65. عمرو بن العاص
عمرو بن العاص
"أسلم عمرو بن العاص بعد تفكير طويل وتدبر كبير، وقد قال الرسول الأعظم عنه: أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاص" (*)
"اللهم أمرتنا فعصينا …
ونهيتنا فما انتهينا …
ولا يسعنا إلا عفوك يا أرحم الراحمين".
بهذا الدعاء الضارع الراجي ودع عمرو بن العاص الحياة، واستقبل الموت.
* * *
وقصة حياة عمرو بن العاص غنية حافلة …
كسب خلالها للإسلام قطرين كبيرين من أقطار المعمورة هما:
"فلسطين" و "مصر" …
وترك للمسلمين سيرة ضخمة ملأت الدنيا، وشغلت الناس دهرا طويلا.
* * *
تبدأ هذه القصة قبل الهجرة بنحو نصف قرن من الزمان، حيث ولد عمرو … وتنتهي في سنة ثلاث وأربعين بعد الهجرة حيث وافاه اليقين (١).
أما أبوه فهو "العاص بن وائل" أحد حكام العرب في الجاهلية، وسيد من ساداتهم المرموقين …
وواحد من الذين يرتفع نسبهم إلى الذؤابة (٢) من قريش …
وأما أمه فلم تكن كذلك، وإنما كانت أمة سبية.
لذا كان حساده يلاحقونه بذكرها وهو جالس على كرسي الإمارة، أو مرتق فوق منابر الخطابة.
حتى أن أحدهم قد أغرى رجلا على أن يقوم إليه وهو مرتق على المنبر، وأن يسأله عن أمه، وذلك لقاء مبلغ جزل (٣) من المال أغدقه عليه.
فقام الرجل وقال: من أم الأمير؟.
فضغط عمرو على نفسه، وتذرع بحلمه (٤)، ثم قال:
هي النابغة بنت عبد الله …
أصابتها رماح العرب في الجاهلية، فبيعت بسوق "عكاظ" …
فاشتراها عبد الله بن جدعان …
ثم وهبها للعاص بن وائل [يعني أباه].
فولدت له فأنجبت …
فإن كان بعض من مزق الحسد قلبه قد جعل لك شيئا من المال فخذه.
* * *
وحين أخذ المعذبون من المسلمين يهاجرون إلى "الحبشة" للتخلص من بطش قريش ونكالها (٥)، ويستقرون في رحابها فرارا من بني قومهم عزمت
قريش على استعادتهم إلى مكة، وإذاقتهم ألوانا من العذاب.
وقد اختارت عمرو بن العاص للقيام بهذه المهمة؛ لما كان بينه وبين "النجاشي" (٦) من أواصر ود قديم.
وزودته بما كان يؤثره "النجاشي" وبطارقته من الهدايا.
فلما وفد على "النجاشي" حياه وبياه (٧) وقال له:
إن نفرا من قومنا قد كفروا بدين آبائهم وأجدادهم، واستحدثوا لأنفسهم دينا جديدا … وقد أرسلتني قريش لاستئذانك باستعادتهم إلى قومهم؛ ليردوهم إلى دينهم، ويعيدوهم إلى ملتهم.
فاستدعى "النجاشي" نفرا من الصحابة، سألهم عن دينهم الذي يدينون، وإلههم الذي به يؤمنون، ونبيهم الذي جاءهم بهذا الدين.
فسمع من كلامهم ما ملأ قلبه يقينا واطمئنانا، ووعى من عقيدتهم ما أفعم فؤاده تعلقا بهم وإيمانا بدينهم.
فأبى أن يسلمهم إلى عمرو بن العاص أشد الإباء، وأعاد له ما أتحفه به من الهدايا.
* * *
ولما عزم عمرو بن العاص على الرحيل إلى مكة قال له "النجاشي": كيف يعزب (٨) عنك أمر "محمد" يا عمرو على ما أعرفه من رجاحة عقلك وبعد نظرك؟! …
فوالله إنه لرسول الله إليكم خاصة، وإلى الناس كافة.
