اسم الله الإله 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى :( الإله ) :
أيها الإخوة الكرام ، لازلنا في اسم ( الإله ) والإله هو المعبود ، ومعنى : لا إله إلا الله أي : لا معبود بحق إلا الله ، أي أن الله وحده يستحق العبادة ، لأنه الخالق ، لأنه الرب ، لأنه المسير .
1 ـ العبادةُ من لوازم ألوهية الإله :
في اللقاء السابق أيها الإخوة ، عرفنا العبادة بأنها طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة ، يقينية تفضي إلى سعادة أبدية ، وكان الحديث أيضاً عن العبادات الشعائرية ، كالصلاة والصوم والحج والزكاة ، وعن العبادات التعاملية ، كالاستقامة والصدق والأمانة والعفة ، وأكدت مع الأدلة القرآنية أن العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية واليوم ننتقل إلى موضوع متعلق بالعبادة لأن ( الإله ) هو المعبود وعلة وجودنا على وجه الأرض أن نعبد الله : " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " [الذاريات:56] .
2 ـ مفهومُ العبادة واسعٌ :
ولكن المشكلة أن معظم المسلمين إذا ذكروا كلمة عبادة ينصرف ذهنهم إلى العبادات الشعائرية ؛ من صيام وصلاة وحج وزكاة ، ولكن الحقيقة أن العبادة لها مفهوم واسع جداً ، هي غاية الخضوع لله ، مع غاية الحب ، ومنهج الله ولا أبالغ يقترب من مئة ألف بند في كل شؤون حياتك ، بدءً من فراش الزوجية ، إلى العلاقات الدولية .
أنواع العبادة :
فلذلك هناك أنواع من العبادة : النوع الأول: عبادة الهوية :
النوع الأول هو عبادة الهوية ، أنت من ؟ كل واحد منا له موقع في المجتمع ، فقد يكون غنياً ، فالغني عبادته الأولى إنفاق المال ، بل إن المال مادة امتحانه الأولى ، فإما أن ينجح في إنفاق المال في الوجوه التي ترقى به في الآخرة ، وإما أن ينفق هذا المال على شهواته ونزواته ، لذلك ورد في الأثر القدسي : " عبدي أعطيتك مالا فماذا صنعت فيه ؟ في الآخرة لسان الحال لا لسان المقال ، يقول : يا رب لم أنفق منه شيئاً مخافة الفقر على أولادي من بعدي ، فيقول الله له : ألم تعلم بأني الرزاق ذو القوة المتين ؟ إن الذي خشيته على أولادك من بعدك قد أنزلته بهم ـ يسأل عبد آخر ـ أعطيتك مالاً فماذا صنعت في ؟ يقول : يا رب أنفقته على كل محتاج ومسكين ، لثقتي بأنك خير حافظاً ، وأنت أرحم الراحمين ، فيقول الله له : أنا الحافظ لأولادك من بعدك " [ورد في الأثر] .
لذلك قد يكون موقع الإنسان في الحياة أنه غني ، والغني عبادته الأولى إنفاق المال ، الآن سوف نسمي هذه العبادة عبادة الهوية ، أنت من ؟ هناك إنسان آخر قوي يحتل منصبا رفيعا بجرّة قلمٍ يحق حقاً ، ويبطل باطلاً ، بجرة قلم يقر معروفاً ، ويزيل منكراً ، والإنسان كلما علا موقعه في مجتمعه اتسعت رؤيته .
أذكر مرة أنني أتيت إلى دمشق بالطائرة من قبرص ، وحينما دخلنا سواحل بلدنا الطيب رأيت بيروت وطرابلس معاً ، على ارتفاع أربعين ألف قدم يتاح لك أن ترى مئة كيلو متر معاً ، علمتني هذه الرؤية درساً ؛ أنه كلما ارتفع مقام الإنسان تتسع رؤيته ، وكلما ارتفع مقام الإنسان تزداد مسئوليته ، معلم في صف مسئول عن ثلاثين طالبا ، لكن مدير المدرسة مسئول عن ثلاثمئة وستين طالبا ، لكن مدير التربية مسئول عن محافظة ، إلا أن وزير التربية مسئول عن المناهج في البلاد كلها ، فكلما ارتفع مقام الإنسان ازدادت مسئوليته ، وهذا ما دعا سيدنا عمر بن الخطاب إلى أن يقول : " لست خيراً من أحدكم ، ولكنني أثقلكم حملاً " .
