الاّفـة الـثـالـثـة : الـنـفـق الـمـظـلـم
الآفـة الـثـالـثـة: الـنـفـق الـمـظـلـم:
قد يصادف السائر فى طريقه نفقا مظلما لا يستطيع أن يميز فيه طريقه من الطرق الاخرى ما لم تكن أضواء اليقين كاشفة، ومسالك الطريق معروفة كيلا يضيع السائر مساره، أو يتناثر أشلاء تحت وقع الكارثة أو يسرف فى التفاؤل عندما يبصر نورا فى اخر النفق قد يكون وهم سراب.
ان مثل هذا النفق كفتن الخلاف بين المسلمين، اذ بينما يسير السائر فى ركبه الميمون والطريق سالكة وهو ينتظر الوصول الى المحطة التالية فجأة يظلم الطريق تماما كالذى يدخل النفق يفاجأ بالظلام الدامس بعد النور المبهر. اصطدم بعض المسلمين فيما بينهم وبغى بعضهم على بعض فالتفت الظلمات، وانطفأت الانوار، ويضطر السائر المسكين الى ركوب الظلمة ودخول النفق فاذا لم تكن البصائر على يقين والابصار على وضوح، فالكارثة ستقع لا محالة، ويكون التّيه الذى لا يدرى فيه ما المخرج.
ولذا فالانوار الكاشفة فى هذا النفق تتمثل فى الاستمساك بوضوح المنهج: الكتاب والسنة بفهم سلف الامة، قال الله تعالى: " وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " (التوبة: 100).
لابد أن تنتبه الى " وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ "، فالاحسان: الرؤية، ليس مجرد الاتباع وانما احسان الاتباع.. والاحسان ان ترى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه " [متفق عليه].. هذا اول مخرج من النفق.
أما النور الثانى للمخرج من هذا النفق المظلم فهو الا تشغل نفسك بالمناقشات والجدال والردود وانما " بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ " (القيامة: 14).
اعرف طريقك وامض، فان كان ولابد فألق النصيحة وانطلق.. فأخسر الناس صفقة من انشغل بالناس عن نفسه وأخسر منه صفقة من انشغل بنفسه عن الله.. فاعرف كواشف الانفاق لتخرج من هذا الظلام بسلام.
مختارات