فقال له عمرو: أأنت تقول ذلك أيها الملك؟!.
فقال "النجاشي": إي والله … فأطعني يا عمرو وآمن بمحمد وما جاءكم به من الحق.
* * *
ودع عمرو بن العاص "الحبشة"، ومضى على وجهه لا يدري ما يفعل.
فقد أخذت كلمات "النجاشي" تهز فؤاده هزا …
وظل حديثه عن محمد وما جاء به من الحق يدفعه إلى لقائه دفعا.
لكنه لم يكتب له ذلك إلا في السنة الثامنة للهجرة.
حيث شرح الله صدره للدين الجديد؛ فمضى يحث الخطا نحو المدينة المنورة للقاء الرسول الكريم ﷺ وإعلان إسلامه بين يديه.
وفيما هو في بعض طريقه التقى بخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة وهما يمضيان إلى حيث يمضي، ويقصدان ما يقصد.
فانضم إليهما ومضى معهما …
فلما قدموا على النبي صلوات الله وسلامه عليه؛ بايعه كل من خالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة.
ثم بسط الرسول الكريم ﷺ يده لعمرو؛ فقبض عمرو يده عن النبي ﷺ …
فقال له الرسول: (ما لك يا عمرو)؟!
فقال: أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي.
فقال النبي: (إن الإسلام والهجرة يجبان (٩) ما قبلهما) … فبايعه عند ذلك.
لكن هذه الحادثة تركت أثرها في نفس عمرو بن العاص فكان يقول: والله ما ملأت عيني من الرسول، ولا تمليت من النظر إلى وجهه حتى لحق بربه.
* * *
وقد نظر الرسول إلى عمرو بن العاص بنور النبوة، وعرف ما يتمتع به من طاقات فذة، فأمره على جيش المسلمين في غزوة "ذات السلاسل" على الرغم ممن كان في الجيش من المهاجرين والأنصار وأصحاب السابقة إلى الإسلام.
* * *
ولما استأثر الله بنبيه ﷺ، وآلت الخلافة إلى الصديق رضوان الله عليه أبلى عمرو بن العاص في حروب الردة أعظم البلاء …
وبادر الفتنة بحزم يذكر بحزم الصديق ﵄ …
فقد نزل عمرو بن العاص ببني "عامر"، فإذا بزعيمهم "قرة بن هبيرة" يهم بالردة ويقول له:
يا عمرو، إن العرب لا تطيب لهم نفسا بهذه الإتاوة التي فرضتموها على الناس [يعني بها الزكاة].
فإن أعفيتموها من ذلك سمعت لكم وأطاعت …
وإن أبيتم فلا تجتمع عليكم بعد اليوم …
فصاح عمرو بزعيم بني "عامر"، وقال:
ويحك (١٠)!! أكفرت يا قرة"؟! … وهل تخوفنا بردة العرب؟! …
فوالله لأوطئن عليك الخيل في خباء أمك.
* * *
ولما لبى الصديق نداء ربه، وأسلم الزمام (١١) إلى يد الفاروق - خير يد تلقى إليها الأزمة - استعان الفاروق بقدرات عمرو بن العاص وخبراته، ووضعها في خدمة الإسلام والمسلمين …
ففتح الله على يديه سواحل "فلسطين" بلدا بعد بلد …
وهزم جيوش الروم جيشا بعد جيش، ثم اتجه إلى حصار "بيت المقدس".
وقد شدد عمرو الحصار على أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين حتى زرع البأس في نفس "أريطون" قائد جيش "الروم".
وحمله على التخلي عن المدينة المقدسة، واللواذ (١٢) بالفرار فاستسلمت "القدس" للمسلمين.
عند ذلك رغب بطريقها (١٣) أن يتم التسليم بحضور الخليفة نفسه.
فكتب عمرو بن العاص للفاروق رضوان الله عليه؛ يستدعيه لاستلام "بيت المقدس" … فحضر ووفع وثيقة (١٤) الاستلام.
وآلت "القدس" إلى المسلمين في السنة الخامسة عشرة للهجرة على يدي عمرو بن العاص ﵁.
