر نتائج الإيمان أن الله معك ، أن الله قريب منك ، أن الله يحفظك ، أن الله يؤيدك ، أن الله يسعدك ، أن الله يسدد خطاك .بطولة الإنسان لا أن يصل إلى القمة بل أن يبقى فيها :
الآن أيها الأخوة ، كلكم يعلم أن بلوغ القمة شيء يحتاج إلى جهد كبير ، لكن البطولة لا أن تصل إلى القمة أن تبقى فيها ، أناس كثيرون في ساعة من ساعات الإقبال على الله يتألقون ، ثم لا يتابعون سيرهم إلى الله ، عندئذٍ يتراجعون ، هذا الوضع الذي يتكرر أحياناً يقبل ثم يدبر ، يتألق ثم يخبو ، يتحرك ثم يسكن ، هذا الوضع لا يرضي الله عز وجل .
" أحبَّ الأعمال إلى الله أدْوَمُها وإنْ قلَّ " [البخاري ومسلم] فلذلك دقق في هذه الكلمة : ليست البطولة أن تصل إلى القمة ، البطولة أن تبقى فيها ، أنت حينما تحافظ على هذه الصلة من أن تنقطع ، أنت حينما تحافظ على هذا التوثيق من أن ينقطع ، أنت حينما تحافظ على هذا التأييد من أن يلغى تكون قد بلغت القمة وحافظت عليها .
أسباب حفظ الله للإنسان هي طاعته والتوكل عليه والاستقامة على أمره والإخلاص له :
أيها الأخوة ، نحن في عالم الدنيا إنسان أحياناً يصل إلى منصب رفيع ، يبذل جهداً كبيراً للحفاظ عليه ، حينما يصل إلى دخل كبير يبذل جهداً كبيراً للحفاظ عليه ، هذا شيء من طبيعة الإنسان ، ولكن الحقيقة الدقيقة في هذا اللقاء الطيب أنك لن تحافظ على ما أنت فيه لأسباب أرضية ، بل لأسباب علوية ، كيف ؟ .
إنسان معه أموال طائلة ، يضع الأقفال ، يوثق ، يسجل ، يقدم كل سبب للحفاظ على هذا المال لكن إن لم يكن مستقيماً على أمر الله ، الله عز وجل يحبط له كل هذه المساعي ، وكنت أقول دائماً : الله عز وجل لا يجدي معه أن تكون معه ذكياً ، يؤتى الحذر من مأمنه ، يحفظك لا بأسباب أرضية ، بل بأسباب علوية ، أنت حينما تكون مستقيماً يحفظك ، أنت ينبغي أن تأخذ بالأسباب ولكن حفظ الله عز وجل لا يكون بالأخذ بالأسباب وحدها ، لابدّ من أن تأخذ بأسباب أرادها الله عز وجل أن تأخذ بها .
أنت حينما تستقيم ، حينما تتوكل ، حينما لا تسمح لدخلك أن يكون فيه شبهة ، حينما تصل إلى مكاسب كبيرة ، عندئذٍ تسعى للحفاظ عليها لا بأسباب أرضية فقط ، بل بأسباب علوية هي طاعة الله ، والتوكل عليه ، والاستقامة على أمره ، والإخلاص له .
امتحــان اللــه عـز وجـل للإنسـان من أصعـب الامتحانــات : أيهـا الأخــوة ، الله عـز وجــل يقـول : " وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ " [المؤمنون:30] يعني الله عز وجل يمتحن الإنسان ، من أصعب الامتحانات ، أحياناً تغلق أمام الإنسان كل الأبواب المشروعة ، يفتح له باباً غير مشروع ، ضعيف النفس يقول : ماذا أفعل ؟ أنا مضطر ، طرق كسب الحلال مغلقة ، في طريق سهل للكسب الحرام ، هنا الامتحان الصعب ، فحينما ترى أن الأبواب كلها موصدة أمامك ، و هناك باب واحد لا يرضي الله مفتوح على مصراعيه اعلم أنك أمام امتحان صعب ، ينبغي أن تنجح فيه ، كيف تنجح ؟ تقرأ قوله تعالى : " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً " [الطلاق:2] .
والله أيها الأخوة ، لو لم يكن في القرآن الكريم إلا هذه الآية لكفت " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً " .كن عن همومك معرضا وكلِ الهموم إلى القضا
وابشر بخــير عاجـــــل تنسى به ما قـد مضى
فلرب أمـر مسخــط لك في عواقبه رضـا
* * *
ولربما ضاق المضيق ولربما اتسع الـفضـا
الله يفــعل ما يشاء فلا تـــكن معترضا
الله عودك الــجميل فقس على ما قد مضى
* * *
" وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً " :
المؤمن الصادق لو أن كل أبواب الحلال مغلقة باب الحرام مفتوح يقول : " مَعَاذَ اللَّهِ " [يوسف:23] .
" إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ " [الحشر:16] .
فحينما يعلم الله منه هذا الورع ، وهذا الحرص على طاعة الله ، يفتح له الأبواب المشروعة على مصارعها ، أنا أقول أي إنسان يعاني من ضائقة ، من ضائقة مادية ، من مشكلة صحية ، من مشكلة اجتماعية ، من مشكلة في العمل ، من مشكلة في البيت ، عليه بهذه الآية " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً " وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين .قانون العناية الإلهية يحمي الإنسان من المشكلات وينال رضوان الله :
أيها الأخوة ، كل بلد له خصوصية ، كل مجتمع له خصوصية ، الخصوصية يعني من حركة الحياة تستنبط حقائق ، قد تكون غير مشروعة ، أي بلد له خصوصية ، أو بتعبير آخر له تركيبة خاصة ، فمن حركة الحياة تستنبط قواعد ، هذه القواعد إن فعلت كذا ، إن لم تفعل كذا ، غضب الناس عليك ، وإذا غضب الناس عليك أتعبوك ، هذه القواعد في معظمها قد تكون غير صحيحة ، وتتناقض مع منهج الله عز وجل .
الآن دققوا : لما إنسان يواجه مشكلة فإذا أراد حلّها وفق القواعد المستنبطة من حركة الحياة قد لا ينجح عند الله ، قد يسقط ، أما إذا طبق منهج الله ، ولم يعبأ بهذه القواعد هناك حكمة بالغة بالغة يخضعه الله لقانون لا يعلمه ، هذا القانون هو قانون العناية الإلهية فينجو من هذه المشكلات ، وينال رضوان الله عز وجل .
أحياناً تجد إنساناً يقول يجب أن أفعل هذا حتى أنجو ، هذا الفعل لا يرضي الله عز وجل ، فالذي لا يعبأ بمنهج الله ، يطبق القواعد المستنبطة من حركة الحياة ، ظناً منه أنها تنجيه هي لا تنجيه ، لكن حينما يصر على طاعة الله ، يصر على منهج الله ، أحياناً طبيعة الحياة تقتضي أن تفعل كذا ، من أجل أن تنجو ، من أجل أن تسلم ، من أجل أن يقوى مركزك ، وقد يكون هذا الفعل لا يرضي الله ، فالمؤمن من حرصه على طاعة الله ، وحرصه على إرضائه ، لا ينفذ هذه القاعدة ، فيبدو أنه دمر نفسه ، لكن الله سبحانه وتعالى يخضعه لقانون لا يعرفه هو قانون العناية الإلهية فيزداد مركزه قوة .
فلذلك : إن الله يمنعك من يزيد ، ولكن يزيد لا يمنعك من الله .
هذه حقيقة مهمة جداً .
ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه :
من هنا أقول مرة ثانية :
كن مــع الله تـرى الله واترك الكل وحاذر طمعك
وإذا أعطاك من يمنعه ثم من يعطي إذا ما منعك
* * *
" ما ترك عبد شيئاً لله ، إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه " [الجامع الصغير] .
هذه القاعدة قاعدة ذهبية كما يقولون ، قانون ." ما ترك عبد شيئاً لله ، إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه " [الجامع الصغير] .
تركت هذا المنصب لله ، تركت هذه الصفقة الكبيرة لأن فيها شبهة ، تركت هذا المكسب الكبير لأنه فيه شبهة ، تركت هذا العمل لأن الله لا يرضى عنه ." ما ترك عبد شيئاً لله ، إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه " [الجامع الصغير] .
أنا أتكلم الآن عن أسباب حفظ الله لك ، الله " الحفيظ " متى يحفظك ؟ حينما تدع شيئاً لله ، في صفقة كبيرة أرباحها طائلة ، لكن البضاعة محرمة ، أو طريقة التعامل محرمة فيقول المؤمن : " مَعَاذَ اللَّهِ " ، " إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ " يركلها بقدمه ، فالله عز وجل يكافئه على هذا الموقف البطولي بعطاء كبير في الدنيا قبل الآخرة .أروي قصة : هناك فلاح أُعطي عشرون دنم من أراضي إنسان أُخذت منه غصباً بسبب أو بآخر ، هذا الفلاح له شيخ ، سعى إليه والفرحة تملأ نفسه ، عاش كل عمره فقيراً الآن أصبح يملك عشرين دنم ، أرض زراعية ، كاد يطير فرحاً ، فشيخه قال : يا بني هذا المال مغتصب ، ولا يجوز أن تأخذه ، كل هذا التألق ، وهذا الفرح انطفأ ، قال له : هذا مال حرام لا تأخذه ، فلما رآه قد علته الكآبة ، قال له : يا بني اذهب لصاحب الأرض ، لعله يبيعها لك تقسيطاً ، افعل ، حاول هذه المحاولة ، وذهب إليه ، قال له : أنا أُعطيت عشرين دنم من أرضك ، ولي شيخ قال لي : إن أخذها حرام ، هل تبيعني إياها بالتقسيط ؟ قال له : يا بني أنا أُخذ مني أربعمئة دنم ، ولم يأتِ أحد إلا أنت ، هذه هدية لك .
