اسم الله الإله 1
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الإله ) :
أيها الإخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم، هو : ( الإله ) .
1 ـ ورود اسم ( الإله ) في القرآن الكريم والسنة النبوية :
فقد ورد في القرآن الكريم في مواضع كثيرة ، قال تعالى:"وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ" [البقرة:163] .
وقال تعالى : " وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ " [المائدة:73] .معنى السنة : أما في السنة فلا بد من تمهيد :
تعريف سنة النبي عليه الصلاة والسلام : هي أقواله وأفعاله وإقراره ، أيّ شيء قاله هو من السنة ، وأيّ شيء فعله هو من السنة ، فإذا سمع كلاماً وسكت عنه فهو من السنة ، لأنه لا يمكن أن يسكت على خطأ ، فإذا سكت معنى ذلك أنه أقره ، والنبي عليه الصلاة والسلام نقل لأصحابه قول خبيب حينما قتل .
بالمناسبة ، سئل خبيب قبل أن يقتل : أتحب أن يكون محمد مكانك ، وأنت في أهلك وعافيتك ؟ فقال كلمة لا تنسى ، قال : " والله ما أحب أن أكون في أهلي وولدي ، وعندي عافية الدنيا ونعيمها ، يعني الورود والأزهار ، والبيت الواسع بالمقاييس المعاصرة ، التكييف والطعام ، ومركبة فارهة ، والله ما أحب أن أكون في أهلي وولدي ، وعندي عافية الدنيا ونعيمها ، ويصاب رسول الله بشوكة " .
لذلك قال أبو سفيان : " ما رأيت أحد يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً " .
أيها الإخوة الكرام ، الإسلام هو الحب ، فإذا ألغي الحب من الإسلام كان جثة هامدة ، ألا لا إيمان لمن لا محبة له ، لأن الله سبحانه وتعالى بيّن في كتابه الكريم أن أساس العلاقة بين العباد وربهم علاقة حب:"يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ" [المائدة:54] .
وَذَلِكَ في ذاتِ الإِلَــهِ وَإِن يَشـــــأ يُبــــارِك عَلــى أَوصـــالِ شِلـــوٍ مُــمَزَّعِ
وذلك في ذات الإله من أجل الله عز وجل لذلك: " قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " [الأنعام:162] .فالنبي عليه الصلاة والسلام نقل قول خبيب : " وذلك في ذات الإله " ولم يعترض عليه ، إذن الإله بدليل السنة النبوية من أسماء الله الحسنى .
أيها الإخوة ، في صحيح البخاري ورد الدعاء التالي : "... اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ ، وَبِكَ خَاصَمْتُ ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ " [البخاري عن ابن عباس] .
فـ ( الإله ) من أسماء الله الحسنى بنص القرآن الكريم ، وبإقرار النبي عليه أتم الصلاة والتسليم .
2 ـ معنى ( الإله ) :
لكن أيها الإخوة ، ما معنى ( الإله ) ؟
قال علماء اللغة : ( الإله ) اسم مفعول ، ونحن لغتنا والحمد لله لغة راقية جداً ، لغة تصريف ، عندنا فعل ، وعندنا مصدر ، وعندنا فعل ماض ، وفعل مضارع ، وفعل أمر ، واسم فاعل ، واسم مفعول ، واسم مكان ، واسم زمان ، واسم آلة ، وصفة مشبهة باسم الفاعل ، لغتنا مبنية على نظام الأُسَر .
مثلا : عرف ، المعرفة مصدر ،عرف ، يعرف ، عارف ، معروف ، اعرف عراف ، فهناك جد وهناك أحفاد كثيرون .
للتقريب ، أنت في اللغة الإنجليزية تقول : table طاولة ، book كتاب ، write يكتب ، أما في اللغة العربية فتقول : مكتب وكتاب وكتابة ، من أسرة واحدة ، فـ ( الإله ) اسم مفعول بمعنى المألوه ، والمألوه أي : المعبود محبةً وتعظيما .
أيها الإخوة ، أصل الفعل ألِه يأله إلهةً ، و( الإله ) هو الله ، الآن كل ما اتخذ من دون الله معبودا هو إله عند من اتخذه ، حينما تخضع لشيء ، حينما تطيع شيئاً أو جهةً ، حينما تستسلم لها ، لو لم تسمِّها إلها فقد جعلتها إلهاً : " أفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ " [الجاثية:23] .
أيّ جهة تخضع لها ، تستسلم لها ، تحبها، تتفانى في طاعتها هي إلهك .
3 ـ أن يكون اللهُ إلهَك ومعبودَك :
ما البطولة ؟ أن يكون الله إلهك ، لا أن تكون الشهوة إلهك ، لا أن يكون قوي من أقوياء أهل الأرض إلهَك ، لا أن يكون الشيطان إلهَك ، لابد من جهة تخضع لها ، إن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم ، لذلك البطولة أن تعبد الله ، البطولة أن يكون الله جل جلاله إلهك ، بمعنى تخضع له ، تحبه ، تتفانى في طاعته ، هو مرجعك ، هو الحكم .
4 ـ لا معبودَ بحقٍّ إلا الله :
أيها الإخوة الكرام ، لا معبود بحق إلا الله ، هذا معنى : ( لا إله إلا الله ) أي : ليس هناك في الكون جهة تستحق أن تعبدها إلا الله : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [البقرة:21] .
من يستحق العبادة ؟ هو الخالق : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ " [البقرة:21] من يستحق العبادة ؟ هو الرب ، من هو الرب ؟ هو الممد ، هو من يمدك بالهواء ؟ لو أن اجتماعاً على أعلى مستوى في الأرض ضمّ كل الدول ، واتخذ قرار بإنزال الأمطار هل تنزل الأمطار ؟ الذي يمدك بالماء ، بالهواء يمدك بالنبات ، بالطعام والشراب : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ " [البقرة:21] .الخالق يُعبد ، الرب يُعبد : " وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ " [هود:123] .
اعبد مَن إليه يرجع الأمر كله ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةٌ ، وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ " [أحمد] .
5 ـ عبادةُ الله علّةُ وجود الإنسان :
ذلك أيها الإخوة ، أكاد أقول : إن العبادة علة وجودك في الدنيا ، وهي علة واحدة .
للتوضيح : أرسلك والدك إلى بلد غربي لتنال رسالة دكتوراه ، إلى باريس مثلاً ، المدينة الكبيرة العملاقة الصاخبة ، فيها مسارح ، فيها ملاهي ، فيها حدائق ، فيها مكتبات ، فيها أسواق ، مدينة مترامية الأطراف ، وأنت إنسان في هذه المدينة ، لو سألناك : ما علة وجودك في هذه المدينة ؟ لك في هذه المدينة علة واحدة ، سبب واحد لبقائك فيها ، هدف واحد في هذه المدينة ؛ أن تنال الدكتوراه ، ولذلك أخطر سؤال تسأله لنفسك : ما علة وجودي في الأرض ؟ .
" إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى "
الناس يتحركون:" وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى " [الليل:1-4] .
هذا يسعى لكسب المال ، ثم يفاجأ أن المال ليس بشيء عند الموت .جمع رجلٌ ثمانمئة مليون من القمار ، وهو على فراش الموت شعر بالخطر ، فطلب أحدا ممّن يعمل في الحقل الديني ، هكذا قال بالضبط ، قال : ماذا أفعل ؟ قال : والله لو أنفقتها كلها ما تنجو من عذاب الله : " إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى " [الليل:4] .
لكن يا ترى هل الحركة متوافقة مع الهدف ؟ لماذا أنا في الدنيا ؟
هناك سؤال أيها الإخوة ،هذا سؤال يتضح بالمثل التالي :
ذهب رجلٌ إلى باريس ، ونام في الفندق ، واستيقظ في صبيحة اليوم الأول ، وسأل : إلى أين أذهب ؟ ما هذا السؤال ؟ نسأله نحن : لماذا أتيت إلى هنا ؟ إن أتيت طالباً فاذهب إلى المعاهد والجامعات ، وإن أتيت تاجراً فاذهب إلى المعامل والمؤسسات ، وإن أتيت سائحاً فاذهب إلى المقاصف والمتنزهات ، متى يصح عملك في مكان ما ؟ إذا عرفت سر وجودك ، وغاية وجودك ، لذلك لا شيء يعلو في حياة الإنسان على معرفة سر وجوده ، وغاية وجوده ، وقد تجد إنسانا في أعلى درجات العقل يطلب العلم ، يبحث عن عمل صالح يرقى به عند الله ، يربي أولاده تربية صحيحة ، يتعامل مع الناس وفق منهج الله ، هذا عرف سر وجوده ، وغاية وجوده ، لذلك أنت كائن متحرك ، ما الذي دفعك إلى الحركة ؟
هذه الطاولة لا تتحرك ، ليس فيها شهوات ، ولا تحِبّ طاولة ثانية أمامها ، لا تأكل ، ولا تشرب ، ليس عندها طموحات ، لو تركتها مئات السنين تبقى على ما هي عليه ، أما أنت ـ أيها الإنسان ـ فكائن متحرك ، لماذا ؟ لأن الله أودع فيك حب الطعام والشراب ، أودع فيك حاجة إلى الجنس ، فتتزوج ، أودع فيك حاجة إلى تأكيد الذات ، فالحاجات الأساسية ، الحاجة إلى الطعام للحفاظ على فردك ، والحاجة إلى الجنس للحفاظ على النوع ، والحاجة إلى تأكيد الذات للحفاظ على الذِّكر ، هذه الحاجات الثلاث تدفعك إلى الحركة ، فأنت كائن متحرك ، البطولة أن تكتشف ما إذا صحت حركتك أو لم تصح .
إن طالبًا عنده امتحان في آخر سنة ، مادة أساسية ، الامتحان مصيره يبني على نجاحه ، وتعيينه في منصب ، وتأمين الدخل ، وشراء بيت، والزواج ، التعيين وتأمين بيت والزواج مبني على نجاحه ، عنده مادة أساسية أخيرة ، وأصعب مادة ، والامتحان بعد أيام ، ما الحركة المناسبة له ؟ أن يقبع في البيت ، وأن يقرأ الكتاب المقرر ، لو أن أصدقائه الخلَّص أخذوه إلى مكان جميل مطلٍّ على البحر ، والجبل فيه نبات أخضر ، والطعام نفيس جداً ، وهو يحبهم ، جالس مع أصدقاء يحبهم ، والمكان جميل ، والطعام طيب ، لماذا يشعر بانقباض شديد ؟ لأن هذه الحركة لا تتناسب مع الهدف القريب .
السعادة في توافق الحركة مع الهدف :
إذاً : السؤل الثاني : أنت متى تسعد ؟ تسعد إذا جاءت حركتك متوافقة مع هدفك .
اسأل تاجرا لا بيع ولا شراء عنده ، وهو جالس طول النهار في المحل ، هاتوا شاي ، هاتوا قهوة ، هاتوا مجلة ، هاتوا جريدة ، تجده مسموم البدن ، مع أنه مرتاح ، الراحة لا تتناسب مع هدف المحل التجاري ، أما لما ينسى أن يتغدى من كثرة البيع فهو أسعد إنسان ، ما يجلس دقيقة ، من محل لمحل ، فلما يكون البيع شديدا يكون معه تعب شديد ، ويكون التاجر في أسعد لحظاته ، ولما يكون في راحة تامة واسترخاء ، وضيافة مستمرة ، وأصدقاء وصحف ومجلات ، تجده في أتعس حالاته .
متى تسعد ؟ إذا جاءت حركتك موافقة لهدفك ، ومتى تشقى ؟ إذا جاءت الحركة ليست موافقة لهدفك .
الآن السؤال:علة وجودنا على وجه الأرض الوحيدة أن نعبده ، الدليل :" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " [الذاريات:56] .
لا بد من أن تعرفه حتى تعبده ، لذلك أكبر جزء من دينك طلب العلم ، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معا فعليك بالعلم .
العلة الوحيدة من وجودك على وجه الأرض بنص كتاب خالق السماوات والأرض أن تعبده ، من هو الخاسر؟" قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا " [الكهف:103-104] .
أنت إنسان ضعيف :
الإنسان يقول لك : أنا ، أنت حياتك متوقفة على قدر شريانك التاجي ، ميليمتر وربع ، فإذا ضاق هذا الشريان دخلت في متاعب لا يعلمها إلا الله ، أول شيء تحتاج إلى قسطرة ، ثم يخيرونك بين زرع شريان أم ( استاند ) ؟ يحتار ، يسأل أول طبيب ، والثاني ، أيهما أفضل ؟ أيهما أدوم ؟ أيهما أصح ؟ أيهما أسلم ؟ وكل مكانتك ، وكل حيويتك ، وكل نشاطك وهيمنتك ، و شخصيتك وحجمك المالي متوقف على سيولة الدم ، فإذا تجمد الدم في أي مكان في الدماغ حدث شلل ، ومع الشلل ثبات ، وهذا الذي لا زال حياً من ثلاث سنوات ، وأمد الله في عمره ، والذي هدم سبعين ألف بيت في غزة لا يزال حياً حتى الآن ، عنده ثبات ، الله كبير ، فأنت وهيمنتك وعظمتك ، وحجمك المالي ومكانتك تتوقف هذه المكانة على شيء ثالث ، على انضباط نمو الخلايا ، فإذا نمت نمواً عشوائياً فهذا المرض الذي حير أهل الأرض يصيب الكبار والصغار ، والشباب والأطفال ، والنساء والشيوخ ، والأقوياء والضعفاء ، يصيب كل المخلوقات ، حتى الآن ليس له دواء ، ورم خبيث وانتهى بالموت .