وكان الفاروق إذا ذكر أمامه حصار "بيت المقدس"، وما أبدى فيه عمرو بن العاص من براعة يقول:
لقد رمينا "أريطون" الروم "بأريطون" العرب.
ثم توج عمرو بن العاص انتصاراته الكبرى بفتح "مصر"، وضم هذه الدرة الثمينة إلى عقد الإسلام.
وبذلك فتح أمام جيوش المسلمين أبواب إفريقية، وبلاد "المغرب"، ثم إسبانيا، بعد ذلك (١٥).
وقد تم لهم هذا كله في نحو نصف قرن من الزمان.
* * *
وليست هذه هي كل مزايا عمرو بن العاص ﵁، وإنما كان عمرو أحد دهاة (١٦) العرب المعدودين، وواحدا من عباقرتهم الأفذاذ النادرين.
ولعل من أطرف صور دهائه وذكائه ما سلكه في فتح "مصر"؛ فقد ظل يغري الفاروق رضوان الله عليه بفتحها حتى أذن له …
وعقد له على أربعة آلاف من جند المسلمين.
فمضى عمرو بجنده لا يلوي على شيء (١٧)؛ لكنه لم يمض على رحيله إلا قليل حتى دخل عثمان بن عفان (١٨) على عمر وقال له:
يا أمير المؤمنين إن عمرا لمقدام (١٩) جريء …
وإن فيه حبا للإمارة …
فأخشى أن يكون قد خرج إلى "مصر" في غير عدة ولا عدد، فيعرض المسلمين للهلكة.
فندم الفاروق على إذنه لعمرو بفتح "مصر"، وبعث خلفه رسولا يحمل إليه كتابا منه بهذا الشأن.
* * *
أدرك الرسول جيش المسلمين في "رفح" من أرض "فلسطين"؛ فلما علم عمرو بقدوم الرسول من عند الفاروق، وأنه يحمل إليه كتابا منه، توجس (٢٠) خيفة من الكتاب الذي معه.
فما زال يتشاغل عن استقباله ويغد (٢١) السير حتى بلغ قرية من عريش "مصر" …
عند ذلك استقبله وأخذ الكتاب الذي جاء به وفضه؛ فإذا فيه:
"إن أدركك كتابي هذا قبل أن تدخل أرض "مصر" فارجع إلى موضعك …
وإن كنت دخلت أرضها فامض لوجهك".
فدعا بالمسلمين وقرأ عليهم كتاب الفاروق، وقال:
ألستم تعلمون أننا في أرض "مصر"؟.
فقالوا: بلى.
فقال: فلنمض على بركة الله وتوفيقه.
وكان أن فتح الله على يديه "مصر".
* * *
ومن طرائف ذكائه ودهائه أيضا، أنه حين كان يحاصر أحد حصون "مصر" الممنعة (٢٢)، بعث بطريق الروم يطلب من قائد جيش المسلمين أن يبعث إليه برجل من عنده؛ ليناظره، ويفاوضه.
فندب بعض المسلمين أنفسهم لذلك.
لكن عمرا قال: إني سأكون رسول قومي إليه.
ثم مضى إلى البطريق، ودخل عليه الحصن على أنه مرسل من لدن (٢٣) قائد المسلمين.
* * *
التقى بطريق الروم بعمرو وهو لا يعرفه …
ودار بينهما حوار نم عن (٢٤) عبقرية عمرو، وحنكته (٢٥)، وذكائه فعزم بطريق الروم على الغدر به، وزوده بعطية سنية (٢٦)، وأمر حراس الحصن بأن يقتلوه قبل مغادرته الخندق.
لكن عمرا رأى في عيون الحراس ما أثار ريبته؛ فعاد أدراجه وقال للبطريق:
إن الهبة التي وهبتنيها - أيها السيد - لا تكفي أبناء عمي جميعا، فهلا أذنت لي بأن آتيك بعشرة منهم لينالوا من كريم عطائك ما نلت؟.
