" الغنــاء "
" الغنــاء "
أخي الحبيب:
الغناء آفة كبرى من آفات اللسان التي تعمل على مهاجمة القلب بصورة مباشرة ؛ فإما أن تُمرضه وإما أن تُميته، ومن خطورته أنه يشمل كثيرًا من آفات اللسان الأخرى كالكذب والسخرية والاستهزاء والقذف والخصومة والمراء والعزل والتشبيب بالنساء وذِكر محاسنهن ومفاتنهن، مما يصدُّ عن سبيل الله تعالى، ويفتح على العبد أبواب الشهوات المحرَّمة والأدواء المهلكة.
وتحريم الغناء كان مقررًا لدى الصحابة رضوان الله عليهم، وهو ما كان عليه أصحاب القرون المفضلة، فلم ينقل عن أحد منهم أنه أباحه، بل نُقِل عنهم خلاف ذلك ؛ فقد كان ابن مسعود رضي الله عنه يقسم بالله أنَّ المراد بلهو الحديث في قوله تعالى: " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ " [لقمان: 6] هو الغناء.
والغناء من أعظم آفات اللسان في هذا العصر ؛ إذ لا يخلو منه الآن بيت من أجهزة الراديو والتلفاز التي ملأت الدنيا بالغناء ليلاً ونهارًا، حتى أصبح الناس ينامون على الغناء ويستيقظون على الغناء، ويأكلون ويشربون على الغناء، ويلهون ويسمرون على الغناء ؛ فهو داء العصر وآفة الزمان.
والغناء من أعظم أسباب قسوة القلب والإعراض عن ذِكر الله تعالى وتلاوة كتابه، فلا يجتمع في قلب عبدٍ محبة الغناء ومحبة القرآن ألبته ؛ فإنَّ محبة أحدهما تدفع محبة الآخر.
والغناء كذلك يُضعف الغيرة في قلب العبد، ولذلك ذكر العلماء أنه بريد الزنا، وأنه يُنبِت النفاق في القلب، وأنه مِزمار الشيطان.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في أمته من لا يرى بالغناء والمعازف بأسًا، وقرن ذلك بالزنا والخمر والحرير، فقال عليه الصلاة والسلام «ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» (رواه البخارى).
وقد كان ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وصدق الله إذ يقول: " وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى " [النجم: 3، 4].
فاتَّقِ الله أخي المسلم، ودعك من هذا الداء الوبيل والمرض الخطير، وأقبل على كتاب ربك تاليًا ومتعلِّمًا ومتدبرًا ؛ فمن قرأ حرفًا من كتاب الله كانت له حسنة، والحسنة بعشر أمثالها.
مختارات