" معالم على طريق التوفيق : ثامنًا : بر الوالدين "
" معالم على طريق التوفيق: ثامنًا: بر الوالدين "
ومن معالم التوفيق برك بوالديك، والتفاني في طاعتهما وخدمتهما ليلًا ونهارًا؛ ففيهما فجاهد، هكذا نطق الرسول صلى الله عليه وسلم.
الموفق من أسعد والديه بكل ما تحمله كلمة السعادة من معنى، حباً، وبراً، وعطاءً، ووفاءً، وكرماً، ومالاً، وسفراً، وشكراً.
الموفق من يفكر دائما كيف أدخل السرور على قلبيها.
يقول الشيخ عبد المحسن القاسم حفظه الله: بر الوالدين خُلق الأنبياء، ودأب الصالحين، وسبب تفريج الكربات، وتنزل البركات وإجابة الدعوات، به يشرح الصدر وتطيب الحياة، وهو طريق الجنة، ففي الحديث: «الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو أحفظه» [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
إنه طريق البر والتوفيق الموصل إلى رضوان الله والجنة.
" وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا " [الإسراء: 23].
عن أصبغ بن زيد قال: إنما منع أويساً أن يقدم على النبي صلى الله عليه وسلم برُّهُ بأمِّه. [سير أعلام النبلاء].
والموفق من استخرج من قلبيهما الدعاء الصادق له بالتوفيق والسداد قبل رحيلهما من الدنيا.
أيها الموفق:
دعاءُ والديك لك بالتوفيق والرشاد؛ فإنهما من أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، واعلم أن دعوتهما مستجابة.
ويخاطب الشيخ سلمان العودة – حفظه الله – الآباء والأمهات، ويلفت أنظارهم قائلًا: لا تدعوا على أولادكم إلا بخير، حتى لو غضبتم، فالدعوة الصالحة الصادقة من الوالدين مظنة الإجابة، وأن تفتح لها أبواب السماء، فاجعلوا دعواتكم لهم جزءًا من مشروع التربية والتوجيه والأمل الجميل. ا.هـ.
" وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا " [الفرقان: 74].
كم سَعِد من سعد ! كم فاز من فائز ! بعلم أو تجارة أو خُلقٍ أو منصب، كان وراء ذلك دعوة صادقة خرجت من قلب أم أو أب، فلا تحرموا أولادكم بمثل هذه الدعوات.
أيها الموفق:
أقولها لك بكل صدق وصراحة، تلذّذ في حياتك الدنيا ببرك بوالديك، وتفنن ببرك بهما، وخاصة أمك، كما تتلذّذ بحلو الطعام والشراب، ألم يقل نبينا صلى الله عليه وسلم: «الزم رجلها؛ فثم الجنة» فماذا تريد إذن؟
أخي الغالي:
ها هي أمك الغالية الحنون بين يديك، اطلب رضاها، تمتع ببرك بها، ابذل لها كل ما تحب، اجعلها تدعو لك بالتوفيق.
ووالله ستوفق إن شاء الله في حياتك، وستعيش سعيدًا ببرك لها في الدنيا والآخرة.
ولتعلم أيها الموفق أن:
أمك هي صاحبة القلب الأول في الدنيا الذي يحبك بصدق.
أمك هي صاحبة الإنجاز الأول في حياتك.
أمك هي التي جعلتك يُشار لك بالبنان.
أمك هي التي حملتك في بطنها تسعة أشهر.
أمك هي التي أرضعك حولين كاملين، وأنت تشرب من صميم فؤادها.
أمك هي نبع العطف والحنان، فهل عرفنا حقها؟!
أمك هي التي تعجز العبارات والكلمات عن وصفها.
أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، هكذا نطق بها الصادق المصدوق: " هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ " [الرحمن: 60].
إضاءة على الطريق:
طوبى لمن أسعدها في دنياه، ففاز بخير الدنيا والآخرة.
مختارات