" معالم على طريق التوفيق : ثالثًا : أبواب الجنة الثمانية "
" معالم على طريق التوفيق: ثالثًا: أبواب الجنة الثمانية "
ومن معالم التوفيق الوضوء، ألا ما أجمل هذه الكلمة على قلب المؤمن الصادق ! لها في قلبه حلاوة؛ فالوضوء من الوضاءة وهي الحسن والبهاء والجمال، والوضوء مفتاح وشرط للصلاة للوقوف بين يدي ذي الجلال والإكرام، فالموفق الذي يسعى جاهدًا على أن يكون على وضوء وطهارة.
فالوضوء نظافة وطهارة وغسل للذنوب والخطايا والآثام التي ابتلينا بها في هذه الأزمنة، بل الوضوء أجر وثواب كبير: " إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " [البقرة: 222].
الوضوء للصلاة، الوضوء عند النوم، الوضوء على قدر استطاعتك في حلك وسفرك وترحالك.
الوضوء رفع للدرجات، وكسب للحسنات، وحطٌّ للسيئات.
تأمل، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن، فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيًا من الذنوب» [صحيح الجامع].
تأمل في حال هذا الموفق مؤذن الإسلام الأول الذي رفعه الله بالإسلام: بلال بن رباح رضى الله عنه.
عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: «يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام؛ فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة» قال: ما عملتُ عملًا أرجى عندي أني لم أتطهر طُهورًا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطُهور ما كتب لي أن أُصلي [رواه البخاري].
وهذا في زمن يكاد أن يندر فيه الماء للشرب، ناهيك عن ماء للوضوء، فكيف نحن اليوم – ولله الحمد والمنة – والماء متوفر في كل مكان في بيوتنا، في مساجدنا، وعلى الطرقات والأسواق وغيرها، ما بقي علينا إلا أن نشمر عن سواعد الجد والسير على هذا الطريق.
بل كان علي بن الحسن رضى الله عنه إذا توضأ اصفر لونه، فقيل له: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟
قال: أتدرون بين يدي مَنْ أريد أن أقوم؟!
إنها قلوب صادقة، ونفوس موفقة عرفت كيف تعظم الله حقًّا؛ أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وهذا هو طريق التوفيق والإحسان " ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ " [الحج: 32].
وصدق المزني أبو بكر (رحمه الله) حينما قال:
من مثلك يا ابن آدم؟
خُلِّي بينك وبين المحراب والماء، كلما شئت دخلت على الله عز وجل ليس بينك وبينه ترجمان !
قال صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره» [صحيح الجامع] عن عثمان].
إضاءة على الطريق:
الماء بين يديك.
قم الآن وأسبغ الوضوء.
وكن من التوابين المتطهرين.
مختارات