" صور من الكسب الحرام "
" صور من الكسب الحرام "
وطرق الكسب غير المشروع متعددة ومتنوعة ومتجددة، كصور الكسب المشروع تماماً؛ فكل ما هو محرم لذاته أو كغيره، تحرم زراعته وصناعته والتجارة فيه، والتكسب عن طريقه وما كان من ذلك عن طريق الوظيفة أو الإخلال بواجباتها؛ وكذلك كل ما فيه أكل مال الغير بالباطل.
وكل ما كان ضداً لأنواع الكسب المشروع التي ذكرناها فهو كسب محرم غير مشروع.
أولًا: صور عامة:
والحرام بين وظاهر في عينه ووصفه، وقيام الدليل على تحريمه، لا يخفى على أحد، فقد كان من آخر ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم أمته في خطبة الوداع: النهي عن انتهاك حرمة الدماء والأموال والأعراض.
ومن الحرام في مجال التعاطي والاكتساب ما يأتي:
في الطعام:
أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح على غير اسم الله... إلخ وبيع ذلك، والتعامل فيه، والتكسب عن طريقه، فالله تعالى إذا حرم شيئًا حرم ثمنه أي حرم بيعه وشراءه وتجارته وكسبه، وما إلى ذلك.
وفي الشراب:
الخمر، والحشيش وسائر المسكرات..إلخ بتناول شيء من ذلك أو المتاجرة فيه أو العمل والكسب عن طريقه أو الإعانة عليها والمساهمة فيها بطريقة من الطرق، فقد لعن عاصر الخمر وساقيها وشاربها، وكل ما شابه ذلك فهو محرم.
في اللباس:
يحرم لبس الحرير والذهب بالنسبة للرجال، واستخدام آنية الذهب والفضة.. إلخ والتحريم يكون بالاستعمال الممنوع والكسب عن طريقه والمساهمة فيه بشكل من الأشكال.
وفي الاقتصاد:
يحرم الربا والغلول والسرقة والغش والتطفيف في الكيل والميزان والاحتكار والنهب...إلخ.
وقد حرم الإسلام ذلك كسبًا وتعاطيًا وإعانة ومساهمة، فقد لعن آكل الربا وكاتبه وموكله وشاهده وكذلك غيره.
كما حرم الإسلام السلب والغصب وأكل مال اليتيم ظلماً، وأكل المال بالباطل ومنه الرشوة ولعب الميسر والقمار والاختلاس، والتكسب عن طريق السحر والعرافة والكهانة والشعوذة.
ومن الأمور المحرمة: بيع ما ليس عند الإنسان وتلقي السلع قبل وصولها لرفع أثمانها على المسلمين.
وبيع الملامسة، والمنابذة، والحصاة، وبيع الرجل على بيع أخيه، وبيع حاضر لباد.
وبيع النجش: وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها، وبيعتان في بيعة.
وكسب المال من الطرق غير المشروعة: كالحرف والمهن المحرمة !
وكذلك التجارة في مثل المسكرات والمخدرات...إلخ.
والصناعة أو الزراعة في كل ما هو محرم لذاته أو لغيره لما فيه من ضرر يعود على الفرد أو الجماعة أو عليهما معاً.
كما حرم الإسلام كل ما فيه غبن أو غرر أو ضرر بالمسلمين.
أو إشاعة للفاحشة والرذيلة بينهم مما يقوض المجتمع ويفسد الأخلاق، وضروب الحيل والاستغلال.
وكسب الإماء، ومهر البغي، وثمن الكلب.
وعسب الفحل، وهو ما يؤخذ على مائه.
والقسامة بالضم وهي: ما يأخذه القسام على عادة السماسرة بأن يأخذ من كل ألف عشرة مثلاً.. وعدم إتقان العمل بالانتقاص من ساعاته والانتدابات المزعومة والارتشاء..إلخ.
ثانيًا: صور خاصة:
أ - الزراعة المحرمة:
وسوف نضرب أمثلة للزراعة والصناعة والتجارة التي حرمها الإسلام وحرم الاكتساب عن طريقها.
فقد حرم الإسلام الاكتساب من كل زراعة أو نبات يحرم تناوله أو تعاطيه، أو لا يعرف استعماله إلا في الضرر كزراعة الحشيش والأفيون والبانجو والكوكايين ونحوها كالتبغ والتنباك والدخان والبودرة..إلخ.
وليس للمسلم عذر في ترويج الحرام، أو الاكتساب منه بأي طريق من الطرق، كمن يزرع المحرم ليبيعه لغير المسلمين.
أو يبيع العنب أو التمر أو البصل لمن يعلم أنه يتخذها للخمر.
أو من يبيع الخنازير للنصارى، وذلك لأن المال المكتسب في هذه الحالة عوض عن عين ومنفعة محرمة.
ب - الصناعات والحرف:
وكل صنعة حرمها الإسلام لما فيها من ضرر يعود على الفرد أو المجتمع، في عقيدته أو أخلاقه، أو عرضه.
وكل حرفة أو مهنة كانت كذلك، يحرم الكسب منها، كصناعة كل مسكر ومخدر والعمل فيه بالترويج أو الدعاية أو التوزيع، ونحو ذلك.
ويحرم الكسب عن طريق البغاء المشروع في البلاد الغربية، والمباح في الجاهلية، فإن الإسلام قد حرمه حرمة قاطعة، واعتبره كسباً قذراً رخيصاً، وعده من أبشع صور الكسب وأشنعها.
فقد روى البخاري وأبو داود عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الإماء» (ابن الأثير، جامع الأصول).
وقد كانت الأمة تتكسب بفرجها، والبغاء في حد ذاته من أكبر الكبائر، فضلاً عن أن يكون طريقاً للكسب والسحت.
جـ - التماثيل والصور:
وحرم الإسلام الكسب عن طريق صناعة التماثيل والصلبان ونحوها من كل ما هو مجسد.
عن سعيد بن أبي الحسن قال: كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما، إذ أتاه رجل، فقال: يا أبا عباس: إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير.
فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: «من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبدًا» فربا الرجل ربوة شديدة، واصفر وجهه، فقال: «ويحك ! إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك هذا الشجر، وكل شيء ليس فيه روح» (متفق عليه).
وكذلك الصور التي لا ضرورة لها مما يثير الغرائز وينشر الرذيلة أو ما فيه حرمة مزدوجة كتصوير الأنبياء والملائكة.
د - كسب تجاري محظور:
حرم الإسلام كل كسب في التجارة جاء عن طريق ظلم أو غش أو خداع أو استغلال أو احتكار.
أو كان في ذاته محرمًا كالخمور ومشتقاتها، والخنازير والتماثيل، والمخدرات والمسكرات.
أو كان الانتفاع به محرماً كالأجهزة والأدوات الهدامة.
ومن ذلك: ثمن الكلب والهر.
وعسب الفحل: «وهو الأجر الذي يؤخذ على مائه».
والقُسامة بالضم: هي ما يأخذه القسام على عادة السماسرة، كاتفاقهم على أن يأخذ من كل ألف عشرة مثلًا.
ومهر البغي..إلخ (راجع في هذا ابن الأثير في جامع الأصول) مما سبق ذكره.
فهذا وغيره كسب غير مشروع، حرمه الإسلام لذاته أو لغيره، لما فيه من ضرر يعود على الفرد أو الجماعة أو عليهما معًا.
مختارات