فسر البطريق بذلك، ومنى نفسه بقتل عشرة منهم بدلا من واحد …
فأشار إلى حراس الحصن بأن يخلوا سبيله.
وكتبت لعمرو بن العاص النجاة.
ولما فتحت "مصر"، وتم استسلامها للمسلمين التقى بطريق الروم بعمرو بن العاص؛ فقال له في دهشة:
أهذا أنت؟
فقال: نعم … على ما كان من غدرك.
* * *
وكان عمرو بن العاص إلى ذلك من أحسن الناس بيانا، وأفصحهم لسانا …
حتى إن الفاروق رضوان الله عليه كان يرى في فصاحته آية على قدرة الله سبحانه.
فكان إذا رأى رجلا يتلجلج قال: آمنت بالله …
إن خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد.
ومن بليغ كلام عمرو بن العاص قوله: الرجال ثلاثة:
رجل تام، ونصف رجل، ولا شيء.
أما الرجل التام، فهو الذي كمل دينه وعقله.
فإذا أراد أن يقضي أمرا استشار أهل الرأي؛ فلا يزال موفقا.
وأما نصف الرجل، فهو الذي يكمل الله له دينه وعقله …
فإذا أراد أن يقضي أمرا لم يستشر فيه أحدا، وقال: أي الناس أتبعه وأترك رأيي لرأيه؟ فيصيب ويخطئ.
وأما الذي لا شيء، فهو من لا دين له ولا عقل؛ فلا يزال مخطئا مدبرا …
والله إني لأستشير في الأثر على خدمي.
* * *
ولما مرض عمرو بن العاص مرض الموت وأحس بدنو الأجل (٢٧) غلبته العبرة (٢٨)، وقال لابنه:
كنت على ثلاث حالات عرفت نفسي فيها …
كنت أول شيء كافرا؛ فلو مت حينئذ لوجبت لي النار …
فلما بايعت الرسول ؛ كنت أشد الناس حياء منه.
حتى إني ما ملأت عيني منه قط؛ فلو مت حينئذ لقال الناس:
هنيئا لعمرو أسلم على خير، ومات على خير …
ثم تلبست بعد ذلك بأشياء؛ فلا أدري أعلي أم لي؟.
ثم أدار وجهه إلى الجدار وهو يقول:
اللهم أمرتنا فعصينا …
ونهيتنا فما انتهينا …
ولا يسعنا إلا عفوك يا أرحم الراحمين.
ثم وضع يده في موضع الغل من عنقه، ورفع طرفه إلى السماء وقال:
اللهم لا قوي فأنتصر …
ولا بريء فأعتذر …
وما أنا بمستكبر …
وإنما مستغفر …
فاغفر لي يا غفار.
ولم يزل يرددها حتى فاضت روحه (*).
舄تصدير
تاريخنا الإسلامي - كما يشهد المؤرخون - من أحفل تواريخ الأمم بالبطولات، وأغناها بالأبطال …
وهي بطولات؛ على تميزها وروعتها، تمثل حقائق واقعة موثقة بالأسانيد؛ تزخر بفيض كبير من أفذاذ الرجال في ميادين الحكم والعلم، والحرب والسلم، والجرأة والحزم، والبذل والإيثار، والزهادة والعبادة.
وهذا الكتاب يعرض صورا مشرقة لنماذج فريدة من رجال هم من تراب البشر؛ لكنهم جبلوا بماء الإسلام وصبوا في قوالب الإيمان؛ فزانوا مفرق الدنيا وكانوا خير أمة أخرجت للناس.
وها نحن الآن في رحاب المجلد الثاني من كتاب صور من حياة الصحابة الذي ضم بين دفتيه مجموعة جديدة لم يسبق نشرها ورقيا من قبل …
ولكي يسهل على القارئ الرجوع إلى ما احتواه المجلدان؛ وضعت فهرسين عامين أحدهما ألف بائي والآخر حسب وروده، وألحقت بعد هذا التصدير بعضا مما قيل في "صور من حياة الصحابة"؛ كما أنني وضعت في آخر الكتاب نموذج عن مسودة أولية بخط المؤلف ﵀.