والمسئول الكبير حينما يدقق في معنى كلمة مسئول كبير يجب أن ترتعد فرائصه ، لأنه سيُسأل عن كل شيء ، سيدنا عمر أدرك هذه المسئولية ، وقال : " والله لو تعثرت بغلة في العراق لحاسبني الله عنها " .
دخلت فاطمة بنت عبد الملك على سيدنا عمر بن عبد العزيز ورأته يبكي في مصلاه ، قالت له : " مالك تبكي ؟ قال : دعيني وشأني ، فلما ألحّت عليه قال : ويحك يا فاطمة ، إني قد وليتُ أمر هذه الأمة ، ففكرت في الفقير الجائع ، والمريض الضائع ، والعاري المجهول ، واليتيم المكسور ، والمظلوم المقهور ، والغريب والأسير ، والشيخ الكبير والأرملة الوحيدة ، وذي العيال الكثير والرزق القليل ، وأشباههم في أطراف البلاد ، فعلمت أن الله سيسألني عنهم جميعاً ، وأن خصمي دونهم رسول الله ، فخفت ألا تثبت حجتي ، فلهذا أبكي " .
لذلك أيها الإخوة القوي عبادته الأولى إحقاق الحق وإبطال الباطل ، رد المظالم لأصحابها هذه عبادته الأولى .
نتحدث الآن عن عبادة الهوية ، مَن أنت ؟ أنت غني العبادة الأولى إنفاق المال ، أنت قوي العبادة الأولى إحقاق الحق ، أنت عالم العبادة الأولى التبيين والتوضيح ، وألا تأخذك في الله لومة لائم ، سئِل الإمام الحسن البصري : بمَ نلت هذا المقام ؟ قال : " باستغنائي عن دنيا الناس ، وحاجتهم إلى علمي " .
" الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ " [الأحزاب:39] .
فلو أن هذا الإنسان الذي تصدى للدعوة خشي غير الله فما تكون النتائج ؟ يسكت عن الحق خوفاً منه ، وينطق بالباطل إرضاءً له ، انتهت دعوته كلياً ، لذلك قالوا : كلمة الحق لا تقطع رزقاً ، ولا تقرّب أجلاً .
" الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ " [الأحزاب:39] هذه عبادة العلماء التبيين ، التوضيح .
أنت امرأة ، هويتك كامرأة عبادتك الأولى رعاية الزوج والأولاد ، وقد ورد في بعض الأحاديث " اعلمي أيتها المرأة ، وأعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله " والجهاد كما تعلمون ذروة سنام الإسلام ، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام حينما فتح مكة دعته بيوتاتها أن يبيت عندهم ، فقال : " انصبوا لي خيمة عند قبر خديجة " [ورد في الأثر] .
وركز لواء النصر أمام قبرها ، ليعلم العالم كله أن هذه المرأة التي في القبر شريكته في النصر .
أنت غني أو قوي أو عالم ، أو أنت امرأة ، لذلك العبادة الأولى متعلقة بهوية الإنسان ، هذا معنى آخر من معاني العبادة .
النوع الثاني : عبادة الظرف :
أحياناً هناك ما يسمى بعبادة الظرف ، عندك أب مريض ، العبادة الأولى رعاية المريض ، عندك ضيف ، العبادة الأولى إكرام الضيف ، عندك ابن عنده امتحان ، العبادة الأولى أن تهيئ له الجو المناسب للامتحان ، هذه عبادة الظرف .
النوع الثالث : عبادة الوقت :
عبادة الوقت ، إن لله عملاً في الليل لا يقبله في النهار ، وإن لله عملاً في النهار لا يقبله بالليل .
تروي بعض السير أن عامل سيدنا عمر على أذربيجان أرسل له رسولاً ، هذا الرسول وصل إلى المدينة في منتصف الليل ، فكَرِه أن يطرق باب أمير المؤمنين ، فدخل إلى المسجد ، وما كان فيه إضاءة ، سمع رجلاً يبكي ويناجي ربه يقول : يا رب ، هل قبلت توبتي فأهنئ نفسي ، أم رددتها فأعزيها ؟ سأله : من أنت يرحمك الله ؟ قال : أنا عمر ، قال : أنت أمير المؤمنين ؟!!! يا أمير المؤمنين ألا تنام الليل ؟ فقال عمر : " إني إن نمت ليلي كله أضعت نفسي أمام ربي ، وإن نمت نهاري أضعت رعيتي " لذلك ورد في بعض الآثار أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى رجل شاب يتعبد الله في وقت العمل ، فسأله : " مَن يطعمك ؟ قال : أخي ، قال : أخوك أعبد منك " [ورد في الأثر] .
