" معالم على طريق التوفيق : سادسًا : العلم نور "
" معالم على طريق التوفيق: سادسًا: العلم نور "
ومن معالم توفيق الله لعبده طلبه للعلم والحرص عليه والدلالة عليه.
لماذا؟
لأن طلب العلم نور، وهو طريق الرضوان، وباب الخشية، وعلامة التوفيق، وسبيل الفلاح الموصل إلى الجنة.
" وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا " [طه: 114].
قال صلى الله عليه وسلم: «ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له طريقًا إلى الجنة» [رواه مسلم].
وما أجمل ما قاله الشاعر:
ما الفضلُ إلا لأهل العلم إنهـم على الهدى لمن استهدى أدلَّاء
وقدرُ كل امرئ ما كان يحسنُه والجاهلون لأهـل العلـم أعــداءُ
ففُز بعلم تعِش حيًّـــا بـه أبـــدًا الناسُ موتَى وأهلُ العلم أحياءُ
أخي الموفق:
وأنت سائرٌ في طريق طلب العلم، اسأل ربك التوفيق والبركة فيه، وتذكر قول ابن خُشرم (رحمه الله) حين قال: كثيرًا ما كان ابن تيمية يقول: «توفيق قليل خيرٌ من علم كثير».
قال صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدِّين» [متفق عليه].
دلّ ذلك على أن من علامة التوفيق الفقه في الدِّين، لماذا؟ لأنه بذلك يعبد الله على بصيرة ونور، ويدعو غيره على بصيرة وعلم وهدى، فيا ليت قومي يعلمون! بل تأمل في هذا الفضل، وهذا الكرم، وهذا التوفيق لمن سلك وسار في طريق العلم والتعلم.
عن أبي الدرداء رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقًا يلتمسُ فيه علماً، سهَّل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم» [صحيح الجامع].
بل يقول ابن القيم (رحمه الله) مادحًا ومحبًا للعلم: لو أن العلم صوّر صورة لكان أجمل من صورة الشمس والقمر ! ولنعلم جميعًا أن بكلمة «اقرأ» تفجرت ينابيع العلم والحكمة والنور والهدى والتوفيق في آفاق الكون كله: " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ " [العلق] ويوجه لنا ابن الجوزي (رحمه الله) خطاباً قوياً يقول فيه: يا ضعيف العزم، لو علمت فائدة العلم، لسهرت الليل وأظمأت النهار، وجعلت نوافلك في العلم. ا.هـ.
ها هي – أخي الموفق – إعلانات دروس العلماء في المساجد مُشرعة أبوابها، هلمَّ إليها، محاضرات الدعاة الفضلاء في كل مكان تناديك، الملتقيات والمخيمات والدورات، والبرامج والأشرطة بأنواعها، كلها كنوز بين يديك.
فما الذي يمنعك؟ وما الذي يشغلك؟ فأين أنت؟
ورحم الله من قال: من المحبرة إلى المقبرة.
ويحدثك المحدث الألباني (رحمه الله) قائلًا: وها أنا ذا بعد أن سلخت من عمري قرابة الستين عاماً ماشياً في ركاب العلم الشريف، أعود بالنظر والتهذيب والتقريب فيه، وكأني لازلت على أول مدرجته، ما خطوت خطوة في طريقه إلا وأراني في أوله، يقولون ذلك؛ لأنهم عرفوا أن العلم نور يهدي إلى الحق، والموفق من وفقه الله وهداه إليه.
وختامًا: يقول الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله): الناس محتاجون إلى العلم أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين، والعلم يحتاج إليه بعدد الأنفاس.
إضاءة على الطريق:
قال مالك بن أنس: حق على من طلب العلم أن يكون له وقارٌ وسكينةٌ وخشية؛ فإن من سعادة المرء أن يوفق للخير،
وإن من شقوة المرء ألَّا يزال يُخطئ.
مختارات