وقد كان أصل هذا الكتاب بمجلديه؛ قبل أولى طبعاته عام ١٣٩٤ هـ - ١٩٧٤ م؛ برنامجا إذاعيا بثت أولى حلقاته إذاعة المملكة العربية السعودية في شهر رمضان المبارك سنة ١٣٩٠ هـ - ١٩٧٠ م تحت اسم
舄"صور من حياة الصحابة" وكانت بتقديم المؤلف ﵀.
والمقصود من الصور هنا؛ هو مواقف من حياة أولئك الرجال … فالمؤلف ﵀ في حديثه عن الصحابي لا يتتبع تفاصيل حياته، وإنما يلتقط لمحات منها؛ تنبيك عما عداها.
ومن خلال جمعه لتلك اللمحات المليئة بالفوائد والحكم والعظات؛ يقدم صورا لا تدل على فذاذة تلك الشخصية فحسب … وإنما تدل على مجتمع يعد بالآلاف خرجته المدرسة المحمدية وصنعته على عينها؛ ليكونوا مشاعل نور وهداية لنا ولأبنائنا …
وإذا كان لا بد لنا من القدوة؛ فهل هناك أعظم وأكرم من التأسي بصحابة رسول الله ﷺ والذين اتبعوهم واقتدوا بهم قولا وفعلا وعدلا وإحسانا.
يمان بن عبد الرحمن الباشا
舄قالوا في الكتاب
لم يسلك الدكتور الباشا في إعداد صور من حياة الصحابة والتابعين مسلك المترجمين الذين يكتبون بأن فلانا عاش ومات وفعل كذا، بل إن الصور المشرقة لسلف هذه الأمة امتلكت عليه حواسه، فراح يعبر عن مداخلتها له وتأثيرها في نفسه، فجاء إعداده يحمل نفسا أدبيا، ونسقا بيانيا، وبوحا عن أثر أولئك العظام في نفسه.
د.
عائض الردادي
* * *
لعل سلسلة "صور من حياة الصحابة" … و "حياة التابعين"، فضلا عن مؤلفاته الأخرى تكفي للتدليل على التطبيق التربوي الهادف الذي أراد الباشا أن ينفذ من خلاله إلى نفوس ناشئة الجيل وكل جيل؛ ليبين لهم في أسلوب مشرق وعرض فني رائع، وأداء متميز، عظمة هؤلاء الشوامخ، وليبين لهم كذلك عظمة المدرسة النبوية الأولى التي كونت هؤلاء العظماء وقدمتهم كنماذج حية وفاعلة تشير إلى جلال الإسلام وجماله وعظمته وامتداد أثره.
د.
محمد جاد البنا
* * *
كنت كلما أقرأ الكتاب أجد لذة جديدة، وكان يسحرني جمال أدبه العالي المشرق الوهاج الحي النابض الدافق في جانب، والحب للصحابة الذي يلمع إخلاصه بين الحروف والكلمات والسطور في جانب آخر.
نور عالم خليل الأميني
* * *
كان نتاجه وقلمه صورة عما يدعو إليه، ولذا صار يعرف بصاحب سلسلة "صور من حياة الصحابة" و "صور من حياة التابعين" هاتين السلسلتين اللتين كتبتا بأسلوب أدبي مشرق يعطي نموذجا للأدب الإسلامي الحديث، هذا الأدب الذي
舄يتميز بالأصالة، والإشراق والسمو.
فكانت كتبه هذه واسعة الانتشار، كثيرة الطبعات، ودخلت كمقررات مدرسية في عدد من الدول.
محمد حسن بريغش
* * *
أبا اليمان، عيون الشعر ناظرة … إليك، نظرة إكبار وإجلال
ملكت عزة نفس، لا يخالطها … ذل، ولا تنزوي في قلب محتال
مددت جسرا لجيل اليوم متصلا … بخيرة الناس من صحب ومن آل
رسمت من أدب الإسلام خارطة … فيها معالم إمتاع وإفضال
د.
عبد الرحمن صالح العشماوي
* * *
سيذكرك الصغار والشباب بكتب "صور من حياة الصحابة" و "صور من حياة التابعين" تلك التي سكبتها روعة وجمالا على كل لسان وفي كل قلب!! …
تلك التي نمقتها بجمال عباراتك، وصورتها بروعة أساليبك.
نايف رشدان العتيق
* * *
يعشق الحرف، ثم يلقيه عذبا … يأسر اللب رقة وانسيابا
يا يراعا حملت صدقا ووردا … بل عبيرا، فضوعت أطيابا!!
"صور من حياتهم" - يا حكيما - … مدت الجرح بالشفاء فطابا
ووهبت العمر النضير لعلم … يرفع الرأس ما أضعت الشبابا
"أدب الطفل" كنت تدعو إليه … ها هو النشء بعدما تاه ثابا
"أدب الدين" فكرة أيقظتها … نفس حر تحدت الألقابا
فجزاك الإله جنات عدن … يا حبيبا عن المحبين غابا
د.
سليمان بن عبد العزيز المنصور
* * *
舄عرف الدكتور الباشا أديبا وكاتبا وقصاصا وباحثا وأستاذا جامعيا قديرا ترك أثره في كثير من طلابه وعارفيه … وعرفته قاعات الدرس فارسا لا يبارى، إذا نطق اشرأبت الأعناق إليه، وشخصت الأبصار نحوه، يملك من البلاغة ناصيتها، ومن صدق اللهجة زمامها، ومن الأفكار والمعاني عميقها، مع قدرة على تقريب بعيدها، وبيان عويصها.
وكان له أيضا اهتمام بتوجيه أدب الشباب واليافعين توجيها إسلاميا، وقد كلل هذا الاهتمام بكتابه الذائع الصيت "صور من حياة الصحابة" في سبعة أجزاء.
و "صور من حياة التابعين" في ستة أجزاء.
د.
عبد الله الحامد
* * *
الدكتور عبد الرحمن الباشا من الأدباء المؤثرين، أعرفه كما يعرفه غيري من الشعراء والمستمعين للإذاعة السعودية من خلال برنامجه الإذاعي الناجح "صور من حياة الصحابة" و "صور من حياة التابعين"، وهو برنامج تحول إلى سلسلة من الكتب المفيدة، التي أحسنت رئاسة البنات ووزارة المعارف فقررتها على الطلاب والطالبات في المراحل المتوسطة والثانوية.
فاطمة محمد السلوم
* * *
"اللهم إني أحببت صحابة نبيك محمد ﷺ أصدق الحب وأعمقه؛ فهبني يوم الفزع الأكبر لأي منهم؛ فإنك تعلم أني ما أحببتهم إلا فيك، يا أرحم الراحمين".
تتصدر هذه الكلمة الجميلة كل طبعة من السلسلة الرائعة "صور من حياة الصحابة" لأستاذنا المرحوم الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا، والذي قدم بهذه السلسلة قدوة مثلى لناشئة هذه الأمة، مصورة من حياة الرعيل الأول، بأسلوب أدبي متوهج، وعاطفة حارة صادقة … وكان أسلوبه عربيا فصيحا يمتاز بالروعة التي تجعل الآذان تصغي، والعيون تلمح، والوجدان يستقبل، والعقل يستمع.
عبد الله الجعثين
* * *
تجد في سرده لحياة الصحابي أنه يسردها بأسلوب رائع سهل وترتيب دقيق للحوادث.
وهو لا يسرد الوقائع مجردة بل تجده يستشف الدروس والعبر التي لا بد من الاستفادة منها والاعتبار بها، مذكرا الشبان بهذه النماذج الحية التي دافعت عن الإسلام وبذلت في سبيله المهج والأرواح، مستحثا الهمم على ضرورة الاقتداء بها وتتبع آثارها …
舄والحقيقة التي لا غبار عليها أن أديبنا ﵀ قد خدم فتيان وفتيات المسلمين بتقديم صور من حياة صحابة رسول الله للاقتداء بهم واقتفاء آثارهم، وهو لم يتبع الأسلوب التقليدي في النقل، إنما ابتكر أسلوبا سهلا ميسرا، وحاول إعطاء الصورة الحقيقية عن كل صحابي وما كتب عنه في مجلدات التاريخ وكتب الحديث.
