" الرب "
" الرب "
المربِّي جميعَ عباده بالتَّدْبير وأصناف النِّعَم؛ وهو مُشْتَقٌّ من التَّرْبية؛ فهو مدبِّرٌ خلقَه ومربِّيهم ومصلحهم والقائم بأمورهم؛ فالرَّبُّ هو المالك، وكُلُّ مَنْ مَلَكَ شيئًا فهو رَبُّه.
وَرَدَ اسمُ (الرَّبِّ) في القرآن كثيرًا؛ لكن ورودَه منفردًا كان 15 مرة.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
هو الذي له جميع معاني الرُّبوبيَّة التي لا يشاركه فيها أحد؛ لا بَشَرٌ ولا ملك؛ بل هم جميعًا عبيدٌ مربوبون لربِّهم مقهورون خاضعون لجلاله وعظمته؛ فلا يَنْبَغي أن يكون أحدٌ منهم ندًّا ولا شريكًا لله في عبادته وألوهيَّته.
وأَخَصُّ من هذا تربيتُه لأصفيائه من الأنبياء والصَّالحين بإصلاح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم؛ وبهذا كَثُرَ دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل؛ لأنَّهم يَطْلبون منه هذه التَّرْبيةَ الخاصَّةَ المستمرَّةَ حتى وفاتهم؛ " هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ " [آل عمران: 38]، " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا " [إبراهيم: 35] ومن دعاء محمد صلى الله عليه وسلم الذي علَّمه إيَّاه الله وقال عنه أهل العلم: لا زال في زيادة من علم حتى توفي: " وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا " [طه: 114]، ومَنْ يَتَدبَّر القرآن يجد معظمَ الأدعية باسم (الرَّبِّ)؛ بل إنَّ اللهَ حَثَّ عبادَه على دعائه به: " وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ " [المؤمنون: 118].
مَنْ عَرَفَ أنَّ اللهَ هو رَبُّ الأرباب لم يَطْلب غيرَ الله تعالى ربًّا له، ورضي بربوبيَّته، ومَنْ رَضيَ ذاقَ حلاوةَ الإيمان؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «ذَاقَ طعْمَ الإيمان مَنْ رَضيَ بالله رَبَّا وبالإسلام دينًا وَبُمِحَمَّد رَسُولاً» (مسلم (160)) ومن رضي أمرًا سَهُل عليه؛ فَتَسْهُل عليه الطَّاعات حتَّى تَلَذَّ له.
على العبد أن يُحسن تربيةَ مَنْ جُعلت تربيتُه إليه؛ فيقوم بأمره ومصالحه كما قام الرَّبُّ – تعالى - به.
مختارات