وقت العمل عمل ، ووقت الفجر عبادة وتلاوة القرآن وقيام الليل ، وصلاة الفجر في المسجد : " مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ " [مسلم] .
أحياناً العصر بمجمله له عبادة ، إن أراد الطرف الآخر إفقار المسلمين فالعبادة الأولى استصلاح الأراضي ، وإنشاء السدود ، واستخراج الثروات ، وتطوير الصناعات من أجل أن نأتي بمال نحل به مشكلات المسلمين ، هذه العبادة الأولى ، وإذا أراد الطرف الآخر إضلالنا فتوضيح معالم الدين ، وترسيخ القيم الأخلاقية ، ورد الشبهات ، وتأليف الكتب والأبحاث هذه عبادة أيضاً ، وإذا أراد الطرف الآخر إفسادنا فتأسيس المناشط الإسلامية ، وصيانة أولادنا وشبابنا من الفساد الأخلاقي ، هذه عبادة أيضاً ، وحينما يريد الطرف الآخر إذلالنا يجب أن نضحي بالغالي والرخيص ، والنفس والنفيس .
هذه عبادة تسمى عبادة العصر ، كل عصر له سمة .
بين المبادئ والأشخاص والأشياء :
مثلاً : هناك عصر المبادئ ، البشرية تمر بعصور ثلاثة :
عصر المبادئ ، أنا أوضح هذا العصر بهذه القصة ؛ مَلِك من ملوك الغساسنة أتى إلى المدينة مسلماً في عهد عمر ، سيدنا عمر رحب به ، وفرح بإسلامه ، في أثناء طوافه حول الكعبة داس بدويٌّ من فزارة طرف ردائه ، فانخلع رداؤه عن كتفه ، فالتفت إلى هذا الأعرابي من فزارة ، و ضربه ضربة هشمت أنفه ، هذا الأعرابي ليس له إلا عمر يشتكي إليه ، وذهب إليه ، واشتكاه ، سيدنا عمر جاء بهذا الملك جبلة ، وقف أمامه نداً لند ، وقال له ، وقد دار حوار بينهما شاعر معاصر صاغه شعراً : أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح ؟
قال جبلة : لست ممن ينكر شياً
يعني شيئاً مراعاة للوزن .
أنا أدبت الفتى ، أدركت حقي بيديا
قال عمر : أرضِ الفتى ، لابد من إرضائه
مازال ظفرك عالقاً بدمائه
أو يهشمن الآن أنفك
يخاطب ملِكًا .
وتنال ما فعلته كفك
قال : كيف ذلك يا أمير ؟
هو سوقة ، وأنا عرش وتاج ؟
كيف ترضى أن يخر النجم أرضاً ؟
قال عمر : نزوات الجاهلية ، ورياح العنجهية قد دفناها
أقمنا فوقها صرحاً جديداً
وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً
قال جبلة : كان وهماً ما جرى خلدي أنني عندك أقوى وأعز
أنا مرتد إذا أكرهتني
قال عمر : عالم نبنيه ، كل صدع فيه يداوى
وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى
هذا عصر مبادئ ، هذا أرقى عصر ، المبادئ فوق كل شيء ، المبادئ فوق الجميع ، هذا هو العصر الذهبي الإسلامي " لو تعثرت بغلة في العراق لحاسبني الله عنها " .
هناك عصر مبادئ وهناك عصر أشخاص وهناك عصر أشياء ، من أرقى العصور عصر المبادئ ، ومن أسوئها عصر الأشياء ، الإنسان سلعة ، يسمع الإنسان في اليوم أربعمئة إلى خمس إنسان مئة ماتوا ، ويكون هذا خبرا طبيعيا جداً .
أيها الإخوة ، هناك عبادة شعائرية ، كالصوم والصلاة والحج والزكاة ، هناك عبادة تعاملية كالصدق والأمانة والعفة ، هناك عبادة الهوية ، الغني له عبادة ، والقوي له عبادة ، والعالم له عبادة ، والمرأة لها عبادة ، وهناك عبادة الظرف ، هناك عبادة الوقت ، هناك عبادة العصر ، وهناك عصر المبادئ وعصر الأشخاص وعصر الأشياء .
3 ـ الدعاء باسم ( الإله ) :
الآن الدعاء بهذا الاسم .
دعاء سيدنا يونس وهو بطن الحوت:
أيها الإخوة الكرام ، نبي كريم وجد نفسه فجأة في بطن حوت ، والإنسان يمكن أن يقف في فم الحوت ، ووجبة الحوت المعتدلة أربعة أطنان ، الإنسان لقمة واحدة ، الوجبة المعتدلة بين وجبتين أربعة أطنان ، و وزنه خمسون كيلوا ، الإنسان لقمة واحدة ، وهو في بطن الحوت : " فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ " [الأنبياء:87] .
" فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ " [الأنبياء:87] .
أول الآية : " وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ " [الأنبياء:87-88] .
أيها الإخوة الكرام ، والله الذي لا إله إلا هو ، هذه الآية وحدها لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآية لكفت ، قلبها الله تعالى إلى قانون ، قال تعالى : " وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ " [الأنبياء:88] .
في أي عصر ، في أي مصر ، في أي زمان ، في أي مكان ، في أي ظرف : " وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ " [الأنبياء:88] .
الله عز وجل أعطاك حالة نادرة ، بل مستحيلة لإنسان يجد نفسه فجأة في بطن حوت في ظلمة الليل ، وفي ظلمة البحر ، وفي ظلمة بطن الحوت ، وينادي ربه في هذا المكان : " فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ " [الأنبياء:87-88] .
الآن أصغوا معي إلى الحديث الشريف : " دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ هُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ : لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ " [أحمد عن سعد] .
تعلموا هذا الدعاء : " دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ هُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ : لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ " .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ يَقُولُ : " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ " [متفق عليه] وما أكثر الكربات التي أصابت المسلمين .
الله قويٌّ جبّار حليم لطيف : أحياناً يتسلم وزارةً إنسان جديد ، الموظفون يسألون : كيف هو، أخلاقي نظيف ؟ مادام الأمر بيد واحد يهمنا أخلاق الواحد ، دقق في هذا الكلام : " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ " .
معنى ذلك أن الأمر بيد الله وحده والله عز وجل صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى ، الله عز وجل كامل كمالا مطلقا ، لذلك لا يجتمع حزن مع إيمان بالله ، الأمر بيده وحده .
أحياناً تجد إنسانا صالحا جداً ، لكن ليس بيده شيء ، تقول : مسكين ما بيده شيء ، وتجد إنسانا لئيما جداً ، لكن بيده كل شيء ، معه سلطة قوية ، دائماً هناك مفارقة ، إما أن ترى إنسانا قويا غير أخلاقي ، أو أخلاقيا ضعيفا ، كلاهما لا يرضيك ، لأنك بحاجة إلى إنسان بقدرِ ما هو قوي منضبط هو أخلاقي رحيم ، هذا شخصية فذة ونادرة الآن ، إما أن ترى إنسانا صالحا ضعيفا ، أو إنسانا قويا غير صالح ، لكن أن ترى إنسانا بقدر ما هو صالح ، بقدر ما هو قوي ، فهذه نعمة من نعم الله العظمى .
لذلك ولله المثل الأعلى ، الله عز وجل بيده كل شيء ، هو القوي ، هو المتصرف ، هو المعطي ، هو المانع ، هو المعز ، هو المذل ، هو العدل ، في الوقت نفسه هو رحيم ، هو اللطيف ، هو الكريم ، لذلك حينما تقول : " تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " [الأنبياء:78] بقدر ما تعظمه تحبه .
في حياتنا أشخاص كثر قد تحترمهم ولا تحبهم ، أو إنسان بسيط طيب جداً ، لكنه لا يفهم شيئًا ، ترى شخصيات لا تعجبك ، مَن الذي يلفت نظرك في مجتمع البشر ؟ إنسان متفوق جداً في اختصاصه ، وأخلاقي جداً .
أنا أقرب الأمور هذا معنى قول الله عز وجل : " كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " [الرحمن:26-27] .
بقدر ما هو عظيم قوي بقدر ما هو رحيم ، فلذلك : " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا " [الأعراف:180] .
معنى الدعاء بأسماء الله الحسنى :
الدعاء بأسماء الله الحسنى أمر إلهي ، وقد ذكرت كثيراً أن الدعاء بالأسماء الحسنى له معنيان : أن تتخلق بخلق مشتق من كمال الله ، فتتقرب به إلى الله ، فإذا كان الله رحيماً كن رحيماً ، تقبل عليه ، أو أن تذكر أسماءه الحسنى حتى تسأله .
والحمد لله رب العالمين
مختارات
-
رحلة قلب إلى نعيم الجنة!
-
القاعدة السابعة والعشرون: (وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ)
-
شرح دعاء"اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا"
-
" المداهنة والمداراة "
-
" آداب الرؤيــــا "
-
مشكلات المثقف
-
تابع " مسؤولية الإمام "
-
قصة آدم عليه السلام
-
" مدخـل "
-
" دعاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم "