" الفرق بين السخرية بالقرآن والاستشهاد به "
" الفرق بين السخرية بالقرآن والاستشهاد به "
إن الهدف من إنزال القرآن هو تلاوته، وتدبُّره، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر على الأذى فيه، وبهذا يرقى العبد أعلى الدرجات، ويبلغ أرفع المنازل، فالاستشهاد ببعض الآيات على وجه التذكير في بعض المواقف أمر طيب، وهو دالٌّ على تعلُّق القلب بكتاب الله – تبارك وتعالى -، وتأثره به، وحبه لتلاوته، وأن لسانه رطب به، فسرعان ما ترى ظهوره عليه، رغبة في تلاوته، فيقرأ الآية أو الآيات وهو متلذِّذٌ بها، معظم لها، لا سخرية في كلامه ولا ضحك ولا تحريف في كلمة من كلماته، وهو جادٌّ بها، وأنها في محلها المناسب الصحيح.
فلو أصابه ابتلاء فقال لأصحابه الذين سألوه عن حاله: " إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ " [يوسف: 86]، أو قال: " فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ " [يوسف: 18]، كما قالت عائشة – رضي الله عنها – في حادثة الإفك، فلا شيء عليه.
أو قدَّم لأخيه خدمة فعرض عليه أخوه الأجر فقال: " لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا " [الإنسان: 9]، فكذلك.
أو يرى مجموعة تترك حلقة العلم أو القرآن، وتذهب إلى المقهى للجلوس واللهو وإضاعة الوقت، فيقول لهم: " أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ " [البقرة: 61] فكذلك.
فشتان بين الحق والباطل، وبين التذكير بالقرآن، والسخرية من القرآن وإضحاك الناس على آيات الله – سبحانه وتعالى -.
كان أحد السلف يقول: لا تأتوني بمَثَل إلا جئتكم به من القرآن، فقال أحدهم: ما تقول في هذا المثل: (أعطه ثمرة فإن لم يقبلها فأعطه جمرة) فقال: هو في قوله تعالى: " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا " [طه: 124].
فشتان بين الحالتين لمن عقل.
تكلَّم وسدِّد ما استطعت فإنما كلاُمك حيٌّ والسكوت جمادُ
فإن لم تجد قولاً سديدًا تقوله فصمتُك عن غير السَّداد سدادُ
مختارات