حمد العليان
* * *
الدكتور الباشا من الرجال الذين كانوا يعملون بإخلاص وصمت، ولا أظن أحدا يطلع على "صور من حياة الصحابة" و "صور من حياة التابعين"، وهما سلسلتان أصدرهما الباشا وأضفى عليهما من روعة أسلوبه ما جعل سيرة السلف الصالح في متناول الشباب المسلم، أقول: لا أظن أحدا يطلع على هاتين السلسلتين إلا ويشعر بالحب الكبير للباشا وبالتقدير لهذا العمل الذي قام به.
أحمد عبد الرحمن النمال
* * *
إن الذي عزى الفؤاد شهادة … بك من ذوي الأخلاق والإيمان
فاقت بصدق مقالها وجمالها … درر العقود على صدور حسان
فهم الذين توجهوا بقصائد … غرر كعطر الورد والريحان
يرثون هذا النجم يهوي مسرعا … ويغيب بين دقائق وثوان
إني لأضرع للمهيمن داعيا … لهم بحسن الأجر والغفران
جاهدت في الإسلام حق جهاده … فانعم بأجر الواحد الديان
قدمت للإسلام خير هدية … كتبا تروي غلة الظمآن
صورت بالقلم البديع صحابة … صورا بدت في غاية الإتقان
وكذا حياة التابعين كأنها … نور تلألأ من سنا القرآن
فمع الصحابة والنبي محمد … والتابعين مخلدا بجنان
محمد عبد الرحمن الباشا
﷽
اللهم إني أحببت صحابة نبيك محمد ﷺ أصدق الحب وأعمقه؛ فهبني في يوم الفرع الأكبر لأي منهم؛ فإنك تعلم أني ما أحببتهم إلا فيك، يا أرحم الراحمين.
عبد الرحمن الباشا
_________
(١) وافاه اليقين: جاءه الموت.
(٢) الذؤابة من قريش: في المرتبة العليا من قريش.
(٣) مبلغ جزل: مبلغ كبير.
(٤) تذرع بحلمه: احتمى بعقله وحكمته.
(٥) النكال: الانتقام الشديد الذي يكون عبرة للآخرين.
(٦) النجاشي: انظره في كتاب "صور من حياة التابعين" للمؤلف، الناشر دار الأدب الإسلامي.
(٧) حياه وبياه: قال له حياك الله، وبياك أي رفع مقامك.
(٨) يعزب: يبعد.
(٩) يجب: يقطع ويمحو.
(١٠) ويحك: كلمة يراد به الترحم، أو الدعاء عليه بمعنى ويلك.
(١١) أسلم الزمام: أسلم القيادة ليد الفاروق.
(١٢) اللواذ بالفرار: الاحتماء عن طريق الهروب.
(١٣) البطريق: رجل الدين وكبيرهم عند النصارى.
(١٤) وثيقة الاستلام: الوثيقة، الصك المكتوب باستلام بيت المقدس.
(١٥) انظر كتاب الطريق إلى الأندلس لمحات وقطوف للمؤلف.
(١٦) الدهاة: الماكرين المخادعين.
(١٧) لا يلوي على شيء: لا يلتفت إلى ما وراءه، ولا يتردد في فعله.
(١٨) عثمان بن عفان: انظره ص ٥٣٥.
(١٩) المقدام: الجريء في التقدم على الأخطار واقتحامها.
(٢٠) توجس خيفة: شك في الأمر وتملكه الوسواس.
(٢١) يغذ السير: يحث السير ويشتد فيه.
(٢٢) الممنعة: المنيعة الحصينة.
(٢٣) من لدن: من عند.
(٢٤) نم عن: أظهر.
(٢٥) الحنكة: الخبرة والتجربة.
(٢٦) عطية سنية: جائزة كبيرة.
(٢٧) الأجل: الوفاة.
(٢٨) العبرة: الدمعة.
مختارات