مرة كنت عند طبيب قلب فجاءه اتصال هاتفي ، يقول صاحبه : أيّ مكان في العالم ، أيّ مبلغ مؤمَّن ، قال : لا أمل ، بلغ المرض الدرجة الخامسة .
فلذلك علة وجودك الوحيدة أن تعبد الله ، إذاً : ليس هناك من جهة في الكون تستحق أن تعبدها إلا الله ، لا معبود بحق إلا الله ، معنى لا إله إلا الله ، الإله المعبود ، أله يأله إلاهةً ( الإله ) هو الله الذي يستحق أن تعبده : " هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ " [المدثر:56] .
العبادة الشعائرية تصح بصحة العبادة التعاملية :
لكن بعد أن شرحت معنى العبادة عندنا أنواع للعبادة :
عندنا عبادة شعائرية ، كالصلاة والصوم والحج ، وعندنا عبادة تعاملية ، الفكرة الخطيرة أن العبادة الشعائرية لا تصح ، ولا تُقبَل إلا إذا صحت العبادة التعاملية ، وتركُ دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام .
1 ـ الصلاة :
النبي عليه الصلاة والسلام سأل أصحابه :
" أَتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمَ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ ، قَالَ : الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ ، فَطُرِحَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ " [مسلم عن أبي هريرة] .
" لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا ، قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا ، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ ، قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا " [ابن ماجه عن ثوبان] هذه الصلاة .
2 ـ الصيام :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ " [أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة] .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالعَطَشُ " .3 ـ الحج :
" من حج بمال حرام ، ووضع رجله في الركاب ، وقال : لبيك اللهم لبيك ينادى أن : لا لبيك ، ولا سعديك ، وحجك مردود عليك " [ورد في الأثر] .
4 ـ الزكاة :
" قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ " [التوبة:53] .
5 ـ النطق بالشهادة :
" من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة ، قيل وما حقها ؟ قال : أن تحجزه عن محارم الله " [الترغيب والترهيب عن زيد بن أرقم، وفي سند الحديث مقال كبير] .
خاتمة :
علة وجودنا في الأرض أن نعبده ، وإذا ربحنا الأبد نكون قد ربحنا الربح الحقيقي :
" فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ " [آل عمران:185] .
قائد القوات الإسلامية في دمشق أبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة ، فإذا بيته هو غرفة ، وعلى الأرض جلد غزال ، وقِدر مغطاة برغيف خبز ، وسيفه معلق ، قالوا : ما هذا ؟ قال : هو للدنيا ، وعلى الدنيا كثير ، ألا يبلغنا المقيل ؟ .ما مِن إنسان له قريب ساكن بأرقى أحياء دمشق ، وتوفى ، وذهب إلى التعزية ، إلا ويقول في نفسه : مَن صمم هذه التزينات ؟ من اشتري هذه الثريات ؟ من اشتري هذا السجاد ؟ أين هو الآن ؟ إنها موعظة كبيرة جداً ، والموعظة الأشد أنه ما من نعي إلا كتب عليه : وسيشيع إلى مثواه الأخير ، فالمثوى الذي نعيشه الآن مثوىً مؤقت ، اعتن به ما شئت ، لابد من تركه ، وأيّ إنسان ساكن في بيت في يوم من الأيام يخرج منه أفقيا مرة واحدة ؟ ولن يَعُود ، ووالله ما رأيت على وجه الأرض أعقل ولا أذكى ولا أكثر نجاحاً وتفوقاً وفلاحاً ممن أعدّ لهذه اللحظة التي لابد منها .
كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت ، والليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر ، والعمر مهما طال فلابد من ونزول القبر .
وكل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمـــــول
فإذا حملــت إلى القبـــور جنــازة فاعلــم بأنك بعدهــا محمـــــول
***
ما من يوم ينشق فجره إلا وينادى : " يا ابن آدم ، أنا خلق جديد ، وعلى عملك شهيد ، فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة .ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها
***
" وما من مخلوق يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيته ، فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا ، وما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدمه ، وقطعت أسباب السماء بين يديه " .