" ما ترك عبد شيئاً لله ، إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه " [الجامع الصغير] .
مرة ثانية : زوال الكون أهون على الله من أن تدع شيئاً من أجله ثم يضيعك .الله عز وجل هو الوحيد معك ومع أهلك في وقت واحد :
الآن أنت مسافر ، ماشي ، أهلك في بلد آخر ، في بلدك الأصلي ، يا ترى أثناء غيابك في مشكلة ، في حادث ، في مرض شديد ، في إنسان اعتدى عليهم ، ابنك بالطريق أصابه مكروه ، في قلق دائم ، فالنبي عليه الصلاة والسلام علمنا هذا الدعاء : " اللهم أنت الرفيق في السفر ، والخليفة في الأهل والمال والولد " [ورد في الأثر] .
أي لا يوجد جهة بالكون هي معك ومع أهلك في وقت واحد :" أنت الرفيق في السفر ، والخليفة في الأهل والمال والولد " .
ولازلنا في حفظ الله لهذا الإنسان ، الدعاء المشهور الذي كان النبي يدعو به : " اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا ، اللهم أمتعنا بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا "[رزين عن نافع مولى ابن عمر] هذا الدعاء من أدعية النبي التي كان يكثر الدعاء بها .التولي والتخلي :
أيها الأخوة الكرام ، الآن لابدّ من حقيقة دقيقة : أنه من اعتمد على نفسه أوكله الله إياها ، أنت بين كلمتين ، إما أن تقول أنا ، وإما أن تقول الله ، إن قلت أنا تخلى الله عنك وإذا قلت الله تولاك ، أي أنت بين التولي والتخلي ، تقول أنا معي اختصاص ، معي شهادة عليا ، أنا من أسرة فلانية ، أنا عندي خبرات متراكمة ، أنا حجمي المالي كبير ، إذا قلت أنا تخلى الله عنك ، فإذا قلت الله تولاك الله ، أنت بين التولي والتخلي .
الله حفيظ لا يخفى عليه شيء فبطولة الإنسان أن يصفي قلبه من كل شيء لا يرضي الله :
آخر شيء أيها الأخوة ، من تطبيقات هذا الاسم أن الله حفيظ بمعنى لا يخفى عليه شيء ، فالبطولة أن تصفي قلبك من كل شيء لا يرضي الله .
" عبدي طهرت منظر الخلق سنين ، أفلا طهرت منظري ساعة " [ورد في الأثر] .
ما منظر الله عز وجل ؟ قلب المؤمن ، طهر قلبك من كل حقد ، من كل احتيال ، من كل كراهية .الشيء الثاني : الله حفيظ، يحفظ عباده ، وأنت كمؤمن اشتق من هذا الكمال كمالاً تقرب به إلى الله ، احفظ من حولك ، احفظ أولادك ، احفظ دينهم ، احفظ عقيدتهم ، احفظ عباداتهم ، احفظ دراستهم ، احفظهم بكل ما تملك حتى الله عز وجل يكرمك بحفظهم بعد موتك .
أيها الأخوة الكرام ، هذا الاسم من ألصق الأسماء الحسنى بحاجات الإنسان ، ألا تتمنى أن يحفظك الله ؟ " احفظ الله يَحْفَظْك " [الترمذي] .
مختارات
-
" سابعًا : أحب الأعمال إلى الله ذكر الله "
-
الغيبة (2)
-
في وجه التبسيط
-
شرح ( ما يقول الـمسلم إذا زكي )
-
" أهميتها وفضلها "
-
" تأمل .. كيف انبهروا ! "
-
حضارتنا الغربية في حالة احتضار
-
هِجرةُ الرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم وأبي بكرٍ رضِي الله عنه إلى المدينةِ .
-
" أدب تقديم اليمين على اليسار "
-
" الإصـلاح "