" معالم على طريق التوفيق : سابعًا : نعمة المال "
" معالم على طريق التوفيق: سابعًا: نعمة المال "
من معالم التوفيق إذا أنعم المنعم المنان عليك بالمال الوفير لحكمة يعلمها الرب جل وعلا، فإذا اجتمع الصلاح في المرء والمال الحلال فهذا هو التوفيق، وبشّره بالحياة الطيبة.
فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «نعم المال الصالح للرجل الصالح». عن عبد الله ابن عمرو بن العاص (صحيح الألباني) موقع الدرر السنية.
فتجد الموفق يسخر ماله في طاعة ربه، فتراه يسأل عن عمل الخير هنا وهناك؛ لكي يصرفه في وجوه البر والإحسان؛ لأن قلوب الأبرار تغلي بما فيها من جواهر وكنوز طيبة وعمل صالح، وما أكثرها فهي بحر لا ساحل له، وتجارة مع الله لن تبور، ولا يُوفق لهذا إلا مُوفق سعيد، وعلى خُطى التوفيق، فسِر وثابر.
" وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ " [البقرة: 272].
يقول الشيخ عبد المحسن القاسم حفظه الله:
المال المبارك ما كثر خيره، وتعددت منافعه، وبذل في طرق الخير والإحسان ابتغاء مرضاة الله، ومن قنع بربح قليل حلال، وتحرى الصدق في معاملاته، ظهرت البركة في ماله وفي أولاده، قال صلى الله عليه وسلم: «إن هذا المال حلوة، من أخذه بحقه فنعم المعونة هو، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع». ا.هـ.
تأمل معي في هذا الموقف وصاحبه الموفق؟
يوجه النداء صلى الله عليه وسلم: من يشتري بئر رومة وله الجنة؟
فيتقدم ذو النورين الموفق ويشتريها؛ ليطفئ لهيب الظمأ في تلك القلوب الطاهرة، بل ويجعل دلوه مع دلاء المسلمين.
يقول عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه: يا حبذا المال أصون به عرضي وأتقرب به إلى ربي.
وهو الذي كان يُسير القوافل الكثيرة المليئة بالخيرات في سبيل مرضاة الله، فيجعلها صدقة للفقراء والمساكين.
وصدق الله: " فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى " [الليل: 7].
ولنعلم أيضًا أن من أثرياء المسلمين الكبار من كان من العشرة المبشرين بالجنة، ولم يمنعهم الثراء والغنى من المسابقة والمسارعة في الخيرات، بل ونيل شرف صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
" مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا " [الأحزاب: 23].
أيها الموفق:
تاجر مع الله، في الفقراء والمساكين، اسمح دموع اليتامى والأرامل والمحتاجين، أعن بمالك طلاب العلم الفقراء، يكن لك من الأجور ما لا يعلمه إلا الله جل جلاله.
والله لا ينفعك إلا ما قدمت يداك، حقيقة لابد أن تعرفها حق المعرفة. ألم تسمع قول الكريم الذي أعطاك وحباك: " وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ " [النور: 33] عن عائشة (رضي الله عنها): أنهم ذبحوا شاةً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما بقي منها؟» قالت: ما بقي إلا كَتِفُها، قال صلى الله عليه وسلم: «بقي كُلَّها، غير كتفها» [صحيح سنن الترمذي].
إذن، هيّا تحرك الآن، تفقدهم في حيِّك في قريتك، في مدينتك، ولا تخش من ذي العرش إقلالا.
قال السعدي (رحمه الله): ومن الأسباب التي تزيل الهم والغم والقلق، الإحسان إلى الخلق: " وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ " [الأعراف: 56] فكن من المحسنين الموفقين.
" قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ " [سبأ: 39].
أيها الموفق:
إليك هذا الكنز النبوي الذي تفرح به القلوب المؤمنة الواثقة بما عند الله خير وأبقى.
يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً» [أخرجه مسلم].
إضاءة على الطريق:
ما بين يديك من أموال، فهو من فضل الله عليك، ليس بكسبك ولا بكدحك.
فاعرف قدر نفسك.
مختارات