" معالم على طريق التوفيق : الخامس عشر : الزوجة الصالحة "
" معالم على طريق التوفيق: الخامس عشر: الزوجة الصالحة "
ومن معالم التوفيق والسعادة في الحياة الدنيا أن يوفقك الله لزوجة صالحة، تعينك على أمر دينك ودنياك، رفيقة دربك، ذات خُلق كريم، تسُرُه إذا نظر إليها، وتحفظه في نفسها وماله وذريته، محسنةٌ في تربية أبنائها، فالمرأة في هذا الزمن هي الحِصن الحصين للأسرة المسلمة إذا وفقها ربُها لحماية بيتها.
والمرأة الموفقة تعين زوجها وأبناءها على فعل الفضائل والطاعات وترك المنكرات والزلات.
في زمن يحاولون تكسير الحواجز والجسور من أجل إخراجها من حصنها الحصين ! فلتعرف الموفقة ما يُدار حولها.
إن المرأة الموفقة هي التي تملأ بيتها حُبًّا ورحمة ومودة وسعادة وصفاء وأُنسًا وسكنًا سعيدًا، كأنه جنة من جنان الدنيا، ولا ينال ذلك إلا موفق سعيد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء» [صحيح الجامع].
وصدق الله: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الروم: 21].
لذلك قالوا: إن ثلاثية الزواج الناجح الموفق السعيد يرتكز على أمور ثلاثة:
1- السكن 2- المودة 3- الرحمة
فبيوت الموفقين تملؤها المودة والرحمة والسكن والرفق والاحترام والتقدير والتوفيق لكل خير، وقيام ذلك كله بفضل الله أولًا، ثم بذلك القلب الذي ينبض في تلك الزوجة، التي تستطيع أن تجعل من بيتها الصغير قصرًا من السعادة والحب والحنان والعطاء.
يقول الشيخ راشد الشهري وفقه الله:
الزوجة الصالحة مؤدية لحقوق ربها، متحببة لزوجها، محتسبة في تربية أولادها، حافظة لأسرار بيتها، تملأ البيت فرحًا وسرورًا، وتتطلع إلى ثواب خالقها.
وصدق رسولنا الكريم الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «قلب صادق، ولسان ذاكر، وزوجة صالحة تعينك على أمر دنياك ودينك، خير ما اكتنز الناس» [صحيح الجامع].
والموفق دائما قد غرس في قلبه بيقين وصدق وحب ووفاء قول رسولنا صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» [رواه ابن ماجه].
وهو القائل صلى الله عليه وسلم: «دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك» [صحيح الجامع].
الزوجة الموفقة قدوتها في حياتها: الطاهرة خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها) أول قلب احتضن نبينا صلى الله عليه وسلم حبًا وبرًا وعطاءً.
عاشت معه الأمل والألم، منذ فجر الرسالة المحمدية، تؤيده وتعينه وتنصره بكل معاني النصر والتأييد، فماذا كان جزاء تلك الطاهرة؟
جاء في الحديث الصحيح: «وبشَّرها ببيت في الجنَّة من قصب – أي اللؤلؤ المجوف – لا صخب فيه ولا نصب» [البخاري ومسلم].
قال السهيلي (رحمه الله): إنما بشرها ببيت في الجنة؛ لأنها لم ترفع صوتها على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تتعبه يومًا من الدهر، فلم تصخب عليه يومًا، ولا آذته أبدًا. ا.هـ.
والجزاء من جنس العمل، هكذا فلتكن النساء، بل تأمل هذا الموقف النبوي بمشاعرك وعواطفك.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غرتُ على نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلا على خديجة وإني لم أُدركها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة فيقول: «أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة، قالت: فأغضبته يوما فقلت: خديجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني قد رُزقت حبّها»[رواه مسلم].
وتأمل معي هذا الموقف الذي يعبر عن الحب والوفاء لما ماتت امرأة أبي ربيعة الفقيه، دفنها ونفض يديه، ثم رجع إلى داره، فحوقل واسترجع، وبكت عيناه ! ثم قال يخاطب نفسه: الآن ماتت الدار أيضا يا أبا خالد.
نعم: إن البيت يحيا بروح المرأة التي تتحرك بداخله، وتشيع فيه معنى لا يقدر عليه غيرها.
إضاءة على الطريق:
بيتك بيتك بيتك.
أيتها الموفقة هو سعادتك، بل هو جنتك في الدنيا.
مختارات